فوائد من شرح الشيخ ابن عثيمين لكتاب رياض الصالحين (6)
6 ـ يقول النبي : ( من غدا إلى المسجد أو راح ، أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح )
ظاهر الحديث أن من غدا إلى المسجد أو راح ، سواء غدا للصلاة أو لطلب العلم أو لغير ذلك من مقاصد الخير ، أن الله يكتب له في الجنة نزلاً .
والنزل : ما يقدم للضيف من طعام ونحوه على وجه الإكرام ، أي أن الله تعالى يعد لهذا الرجل الذي ذهب إلى المسجد صباحاً أو مساءً يعد له في الجنة نزلاً إكراماً له . ص168 .
7 ـ قال رسول الله : ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يارسول الله قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ) .
أصل الرباط : الإقامة على جهاد العدو بالحرب وارتباط الخيل وإعدادها ، وهذا من أعظم الأعمال ، فلذلك شبه به ماذكر من الأفعال الصالحة والعبادة في هذا الحديث ، أي أن المواظبة على الطهارة والصلاة والعبادة كالجهاد في سبيل الله .
وقيل : إن الرباط هاهنا اسم لما يربط به الشيء ، والمعنى : أن هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصي وتكفه عنها . ص 187 .
8 ـ قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها )
قوله : ( الأكلة ) فسرها المؤلف بأنها الغدوة أو العشوة وليست الأكلة اللقمة ، ليس كلما أكلت لقمة قلت : الحمد لله أو كلما أكلت تمرة قلت : الحمد لله ، السنة أن تقول الحمد لله إذا انتهيت نهائياً من الطعام . ص206 .
9 ـ قال تعالى : ( طه * ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى ) .
(طه) هذه حرفان من حروف الهجاء ، أحدهما طاء والثاني هاء ، وليست اسماً من أسماء النبي كما زعمه بعضهم ، بل هي من الحروف الهجائية التي ابتدأ الله بها بعض السور الكريمة من كتابه العزيز وهي حروف ليس لها معنى ، لأن القرءان نزل باللغة العربية ، واللغة العربية لا تجعل للحروف الهجائية معنى ، بل لا يكون لها معنى إلا إذا ركبت وكانت كلمة .
ولكن لها مغزى عظيم ، هذا المغزى العظيم هو التحدي الظاهر لهؤلاء المكذبين للرسول هؤلاء المكذبون للرسول عجزوا أن يأتوا بشيء مثل القرءان لا بسورة و لا بعشر سور ولا بآية ومع هذا فإن هذا القرءان الذي أعجزهم لم يأت بحروف غريبة لم يكونوا يعرفونها ، بل أتى بالحروف التي يركبون منها كلامهم .
ولهذا لاتكاد تجد سورة ابتدئت بهذه الحروف إلا وجدت بعدها ذكر للقرءان ، في سورة البقرة ( آلم * ذلك الكتاب لا ريب فيه ) وفي سورة آل عمران ( آلم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم * نزل عليك الكتاب بالحق ) وهكذا نجد بعد كل حروف هجائية في بداية السورة يأتي ذكر القرءان ، إشارة إلى أن هذا القرءان كان من هذه الحروف التي يتركب منها كلام العرب ، ومع ذلك أعجز العرب ، هذا هو الصحيح في المراد من هذه الحروف الهجائية . ص 210ـ211 .
10 ـ لله عزوجل على خلقه ربوبيتان : ربوبية عامة لكل أحد ، مثل قوله تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) وربوبية خاصة لمن اختصه من عباده مثل هذه الآية : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) وقد اجتمع النوعان في قوله تعالى عن سحرة آل فرعون : ( قالوا ءامنا برب العالمين * رب موسى وهارون ) .
فرب العالمين عامة ، ورب موسى وهارون خاصة .
والربوبية الخاصة تقتضي عناية خاصة من الله عزوجل . ص 259 .
__________________
قال الحسن البصري
إن النفس أمارة بالسوء ، فإن عصتْك في الطاعة فاعصها أنت في المعصية .
|