الموضوع: الروح
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 04-09-2015, 04:23 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الفرق بين الروح و النفس

الروح والنفس والفرق بينهما

وتطلق النفس على من به روح، فقد حرم الله قتلها إلا بالحق، وجعل لكل نفس حُرمةً وأجلاً مسمى، إذا جاء لا يستأخرون عنه ولا يستقدمون.
فلا يملك أحدٌ نفسه التي بين جنبيه، ولا يُمكنه أن يبادر بها أجله، قال الله – تعالى - : ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [سورة المائدة 32].

فلا يستهان بها وإن كانت طيرا، ولا ينبغي أن تتخذ هدفا وتعذب بالرمي بالنبل، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ شيئ فيه الروح غرضًا حتى وإن كان طيرا) رواه (مسلم).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا) (صحيح) رواه (مسلم).
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا أو دجاجةً يتراموْنَها وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر : (من فعل هذا ؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخد شيئًا فيه الروح غرضا) (متفق عليه).
ونهى أن تقتل صبرًا، وذلك بحبسها ومنعها عن الطعام والشراب، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (دخلت امرأة النار في هرَّة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض).
وفي رواية : (عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض). رواه (البخاري) وغيره.

سئل فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - : ما المراد بالروح والنفس ؟ والفرق بينهما ؟.

فأجاب - رحمه الله تعالى - قائلا : الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حسًّا أو معنى، فالقران يسمى روحًا، قال الله - تعالى - : ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا(1) به حياة القلوب بالعلم والإيمان، والروح التي يحيى بها البدن تسمى روحا قال الله – تعالى - :﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرّوحْ قُلِ الرّوحُُ مِنْ َأمْرِ رَبّي.(2)

أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيرًا كما في قوله – تعالى - : ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(3).

وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه ، فيقال جاء فلان نفسه ، فتكون بمعنى الذات، فهما يفترقان أحيانا، ويتفقان أحيانا، بحسب السياق.

وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدَّد معناها بسياقها، فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق، فالقرية مثلا تطلق أحيانا على نفس المساكن، وتطلق أحيانا على الساكن نفسه.

ففي قوله – تعالى – عن الملائكة الذين جاءوا إبراهيم ﴿قالوا إنّا مُهْلِكوا أَهْلِ هذِهِ القَرْيَة.(4).
المراد بالقرية هنا : المساكن.

وفي قوله – تعالى - : ﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَة إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْل يَوْم الْقِيَامَة أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا. (5).
المراد بها : أهل القرية : الساكنين فيها.

وفي قوله – تعالى : - ﴿أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشهـا.
المراد بها : المساكن.

وفي قوله : ﴿وَأسْأَلِ القَرْيَةَ التي كنا فيها .(6)
المراد بها : سكان القرية.

فالمهم أن الكلمات إنما يتحدَّد معناها بسياقها، وبحسب ما تضاف إليه، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أن القران الكريم ليس فيه مجاز، وأن جميع الكلمات التي في القران كلها حقيقة، لان الحقيقة هي : ما يدل عليه سياق الكلام بأي صيغة كان.
فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول إن في القران مجازا.

وقد كتب في هذا أهل العلم وبيّنوه، ومن أبْيَن ما يجعل هذا القول صوابًا أنَّ من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصحُّ أن تنفيه.
فإذا قال : فلان أسد، صح له نفيه، وهذا لا يمكن أن يكون في القران، فلا يمكن لأحد أن ينفي شيئـًا مما ذكره الله – تعالى – في القران الكريم.


انظر : [مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثالث - باب المناهي اللفظية].

__________

(1) (سورة الشورى 52).
(2) (سورة الإسراء 85).
(3) (سورة الزمر 42).
(4) (سورة العنكبوت 31).
(5) (سورة الإسراء 58).
(6) (سورة البقرة 259).
(7) (سورة يوسف 82).
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس