{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر الرد على أهل الأهواء و الشيعة الشنعاء (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=18)
-   -   الفرق بين الخطأ والمخطئ وأقوال المالكية في احترام الصحابة وترك ما يسيء إليهم= الشيخ ا (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=72848)

ابوعبد المليك 08-19-2018 02:36 AM

الفرق بين الخطأ والمخطئ وأقوال المالكية في احترام الصحابة وترك ما يسيء إليهم= الشيخ ا
 
الفرق بين الخطأ والمخطئ
وأقوال المالكية في احترام الصحابة
وترك ما يسيء إليهم

الشيخ احمد الشحي
http://www.ahmadalshehi.net/?p=426


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإنَّ مما أجمع عليه العلماء حفظ مكانة الصحابة رضي الله عنهم ، وذكرهم بالجميل ، وترك التعرض لهم بسوء ، كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة ، مع الإيمان بأنهم غير معصومين ، فقد يصدر من أحدهم خطأ ، فيعالجه النبي صلى الله عليه وسلم أحسن علاج ، ونحن الذين جئنا من بعدهم أُمرنا بالتأدُّب معهم ، وعدم تناول الصحابة رضي الله عنهم إلا بأحسن العبارات .

قال الله تعالى : { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم } .

ومن أسباب الخلل الذي قد يقع للبعض هنا : عدم التفريق بين ( الخطأ ) و ( المخطئ ) ، فالخطأ مردود من أي أحد كان ، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويُترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما المخطئون فأحوالهم تختلف ، فلا يلزم من وجود الخطأ ذم المخطئ أو تأثيمه أو نسبة ما لا يليق إليه ، سيما إذا كان من الصحابة رضي الله عنهم ، الذين أمُرنا بالتأدُّب معهم .

وأهل السنة والجماعة وسط في موقفهم من الصحابة رضي الله عنهم بين الغلاة والجفاة :
– فهم لا يعتقدون عصمة أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، فالصحابة على جلالة قدرهم بشر غير معصومين ، فيجوز أن يقع منهم ذنوب ، والله تعالى يغفر لهم ، إما بالتوبة ، وإما بحسنات ماحية ، أو بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم الذين هم أحق الناس بشفاعته ، أو بغير ذلك من أسباب المغفرة ،

قال الله تعالى : { ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون } ، وقد يصدر منهم اجتهادات ، فبعضهم يصيب ، وبعضهم يخطئ ، فللمصيب منهم أجران ، وللمخطئ أجر واحد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر » متفق عليه .

– وهم لا ينتقصون من قدر الصحابة رضي الله عنهم ، بل يعطونهم حقوقهم التي أمر الله بها ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فهم خير القرون بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم كلهم عدول بإجماع العلماء ، فيتأدبون معهم غاية التأدب ، ويحسنون الظن بهم ، كيف لا وقد قال الله تعالى : { لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا } [ النور : 12 ] ، أي : بأمثالهم من المؤمنين ، والصحابة رضي الله عنهم أولى بذلك ، ولا يتقصدون البحث عن أخطائهم ، وإبرازها ، فإن ذلك ليس من هدي أئمة الدين ، ويسدون أبواب الذرائع التي تؤدي للقدح فيهم ، والانتقاص منهم ، ولا يطلقون العبارات التي تفتح باب الجرأة عليهم ، ويراعون أحوال السامعين ، وتباين فهومهم ، فرُبَّ كلمة لا يضبطها المتكلم تجر بعض السامعين إلى سوء الفهم والانتقاص من قدر الصحابة رضي الله عنهم .
قال ابن حجر العسقلاني : ” كان تعظيم الصحابة – ولو كان اجتماعهم به صلى اللَّه عليه وسلم قليلاً – مُقرَّرًا عند الخلفاء الراشدين وغيرهم ، وكانوا يعتقدون أنّ شأن الصحبة لا يعدله شيء ” [ الإصابة 1 / 164 مختصرا ] .

فلا يدخل في ردِّ خطأ صدر من صحابي رضي الله عنه إطلاق عبارات تسيء إلى شخصه أو يُفهم منها ذلك ، كأن يُقال عن الثلاثة الرهط الذين جاءوا إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم :
– ” هم أول من تشدد في الدين ” .
– ” أراد أن يبتكر رهبانية يبتدعها كما فعل النصارى ” .
– ” أراد أن يسبق النبي صلى الله عليه وسلم ” .

