{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر الفقه وأصوله - للنساء فقط (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=50)
-   -   ماذا بعد الحج ؟ آداب العودة من الحج. وخطب منوّعــَـَـــــة للحجيج. متجدد. (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=32785)

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-09-2011 04:02 PM

ماذا بعد الحج ؟ آداب العودة من الحج. وخطب منوّعــَـَـــــة للحجيج. متجدد.
 
ماذا بعد الحج ؟

1.

لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي – حفظه الله تعالى -.
بتاريخ 13/ 01/ 2007 م.

الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد :

بعد هذه الرحلة الممتعة الحافلة بأنواع الطاعات، التي وقف فيها الحاج على المشاعر المقدسة، وذكر الله تعالى فيها، وسئل حاجاته الدنيوية والأخروية، وتضرَّع إلى ربه في مغفرة ذنبه وستر عيبه، يعود إلى أهله طاهراً من سيئاته، عليه وقار العبادة والنُّسك، إن كان قد أخلص لله عبادته، والتزم هدي نبيه صلى الله عليه وسلم.

ثم الحجيج بعد ذلك على صنفين :

فمنهم من يعود إلى بلده ليبدأ حياةً جديدة يبعد فيها عما يخالف ما عاهد عليه ربه في طوافه ووقوفه، من التوبة والعزم على فعل الطاعات، والتنزه عن المحرمات، ويكون قدوةً لأهله وأقاربه وجيرانه في حب الخير، والتزام العمل الصالح، وحضور مجالس العلم النافع، ومصاحبة الصالحين.
وهذا هو الذي استفاد من حجه، ويُرجى أن يكون حجه حجًا مبرورا، وذنببه ذنباً مغفورا، فإن علماء السلف يقولون:
إنَّ من علامات قبول الحسنة، التوفيق للحسنة بعدها، ومن علامات عدم قبول الحسنة أن تُتبع بالسيئة.

والصنف الثاني من الحجيج :
من يعود إلى بلده ثم لا يلبث أن ينسلخ من حاله الذي كان عليه، فيفرط في الطاعات ويعود إلى ما كان يعمل من المحرمات، وكان شيئاً لم يحدث، فيكون كما وصف الله تعالى تلك المرأة الحمقاء، وحذَّر من فعلها فقال: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا [سورة النحل 92]. فقد كانت تغزل الصوف حتى إذا صار خيوطاً قويةً، عادت ففكَّت غزلها !! وهو مثالٌ لمن يبني العمل الصالح، حتى إذا تكامل وارتفع بنيانه عاد فهدمه!!.
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بالله تعالى من تغير الحال فيقول: «وأعوذ بك من الحور بعد الكور» رواه مسلم.
والحور : الرجوع والنقصان.
والكور : هو من تكوير العمامة، وهو لفُّها وجمعها، فاستعاذ صلى الله عليه وسلم من النقصان بعد الزيادة.

وكان عليه الصلاة والسلام يدعو فيقول : «اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك».
ومن أعظم ما يثبت القلب على الدين يعين على الاستقامة ، المحافظة على الفرائض وترك المحرمات، قال - تعالى - : ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ۞ وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ۞ ومَن يُطعِ اللهَ والرَّسُولَ فأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أنعمَ اللهُ عَلَيهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ۞ ذلِكَ الفَضْلُ مِن اللهِ وَكفَى بالّلهِ عَلِيماً} [سورة النساء 66 - 70].

وكذا مصاحبة أهل التقى والصلاح، فإنه مما يعين على دوام الاستقامة والطاعة، قال - عز وجل - : ﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [سورة التوبة 119].

وقال صلى الله عليه وسلم: «الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل» رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

فالله الله، يا عباد الله، في المحافظة على كنز الإيمان، وطاعة الرحمن، فإنه طريق الفلاح والنجاح في الدينا والآخرة. اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


يُتبع - بإذن الله تعالى -.

http://www.al-athary.net/index.php?o...d=240&Itemid=4

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-09-2011 04:15 PM

ماذا بعد الحج ؟ آداب العودة من الحج - تتمــــّـــة
 
آداب العودة من الحج

لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي – حفظه الله تعالى -.

