{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   المنبر الإسلامي العام (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   " فضل العلم و فوائده " بقلم فضيلة الشيخ عبد الغني عوسات الجزائري حفظه الله (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=11940)

عبد الله بيباني العاصمي 11-04-2009 12:23 PM

" فضل العلم و فوائده " بقلم فضيلة الشيخ عبد الغني عوسات الجزائري حفظه الله
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



فضل العلم و فوائده



بقلم فضيلة الشيخ :



عبد الغني عوسات الجزائري



- حفظه الله و رعاه -





إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.

أما بعد :

فإن الله تعالى ما فضل شيئا على غيره إلا و كان ذلك الفاضل المفضل يتضمن من الفضائل الفاخرة ، و المسائل الفاضلة ، التي يتعدى نفعها و يتوسع خيرها أكثر من غيرها ، و إن العلم ينفع الناس أكثر من غيره ، و حاجتهم إليه أعظم من حاجتهم إلى الطعام و الشراب ، قال الإمام أحمد رحمه الله : " الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام و الشراب ، لأن الرجل يحتاج إلى الطعام مرة أو مرتين ، و حاجته إلى العلم بعدد أنفاسه " .

واشتغالهم به – العلم – من أفضل الطاعات و أعظم القربات ، إذ هو عبادة من العبادات ، قال بعض أهل العلم : " العلم صلاة السر و عبادة القلب " . و هو أفضل ما تشغل به الأوقات ، و تبذل في سبيل تحصيله الجهود و الطاقات ، فبه ينال العبد أسنى الدرجات و أسمى المقامات ، قال تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات }[ المجادلة : 11 ] ، و قال تعالى : { نرفع درجات من نشاء }[ يوسف : 76 ] ، و له من الله بذلك أفضل التشريفات ، و كان أهلا لأجمل الشهادات ، قال تعالى : { شهد الله أنه لا إله إلا هو و الملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط }[ آل عمران : 18 ] ، و ناهيك بها شرفا و فضلا ، و كفى به عزة و فخرا ، كيف لا و قد ذكره الله ثالثا بعد ما بدأ بنفسه و ثنى بملائكته .

و هو سمة الخشية عند العلماء ، قال تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء }[ فاطر : 28 ] ، و العلم نور يهتدى به في ظلمات الشكوك و الجهالات ، و سكينة للقلوب و النفوس و حافظ من كل ما يشوبها و يشوهها من الشبهات و الشهوات ، و هو الأساس الأعظم لجميع المعاملات ، و هو الشرط الألزم لصحة الأعمال و الأقوال وعامة التصرفات ، و هو مفتاح باب كل ذلك من العبادات و الطاعات ، قال تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله }[ محمد : 19 ] ، فبدأ بالعلم و ما ذلك إلا لعظمته و شرطيته ، و على هذا بنى العلماء أحكاما ، و منه استخرجوا حكما ، منها ما بوب به الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه " باب العلم قبل القول و العمل " .

فهو الدافع الموجه إلى فعل الطاعات و كسب الحسنات ، و المانع الصارف من المعاصي و فعل السيئات ، و قوام العبد في هذه الحياة ، و سبيله الموصل إلى الجنات ، قال صلى الله عليه و سلم : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " . و إن ثوابه ينفع صاحبه في حال الحياة و بعد الممات ، قال صلى الله عليه و سلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ..." ، فمن أوتي العلم فقد أوتي خيرا كثيرا ، و نال به فضلا كبيرا ، و كان أهلا لخير الله و جديرا ، قال صلى الله عليه و سلم : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " ، فبالعلم يعرف الله – أسماءه و صفاته و أفعاله و آلاءه – و يهتدي إلى صراطه ، و بالعلم يهتدي إلى التفريق بين حلاله و حرامه ، و بالعلم تعلم طاعة الله من معصيته ، و بالعلم يهتدي العبد إلى الفرق بين الأحكام الخمسة – التكليفية الشرعية – التابعة لجميع حركاته و سكناته ، فالعلم مفتاح صلاحه و باب سعادته ، فبالعلم يتوصل العبد إلى إحقاق ما ينفعه و اتقاء ما يضره .

