عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-27-2012, 02:02 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد المصرى مشاهدة المشاركة


هذا؛ ولولا ضرورة التثبُّت والبحث لَمَا اقتحم هؤلاء العلماء هذا الباب الخطير، وما تجشَّموا من أجله أنواع الصعاب، ومختلف المكاره، كلُّ ذلك اعتقادًا راسخًا منهم أنَّ الكلام في الرواة وغيرِهم إنَّما هو وسيلةٌ لا غاية، باذلين قصارى جهودهم في تطبيق تلك القواعد التي التزموها منهجًا لهم في بيان الحقِّ، ولو على أنفسهم، مقتصرين على أحد الجوانب القادحة في العدالة التي تهمُّهم من غير توسُّعٍ، لأجل حفظ الدِّين والسُّنَّة مع مراعاة الحيطة في التجريح، والدِّقَّة في البحث، والنَّزاهة في الحكم، والأدب في نقد الرجال، وأن يكون بأمانة وإخلاص، الأمر الذي يقوِّي إيماننا باعتدالهم وتجرُّدهم واستقامتهم في نصحهم للمسلمين، والمحافظة على قواعد الدِّين، عملاً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:70-71]، ففي الآية دليلٌ على وجوب الحرص على إصابة الصواب، ويدخل في «القول السديد» الكلام المتضمِّن للنصح والتنبيه بما هو الأصلح، والإشارة إلى كُلِّ طريق يوصل إلى الصواب، والتماس كلِّ وسيلة تعين عليه، كما يشمل لين الكلام، ولطفه في مخاطبة الأنام، في ميدان النصح والإعلام، والدعوة والتعليم، كما يتناول «القول السديد» الزجر والتبكيت والغلظة في ميدان التحذير لمن جاهر ببدعته، ودعا إليها، ونافح عنها.

أمَّا الحالة الأخرى؛ وهي التعريف بشخصية المطروق إليه لعقد ترجمة له، والنظر في مؤلَّفاته وكتبه، وما تحتويه من مادَّة علمية؛ فإنَّه لا يمنع من التعرُّض إلى محاسنه، ومزايا كتبه، وبالمقابل ينظر في مساوئه والأخطاء والأغلاط التي وقع فيها، فيذكر ما له من حقٍّ ليثبته، وما عليه من باطل ليردَّه، وذلك بعد فهم معاني ما تضمَّنته كتبه وأقواله بأمانة ونزاهة وصِدق وإنصاف؛ ذلك لأنَّ «ردّ الشيء قبل فهمه محال» كما قال الشافعي(10- «المستصفى»: للغزالي (1/274)، «الإبهاج» للسبكي: (3/188).)، و«التجنِّي على الحقِّ بسبب الباطل ظلمٌ»، وضمن هذا المنظور يقول الإمام ابن القيّم: «...فلو كان كُلُّ من أخطأ، أو غلط تُرِك جملةً، وأُهدرت محاسنه لفسدت العلوم، والصناعات، والحكم، وتعطَّلت معالمها»(11- «مدارج السالكين» لابن القيّم: (2/39).).

فواجب الإنصاف -إذن- قَبول ما معه من حقٍّ، وترك ما عليه من باطل، وقد أمر الله تعالى بالعدل في الأقوال، كما أمر بالعدل في الأحكام في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [الأنعام: 152]، وفي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا، اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ﴾ [النساء: 58].

والواجب على المسلم الابتعاد عن تشويه الحقِّ والتنفير منه، بأن يتحرَّى العدل في كُلِّ شأنه، ليكون العدل خُلُقًا له، ووصفًا لا ينفكُّ عنه، قال تعالى: ﴿وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: 9]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ [النحل: 90]، وفي الحديث: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا»(12- أخرجه أحمد: (2/160)، ومسلم: (12/211) في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل، والنسائي: (8/221) في آداب القضاة: باب فضل الحاكم العادل من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.). وفي هذا السياق يقول ابن أبي العزّ الحنفي: «نجد كثيرًا من هؤلاء -أي: الذين يختلفون اختلاف التضادّ- قد يكون القول الباطل الذي مع منازعه في حقٍّ ما، أو معه دليلٌ يقتضي حقًّا ما، فَيَرُدُّ الحقَّ مع الباطل، حتَّى يبقى مُبطِلاً في البعض، كما كان الأوّل مبطلاً في الأصل، وهذا يجري كثيرًا لأهل السنَّة، أمَّا أهل البدعة فالأمر فيهم ظاهر، ومن جعل الله له هدايةً ونورًا رأى من هذا ما تَبيَّن له منفعة ما جاء في الكتاب والسنّة من النهي عن هذا وأشباهه، وإن كانت القلوب الصحيحة تُنْكِر هذا، لكن نور على نور»(13- «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز: (2/779).).

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 29 جمادى الثانية 1429ه
الموافق ل: 03 جويلية 2008م

جزاك الله خيرا وهذا التفصيل من الشيخ فركوس في الموازنة مما يخالف فيه الشيخ ربيعا والغلاة جميعا , وهم يسكتون عنه في هذه وفي غيرها مادام لا يعترض , ولا يخالف ؛ فإن سولت له نفسه بأن يخالف أحكام الشيخ ربيع , فإنهم سيجرحونه بالموازنة , وبالامتحان التي ـ أيضا ـ يخالف فيها الشيخ ربيعا وبقية القضايا كالمشاركة في الانتخابات والاختلاط ...ووو ..
فالله المستعان على أهل هذا الزمان ...
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس