عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-10-2015, 06:25 PM
عادل سليمان القطاوي عادل سليمان القطاوي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 80
افتراضي

تابع مناقشة الأخ عماد المصري ..
بيان ما في الفصل الثاني من تعقباته على الألباني ..
وهو تعقبه في الأحاديث التي حكم عليها الإمام الألباني.. وتعقبه على الشيخ أنواع كما قال ...
والآن نناقش بعض ما انتقده على الشيخ ..


الحديث الأول: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا ".
وقد جزم الأخ عماد إلى بتضعيف الزيادة الأخيرة " وإذا قرأ فأنصتوا " ونقل كلام العلماء ممن أعلها .. وخطأ الشيخ ووهمه ورد كل حججه والتي هي في الأصل حجج العلماء المتقدمين وعلى رأسهم أحمد ومسلم وابن جرير وابن المنذر، وجمهور من العلماء ..
فلم يرد على أحد ممن صحح الحديث وإنما رد على الألباني .. ولم يتهم أحدا بالخطأ غيره ..
وفي رده لم يقل أخطأ احمد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن تيمية وووووو.. وإنما أخطأ الألباني وحده ..
بل لم يشر بأدنى إشارة إلى من صححه من علماء الدنيا سوى الألباني .. وهجم عليه يخطئه ويوهمه كالعادة ..
ومن باب ذر الرماد في العيون، أشار في آخر سطر إلى تصحيح شيخه شعيبا لهذه الزيادة ولكنه طبطب عليه وتمسح .. من باب البر بشيخه .. ولكن العقوق للألباني وحده .. يالله .. كم لاقيت أيها الألباني من محبيك ومن مبغضيك ..
وعموما: الكلام معه في أمور.

بداية: نقل الأخ عماد من صفة الصلاة ط المعارف 1999م العاشرة .. وفاته الإطلاع والنقل من طبعة المعارف الأولى عام 2006 لأصل صفة الصلاة وهو الكتاب الكبير وفيه تحقيق لكل ما اعترض عليه المعترض كما سنبينه.
ومؤاخذات المعترض تمثلت في ضعف زيادة " فإذا قرأ فأنصتوا " وضعف المتابعات لها .. وبيان ذلك في الآتي.
أولا: في تخريج الحديث من الطبعة التي اعتمدها المعترض ذكر الشيخ " مسلم " في التخريج، وكذلك هو في الطبعة الرابعة عشر للمكتب الاسلامي..
ولكنه في طبعة أصل صفة الصلاة ليس فيها مسلم في التخريج للحديث ولكنه نقل بعد ذلك عنه تصحيحه للحديث كما سيأتي.
وعليه فمؤاخذته بتقديم ابن أبي شيبة على مسلم ذهب أدراج الرياح، مع أن ابن أبي شيبة شيخ لأبي داود وشيخ مسلم كذلك.
والذي يقول به الشيخ هو تقديم المراجع الأمهات على غيرها .. وتقديم الصحيحين على غيرهما .. وهكذا ..

ثانيا: ضعف الألباني طريق ابن عجلان وجعله شاذا بذاته، لكنه صحح طريق قتادة كما سيأتي وكما صرح به في صحيح أبي داود - الأم (3/161).
وإليك هذا التحقيق الذي سيمحوا اعتراضك من أصله، وفيه ذكر من رد الزيادة وأن الشيخ يعرفهم ويعرف من أعلها وما هو دليله وناقشهم جميعا، فدونك هذا التحقيق العزيز ..
قال الشيخ في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (1/ 349-355):
أخرجه {ابن أبي شيبة (1/97/1) = [1/331/3799] } ، وأبو داود (1/99) ، والنسائي (1/146) ، وابن ماجه (1/279) ، والطحاوي (1/128) ، والدارقطني (124) ، وأحمد (2/420) من طريق أبي خالد سليمان بن حَيَّان عن محمد ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً به.
وهذا سند حسن. وقد أُعِلَّ بعلتين:
الأولى: تفرد أبي خالد عن محمد بن عجلان. والأخرى: تفرد ابن عجلان عن أبي صالح.
أما الأولى: فقال أبو داود: " قوله: " فأنصتوا ": ليست بمحفوظة؛ الوهم من أبي خالد ".
قلت: أبو خالد: ثقة، أخرج له الجماعة؛ فنسبة الوهم إليه دون ابن عجلان تدل على أن ابن عجلان أحسن حالاً عنده من أبي خالد! وهذا أعجب؛ فإن ابن عجلان فيه كلام. وأبو خالد ثقة بلا شك - كما قال ابن التركماني وغيره -. ثم إنه لم يتفرد به؛ بل تابعه عليه جمع:
منهم: محمد بن سعد الأنصاري: عند النسائي، ومن طريقه الدارقطني (125) وهو ثقة - كما ذكر النسائي -.
ومنهم: أبو سعد الصاغاني محمد بن مُيسَّر - بتحتانية ومهملة؛ وزن محمد -. أخرجه الدارقطني، وأحمد (2/376) ؛ وقال الأول: " ضعيف ".
وإسماعيل بن أَبَان الغَنَوي: عنده، وعند البيهقي (2/156) ، وضعفه الدارقطني أيضاً.
قلت: ومتابعة هذين - على ضعفهما - يعطي الحديث قوة - كما لا يخفى -؛ ولا سيما وقد تابعا ثقتين: سليمانَ بنَ حيان، ومحمدَ بنَ سعد. فانتفت العلة الأولى.