ثم اعلم أيها الحاج الكريم أن للعودة من السفر آداباً كثيرة، جاءت بها السنة الشريفة، منها :

1. التعجيل في العودة وعدم إطالة الغيبة دون حاجة : لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «السّفر قطعةٌ من العذاب، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه، فليعجل الرجوع إلى أهله» متفق عليه.
فالسفر يمنع كمال النوم لما فيه من المشقة والتعب ومقاساة الحر والبرد، ومفارقة الأهل والأصحاب.
والنهمة : هي الحاجة.

فالمقصود بهذا الحديث : استحباب تعجيل الرجوع إلى الأهل بعد قضاء شغله ولا يتأخر بما ليس بمهم.

2. أن يقرأ دعاء السفر عند رجوعه : لما رواه مسلم (2/ 978) عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبَّر ثلاثاً ثم قال: ﴿سُبْحانَ الَّذِي سخَّر لَنَا هَذا وَما كُنَّا لَهُ مُقرِنِينَ ۞ وإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ [ الزخرف 13]. اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البِرَّ والتَّقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنَّا بعده، اللهم أنت الصحاب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إنِّي أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل، وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون».

وعنه أيضاً قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إذا قفَل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة، إذا أوفى (أي ارتفع) على ثنيّة أو فدفد كبَّر ثلاثاً ثم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، نصر عبده وهزم الأحزاب وحده» رواه مسلم.

ويكرر ذلك لما روى أنس قال: أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وأبو طلحة وصفية رديفته على ناقته حتى إذا كنا بظرر المدينة قال: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون» رواه مسلم.

3. وإذا رجع إلى أهله فلا يدخل عليهم غفلة دون أن يبلغهم قدومه إذا طال سفره : لحديث أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يَطرقُ أهله، كان لا يدخل عليهم إلا غُدوة أو عشية» متفق عليه.والطروق المجيء بالليل من سفر أو غيره على غفلة.
أماإذا أعلم بوصوله وأنه يقدم في وقت كذا فلا يتناوله هذا النهي.

4. يستحب أن يحمل الحاج لأهل بيته وأقاربه شيئاً من الهدايا على قدر الإمكان : فإن الأعين تمتد إلى القادم من السفر، والقلوب تفرح به، والهدية سبب في إزالة غوائل الصدور وذهاب الشحناء من نفوس الناس.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها. رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: «ولو أهدي إليَّ دراعٌ أو كراع لقبلت» رواه البخاري.
وأشهر هدايا الحجاج : ماء زمزم الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنها مباركة، إنها طعام طعم» رواه مسلم وزاد الطيالسي: «وشفاء سُقم» وفي الحديث الآخر: «ماء زمزم لما شُرب له» رواه ابن ماجة والحاكم وهو حسن.
وكذا السواك الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - «مطهرةٌ للفم، مرضاة للرب» رواه أحمد والنسائى وهو صحيح.

5- يستحب للقادم من السفر أن يذهب إلى المسجد قبل أن يذهب إلى بيته فيصلي فيه ركعتين : لحديث كعب بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين» متفق عليه.
وهذه السنة تكاد تكون منسية عند كثير من الناس إلا القليل ممن وفقه الله لأدائها.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

***********

جزى الله شيخنا الفاضل محمد حمود النجدي خير الجزاء وبارك في علمه وعمله ونفع به.

ام يوسف دعنا 11-09-2011 10:21 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أمي الحبيبة ومعلمتي الغالية
الله يديمك ويحفظك لكل محبيك.

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-13-2011 11:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام يوسف دعنا (المشاركة 155371)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أمي الحبيبة ومعلمتي الغالية
الله يديمك ويحفظك لكل محبيك.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وإياكم ولكم بمثل وزيادة ابنتي الحبيبة "أم يوسف دعنا" رؤية وجه الله الكريم في جنة عرضها كعرض السموات والأرض.
التحاقك بركب الأخوات الأحبة أسعدني جعلك الله وأحبتك من سعداء
الدنيا والآخرة.