فإطلاق هذه العبارات في حق هؤلاء الرهط ( قيل هم علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعثمان بن مظعون رضي الله عنهم وقيل غير ذلك ) يتنافى مع التأدب مع الصحابة رضي الله عنهم ، وفيه خلط بين ( الخطأ ) و ( المخطئ ) ، فإن هذه العبارات تتناول
أشخاصهم ، كما أن في بعضها شناعة كبيرة ، كاتهام الصحابي بأنه أراد أن يبتكر رهبانية ويبتدع كما فعل النصارى ، وحاشا الصحابي أن يريد ذلك .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « دعوا لي أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد – أو مثل الجبال – ذهبا ما بلغتم أعمالهم » أخرجه أحمد .
وقال صلى الله عليه وسلم : « احفظوني في أصحابي » أخرجه ابن ماجه ، أي : راعوني في حقوق صحبتهم لي ، وارقبوني فيهم ، واقدروهم حق قدرهم ، وكفوا ألسنتكم عن غمطهم أو الوقيعة فيهم ، فإن الصحبة لا تعدل بها فضيلة [ فيض القدير 1 / 197 وشرح ابن ماجه للسيوطي وغيره ص 171 ]

ولو فُتح هذا الباب لفُتح باب شر عظيم .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أطال بعض الصحابة رضي الله عنهم في الصلاة : « إن منكم منفرين » ، فهل نقول : إنَّ أول من نفَّر الناس من الدين هم الصحابة ؟!!
وقال صلى الله عليه وسلم : « يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله » ، فهل نقول : إنَّ أول من تجرأ على الدماء هم الصحابة رضي الله عنهم ؟!!
ووقع بعض الصحابة رضي الله عنهم في الزنا ، فهل نقول : إن أول من زنا هم الصحابة رضي الله عنهم ؟!!

وإذا نظرت في عواقب هذا المنهج الأعوج في التعامل مع الصحابة رضي الله عنه لعلمت علم اليقين أنه باب شر عظيم ، يفتح باب الطعن فيهم ، وانتقاصهم ، والقدح فيهم ، وهو يجر إلى تفسيقهم وتبديعهم وتكفيرهم ، وكل ذلك مخالف لأوامر الكتاب والسنة وإجماع الأمة في صيانة حقوق الصحابة ، وترك التعرض لهم ، وعدم ذكرهم إلا بالجميل ، والإمساك عن كل ما يفتح باب القدح فيهم .

وقد أدى الخلط بين ( الخطأ ) و ( المخطئ ) بكثير من الناس عبر التاريخ إلى الوقوع في مزالق التكفير والتطرف والإرهاب ، فأثَّموا كل من وقع في خطأ ، وفسَّقوا كلَّ من وقع في فسق ، وكفَّروا كلَّ من وقع في كفر ، ولم يراعوا ضوابط أهل العلم في هذا الباب .

ونورد هنا بعض أقوال علماء المالكية في حفظ مكانة الصحابة رضي الله عنهم ، وإحسان الظن بهم ، والتماس أفضل الأعذار لهم ، وعدم ذكرهم إلا بالجميل ، وترك أي عبارة تسيء إليهم ، وسد ذرائع التنقص منهم .

قال العلامة ابن أبي زيد القيرواني المالكي ( ت : 386 هـ ) : ” لا يُذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر ، والإمساك عما شجر بينهم ، وأنهم أحق الناس أن يُلتمس لهم أحسن المخارج ، ويُظن بهم أحسن المذاهب ” [ متن الرسالة ص 9 ] .

وقال ابن أبي زمنين المالكي ( ت : 399 هـ) : ” ومن قول أهل السنة أن يعتقد المرء المحبة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن ينشر محاسنهم وفضائلهم ، ويمسك عن الخوض فيما دار بينهم ، وقد أثنى الله عز وجل في غير موضع من كتابه ثناء أوجب التشريف إليهم بمحبتهم والدعاء لهم ” [ أصول السنة ص 263 ] .