وأما العلة الأخرى: فالحق يقال؛ إنها أقوى من الأولى. فروى البيهقي (2/157) عن ابن أبي حاتم قال: " سمعت أبي - وذكر هذا الحديث، فقال أبي -: ليست هذه الكلمة محفوظة؛ هي من تخاليط ابن عجلان. قال: وقد رواه خارجة بن مصعب أيضاً - يعني: عن زيد بن أسلم -. وخارجة أيضاً: ليس بالقوي ".
قال البيهقي: " وقد رواه يحيى بن العلاء الرازي - كما روياه -؛ ويحيى بن العلاء: متروك ".
وفي " التقريب ": " رمي بالوضع ". وعن خارجة: " متروك، وكان يدلس عن الكذابين ".
فمتابعة هذين لا تعطي الحديث قوة؛ فيبقى متفرداً به ابنُ عجلان، وهو وإن كان ثقة؛ ففيه كلام من جهة حفظه - كما أشار أبو حاتم إلى ذلك -، وفي " التقريب ": " صدوق. اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة ". اهـ.
وهو حسن الحديث ما لم يخالف، وقد خولف هنا؛ فقد رواه الأعمش عن أبي صالح به؛ بدون قوله: " وإذا قرأ؛ فأنصتوا ".
أخرجه ابن ماجه (1/305) ، وأحمد (2/440) . وسنده صحيح على شرطهما.
وكذلك رواه مصعب بن محمد عن أبي صالح بدون هذه الزيادة، وقد مضى لفظه في (التكبير) .
وكذلك رُوي الحديث من طرق عن أبي هريرة: عند البخاري (2/166 - 172) ، ومسلم (2/19 - 20) ، وابن ماجه أيضاً (1/374) ، والدارمي (1/300) ، وأحمد (2/230 و 214 و 411 و 438) بدونها.
فهذا مما يجعل النفس لا تطمئن لتفرد ابن عجلان بها. ومع ذلك؛ فقد صححها الإمام مسلم - كما سيأتي -، وابن حزم في " المحلى " (3/240) ، والإمام أحمد، وابن خزيمة - كما في " إمام الكلام " (113) -، وغيرهم من الأئمة. فراجع (التعليق) على " نصب الراية " (2/15) .
ونحن نقطع بأنه صحيح لغيره؛ فإن له شاهداً من حديث أبي موسى الأشعري مرفوعاً بلفظ: " إذا قمتم إلى الصلاة؛ فليؤمكم أحدكم، وإذا قرأ الإمام؛ فأنصتوا ".
أخرجه أحمد (4/415) والسياق له، ومسلم (2/15) ، {وأبو عوانة [2/133] } ، وابن ماجه (1/279) ، والدارقطني (125) ، والبيهقي (2/155) من طريق جَرير عن سليمان التيمي عن قتادة عن أبي غَلاب عن حِطَّان بن عبد الله الرَّقَاشي عنه.
وهذا سند صحيح. {وهو مخرج في " الإرواء " (332 و 394) } .
وقد أخرجه {أبو عوانة [2/133] } ، وأبو داود (1/154) من طريق المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي: ثنا قتادة به. ثم أعله بقوله:
" وقوله: " فأنصتوا " ليس بمحفوظ؛ لم يجئ به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث ".
كذا قال! وليس بصواب؛ فقد تابعه عليه سفيان الثوري ، فقد قال الدارقطني - بعد أن ساق الحديث -: " وكذلك رواه سفيان الثوري عن سليمان التيمي، ورواه هشام الدستوائي وسعيد وشعبة وهمام وأبو عوانة وأبان وعدي بن أبي عمارة؛ كلهم عن قتادة، فلم يقل أحد منهم: " وإذا قرأ؛ فأنصتوا ". وهم أصحاب قتادة الحفاظ عنه ".
قلت: وقد أخرجه مسلم وغيره عن بعض هؤلاء عن قتادة به مطولاً - كما سيأتي في (التأمين) -، ولم يذكر أحد منهم هذه الزيادة.
لكن لا يخفى أنها زيادة من ثقتين حجتين؛ فيجب الأخذ بها، لا سيما وأنها لا تخالف المزيد، بل توافق معناه؛ فإن الإنصات إلى قراءة القارئ من تمام الائتمام به، فإن من قرأ على قوم لا يستمعون لقراءته؛ لم يكونوا مؤتمين به - كما قال شيخ الإسلام (2/144) -. على أنه لم ينفردا بها، بل تابعهما جمع آخر؛ منهم: عمر بن عامر، وسعيد بن أبي عَرُوبة.
أخرجه الدارقطني، وعنه البيهقي (2/156) من طريق سالم بن نوح عنهما. ثم قال: " سالم بن نوح: ليس بالقوي ".
قلت: وهو من رجال مسلم، وفي " التقريب ": " صدوق له أوهام ".
وكذا قال في شيخه عمر بن عامر، وهو من رجال مسلم أيضاً.
وأما سعيد بن أبي عروبة: فمن رجال الشيخين، وهو من أثبت الناس في قتادة.
وبالجملة: فهذه الزيادة صحيحة من حديث أبي موسى، وقد صححها مسلم؛ ففي " صحيحه " بعد أن ساق الحديث: " قال أبو إسحاق - يعني: صاحب مسلم وراوي كتابه -: قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث - أي: طَعَنَ فيه -. فقال مسلم: تريد أحفظ من سليمان؟! فقال له أبو بكر: فحديث أبي هريرة؟ فقال: هو صحيح - يعني: " وإذا قرأ؛ فأنصتوا " -. فقال: هو عندي صحيح. فقال: لم تضعه ها هنا - يعني: في كتابه -؟ قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا، إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه ".
