{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   فوائد و نوادر الإمام الألباني -رحمه الله- (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=31)
-   -   منهج الشيخ الألباني في الرد على المخالف بالشدة. (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=14721)

خالد الجزائري 02-19-2010 02:32 AM

منهج الشيخ الألباني في الرد على المخالف بالشدة.
 
قال العلامة ناصر الدين الألباني طيب الله ثراه:

وفي ختام هذه المقدمة لا بد لي من كلمة أوجهها إلى كل مخلص من قرائنا، حبيباً كانَ أم بغيضاً، فأقول:

كَثيراً ما يسألني بعضهم عن سبب الشدة التي تبدو أحياناً في بعض كتاباتي في الرد على بعض الكاتبين ضدي؟ و جواباً عليه أقول:
فليعلم هؤلاء القراء أنني بحمد اللّه لا أبتدئ أحداً يرد علي ردّاً علميّاً لا تَهَجُّمَ فيه، بل أنا له من الشاكرين، وإذا وُجِدَ شيءٌ من تلك الشدة في مكان ما من كتبي. فذلك يعود إلى حالة من حالتين:
الأولى: أن تكون ردّاً على مَن رد علي ابتداء، واشتط فيه وأساء إلي بهتاً وافتراءً. كمثل أبي غدة، و الأعظمي الذي تستر باسم أرشد السلفي!
والغماري، والبوطي، وغيرهم؛ كالشيخ إسماعيل الأنصاري غير ما مرة، وما العهد عنه ببعيد!
ومثل هؤلاء الظلمة لا يفيد فيهم- في اعتقادي- الصفح واللين، بل إنه قد يضرهم، ويشجعهم على الاستمرار في بغيهم وعدوانهم. كما قال الشاعر:
إِذا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الكَرِيمَ مَلَكْتَهُ *** وإنْ أَنْتْ أَكْرَمْ اللَّئيمَ تَمَرَّدَا
وَوَضْعُ النَّدَى في مَوْضِع السَّيْفِ بالعُلَى *** مُضِر كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضِعِ النَّدَى
بل إن تحمُلَ ظلم مثل هؤلاء المتصدرين لِإرشاد الناس وتعليمهم، قد يكون أحياناً فوق الطاقة البشرية، ولذلك جاءت الشريعة الِإسلامية مراعية لهذه الطاقة، فلم تقل- والحمد للّه- كما في الِإنجيل المزعوم اليوم: "مَن ضربك على خدك الأيمن. فأدِرْ له الخد الأيسر، ومن طلب منك رداءك؛ فأعطه كساءك "! بل قال تعالى: "فمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فاعْتَدُوا عليهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدَى علَيْكُمْ" هو، وقال: "وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها"، وأنا ذاكر بفضل اللّه تعالى أن تمام هذه الآية الثانية: " فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ . إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور " ، ولكني أعتقد أن الصفح المشكور، والصبر المأجور. إنما هو فيمن غلب على الظن أن ذلك ينفع الظالم ولا يضره، ويعزُّ الصابر ولا يذله. كما يدل على ذلك سيرته – صلى الله عليه وسلم - العمليَّة مع أعدائه، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبيّاً أو قتله نبي ". انظر " الصحيحة" (281) .

وأقل ما يؤخَذُ من لهذه الآيات ونحوها أنها تسمح للمظلوم بالانتصار لنفسه بالحق دون تعذّ وظلم. كقوله تعالى: "لَا يُحِبُّ اللّهُ الجَهْرَ بالسُّوء مِنَ القَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ "، والسنة تؤكد ذلك وتوضحه. كمثل قوله – صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين اعتدت إحدى ضرَّاتِها عليها: "دونَكِ فانْتَصري ".
قالت: فأقبلت عليها حتى رأيتها قد يبس ريقها في فيها، ما ترد علي شيئاً، فرأيت النبي – صلى الله عليه وسلم - يتهلل وجهه.
رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وغيره؛ بسند صحيح، وهو مخرج في المجلد الرابع من "الصحيحة" (1862) .
فأرجو من أولئك القراء أن لا يبادروا بالِإنكار، فإني مظلوم من كثير ممَّن يدَّعون العلم، وقد يكون بعضهم ممَّن يُظَنُّ أنه معنا على منهج السلف، ولكنه- إن كان كذلك- فهو ممن أكل البغضُ والحسدُ كبدَه؛ كما جاء في الحديث:
"دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلَكم: الحسد، والبغضاء، هي الحالقة. حالقة الدين، لا حالقة الشعر". وهو حديث حسن بمجموع طريقيه عن ابن الزبير وأبي هريرة.
فأرجو من أولئك المتسائلين أن يكونوا واقعيين، لا خياليين، وأن يرضوا مني أن أقف في ردِّي على الظالمين مع قول رب العالمين: "وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدينَ "؟؛غير متجاوب مع ذلك الجاهلي القديم:

ألا لَا يَجْهَلَنْ أحدٌ عَلَيْنا *** فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْل الجَاهِلِيْنا
عياذاً باللّه أن أكون من الجاهلين.
والحالة الأخرى أن يكون هناك خطأ فاحش في حديث ما، صدر من بعض من عُرِف بقلة التحقيق، فقد أقسو على مثله في الكلام عليه، غيرةً مني على حديث رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم -، كقولي الآتي تحت الحديث (142) :
"لم يخجل السيوطي- عفا اللّه عنا وعنه- أن يستشهد بهذا الِإسناد الباطل. فإن (أبو الدنيا) هذا أفاك كذاب، لا يخفى حاله على
السيوطي... ".-
فإن الباعث على هذه الشدة إنما هو الغيرة على حديثه – صلى الله عليه وسلم - ، أن يُنْسَبَ إِليه ما لم يقله، وسلفنا في ذلك بعض الحفاظ المعروفين بالدين والتقوى، فانظر مثلاً إِلى قول الذهبي رحمه اللّه في الحاكم. وقد صحح الحديث الآتي في فضل علي رضي اللّه عنه برقم (757) :
"قلت: بل واللّه موضوع، وأحمد الحراني كذاب، فما أجهلك على سعة معرفتك؟! ".
فليتأمل القارئ الفرق بين الحاكم والسيوطي من جهة، وبين عبارة الذهبي في الحاكم، وعبارتي في السيوطي من جهة أخرى.
ثم وقفتُ على رسالة جديدة للشيخ الأنصاري- وهذه المقدِّمة تحت الطَّبع- تؤكِّدُ لكل مَن يقرؤها أنَّه ماضٍ في بغضهِ وحسده وافتراءاتِه، وهي بعنوان: "نقد تعليقات الألباني على شرح الطَّحاويَّة"! وهو فيه- كعادته في ردوده عليَّ- لا يحسِنُ إلا التهجُّمَ، والتَّحامل عليَّ بشتَّى الأساليب، والغمز، واللمز؛ كقوله في أول حديث انتقدني فيه بغير حق:
"فباعتبار الألباني نفسه محدِّثاً لا فقيهاً (!) ... ".
ونحو هذا من الِإفك الذي لا يصدُرُ من كاتب مخلصٍ يبتغي وجه الحق، وينفع فيه اللِّين والأسلوب الهيِّن في الردِّ عليه. لأنه مكابرٌ شديدُ المكابَرة والتمحُّل لتسليك أخطاءِ غير الألباني مع ظهورها، بقدر ِما يتكلَّف في توهيمِه وتجهيلهِ- ولو ببتر كلام العلماء، وتضليل القرَّاء- ليستقيمَ ردُّهُ عليهِ!!
وهو في بعض ما أخذهُ عليَّ ظلما في "نقده " هذا قد سبقهُ إليه الكوثري الصغير أبو غدَّة الحلبي، الذي كنتُ رددتُ عليه في مقدِّمة تخريج "شرح الطحاوية"، فالتقاؤهُ معه في ذلك ممَّا يدلُّ على أنَّه لا يتحرَّجُ في أن يتعاوَنَ مع بعضِ أهلِ الأهواء في الردِّ على أهل السنَّة! فلا أدري واللّه كيف يكون مثلُه باحثاً في دارِ الِإفتاء؛ وفيها كبارُ العلماء الذين لا يمكن أن يخفى عليهِم حال هذا الباحث في انحرافِهِ في الرَّدِّ عن الأسلوب العلميِّ النَّزيه، إلى طريقتِه المبتَدَعة في اتِّهامه لمَن خالفه من أهل السنَّة بالبهت، والافتراء، والتدليس، وتحريف الكلم عن مواضعه، وتتبُّع العَثرات؟!
ومَن أراد أن يتحقَّق من هذا الذي أجملتُه مِن أخلاقِ الرجل، بقلمٍ غير قلمي، وأسلوب ناعمٍ غير أسلوبي؟ فليقرأ ردَّ الأخ الفاضل سمير بن أمين الزُّهيري المنصوري: "فتح الباري في الذَبِّ عن الألباني والرَّد على إسماعيل الأنصاريّ "، أرسلهُ إليَّ جزاه اللّه خيراً وأنا زائر في (جُدة) أواخر شعبان هذه السنة (1410 هـ) ، وهو في المطبعة لمَّا يُنْشَرْ بعد، وما يصل هذا المجلَّد إلى أيدي النَّاس. إلا ويكون قد تداولته الأيدي.
وهو ردٌ علميٌّ هادئٌ جدّاً، نزيهٌ ، لا يقولُ إلا ما وصَلَ إليهِ علمُه، لا يُداري ولا يُماري منطلقاً وراء الحجة والبرهان، وهو مع سعة صدره في الردِّ على الأنصاري، فإنَّه لم يتمالك أن يصرِّح ببعضِ ما سبق وَصْفُه به، فهو يصرِّح (ص 66 و77) :
أنَّه غير منصفٍ في النَّقد، ولا أمين في النقل!
وهو يتعجَّب (ص 82 و86) من مكابرة الأنصاريِّ وادِّعائهِ على الألبانيِّ خلافَ الواقع!
ولقد ضاقَ صدرُه من كثرةِ مكابرته وتدليسه على القرَّاء، فقال (ص 87) :
"أكَرِّر هنا أنَني أسأم من توجيهِ النَّصيحة للشيخ الأنصاري حفظه اللّه: بأنَّه إذا فاته الِإنصاف في النقد، فليحرص على أن لا تَفوتَه الأمانة في النقل ".
ثم كشف عن تدليسه المشار إليه، ثم قال
"ألا فَلْيَتَّقِ اللّه الشيخُ الأنصاري، فمهما حاول، فلنْ ينالَ من منزلة الشيخ الألباني حفظه اللّه...

من سلسلة الأحاديث الصحيحة، المجلد الأول

ياسر ابوزيد 03-18-2010 05:36 PM

جزاكم الله خيرا

عبد الله بن مسلم 03-19-2010 01:13 AM

رحم الله شيخنا الألباني، و جزاك الله خيراً.

خالد الجزائري 10-21-2010 10:44 PM

السائل: فضيلة الشيخ! هناك سؤال في مجال الدعوة، يقول: الرفق والسماحة ولين الجانب من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهل توفر الرفق واستعماله واجب في الدعوة أم مستحب؟


الشيخ: واجب.


السائل: السؤال له مغزى وله هدف.


الشيخ: طبعاً؛ وراء الأكمة ما وراءها.


السائل: السلفيون بشتى أصنافهم مشهورٌ عنهم -وقد يكون صحيحًا- الشدة في نشر الدعوة وقلة الرفق، فهل ترى أن هذا صحيحٌ -وهذا ما أراه أنا- وما هو تعليقك على ذلك؟


الشيخ: أولاً في كلامك ملاحظة، وهي قولك: وقد يكون صحيحاً.


السائل: قلت: فهل تراه صحيحاً.


الشيخ: أولاً: قلتَ: وقد يكون صحيحاً، أي: ما يقال عنهم من الشدة؟


السائل: معذرة.


الشيخ: قلت هذا؟


السائل: نعم، وأرجو المعذرة.


الشيخ: فهنا الملاحظة، نحن نلفت نظر إخواننا حينما يتكلمون بمثل هذا الكلام، نقول: هذا الكلام للسياسيين، وقد لا يعنونه، لكنه:


إن الكلام لفي الفؤاد *** وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا


فحينما يقول المتكلم في أمرٍ ما: قد يكون كذا، فيقابله: قد لا يكون كذا، فهنا يَرِدُ على سؤالك أمران اثنان، وبعد ذلك نتابع الجواب: هل أنت متأكد من هذا الذي يقال: إن السلفيين لا لين عندهم وإنما الشدة هي نبراسهم أو هي منهجهم؟ وأنت فتحت لي باب هذا السؤال؛ لأنك قلت: وقد يكون صحيحاً!


السائل: يا شيخ! أنا قلت: معذرة من قولي: قد يكون.


الشيخ: هكذا؟


السائل: نعم.


الشيخ: إذاً نسمع الكلام الصحيح، ما هو؟


السائل: هل أعيده؟


الشيخ: لا تُعده لأنه خطأ، وإلا من ماذا تعتذر، تعيد على الوجه الصحيح بدون (قدقدة)، هل كلامي واضح؟


السائل: نعم.


الشيخ: تفضل.


السائل: السؤال من أوله.


الشيخ: لا بأس، وهذا لك الخيار فيه.


السائل: نحن قلنا -وأنت أجبت وهذا حاصل- أن الرفق، والسماحة، ولين الجانب، واجب في الدعوة، وأنا سؤالي عن الدعوة ليس عن الأمور الشخصية أو الحياتية، كما ذكرت أنه يجب توفر اللين والرفق في الدعوة والرفق بالناس المدعوين، فالسلفيون مشهور عنهم -فيما أراه أنا- الشدة وقلة الرفق في الدعوة، فهذا رأيي أنا، فما هو رأيك؟


الشيخ: أنت منهم؟


السائل: أرجو ذلك.


الشيخ: أنت منهم، هل أنت سلفي؟


السائل: نعم.


الشيخ: إذاً: هل أنت من هؤلاء السلفيين المتشددين؟


السائل: لا أزكي نفسي، أنا أقصد سمة بارزة لهم.


الشيخ: القضية الآن ليست قضية تزكية، بل قضية بيان واقع، وقلنا: إنك الآن تثير هذا السؤال من أجل التناصح، فأنا عندما أسألك: هل أنت من هؤلاء المتشددين؟ ما يرد هنا موضوع (أنا لا أزكي نفسي)، لأنك تريد أن تبين الواقع، بمعنى أنك لو سألتني هذا السؤال لقلت لك: أنا فيما أظن لست متشدداً، وأنا لا أعني أنني أزكي نفسي؛ لأني أخبر عن واقعي، ففكر في السؤال.


السائل: نعم يا شيخ وجوابي مثل جوابك.


الشيخ: إذاً: لا يصح أن نطلق أن السلفيين متشددون، والصواب أن نقول: بعضهم متشددون، فإذاً نقول: إن بعض السلفيين عنده أسلوب في الشدة، لكن تُرى هل هذه الصفة اختص بها السلفيون؟


السائل: لا.


الشيخ: إذاً: ما الفائدة وما المغزى من مثل هذا السؤال؟ ثانياً: هل اللين الذي قلنا أنه واجب، هل هو واجب دائماً وأبداً؟


السائل: لا.


الشيخ: فإذاً أولاً: لا يجوز لك ولا لغيرك أن تصف طائفة من الناس بصفة تعممها على جميعهم. ثانياً: لا يجوز لك أن تطلق هذه الصفة على فرد من أفراد المسلمين، سواءً كان سلفياً أو خلفياً في حدود تعبيرنا، إلا في جزئية معينة، ما دمنا اتفقنا أن اللين ليس هو المشروع دائماً وأبداً، فنحن نجد الرسول صلى الله عليه وسلم قد استعمل الشدة التي لو فعلها سلفي اليوم لكان الناس ينكرون عليه أشد الإنكار. مثلاً: لعلك تعرف قصة أبي السنابل بن بعكك؟


السائل: لا.


الشيخ: امرأة مات عنها زوجها وهي حامل فوضعت، وكان قد بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضعها للحمل، يقول في الحديث -وهو في صحيح البخاري- أنها بعد أن وضعت تشوفت للخطاب وتجملت وتكحلت، فرآها -أبو السنابل- وكان قد خطبها لنفسه فأبت عليه- فقال لها: لا يحل لك إلا بعد أن تنقضي عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام -وهي فيما يبدو أنها امرأة تهتم بدينها- فما كان منها إلا أن سارعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال لها أبو السنابل، فقال عليه السلام: "كذب أبو السنابل" هذه شدة أم لين ؟


السائل: شدة.


الشيخ: شدة ممن؟ من أبي اللين: ((وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) [آل عمران:159]، إذاً ليس مبدأ اللين بقاعدة مطردة كما ذكرنا آنفاً، وإنما ينبغي على المسلم أن يضع اللين في محله والشدة في محلها. وكذلك -مثلاً- ما جاء في مسند الإمام أحمد: (لما خطب عليه الصلاة والسلام خطبة قام رجل من الصحابة وقال له: ما شاء الله وشئت يا رسول الله! قال: "أجعلتني لله نداً؟! قل: ما شاء الله وحده" هذه شدة أم لين؟


السائل: أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم.


الشيخ: هذه أنا أسميها حيدة؛ لأنك لم تجبني كما أجبتني من قبل، عندما قلت لك: إن أبا السنابل قال عليه الصلاة والسلام في حقه: "كذب أبو السنابل"، شدة أم لين؟


السائل: هذه شدة.


الشيخ: وهذه الثانية؟


السائل: بيّن له فقط وقال: "أجعلتني لله نداً؟!".


الشيخ: هذه حيدة بارك الله فيك، أنا ما أسألك: بيّن أم لم يُبيّن؟ أنا أسألك: شدة أم لين؟ لماذا الآن اختلف منهجك في الجواب؟ من قبل ما قلتَ: بيّن له، لما قال له: "كذب أبو السنابل"، هو بين، ولكن هذا البيان كان بأسلوب هين لين -كما اتفقنا أنه القاعدة- أم كان فيه شدة؟ قلتها بكل صراحة: كان فيه شدة. فماذا تجيب به عن السؤال الثاني؟


السائل: السؤال الثاني لم يقل له: (كذب..)، وإنما قال له: "أجعلتني لله نداً".


الشيخ: الله أكبر! هذا أبلغ في الإنكار، بارك الله فيك، وهناك حديث آخر: قام خطيب فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت" شدة أم لين؟


السائل: شدة.


الشيخ: المهم بارك الله فيك، هناك أسلوب لين، وأسلوب شدة، فالآن بعد أن اتفقنا أنه ليس هناك قاعدة مطردة باستمرار: لين دائماً أو شدة دائماً، إذاً تارة هكذا وهكذا.


الآن: حينما يتهم السلفيون بعامة أنهم متشددون، ألا ترى أن السلفيين بالنسبة لبقية الطوائف والجماعات والأحزاب هم يهتمون بمعرفة الأحكام الشرعية وبدعوة الناس إليها أكثر من الآخرين؟


السائل: لا شك في ذلك.


الشيخ: بارك الله فيك! إذاً بسبب هذا الاهتمام الذي فاق اهتمام الآخرين من هذه الحيثية، فإن الآخرين يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -ولو كان مقروناً باللين- شدة، بل بعضهم يقول: هذا ليس زمانه اليوم، بل بعضهم غلا وطغى وقال: البحث في التوحيد يفرق الصفوف اليوم. فإذاً: بارك الله فيك! الذي أريد أن أصل معك إليه هو: أن القضية نسبية، فهناك إنسان ليس متحمساً للدعوة -وخاصة للدخول في الفروع التي يسمونها القشور أو أموراً ثانوية- فهو يعتبر البحث ولو كان مقروناً بالأسلوب الحسن؛ يعتبره شدة في غير محلها. ولا ينبغي وأنت سلفي -مثلنا- أن تشيع بين الناس -ولو بين هؤلاء الناس القليلين الآن- وتذكر أن السلفيين متشددون؛ لأننا اتفقنا أن بعضهم متشدد، وهذا لا يخلو حتى من الصحابة، ففيهم اللين وفيهم المتشدد، ولعلك تعرف قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فهمَّ الصحابة بضربه، هذا لين أم شدة؟


السائل: شدة.


الشيخ: لكن قال لهم الرسول: "دعُوهُ"، فإذاً قد لا يستطيع أن ينجو من الشدة إلا القليل من الناس، لكن الحق هو أن الأصل في الدعوة أن تكون على الحكمة والموعظة الحسنة، ومن الحكمة أن تضع اللين في محله والشدة في محلها. أما أن نصف خير الطوائف الإسلامية، التي امتازت على كل الطوائف بحرصها على اتباع الكتاب والسنة، وعلى ما كان عليه السلف الصالح بالشدة، هكذا على الإطلاق؟ ما أظن هذا من الإنصاف في شيء، بل هو من السرف. أما أن يقال: فيهم من هو متشدد؛ فمن الذي يستطيع أن ينكر؟ ما دام أن من الصحابة من كان متشدداً في غير محل شدة، فأولى وأولى في الخلف من أمثالنا -خلف بالمعنى اللغوي- بأن يوجد فينا متشدد، ثم الآن نتكلم عن شخص بعينه، هب أنه هين لين، هل ينجو من استعمال الشدة في غير محلها؟


السائل: لا، أبداً.


الشيخ: فإذاً: بارك الله فيك! القضية مفروغ منها، فإذا كان الأمر كذلك فما علينا إلا أن نتناصح، فإذا رأينا إنساناً وعظ ونصح وذكّر بالشدة في غير محلها ذكرناه، فقد يكون له وجهة نظر، فإن تذكر فجزاه الله خيراً، وإن كان له وجهة نظر سمعناها منه وينتهي الأمر.
السائل: كثير من السلفيين يستخدمون الشدة ولا يستخدمون اللين، فيستخدمون الشدة في غير موضعها، ولا يستخدمون الرفق في موضعه، وليسوا قليلاً، أنا أقول: كل الطوائف تفعل هذا، وأنا لا أقيس السلفيين على غيرهم من الطوائف الأخرى، فأنا لا يهمني أمر الطوائف الأخرى، بل يهمني أمر السلفيين، فكثير من السلفيين يصدون عن المنهج السلفي بأسلوب دعوتهم للناس، فأنا قصدت من السؤال أن توجه نصيحة لمن ابتلوا بالشدة وبضيق الصدر.


الشيخ: بارك الله فيك، ويحتاج إلى واحد مثلي لكي يوجه النصيحة، والسلفيون وغير السلفيين يعلمون الآية التي ذكرناها آنفًا ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل:125]، ويقرأ السلفيون أكثر من غيرهم حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: (حينما جاء ذلك اليهودي مسلِّماً على النبي صلى الله عليه وسلم لاوياً لسانه قائلاً: السام عليكم، فسمعت السيدة عائشة هذا السلام الملوي فانتفضت وراء الحجاب حتى تكاد تنفلق فلقتين -كما جاء في الحديث غضباً- فكان جوابها: وعليك السام واللعنة والغضب, يا إخوة القردة والخنازير! أما الرسول فما زاد على قوله لـه: وعليك، ولما خرج اليهودي من عند الرسول عليه الصلاة والسلام أنكر صلى الله عليه وسلم عليها وقال لها: ياعائشة! ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه، قالت: يا رسول الله ألم تسمع ما قال؟ قال لها: ألم تسمعي ما قلته.


فإذاً السيدة عائشة التي ربيت منذ نعومة أظفارها في بيت النبوة والرسالة، ما وسعها إلا أن تستعمل الشدة مكان اللين، فماذا نقول في غيرها؟ السلفيون لم يربوا في بيت النبوة والرسالة، بل أنا أقول الآن كلمة ربما طرقت سمعك يوماً ما من بعض الأشرطة المسجلة من لساني: إن آفة العالم الإسلامي اليوم مقابل ما يقال في الصحوة الإسلامية، هو أن هذه الصحوة لم تقترن بالتربية الإسلامية، لا يوجد تربية إسلامية اليوم، ولذلك فأنا أعتقد أن أثر هذه الصحوة العلمية سيمضي زمناً طويلاً حتى تظهر آثارها التربوية في الجيل الناشئ الآن في حدود الصحوة الإسلامية، ففيها تصرفات وعثرات، لكن هؤلاء الأفراد يعيشون تحت رحمة الله عز وجل، ومنهم القريب ومنهم البعيد، ولذلك فمِن الناحية الفكرية والعلمية، سوف لا تجد من يخاصمك ويخالفك في أن الأصل في الدعوة أن تكون باللين والموعظة الحسنة، لكن المهم التطبيق، والتطبيق هذا يحتاج إلى مرشد وإلى مربي يربي تحته عشرات من طلاب العلم، وهؤلاء يتخرجون على يد هذا المربي مربين لغيرهم، وهكذا تنتشر التربية الإسلامية رويداً رويداً، بتربية هؤلاء المرشدين لمن حولهم من التلامذة، وبلا شك أن الأمر كما قال تعالى: ((وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)) [فصلت:35] .


ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأمة الوسط لا إفراط ولا تفريط.


السائل: جزاك الله خيراً يا شيخ.


السؤال: أحياناً يلاقي السني ممن يقابله من أهل البدع عتواً واستكباراً، والأمر كما أمر الله عز وجل موسى باللين مع فرعون قال لـه: ((وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً)) [الإسراء:102] يوجد دكاترة في الكلية يستهزئون بنا عندما نقول لهم: قال الرسول، ويمثلون صلاة السلفيين وبعض التصرفات، فيخرج الإنسان عن طوره ويستعمل معهم الشدة، وأعجبني المثل الذي سمعته منك يا شيخ الذي يقول: قال الحائط للوتد: لِمَ تشقني؟ قال: سل من يدقني.


سائل آخر: وكذلك في إحدى المرات كنا نناقش بعض أفراد حزب التحرير -وكما لا يخفى عليكم هدفهم هو مسألة الخلافة، ونحن بحمد لله هدفنا أولاً العقيدة والتوحيد- فلما بدأنا معهم في البحث العلمي من الأساس -كما تعلمنا منكم- فجاءت مسألة الأسماء والصفات، فكان أحدهم ومن كبارهم يقول: نحن ننتظر طول الليل بإصبعه ورجله! يستهزئ بصفات الله عز وجل. فماذا نقول لهذا؟


الشيخ: على كل حال، نسأل الله أن يؤتينا الحكمة وهي أن نضع كل شيء في محله.


السائل: عمر لما قال له رجل: استغفر لأخيك، قال: لا غفر الله له.


الشيخ: عندي أمثلة كثيرة جداً، يذكرنا الأخ أبو عبد الله بأثر عن عمر أن رجلاً قال له: استغفر لأخيك، فقال: لا غفر الله له. ما رأيك في هذا؟ لا شك أنك لو رأيتني أقول هذه الكلمة لقلت: الشيخ متشدد، لكن هنا يكون في نفس المُنكِر الغيرة على الشريعة فتحمله أن يقسو في العبارة، بينما ذلك المتفرج لا توجد لديه هذه الغيرة التي ثارت في نفس هذا الإنسان فيخرج منه هذا الكلام. وهنا عندنا في سوريا يقولون: (شوها الشدة يا رسول الله؟) هذه لهجة سورية خاطئة، يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم، وكأن الشدة صادرة منه صلى الله عليه وسلم، وهم يعنون هذا الإنسان..سبحان الله!


المسألة ينبغي أن تراعى جوانبها من كل النواحي، حتى الإنسان يكون حكمه عدلاً، ثم أيضاً مما يبدو لي الآن أن من أسباب إشاعة هذه التهمة -إذا صح أنها تهمة- عن السلفيين، تعرف أنت أن من كثر كلامه كثر خطؤه، فالذين يتكلمون في المسائل الشرعية هم السلفيون، فلذلك لا بد أن يخطئوا لكثرة ما يتكلمون، فيتجلى خطؤهم، ومن هذا الخطأ الشدة عند الآخرين الذين هم لا يجولون ولا يخوضون في هذه القضايا، بينما لو نظرت هذه الشدة في عموم ما يصدر منهم من نصح على العدل وعلى الإنصاف واللين؛ لوجدنا من مثل بعض الأمثلة التي ذكرناها عن بعض السلف وأمام الرسول عليه السلام فيها شدة، ولكن هذه الشدة لا تسوغ لنا أن ننسب هؤلاء الصحابة الذين وقعوا في الشدة في جزئية معينة أنهم كانوا متشددين، وإنما قد نقع -ما قلنا- أنا وأنت وغيرك في شيء من الشدة.
السائل: كانت السمة البارزة عليه اللين والرفق، حتى وإن قال: كذب فلان، أو أجعلتني لله نداً.. وما شابهه.



[المصدر : سلسلة الهدى والنور – الشريط رقم: 595 العلامة الألباني رحمه الله]

خالد الجزائري 10-21-2010 10:45 PM

السائل : فيه سؤال ثاني وهو من واحد ، أخونا في اليمن وهو أوصاني أن أبلغك إياه وأنا ما أريد أبلغك إياه. هو سؤال عن ردك على البوطي... فقال : ردك تعبير يعني كان شويه شديد ، شديد اللهجة...الشيخ الألباني : شديد.

أحد الحظور : تقصد دفاعا عن السنة ؟

السائل : لا لا هو محق... محق في تعبيره... محق بس لكن... هو محق لكن يقول أخونا... أنا مش أنا كلامي ، هو كلام أنا حبيت يعني بأمانة أوصله للشيخ ، هو يقول تعبيره كان شديد اللهجة وقد يكون صحيح كلامه لكن أسلوبه شديد ، كان شديد والبوطي عالم من العلماء فهو يريد الأسلوب أن يكون خفيف شويه... الشيخ الألباني : أي نعم.

السائل : ما أدري رد الشيخ على ذلك.

الشيخ الألباني : ردنا أن نقول لهذا الأخ المجهول عندي... السائل : إسمه...

الشيخ الألباني : ما بيهمني اسمه... السائل : إسمه عبد الله...

الشيخ الألباني : لأن إذا سميت لي إياه ما راح أعرف ما هو

السائل : هو كتب لي كمان ورقة عشان بخط يده على هذا الكلام...

الشيخ الألباني : نعم ، نعم. ما أعرف هذا الإنسان هل هو عرف البوطي ؟ هل عرف موقفه من الدعوة ، دعوة الحق ؟ يقينا لم يعرف. هو مثله مثل إنسان ضرب شخصا كفا فأوجعه وهناك رجل ثالث قال آذاه وهو محق في قوله آذاه ، ليه ؟ لأنه رأى ضاربا ورأى مضروبا. لكن هذا الرائي الثالث لو علم أن المضروب بكف واحد كان ضرب صاحب الضرب بكف واحد ضربات كثيرة ، هل يقول : هذا معتدي ؟ هل يقول : هو متشدد ؟ ما يقول... إن شاء الله ما يقول هذا الإنسان حينما يعرف حقيقة البوطي. لكن أظن هذا الإنسان والله أعلم هو من جماعة الإخوان المسلمين حزبيا (كلمة غير مفهومة من السائل) ...إسمع إسمع نصف الكلام ما عليه جواب عندنا.

السائل : علشان أعطيك فكرة عليه.

الشيخ الألباني : لا لا ، أقول إما هو من جماعة الإخوان المسلمين حزبيا أو على منهجهم فكريا لابد من واحدة منهما...

السائل : هو لا حزبيا ولا فكريا... الشيخ الألباني : لايمكن. السائل : هو لأنه...

الشيخ الألباني : لا يمكن ، إلا واحدة من الثنتين

السائل : ينتهج نهج سلفي وهو يأخذ أفكاره من الشيخ ابن باز...

أخ دخل : السلام عليكم.

الشيخ الألباني : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

السائل : و يعني كتب الولاء والبراء... (كلمات غير مفهومة)

الشيخ الألباني : معليش يا أخي لكن هو إما أن يعرف البوطي أو يجهله فإن كان يجهله فسبق الجواب...

السائل : فقد يجهله ، فقد يكون... قد يجهله

الشيخ الألباني : اسمعني ، إن كان يجهله فقد سبق الجواب ، أو كان يعرفه فهو أحد رجلين إما إخونجي أو أنه على... السائل : لا هو ضد... ضد

الشيخ الألباني : طب طول بالك يا أخي نصف الكلام ما عليه جواب الله يرضى عليك , أنا ما عم أقول لك : لا لإله... تقول لي : لا فيه إله! خليني نكمل ، إما أنه حزبي أو على منهج الحزبيين هؤلاء الذين... إيش هؤلاء ؟ هدون سياستهم تجميع الناس و تكتيلهم والرضا عن السلفي وعن الخلفي وعن الحزبي وعن الشيعي و و إلى آخره ، هذه دعوتهم فهم ينكرون استعمال الشدة مطلقا وهذا ليس إسلاما. إنكار استعمال الشدة مطلقا ليس إسلاما ، شو رأيك؟

السائل : كلامك حقيقة طيب.

الشيخ الألباني : طيب. أنا الآن أسّمعك حديثا انقله لصاحبك هذا ، قال عليه الصلاة والسلام : [من تعزى..] وأظن أنه مع كونه يمني ومشهود لهم بالفقه بحديث الرسول عليه السلام [الفقه يمان والإيمان يمان] لكن بسبب البعد عن هداك الفقه يمكن ما راح يفقه إيش مقصود حديث الرسول عليه السلام : [من تعزى بعزى الجاهلية فأعضوه بهنيّ أبيه] أه هذه شدة ، شدة بلا شك ، في منتهى الشدة : [من تعزى بعزى الجاهلية فأعضوه بهنيّ أبيه] لكن هذا الذي استعمل هذه الشدة هو الذي خوطب بقوله تعالى : {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} وهو الذي قيل له {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} فصاحب هذا الخلق العظيم هو الذي قال هذه العبارة التي يستنكرها أمثال هذا الأخ الذي يقول أنا استعملت الشدة على البوطي. هو لا يعرف البوطي هذا أحسن الظن فيه ، ولو كان يعرفه فإذن ورد الاحتمال الثاني. طيب بدنا نصلي...

[سلسلة الهدى والنور - شريط رقم 358]

خالد الجزائري 10-21-2010 10:47 PM

هذا وقد نمي إلي أن بعض الأساتذة رأى في ردي هذا على الدكتور شيئا من الشدة والقسوة في بعض الأحيان مما لا يعهدون مثله في سائر كتاباتي وردودي العلمية وتمنوا أنه لو كان ردا علميا محضا.


فأقول : إنني أعتقد اعتقادا جازما أنني لم أفعل إلا ما يجوز لي شرعا وأنه لا سبيل لمنصف إلى انتقادنا كيف والله عز وجل يقول في كتابه الكريم في وصف عباده المؤمنين : { و الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ... وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ... ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ... إنما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ... ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور }


فإن كل من يتتبع ما يكتبه الدكتور البوطي في كتبه ورسائله ويتحدث به في خطبه ومجالسه يجده لا يفتأ يتهجم فيها على السلفيين عامة وعلي من دونهم خاصة ويشهر بهم بين العامة والغوغاء ويرميهم بالجهل والضلال وبالتبله والجنون ويلقبهم ب ( السلفيين ) و ( السخفيين ) وليس هذا فقط بل هو يحاول أن يثير الحكام ضدهم برميه إياهم بأنهم عملاء للاستعمار . إلى غير ذلك من الأكاذيب والترهات التي سجلها عليه الأستاذ محمد عيد عباسي في كتابه القيم ( بدعة التعصب المذهبي ) ( ص 274 - 300 ) وغيرها داعما ذلك بذكر الكتاب والصفحة التي جاءت فيها هذه الأكاذيب.


ومن طاماته وافتراءاته قوله في ( فقه السيرة ) ( ص 354 - الطبعة الثالثة ) بعد أن نبزهم بلقب الوهابية : ( ضل أقوام لم تشعر أفئدتهم بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وراحوا يستنكرون التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ) . وهذا كأنه اجترار من الدكتور لفرية ذلك المتعصب الجائر : ( إن هؤلاء الوهابيين تتقزز نفوسهم أو تشمئز حينما يذكر اسم محمد صلى الله عليه و سلم )


والدكتور حين يلفظ هذه الفرية يتذكر أن الواقع - الذي هو على علم به - يكذبها فإن السلفيين وأمثالهم بفضل الله تعالى - من بين المسلمين جميعا - شعارهم اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم وحده دون سواه وهو الدليل القاطع على حبهم الخالص له الذي لازمه حبهم لله عز وجل كما قال : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } . ولعلم الدكتور بهذا الفضل الإلهي على السلفيين حمله حقده عليهم أن يحاول إبطال دلالة الآية المذكورة على ما سلف بل وعلى تضليل السلفيين مجددا لفهمهم إياها هذا الفهم الواضح و أنها تعني أن الاتباع دليل المحبة وأنها لا تنفك عنه فقال ( ص 195 - الطبعة الثالثة ) : ( ولقد ضل قوم حسبوا أن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لها معنى إلا الاتباع والاقتداء وفاتهم أن الاقتداء لا يأتي إلا بوازع ودافع ولن تجد من وازع يحمل على الاتباع إلا المحبة القلبية . . . )