وقال القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي( ت : 403 هـ ) : ” ويجب أن يعلم أنَّ خير الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويجب الكف عن ذكر ما شجر بينهم ، والسكوت عنه ” [ الإنصاف ص 181 مختصرا ] .

وقال القاضي عياض المالكي ( ت : 544 هـ ) : ” ومن توقيره وبره صلى الله عليه وسلم توقير أصحابه وبرهم ، ومعرفة حقهم ، والاقتداء بهم ، وحسن الثناء عليهم ، والاستغفار لهم ، والإمساك عما شجر بينهم ، وأن يُلتمس لهم أحسن التأويلات ، ويُخرج لهم أصوب المخارج ، ولا يُذكر أحد منهم بسوء ، بل تذكر حسناتهم وفضائلهم وحميد سيرهم ، ويُسكت عما وراء ذلك ” [ الشفا 1 / 52 و 53 مختصرا ] .

وقال أبو عبد الله القرطبي المالكي ( ت : 671 هـ ) : ” لا يجوز أن يُنسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به ، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأرادوا الله عز وجل ، وهم كلهم لنا أئمة ، وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم ، وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر ، لحرمة الصحبة ، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سبهم ، وأن الله غفر لهم ، وأخبر بالرضا عنهم ” [ تفسير القرطبي 16 / 321 ] .

وقال ابن جزي المالكي ( ت : 741 هـ ) : ” أما ما شجر بين علي ومعاوية ومن كان مع كل منهما من الصحابة فالأولى الإمساك عن ذكره ، وأن يُذكروا بأحسن الذكر ، ويُلتمس لهم أحسن التأويل ، فإن الأمر كان في محل الإجتهاد ، وينبغي توقيرهم وتوقير سائر الصحابة ومحبتهم لما ورد في القرآن من الثناء عليهم ولصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ” [ القوانين الفقهية ص 16 مختصرا ]

وقال الشيخ زروق المالكي ( ت : 899 هـ ) : ” يجب تعظيم الصحابة ، وتوقيرهم ، والكف عن القدح فيهم ؛ لأن الله تعالى قد عظمهم ، فالواجب ذكرهم بكل جميل ، والإمساك عن كل ما يؤدي لخلافه ” [ شرح زروق على الرسالة 1/ 85 مختصرا ] .

وقال محمد مخلوف المالكي ( ت : 1360 هـ ) : ” مذهب أهل السنة السكوت عما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم ، وتأويله ، وحمله على أحسن المحامل ، تحسيناً للظن ، بهم لأن الله تعالى أثنى عليهم ، وشهد لهم بالصدق ، وأخبر بأنه رضي عنهم ورضوا عنه ، وكذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ، وزد على ذلك ما سبق لهم من الفضل على المسلمين ما يوجب على كل فرد من أفراد المسلمين عنده ذرة من العقل وقليل من الإنصاف أن يقدرهم قدرهم ، ولا يبخسهم من الثناء حقهم ، ويعترف على ملأ الشعوب بفضل كل فريق منهم ، إعلاء لشأنهم ، وتنويهاً بجميل عملهم ، وجميل صحبتهم ، وسداً لذرائع القدح فيهم ممن يحاول احتقار أعمالهم ، واستصغار أقدارهم ” [ شجرة النور الزكية 2 / 86 و 87 مختصرا ] .

وقال ابن عاشور المالكي ( ت : 1393 هـ ) : ” أوصى أئمة سلفنا الصالح أن لا يُذكر أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر ، وبالإمساك عما شجر بينهم ، وأنهم أحق الناس بأن يُلتمس لهم أحسن المخارج فيما جرى بين بعضهم ، ويُظن بهم أحسن المذاهب ” [ التحرير والتنوير 24 / 11 ] .

هذه بعض أقوال علماء المالكية في حفظ مكانة الصحابة ، وتوقيرهم ، والإمساك عن أي عبارة تسيء إليهم ، أو تفتح باب الانتقاص منهم ، والتماس أفضل المخارج إليهم ، وإحسان الظن بهم ، وذكرهم بكل جميل ، وترك كل ما يؤدي إلى خلاف ذلك .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
.


الساعة الآن 02:41 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.