قال أبو الحسنات: " وبالجملة: فالحكم بصحة هذا الحديث هو الأرجح بالنظر الدقيق؛ فيكفي للاستدلال به، ومن حكم بضعفها؛ ليس له دليل معتد به يقبله أرباب التحقيق ".
وهذا الحديث كالآية المذكورة سابقاً في الدلالة على وجوب الاستماع لقراءة القرآن من الإمام، ولكنه أعم منها - كما لا يخفى -، وهو - كهي - يشمل بعمومه {الفَاتِحَة} وغيرها، وقد خصه الشافعية وغيرهم ممن سبق ذكرهم بما عدا {الفَاتِحَة} .
وقالوا بوجوب قراءتها، وقد ذكرنا فيما سبق أن الحديث الذي احتجوا به على الوجوب لا يدل على ذلك؛ بل على الإباحةِ، والإباحةِ المرجوحة - كما سلف بيانه عن الكشميري -.
وحينئذٍ فإذا كان لا بد من المصير إلى التخصيص؛ فإنما يخصص بجواز قراءة {الفَاتِحَة} جوازاً مرجوحاً؛ لا بوجوبها، وحينئذٍ فالتباين بين هذا الجواز وبين النهي المستفاد من الآية والحديث يسيرٌ؛ لأن النتيجة ترك القراءة والاستماع للإمام، وهذا هو المطلوب.
هذا يقال؛ إن أردنا أن نذهب مذهب الجمع، ولكننا قد بينا أن حديث الجواز منسوخ بحديث أبي هريرة وبسبب نزول الآية، وبين أيضاً شيخ الإسلام أن الاعتبار يدلعلى بقاء الآية على عمومها؛ فيقال عن الحديث - الذي نحن في صدد الكلام عنه – ما قيل فيها.
وإليك الآن بقية كلام شيخ الإسلام المتعلق بالحديث؛ قال: " وهذا يبين حكمة سقوط القراءة عن المأموم، وأن متابعته لإمامه مقدمة على غيرها حتى في الأفعال، فإذا أدركه ساجداً؛ سجد معه، وإذا أدركه في وتر من صلاته؛ تشهد عقب الوتر، وهذا لو فعله منفرداً؛ لم يجز، وإنما فعله لأجل الائتمام؛ فدل على أن الائتمام يجب به ما لا يجب على المنفرد، [ويسقط به ما يجب على المنفرد] ".
وقال في موضع آخر (2/412) : " فكيف لا يستمع لقراءته، مع أنه بالاستماع يحصل له مصلحة القراءة؟! فإن المستمع له مثل أجر القارئ.
ومما يبين هذا اتفاقُهُم كلهم على أنه لا يقرأ معه فيما زاد على {الفَاتِحَة} ؛ إذا جهر، فلولا أنه يحصل له أجر القراءة بإنصاته له؛ لكانت قراءته لنفسه أفضل من استماعه للإمام، وإذا كان يحصل له بالإنصات أجر القارئ؛ لم يَحْتَجْ إلى قراءته، فلا يكون فيها منفعة، بل فيها مضرة شغلته عن الاستماع المأمور به.
وقد تنازعوا إذا لم يسمع الإمام؛ لكون الصلاة صلاة مخافتة، أو لبعد المأموم، أو لطرشه، أو نحو ذلك؛ هل الأولى له أن يقرأ، أو يسكت؟
والصحيح: أن الأولى أن يقرأ في نفسه، وأنه أنفع؛ لأنه لا يستمع قراءة يحصل له بها مقصود القراءة. فإذا قرأ لنفسه؛ حصل له أجر القراءة، وإلا؛ بقي ساكتاً، لا قارئاً ولا مستمعاً، ومن سكت غير مستمع ولا قارئ في الصلاة؛ لم يكن مأجوراً بذلك ولا محموداً؛ بل جميع أفعال الصلاة لا بد فيها من ذكر الله تعالى؛ كالقراءة والتسبيح والدعاء أو الاستماع للذكر، وإذا قيل بأن الإمام يحمل عنه فرض القراءة؛ فقراءته لنفسه أكمل له، وأنفع له، وأصلح لقلبه، وأرفع له عند ربه. والإنصات لا يؤمر به إلا حال الجهر، فأما حال المخافتة؛ فليس فيه صوت مسموع حتى ينصت له ". اهـ.
انتهى من أصل صفة الصلاة.
فائدة:
قال الشيخ في صحيح أبي داود - الأم (4/30) بعد أن أشار إلى المتابعات التي ذكرها في أصل صفة الصلاة:
" وأزيد هنا متابعا آخر، أخرجه أبو عوانة من طريق عبد الله بن رُشَيْد قال: ثنا أبو عبيدة عن قتادة ... به.
وهذا إسناد جيد؛ لولا أتي لم أعرف أبا عبيدة هذا! وظننت أول الأمر أنه أبو عبيدة الحداد عبد الوإحد بن واصل الثقة، ثم تبينت أنه متأخر عن هذا! فالله تعالى أعلم. ". اهـ من كلام الألباني.
قلت: عبد الله بن رشيد وثقه أبو عوانة وذكره ابن حبان في الثقات.
وأبي عبيدة هو مجاعة بن الزبير الأزدي: ضعفه الدارقطني وقال أحمد "لم يكن به بأس في نفسه" وقال ابن عدي: "وهو ممَّنْ يُحتمل، ويُكتب حديثه " فمثله يستشهد به.

أما ما انتقدته على الشيخ بالترتيب فجوابه كالآتي:
- فأما التقديم والتأخير في التخريج قد بينا ما فيه ...
- وأما أن الزيادة عند مسلم معلقة .. فقد صححها مسلم ونص على ذلك ..
فجاء في صحيح مسلم (1/304) عقب الحديث رقم (404) : ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، كُلُّ هَؤُلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ، وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَتَادَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ " وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» إِلَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ، وَحْدَهُ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ: ابْنُ أُخْتِ أَبِي النَّضْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَقَالَ مُسْلِمٌ: تُرِيدُ أَحْفَظَ مِنْ سُلَيْمَانَ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَ: هُوَ صَحِيحٌ يَعْنِي وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ فَقَالَ: لِمَ لِمَ تَضَعْهُ هَا هُنَا؟ قَالَ: لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٍ وَضَعْتُهُ هَا هُنَا إِنَّمَا وَضَعْتُ هَا هُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ.
فكما رأيت بعينك: قد ساق مسلما حديث جرير موصولا بإسناده عن إسحاق بن ابراهيم أخبرنا جرير .. ثم قال: وفي حديث جرير .. أي بالاسناد المذكور.
فهو صحيح مسند ونص عليه بالخصوص فصححه كما قال.. فأي تصريح من جهة الإسناد والتصحيح تريد أكثر من ذلك ؟
وعلى فرض أنه معلق في مسلم .. فمعلقات الشيخين المجزوم بها لا تضعف هكذا .. فما بالك إذا كان الحديث موصولا؟
رواه الإمام أحمد في المسند (4/415): حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عبد الله [هو المديني] قال ثنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة عن أبي غلاب عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى قال: " علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قمتم إلى الصلاة فليؤمكم أحدكم وإذا قرأ الإمام فأنصتوا ".
ورواه غيره موصولا .. وهكذا ذهب اعتراضك هذا أدراج الرياح .. لا سيما وقد نص أحمد ومن بعده مسلم على صحة حديث أبي موسى وأبي هريرة.

- قولك أن الشيخ جانبه الصواب في أن مسلما روى هذه الزيادة، فقد جانبك أنت الصواب، وأصاب الشيخ ..
وهل هل رأيت أحدا ممن انتقد الحديث أنكر أنه في مسلم أو إدعى أنه معلق مقطوع وليس بموصول؟
- أما متابعة محمد بن سعد الأنصاري فقد نقل الشيخ توثيقه، وتشغيبك عليه بقول أبي حاتم ليس بالمشهور.. وقول الحافظ صدوق!! فمردود. وهو محمد بن سعد الأنصاري الأشهلي، أبو سعد المدني، سكن بغداد.
نقل المزى في ترجمته توثيق ثلاثة من الأئمة: يحيى بن معين والنسائى وابن حبان.
ويضاف إليهم توثيق الدارقطني فقد نقل توثيق النسائي وارتضاه كما في سننه (1244) بعد أن روى حديث أبي هريرة من طريقه.
ويضاف إليهم توثيق الحافظ الثقة محمد بن عبد الله بن عمار المخرمي الراوي عنه وكان يقول فيه: سيد من السادات.
فلئن قال أبو حاتم: ليس بالمشهور.. فقد روى الخطيب (3/264) بسنده عن أبي أحمد بن فارس، قَالَ: حَدَّثَنَا البخاري، قَالَ: محمد بن سعد الأشهلي الأنصاري أبو سعد مات قبل المائتين، كان ببغداد، مديني الأصل، سمع ابن عجلان. وكلامه في التاريخ ( رقم 250).
وبسنده عن مكي بن عبدان، قَالَ: سمعت مسلم بن الحجاج، يقول: أبو سعيد محمد بن سعد الأشهلي كان ببغداد.
فقد عرفه البخاري ومسلم ووثقه ابن معين والنسائي والمخرمي وابن حبان ..
وأنت في التراجم التي استدركتها عليك كنت تتمحل بتوثيق ابن حبان وذكر بعض الرواة ويا حبذا لو وافق توثيق العجلي ,, كنت تطير بها وتأمر بنقل الراوي من خانة الضعف أو الجهالة إلى خانة الثقة!!

- أما تعليلك رواية أبي هريرة بمحمد ابن عجلان، فقد قاله الألباني كما نقلت لك قبل .. لكن تابعه جمع .. ولذلك لن نترجم له.
- وأما تعليلك بكلام أحمد في أبي خالد الاحمر .. فعجيب .. فقد صحح أحمد الحديث .. وأبو خالد قد روى له الجماعة ووثقه ابن معين في رواية وابن حبان والعجلي وقال: ثقة ثبت، وابن سعد وقال: ثقة كثير الحديث، ومن قبلهم سفيان ووكيع وأثنوا عليه حتى قال وكيع: أبو خالد لا يسأل عنه. وهذا وكيع !!
وقال ابن المديني لا بأس به، والنسائي قال ليس به بأس . وقال أبو حاتم: صدوق. وقال أبو هشام الرفاعى [وهو موثق]: حدثنا أبو خالد الأحمر الثقة الأمين.
ورواية ابن معين من طريق أحمد بن سعد ابن أبي مريم، وهو صدوق روى عنه أبو داود والنسائي وجمع من الحفاظ فيهم بقي بن مخلد وكان لا يروي إلا عن ثقة. وقد دافع عنه المعلمي في التنكيل يرد على الكوثري في دفعه عليه لرواياته عن ابن معين.
فالسؤال الآن: لو أن مثل هؤلاء الذين وثقوه قالوه في راوٍ من ضمن الرواة الذين تعقبت فيهم الألباني، فياترى ماذا كنت ستقول؟
وكلامك كثير فيه إعادة لا فائدة منها .. غير أنك استروحت من أعل هذه الزيادة وأهملت ذكر من صححها ..
وكأنك تكيل بمكيالين .. فلو أثبت من صححها لعذرناك ..
وكذلك نقلت ما يوهن أبو خالد الأحمر وأهملت بل أنكرت توثيقه من جمع فإلى الله المشتكى.
والكلام هنا في ثلاثة أمور:
الأول: أن لهذه الزيادة متابعات جمة لكلا الحديثين، ونجملها في الآتي:
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فمن طريق محمد ابن عجلان رَوَاهُ أحمد وأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وغيرهما مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ".
وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان وهو من الثقات الأثبات ولم ينفرد به:
فقد تابعه أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ الْمَدَنِيُّ، نَزِيلُ بَغْدَادَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ ابْنِ عَجْلَانَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا، رواه النسائي (برقم: 922) وعنه الدارقطني (1/328) ووثقا محمد بن سعد.
وتابعه الليثُ بن سعدٍ عن محمد بن عجلان، أخرجه أبو العباس السرَّاج في " مسنده" كما في " النكت الظِّراف " [9/343-344] للحافظ.
وتابعه عند الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (1/329،330) إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْغَنَوِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ أبي سعد الصفاني كلاهما عن ابْنُ عَجْلَانَ بِهِ، وضعفهما الدارقطني، والصغاني على ضعفه يستشهد بمثله قال أحمد هو صدوق وكتب عنه، ووثقه ابن سعد.
وتابعه عليها خارجة بن مصعب كما قال أبو حاتم .
وتابعه يحيى بن العلاء كما قال البيهقي، وخارجة ويحيى هذا مجروحان.
فحديث أبي هريرة مداره على ابن عجلان وهو صدوق حسن الحديث إلا إذا خالف، وقد خالف، فزيادته هنا ضعيفة لكنها انجبرت برواية أبي موسى في صحيح مسلم كما مر ويأتي.

وأما حديث أبي موسى: عند أحمد وأبو داود وابن ماجة وغيرهم بالزيادة ، وهو في مسلم بها من طريق جرير عن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي غَلَّابٍ عَنْ حِطَّانَ بن عبد الله الراقشي عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا , وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا».
ولم ينفرد جريرا به فقد :
تابعه المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه به وفيه الزيادة {أبو عوانة [2/133] } ، وأبو داود (1/154).
وتابعهما سفيان الثوري عن سليمان التيمي كما قال الدارقطني.
فسفيان الثوري وجرير والمعتمر ثلاثتهم رووه عن سليمان بن طرخان التيمي.
ولم ينفرد سليمان التيمي به فقد تابعه جمع :
منهم عمر بن عامر وسعبد بن أبي عروبة عن قتادة به، أخرجه الدارقطني (2/120)، وعنه البيهقي (2/156) والروياني (1/370) عنهما معا البزار وابن عدي كلهم من طريق سالم بن نوح. وقال الدارقطني: " سالم بن نوح: ليس بالقوي ".
وسالم بن نوح: من رجال مسلم وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وروى له أبو داود والترمذي والنسائي وقال ابن حنبل ما بحديثه بأس، وقال أبو زرعة صدوق ثقة.......... فالاستشهاد به ليس بمدفوع.
وعمر بن عامر من رجال مسلم، وسعيد بن أبي عروبة من الثقات في قتادة.
وتابع التيمي أيضا أبو عبيد مجاعة بن الزبير عند أبي عوانة في "صحيحه من رواية عبد الله بن رشيد وهو مستقيم الحديث، وأبو عبيد وثقه أبو عوانة وابن حبان وهو مستقيم الحديث وممن يستشهد به.
فهؤلاء ثلاثة تابعوا سليمان التيمي وهم: سعيد بن أبي عروبة وعمر بن عامر ومجاعة بن الزبير ثلاثتهم عن قتادة به.
وفي علل الخلال قلت يعنى لابن حنبل يقولون اخطأ التيمى، قال: من قال اخطأ التيمى فقد بهت التيمى.
ولحديث التيمي رواية من طريق الكديمي فيها الأعمش بدل قتادة، كما في فوائد تمام (2/297) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى، ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ، ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يُحَدِّثُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وَلَا الضَّالِّينَ} فَأَنْصِتُوا ".
وقال الأئمة هو خطأ والمتهم به محمد بن يونس بن موسى الكديمي، وهو متهم ومثل تفرده هذا وخلافه مردود بيقين.

فإن أعل الحديث بأبي خالد الأحمر وأنه وهم فيه كما قال البيهقي وأبو داود فقد تابعه محمد بنُ سعد الأنصاري وهو ثقة وتابعه أيضا الليث بن سعد الإمام. فقولك لم يتابعه أحد لا من الضعفاءمن الثقات باطل وقصور في البحث وتسور على الأئمة بجهل وقلة علم سامحك الله .. فلو قلت " فيما أعلم " لعذرناك ..
وإن أعل بتفرد جرير عن التيمي فقد تابع جريراً عن سليمان، معتمر بن سليمان، عند أبي داود، وسفيان الثوري عند الدارقطني. وغيرهما.
وإن أعل بتفرد سليمان التيمي به فقد تابعه عمر بن عامر وسعبد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.

فإن شنشنت بمذهب المتقدمين والمتأخرين: فهل أحمد بن حنبل ومسلم وابن جرير وابن المنذر وأبي عوانة والنسائي وابن ماجه وكثير غيرهم إتبعا مذهب المتأخرين كالألباني ؟.
وهل ابن عبد الهادي وابن عبد البر وابن حزم المتشدد وجمهور من صححه كم سيأتيك كانوا على خطأ فاحش إذ صححوا خطأ هاتين الروايتين؟

الأمر الثاني:
العلماء الذين أعلوا هذه الزيادة إنما أعلوا حديث ابن عجلان ولكن بعضهم لم يعل حديث التيمي كما قال مسلم.
وادعا أبو داود والبيهقي إجماع علماء الحديث على خطأ الحديثين كلاهما .. هو خطأ منهما.
لأن أبي حاتم. وابن معين. أعلا حديث أبي هريرة فقط وما تكلما بشيء عن حديث أبي موسى.
ومسلم صحح الحديثين، وأدخل حديث أبي موسى في صحيحه، وصحح حديث أبي هريرة ولم يضعه في صحيحه، للاختلاف فيه ولعدم إجماع الحفاظ عليه.
فأبو داود والدارقطني ضعفا الحديثين بينما أبو حاتم وابن معين ضعفا حديث أبي هريرة فقط.
قال أبو إسحاق: قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث, فقال مسلم: تريد أحفظ من سليمان؟! فقال له أبو بكر: فحديث أبي هريرة؟ فقال: هو صحيح، يعني: وإذا قرأ فأنصتوا , فقال: هو عندي صحيح , فقال: لِمَ لم تضعه هاهنا؟ قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا , إنَّما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه. اهـ
وقد تأول البعض كلمة مسلم بما يؤيد رأيهم في أنه يضعف الحديث فقلبوا كلام مسلما رأسا على عقب فقالوا:
معنى قول مسلم " تريد أحفظ من سليمان ؟"
فقالوا : المعنى الذي أراده مسلم هو أن هذه الزيادة تريد متابعة من هو أحفظ من سليمان!!
كذا توهموا وهو بعيد إن لم نقل هو باطل .. لأن مراد مسلم واضح يؤكده:
أنه يرد على ابن أخت النضر الذي تكلم في الحديث ( من باب الطعن ) فقال مسلم على سبيل الاستفهام والتعجب: تريد أحفظ من سليمان؟ أي في الحفظ والثقة ولو تفرد بها؟
ويدل على وضوح هذا المعنى أنه صحح حديث أبي هريرة وفيه ابن عجلان .. ولم يضعه مسلما في كتابه للخلاف على ابن عجلان واختلاف الحفاظ في قبوله..
ويؤكده أنه قال: " وإنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه " وحديث أبي موسى فيه مذكور في صحيحه قبل هذه الحكاية.
ويؤكده أن في بعض النسخ جاءت " أتريد " للاستفهام.
ويؤكده أن شرح النووي عليه هكذا فقال عن معناها: " يعني: أن سليمان كامل الحفظ والضبط فلا تضر مخالفة غيره ".
ومن قبله قاله القاضي عياض وأيد تصحيح مسلما للزيادة.. وهذا من أوضح ما يكون.
ولو راموا تأويل قول مسلم فماذا يفعلوا بتصحيح أحمد للحديثين كما نقله ابن عبد البر في التمهيد وأقره ؟
ومن ذلك التأويل قول أبي مسعود الدمشقي في الأجوبة (159-160): " وإنَّما أراد مسلم بإخراج حديث التيمي ليبين الخلاف في الحديث على قتادة لا أنَّه يثبته، ولا ينقطع بقوله عن الجماعة الذين خالفوا التيمي قدم حديثهم ثم أتبعه بهذا ".
قلت: وهو خلاف ما صرح به مسلم في سؤال إسحاق بتصحيح الحديث وكذا حديث أبي هريرة. فلعل أبي مسعود الدمشقي لم يقف على سؤال مسلم وإجابته في نسخته فتأول ذلك.. في حين كل من تكلم في الموضوع نسب التصحيح لمسلم وأحمد.
والبخاري لم يجزم بضعف الزيادة وأعلها بعلل ضعيفة:
قال في القراءة خلف الإمام (ص: 63):
" وَرَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» وَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْمَانُ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ سَمَاعًا مِنْ قَتَادَةَ، وَلَا قَتَادَةَ مِنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ وَرَوَى هِشَامٌ، وَسَعِيدٌ، وَهَمَّامٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، وَعُبَيْدَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا: «إِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ يَحْتَمِلُ سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَإِنْ يَقْرَأُ فِيمَا يَسْكُتُ الْإِمَامُ وَأَمَّا فِي تَرْكِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ".
وقال: وَلَا يُعْرَفُ هَذَا مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِ ابْنِ خَالِدٍ الْأَحْمَرِ قَالَ أَحْمَدُ: أُرَاهُ كَانَ يُدَلِّسُ. اهـ
قلت: فالبخاري وكذلك ابن خزيمة في صحيحه (3/138) لم يجزما بضعف الحديث بالزيادة فالبخاري قال " وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ يَحْتَمِلُ سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ " وابن خزيمة قال: " فَهَكَذَا مَعْنَى خَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ ثَبَتَ -: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» .."
فالبخاري يقول " لو صح " وابن خزيمة يقول " إن ثبت ".
وأما إعلال البخاري لهذه الزيادة باتهام التيمي وقتادة وأنهما دلساه فبعيد جدا..
فأما سليمان التيمي فمن الطبقة الثانية من طبقات المدلسين، وهي من احتمل الأئمة تدليسهم وأخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا كالثوري أو كانوا لا يدلسون إلا عن ثقة كإبن عيينة.
ومع ذلك: فقد رواه أبي داود (1/256) من طريق الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ .. فصرح بالتحديث.
وأما قتادة فمن الثالثة وقد قبلها قوم وردها آخرون فهو بين بين.. وحديثه هذا مشهور ثابت عنه فكيف تقع التهمة عليه؟
ولو قبلتها هنا فهو مروي بالعنعة أيضا في بعض طريق الحديث دون الزيادة .. والحديث حديثه.

الأمر الثالث:
أن جمهور من العلماء سلفا وخلفا قد صححوا هذه الزيادة ورأوا أن العلل التي فيه غير قادحة بل ردوها بالمتابعات وبتصحيح مسلما وأحمد وغيرهما.
وممن صححه من الأئمة مع نقل يسير مما قالوه أو الإشارة إليه- وذلك ليس حصرا فقد يفوتني بعضهم في هذه العجالة-.
1- صححه أحمد كما جاء عن أبي بكر الاثرم ونقله ابن عبد البر في التمهيد (11/34) وروى بسنده أن أحمد صحح حديث التيمي عن أبي موسى وحديث ابن عجلان عن أبي هريرة كلاهما.
2- وصححه إسحاق بن راهويه. وأبو بكر الأثرم، كما قاله الزيلعي في نصب الراية.
3- وصححه النسائي: ودليل تصحيحه أمران: الأول: عندما أخرج هذا الحديث في سننه بهذه الزيادة من طريق محمد بن سعد الأنصاري عن ابن عجلان قال النسائي: كان المخرمى يقول محمد بن سعد الانصاري ثقة.
والثاني: أنه أخرجه في السنن الصغرى في تأويل قوله تعالى { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } قال أبو الحسن نور الدين السندي في حاشيته على سنن النسائي (2/142) أنه صححه، وذكر أن الْمُصَنّف أَشَارَ إِلَى أَن هَذَا الحَدِيث تَفْسِير لِلْآيَةِ فَيحمل عُمُوم إِذا قَرَأَ الْقُرْآن على خُصُوص قِرَاءَة الامام.
4- وصححه ابن ماجه في سننه وبوب له باب ( بَابٌ: إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا ) محتجا به في الباب وذكر فيه حديث أبي هريرة وحديث أبي موسى بنص الزيادة.
5- وصححه أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري الإسفراييني في مستخرجه (2/230) لروايته الحديث عن قتادة من ثلاثة أوجه مؤكدا على ثبوته مستشهدا به في الباب.
6- وصححه أبو زرعة الرازي على ما نقله الزيلعي واستشهد له بقول مسلم: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة، تركته. قلت: ومعلوم أن مسلما رواه بل ونص على صحته، فلو كان عند أبي زرعة غير ثابت لما صححه مسلم فضلا عن أن يودعه كتابه الصحيح.
7- وصححه ابن جرير الطبري في جامع البيان (ت شاكر13/ 352) وقال:
" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ من قال: أمروا باستماع القرآن في الصلاة إذا قرأ الإمام، وكان من خلفه ممن يأتمّ به يسمعه، وفي الخطبة. وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إذا قرأ الإمام فأنصتوا"، وإجماع الجميع على أن على من سمع خطبة الإمام ممن عليه الجمعة، الاستماعَ والإنصاتَ لها، مع تتابع الأخبار بالأمر بذلك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا وقت يجب على أحد استماع القرآن والإنصات لسامعه، من قارئه، إلا في هاتين الحالتين، على اختلاف في إحداهما، وهي حالة أن يكون خلف إمام مؤتم به .." انتهى
8- وصححه ابن أبي شيبة الإمام الحافظ ورواه أحمد وابنه وغيرهما من طريقه وهو عنده في المصنف (1/330) عن أبي خالد الاحمر عن ابن عجلان وبوب له " مَنْ كَرِهَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ " فذكر الحديث مع روايات أخر احتج بها في الباب.
9- وصححه أبو بكر ابن المنذر في: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (3/106): قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَكَلَّمَ مُتَكَلِّمٌ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَقَالَ: قَوْلُهُ: «فَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» ، إِنَّمَا قَالَهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا زَادَ الْحَافِظُ فِي الْحَدِيثِ حَرْفًا وَجَبَ قَبُولُهُ، وَتَكُونُ زِيَادَةً كَحَدِيثٍ يَتَفَرَّدُ بِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الشَّهَادَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ أُسَامَةُ، وَبِلَالٌ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ، فَحَكَمَ النَّاسُ لِبِلَالٍ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ أَمْرًا نَفَاهُ أُسَامَةُ، كَانَتْ كَذَلِكَ رِوَايَةُ التَّيْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ شَيْئًا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ. اهـ
10- وصححه الإمام الحافظ ابو جعفر الطحاوي في معاني الآثار (1/445) وشرحه (1/218).
11- وصححه ابن خزيمة؛ كما نقله أبو الحسنات اللكنوي في "إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام ". ونقله بدر الدين العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (6/15) لكن رجح المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/170) أن هذا خطأ على ابن خزيمة ونقل عن البيهقي ما يثبت أن ابن خزيمة في صف من ضعف الزيادة. وهو الثابت عنه لأن له رسالة في القراءة خلف الإمام ومذهبه رد هذه الزيادة، وقد ذكر في صحيحه الشك في ثبوت الزيادة. ونقل السيوطي تصحيحه لها كما في شرح ابن ماجه (1/61).