أسأل الله - تعالى - أن ينفعك به، وينفع بك ويجزيك خيرا.

أم أُنَيْسة الأثرية 11-14-2011 05:45 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراً أمي الحبيبة الغالية
الله يديمك ويحفظك لكل محبيك

أم عبدالله نجلاء الصالح 11-23-2011 02:44 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم أُنَيْسة الأثرية (المشاركة 156248)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراً أمي الحبيبة الغالية
الله يديمك ويحفظك لكل محبيك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وإياكم ولكم بمثل وزيادة ابنتي الحبيبة "أم أُنَيْسة الأثرية" رؤية وجه الله الكريم في جنة عرضها كعرض السموات والأرض.

ولا حرمني الله مِن صحبة وأحبة وأخوات جمعني الله بهنّ على ذكره، وأسأله - سبحانه أن يجمعني بهن على منابر مِن نور في مستقرّ رحمته ودار كرامته.

أم عبدالله نجلاء الصالح 10-28-2012 04:16 AM

ماذا بعد الحج ؟ لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير. الخطيب بالمسجد النبوي الشريف
 
ماذا بعد الحج ؟

2.

لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير
الخطيب بالمسجد النبوي الشريف. جزاه الله خيرا.

15/ 12/ 1424 هـ.

الحمد لله، الحمد لله الذي عمّت رحمته كل خير ووسعت، وتمّت نعمته على العباد وعظمت، نحمده على نعمٍ توالت علينا واتسعت، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها يوم تذهل كل مرضعة عما ابتهلت أرضعت، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، جاهد في الله حق جهاده حتى علت كلمة التوحيد وارتفعت، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ما ابتَهَلتِ الوفودُ بالمشاعر العظام وَدَعَت.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون ! اتقوا الله فإن تقواه أربح بضاعة، واحذروا معصيته فقد خاب عبد فرط في أمر الله وأضاعه، ﴿ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ۞ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [سورة الأحزاب 70 - 71].

أيها المسلمون: إن عبادة العبد لربه هي رمز خضوعه ودليل صدقه وعنوان انقياده، شرف ظاهر، وعزّ فاخر، العبودية أشرف المقامات، وأسمى الغايات، اختارها المصطفى لنفسه على سائر المراتب والمقامات.

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قا ل: "جلس جبريل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى السماء، فإذا ملك ينزل، فقال جبريل: إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خُلق قبل الساعة، فلما نزل قال : يا محمد، أرسلني إليك ربك، أفملِكا نبيًا يجعلك أم عبدًا رسولا؟ قال جبريل: تواضع لربك يا محمد، فقال: (بل عبدًا رسولا) أخرجه (أحمد بإسناد صحيح).

أيها المسلمون: في الأيام القليلة الخالية قضى الحجاج عبادة من أعظم العبادات، وقربة من أعظم القربات، تجردوا لله من المخيط عند الميقات، وهلت دموع التوبة في صعيد عرفات على الوجنات، خجلاً من الهفوات والعثرات، وضجت بالافتقار إلى الله كل الأصوات بجميع اللغات، وازدلفت الأرواح إلى مزدلفة للبيات، وزحفت الجموع بعد ذلك إلى رمي الجمرات، والطواف بالكعبة المشرفة، والسعي بين الصفا والمروة، في رحلة من أروع الرحلات، وسياحة من أجمل السياحات، عاد الحجاج بعد ذلك فرحين بما آتاهم الله من فضله.

﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُون [سورة يونس: 58]، خير من الدنيا وأعراضها وأغراضها التي ما هي إلا طيف خيال، مصيره الزوال والارتحال، ومتاعٌ قليل، عرضة للآفات، وصَدَف للفوات.

فهنيئًا للحجاج حجُهم، وللعُبَّاد عبادتهم واجتهادهم، وهنيئًا لهم قول الرسول فيما يرويه عن ربه - عز وجل - قال : (إذا تقرب العبد إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني مشيًا أتيته هرولة) أخرجه (البخاري).

حجاج بيت الله الحرام: اشكروا الله على ما أولاكم، واحمدوه على ما حباكم وأعطاكم، تتابع عليكم برّه، واتصل خيره، وعم عطاؤه، وكملت فواضله، وتمت نوافله ﴿وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ [سورة النحل : 53].

﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيم [سورة النحل : 18].

حجاج بيت الله الحرام: ظنوا بربكم كل جميل، وأملوا كل خير جزيل، وقوّوا رجاءكم بالله في قبول حجكم، ومحو ما سلف من ذنوبكم، فقد جاء في الحديث القدسي: (قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي" أخرجه الشيخان، وعن جابر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بثلاثة أيام يقول : (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل) أخرجه (مسلم).

وعند الحاكم وصححه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (حسن الظن بالله من حسن العبادة) .


يُتبع إن شاء الله – تعالى -.

أم عبدالله نجلاء الصالح 10-28-2012 04:31 AM

ماذا بعد الحج ؟ لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير الخطيب بالمسجد النبوي الشريف. جزاه ا
 
ماذا بعد الحج ؟

2.

لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير
الخطيب بالمسجد النبوي الشريف. جزاه الله خيرا.

أيها المسلمون:
يا من حججتم البيت العتيق، وجئتم من كل فج عميق، ولبيتم من كل طرف سحيق، ها أنتم وقد كمل حجكم وتم تفثكم، بعد أن وقفتم على هاتيك المشاعر، وأديتم تلك الشعائر، ها أنتم تتهيؤون للرجوع إلى دياركم، فاحذروا من العودة إلى التلوث بالمحرمات، والتلفع بالمعرات، والتحاف المسبات.

﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَلَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَـاثًا [سورة النحل : 92 ].

امرأة حمقاء خرقاء، ملتاثة العقل، تجهد صباح مساء في معالجة صوفها، حتى إذا صار خيطًا سويًا ومحكمًا قويًا عادت عليه تحل شُعيراته، وتنقض محكماته، وتجعله بعد القوة منكوثًا، وبعد الصلاح محلولاً، ولم تجن من صنيعها إلا الإرهاق والمشاق.

فإياكم أن تكونوا مثلها، فتهدموا ما بنيتم، وتبددوا ما جمعتم، وتنقضوا ما أحكمتم.

حجاج البيت العتيق: لقد فتحتم في حياتكم صفحة بيضاء نقية، ولبستم بعد حجكم ثيابًا طاهرة نقية، فحذار حذار من العودة إلى الأفعال المخزية، والمسالك المردية، والأعمال الشائنة، فما أحسن الحسنة تتبعها الحسنة، وما أقبح السيئة بعد الحسنة.

أيها المسلمون: إن للحج المبرور أمارة، ولقبوله منارة، سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما الحج المبرور؟ فقال : "أن تعود زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة"، فليكن حجكم حاجزًا لكم عن مواقع الهلكة، ومانعًا لكم من المزالق المتلفة، وباعثًا لكم إلى المزيد من الخيرات وفعل الصالحات، واعلموا أن المؤمن ليس له منتهى من صالح العمل إلا حلول الأجل.

أيها المسلمون: ما أجمل أن يعود الحاج بعد حجه إلى أهله ووطنه بالخلق الأكمل، والعقل الأرزن، والوقار الأرصن، والعرض الأصون، والشيم المرضية، والسجايا الكريمة، ما أجمل أن يعود الحاج حسن المعاملة لقِعاده، كريم المعاشرة لأولاده، طاهر الفؤاد، ناهجًا منهج الحق والعدل والسداد، المضمر منه خير من المظهر، والخافي أجمل من البادي، وإن من يعود بعد الحج بتلك الصفات الجميلة هو حقًا من استفاد من الحج وأسراره ودروسه وآثاره.