وأقول : إن الذي ضل إنما هو الذي يناقض نفسه بنفسه من جهة فأول كلامه ينقض آخره لأنه إذا كان لا يحمل على الاتباع إلا المحبة القلبية وهو كذلك وهو الذي نعتقده ونعمل به فكيف يتفق هذا مع أول كلامه الصريح في أن المحبة لها معنى غير الاتباع ؟ ولو كان الأمر كذلك وثبت الدكتور عليه لأبطل دلالة الآية والعياذ بالله تعالى. ومن جهة أخرى فقد افترى علينا بقوله : ( وفاتهم أن الاقتداء . . . ) الخ فلم يفتنا ذلك مطلقا بحمد الله بل نعلم علم اليقين أنه كلما ازداد المسلم اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم ازداد حبا له وأنه كلما ازداد حبا له ازداد اتباعا له صلى الله عليه وسلم فهما أمران متلازمان كالإيمان والعمل الصالح تماما فهذا الحب الصادق المقرون بالاتباع الخالص للنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أراد الدكتور أن ينفيه عن السلفيين بفريته السابقة فالله تعالى حسيبه { و كفى بالله حسيبا }
ذلك قليل من كثير من افتراءات الدكتور البوطي وترهاته الذي أشفق عليه ذلك البعض أن قسونا عليه أحيانا في الرد ولعله قد تبين لهم أننا كنا معذورين في ذلك وأننا لم نستوف حقنا منه بعد { وجزاء سيئة سيئة مثلها } ولكن لن نستطيع الاستيفاء لأن الافتراء لا يجوز مقابلته بمثله وكل الذي صنعته أنني بينت جهله في هذا العلم وتطفله عليه ومخالفته للعلماء وافتراءه عليهم وعلى الأبرياء بصورة رهيبة لا تكاد تصدق فمن شاء أن يأخذ فكرة سريعة عن ذلك فليرجع إلى فهرس الرسالة هذه ير العجب العجاب.


هذا وهناك سبب أقوى استوجب القسوة المذكورة في الرد ينبغي على ذلك البعض المشفق على الدكتور أن يدركه ألا وهو جلالة الموضوع وخطورته الذي خاض فيه الدكتور بغير علم مع التبجح والادعاء الفارغ الذي لم يسبق إليه فصحح أحاديث وأخبارا كثيرة لم يقل بصحتها أحد وضعف أحاديث أخرى تعصبا للمذهب وهي ثابتة عند أهل العلم بهذا الفن والمشرب مع جهله التام بمصطلح الحديث وتراجم رواته وإعراضه عن الاستفادة من أهل العلم العارفين به ففتح بذلك بابا خطيرا أمام الجهال وأهل الأهواء أن يصححوا من الأحاديث ما شاءوا ويضعفوا ما أرادوا ( و من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة )


وسبحان الله العظيم إن الدكتور ما يفتأ يتهم السلفيين في جملة ما يتهمهم به بأنهم يجتهدون في الفقه وإن لم يكونوا أهلا لذلك فإذا به يقع فيما هو شر مما اتهمهم به تحقيقا منه للأثر السائر : ( من حفر بئرا لأخيه وقع فيه ) أم أن الدكتور يرى أن الاجتهاد في علم الحديث من غير المجتهد بل من جاهل يجوز وإن كان هذا العلم يقوم عليه الفقه كله أو جله من أجل ذلك فإني أرى من الواجب على أولئك المشفقين على الدكتور أن ينصحوه ( والدين النصيحة ) بأن يتراجع عن كل جهالاته وافتراءاته وأن يمسك قلمه ولسانه عن الخوض في مثلها مرة أخرى عملا بقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل : كيف أنصره ظالما ؟ قال : تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره ) . أخرجه البخاري من حديث أنس ومسلم من حديث جابر وهو مخرج في ( الإرواء ) ( 2515 )
فإن استجاب الدكتور فذلك ما نرجو و ( عفا الله عما سلف ) وإن كانت الأخرى فلا يلومن إلا نفسه و العاقبة للمتقين و صدق الله العظيم إذ يقول : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ... يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة و لهم سوء الدار }



و صلى الله على محمد النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم
دمشق في 27 جمادى الآخرة سنة 1397 ه
محمد ناصر الدين الألباني.


[منقول من كتابه : دفاع عن الحديث والسيرة]

لؤي عبد العزيز كرم الله 03-30-2012 09:47 PM

بارك الله فيك وأحسن إليك .

عمربن محمد بدير 03-30-2012 10:31 PM

ونحوها أنها تسمح للمظلوم بالانتصار لنفسه بالحق دون تعدٍّ وظلم.

لؤي عبد العزيز كرم الله 07-06-2012 11:31 PM

وأقل ما يؤخَذُ من لهذه الآيات ونحوها أنها تسمح للمظلوم بالانتصار لنفسه بالحق دون تعذّ وظلم.


الساعة الآن 02:00 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.