ولما كانت فوائد العلم أكثر من أن تحصر و أشهر من أن تذكر ، فتعرف و لا تنكر ، و عليها العبد ربه يشكر ، و لكل من علمه الناس أهل السماء و الأرض و الحوت و النمل يستغفر ، و من أجل نيله و بلوغ قمته ، و تحصيل فضله و تحقيق خيره ، أمر الله العباد بالتعلم ، و بدونه عدم التعلم ، و كذا أمر أشرف الخلق صلى الله عليه و سلم بالاستزادة منه فقال تعالى : { و قل رب زدني علما }[ طه : 114 ] ، و لو كان هناك شيء أفضل من العلم لسأله رسول الله صلى الله عليه و سلم من ربه و طلب الزيادة منه ، فلما كان العلم فرضا و نفلا فإن الأنبياء كانوا له أهلا ، و استحقوا به فضلا ، فالرسول صلى الله عليه و سلم مضى في تحقيقه استزادة و طلبا ، و سيدنا موسى اتخذ في سبيل نيله و تحصيله طريقه في البحر عجبا ، فقال لمعلمه : { هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا }[ الكهف : 66 ] و كذلك تحمل السلف الصالح في سبيله ما اعترضهم من الشدائد و العقبات و تجاوزوها بحزم و حلم و تجلد ، و في تحمل ما فيها من آلام لما يجدون بعدها من آمال و حسن مآل ، و ذلك هو درب الأعلام ، و سيرتهم حافلة بهذا ، و مناقبهم فاضلة فيه و إجازاتهم فاخرة به ، فله شرف استحقاق لميراث الأنبياء و كانوا به علماء و له أمناء ، و لتحمله و بذله حلماء نزهاء ، فكان حقهم فيه ظاهرا و حظهم وافرا ، قال صلى الله عليه و سلم : " العلماء ورثة الأنبياء و إن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما ، و لكن ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر" ، فكانوا حقا عدولا في تحمله و بذله و علموه غيرهم كما تعلموه من غيرهم ، فبذلوا قواتهم و قضوا أوقاتهم و صرفوا هممهم إلى تصفيته من كل شائبة ، و نفوا عنه كل ما ليس له صلة ثابتة ، قال صلى الله عليه و سلم : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وتأويل الجاهلين ، و انتحال المبطلين ".

و بعد كل هذا الذي ذكرناه من فضل العلم و شرف ذويه حالا و مآلا ، دنيا و أخرى ، هل يستوي العلماء و غيرهم ممن ليسوا بعلماء ؟ فلا شك في كونهم لا يستوون في نظر الحكماء و الألباء ، لأن العالم يسير على نور من ربه ، بينما غير العالم كمن يمشي في الظلمات بعضها فوق بعض ليس بخارج منها إلا إذا استنار بنور العلم ، فالعلماء في أعلى الدرجات ، و الجهلاء في أسفل الدركات ، فلا يستوون إذا أبدا ، قال تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب }[ الزمر : 9 ].

فالعلم العلم عباد الله ، إذ العلم جماع المنافع و ترجمان الخير و الصلاح مراجع ، فاصدقوا في الطلب ، و أخلصوا لله في القصد ، فذانك مهمان نافعان ، و له من كل زلل أو خلل مانعان ، و من قواصم الطريق عاصمان ، و الله حسبك و عليه التكلان.

و سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك.

انتهى




منقول من مجلة " منابر الهدى " السنة الأولى - العدد الأول - رمضان 1421ه.


نقله عبد الله العاصمي غفر الله له.

نجيب بن منصور المهاجر 11-05-2009 09:39 AM

أحسن الله إليك أخي عبد الله فلطالما أتحفنا الشيخ بمثل هذه المحاضرات في زياراته المتفرقة على مساجد العاصمة

عبد الله الافريقي 11-05-2009 12:55 PM

أحسن الله إليك أخي عبد الله على إتحافنا بهاته النقول الطيبة وأسأل الله أن يرفع قدرك.

عبد الله الافريقي 12-03-2009 11:46 PM

موضوع قيم يحتاجه كل السلفيين
جزا الله خيرا كاتبه وناقله.


الساعة الآن 02:50 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.