أيها المسلمون: إن الحاج منذ أن يُلبي وحتى يقضي حجه وينتهي فإن كل أعمال حجه ومناسكه تعرفه بالله، تذكره بحقوقه وخصائص ألوهيته جل في علاه، وأنه لا يستحق العبادة سواه، تعرفه وتذكره بأن الله هو الأحد الذي تُسلَم النفس إليه، ويوجَّه الوجه إليه، وأنه الصمد الذي له وحده تصمد الخلائق في طلب الحاجات، والعياذ من المكروهات، والاستغاثة عند الكربات.

فكيف يهون على الحاج بعد ذلك أن يصرف حقًا من حقوق الله من الدعاء والاستعانة والذبح والنذر إلى غيره؟! وأي حج لمن عاد بعد حجه يفعل شيئًا من ذلك الشرك الصريح والعمل القبيح؟!

أيها المسلمون: أين حج لمن عاد بعد حجه يأتي المشعوذين والسحرة، ويصدق أصحاب الأبراج والتنجيم وأهل الطيرة، ويتبرك بالأشجار، ويتمسح بالأحجار، ويعلق التمائم والحروز؟!

أيها المسلمون: أين أثر الحج فيمن عاد بعد حجه مضيعًا للصلاة، مانعًا للزكاة، آكلاً للربا والرشا، متعاطيًا للمخدرات والمسكرات، قاطعًا للأرحام والغًا في الموبقات والآثام؟!.


يُتبع إن شاء الله – تعالى -.

أم عبدالله نجلاء الصالح 10-28-2012 04:38 AM

ماذا بعد الحج ؟ لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير الخطيب بالمسجد النبوي الشريف. جزاه ا
 
ماذا بعد الحج ؟

2.

لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير
الخطيب بالمسجد النبوي الشريف. جزاه الله خيرا.

حجاج البيت العتيق:
يا من امتنعتم عن محظورات الإحرام أثناء حج بيت الله الحرام، إن هناك محظورات على الدوام، وطول الدهر والأعوام، فاحذروا إتيانها وقربانها، يقول جل وعلا : ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّـالِمُونَ [سورة البقرة: 229].

أيها المسلمون: من لبى لله في الحج مستجيبًا لندائه كيف يلبي بعد ذلك لدعوة أو مبدأ أو مذهب أو نداء يناهض دين الله الذي لا يقبل من أحد دين سواه؟!

من لبى لله في الحج كيف يتحاكم بعد ذلك إلى غير شريعته، أو ينقاد لغير حكمه، أو يرضى بغير رسالته ؟!.

من لبى لله في الحج فليلبِّ له في كل مكان وزمان بالاستجابة لأمره أنى توجهت ركائبه، وحيث استقلت مضاربه، لا يتردد في ذلك ولا يتخير، ولا يتمنع ولا يضجر، وإنما يذل ويخضع، ويطيع ويسمع.

يا عبد الله: يا من غابت عنه شمس هذه الأيام ولم يقضها إلا في المعاصي والآثام، يا من ذهبت عليه مواسم الخيرات والرحمات وهو منشغل بالملاهي والمنكرات، أما رأيت قوافل الحجاج والمعتمرين والعابدين؟! أما رأيت تجرد المحرمين، وأكفّ الراغبين، ودموع التائبين؟! أما سمعت صوت الملبين المكبرين المهللين؟! فما لك قد مرّت عليك خير أيام الدنيا على الإطلاق وأنت في الهوى قد شُد عليك الوثاق؟!.

يا من راح في المعاصي وغدا، يقول: سأتوب اليوم أو غدًا، يا من أصبح قلبه في الهوى مبددًا، وأمسى بالجهل جلمدًا، وبالشهوات محبوسًا مقيدًا.

تذكر ليلة تبيت في القبر منفردًا، وبادر بالمتاب ما دمت في زمن الإنظار، واستدرك فائتًا قبل أن لا تُقال العثار، وأقلع عن الذنوب والأوزار، واعلم أن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار.

ويا من تقلبتَ في أنواع العبادة : الزم طريق الاستقامة، وداوم العمل فلست بدار إقامة، واحذر [الإدلال] والرياء فربّ عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية، يقول بعض السلف: من سره أن يكمل له عمله فليحسن نيته.

وكن على خوف ووجل من عدم قبول العمل، فعن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون: 60]، فقلت: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال: "لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا تقبل منهم (أُوْلَـئِكَ يُسَـارِعُونَ في الْخَيْرتِ وَهُمْ لَهَا سَـابِقُونَ)" أخرجه الترمذي.

فاتقوا الله عباد الله في كل حين، وتذكروا قول الحق في كتابه المبين: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27].

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


يُتبع إن شاء الله – تعالى -.

أم عبدالله نجلاء الصالح 10-28-2012 04:40 AM

ماذا بعد الحج ؟ لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير الخطيب بالمسجد النبوي الشريف. جزاه ا
 
ماذا بعد الحج ؟

2.

لفضيلة الشيخ صلاح بن محمد البدير
الخطيب بالمسجد النبوي الشريف. جزاه الله خيرا.

الخطبة الثانية:


الحمد لله الذي آوى مَنْ إلى لطفه أوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له داوى بإنعامه من يئس من أسقامه الدوا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله من اتبعه كان على الخير والهدى، ومن عصاه كان في الغواية والردى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد : فيا أيها المسلمون: اتقوا الله فإن تقواه أفضل زاد، وأحسن عاقبة في معاد، واعلموا أن الدنيا مضمار سباق، سبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فرحم الله عبدًا نظر فتفكر، وتفكر فاعتبر، وأبصر فصبر، ولا يصبر على الحق إلا من عرف فضله، ورجا عاقبته ﴿إِنَّ الْعَـاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [سورة هود: 49].

عباد الله : أنتم في الدنيا أغراض المنايا، وأوطان البلايا، أنتم الأخلاف بعد الأسلاف، وتكونون الأسلاف قبل الأخلاف، فاغتنموا زمنكم، وجاهدوا أنفسكم، فإن المجاهدة بضاعة العُبَّاد، ورأس مال الزُهَّاد، ومدار صلاح النفوس، وسددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا.

أيها المسلمون : يا من قضيتم حجكم، وأنعم الله عليكم بالوصول إلى طابة، تذكروا وأنتم تطؤون هذه الأرض المباركة أنها الأرض التي وطئتها أكرم قدمين، والبلدة التي عاش عليها سيد الثقلين محمد.

فالله الله في تعلم سنته، ومعرفة سيرته، والسير على طريقته، واتباع هديه، واقتفاء منهجه، ولن يتحقق لكم ذلك الهدف المنشود إلا بالاستعانة بالله المعبود، ﴿وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِرطٍ مّسْتَقِيمٍ [سورة آل عمران: 101].

حجاج بيت الله العتيق : ليكن حجكم أول فتوحكم، وتباشير فجركم، وإشراق صبحكم، وبداية مولدكم، وعنوان صدق إرادتكم، تقبل الله حجكم وسعيكم، وأعاد الله علينا وعليكم هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة، والأمة الإسلامية في عزة وكرامة، ونصر وتمكين، ورفعة وسؤدد.

اللهمَّ تقبَّل من الحجّاج حجَّهم، اللهمّ تقبّل من الحجّاج حجَّهم وسعيَهم، اللهمّ اجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا، وذنبَهم مغفورًا، اللهمّ تقبّل مساعيَهم وزكِّها، وارفع درجاتهم وأعلِها، اللهم بلّغهم من الآمال منتهاها، ومِنَ الخيرات أقصاها، اللهمّ اجعل سفرهم سعيدًا، وعودَهم إلى بلادهم حميدًا، اللهمّ هوِّن عليهم الأسفار، اللهم آمنهم من جميع الأخطار، اللهمّ احفَظهم من كلّ ما يؤذيهم، وأبعِد عنهم كلَّ ما يضنيهم، اللهمّ واجعل دَربهم دربَ السلامة والأمان والراحةِ والاطمئنان، اللهمّ وأعدهم إلى أوطانهم وأهليهم وذويهم ومحبِّيهم سالمين غانمين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم وتقبّل منهم إنّك أنت السميع العليم، واغفر لهم إنك أنت الغفور الرحيم.



الساعة الآن 01:03 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.