12- وصححه أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ) في المسند المستخرج على صحيح مسلم (2/28) فقال: " رَوَاهُ مُسْلِمٌ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ سَعِيدٍ ح وَحَدِيثُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَرِيرٍ ".
13- وصححه أبو عمر بن عبد البر في الإستذكار وفي التمهيد (11/34) وقال:
فإن قال قائل: إن قوله وإذا قرأ فأنصتوا لم يقله أحد في حديث أبي هريرة غير ابن عجلان ولا قاله أحد في حديث أبي موسى غير جرير عن التيمي. قيل له: لم يخالفهما من هو أحفظ منهما فوجب قبول زيادتهما وقد صحح هذين الحديثين أحمد بن حنبل وحسبك به إمامة وعلما بهذا الشأن..... فقد صحح أحمد الحديثين جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث أبي هريرة وحديث أبي موسى.
14- وصححه القاضي عياض كما في إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/300)
15- وصححه ابن بطال في شرح صحيح البخارى (2/370).
16- وصححه ابن حزم في المحلى (3/240) ونعى على من رده وضعفه ولم يعمل بما فيه من أوامر نبوية.
17- وصححه أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي (2/110) ورد على الشافعي فقال:
" ولو لم يكن هذا الحديث لكان نص القرآن به أولى ويقال للشافعي عجبآ لك كيف يقدر الماموم في الجهر على القراءة أينازع القرآن الامام أم يعرض عن استماعه أم يقرأ إذا سكت .."
18- وصححه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (3/372)
19- وصححه الحافظ عبد العظيم المنذري في تهذيب السنن (1/313)، وناقش أبو داود في تضعيفه الزيادة.
20- وصححه ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ (1/ 347) من حديث التيمي.
21- وصححه مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (5/241): ونقل تصحيح أحمد وابن حزم.
22- وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (23/272) وناقش فقه المسألة.
23- وصححه جده أبو البركات بن تيمية في المنتقى (ح 700) وبوب له وصدر الباب بحديث أبي هريرة ونقل تصحيح مسلم.
24- وصححه ابن دقيق العيد في الإلمام بأحاديث الأحكام (ص:54) مكتفيا برواية مسلم وتصحيحه له.
25- وصححه الحافظ ابن كثير الدمشقي في تفسيره (ت سلامة 3/ 536).
26- وصححه ابن عبد الهادي وتبعه الزيلعي كما في نصب الراية (1/336) قوله في حكم زيادة الثقة:
" وتقبل في موضع آخر لقرائن تخصها، ومن حكم في ذلك حكمًا عامًا فقد غلط بل كل زيادة لها حكم يخصها: فقي موضع يجزم بصحتها، كزيادة مالكن وفي موضع يغلب على الظن صحتها، كزيادة سعد بن طارق في حديث " جعلت الأرض مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا "، وكزيادة سليمان التيمي في حديث أبي موسى " وإذا قرأ فانصتوا ". اهـ
فهنا حكم أنه غلب الظن بصحتها. وذكر الرواية في المحرر في الحديث (ص: 189) وقال: وَصَححهُ الإِمَام أَحْمد مع تصحيح مسلم.
27- وصححه ابن التركماني في الجواهر النقي على البيهقي سنن البيهقي (2/155) ونقل تصحيح أحمد لزيادة التيمي كما في علل الخلال.
28- وصححه ابن الهمام وقال في فتح القدير (1/341): قد ضعفها أبو داود وغيره ولم يلتفت إلى ذلك بعد صحة طريقها وثقة رواتها وهذا هو الشاذ المقبول. اهـ
29- وصححه الإمام الزيلعي في نصب الراية (1/336) واحتج له وأيده بمتابعات والنقل عن جمهور المصححين.
30- وصححه ابن الملقن ونقل تصحيح أحمد ومسلم وابن حزم كما في البدر المنير (4/ 482)
31- وصححه الزيلعي كما في نصب الراية (1/336) واحتج له ونقل المتابعين وأقوال من صححه.
32- وصححه بدر الدين العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (6/ 15) وفي نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (4/100)
33- وصححه الحافظ في فتح الباري (2/242) ونقل تصحيح ابن تيمية واعتمده.
34- وصححه القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (2/86) ونقل قول الحافظ معتمدا له.
35- وصححه السيوطي في الجامع ورمز له بالصحة. وفي شرح ابن ماجه (1/61)
36- وصححه أبو الحسن نور الدين السندي حاشيته على سنن النسائي (2/142) وقال: هذا الحديث صححه مسلم ولا عبرة بتضعيف من ضعفه.
37- وصححه أنور شاه الكشميري في العرف الشذي شرح الترمذي وفي فيض الباري على صحيح البخاري (2/ 273) وقال: " وصحَّحه جمهور المالكية والحنابلة، ولم يتأخَّر عن تصحيحه إلا من اختار القراءة خلف الإِمام، فأتى فِقْهه على الحديث، لا الحديث على فِقْهه "
38- وصححه أبو الحسنات اللكنوي في التعليق الممجد على موطأ محمد (1/414).
39- وصححه الشوكاني في نيل الأوطار (2/250) واعتمد تصحيح مسلم كما اعتمد رد المنذري على أبي داود.
40- وصححه ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع (4/174) ونقل قول ابنُ مفلح تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية.

- فأما المعاصرين .. فكلامهم تبع للأئمة قبولا وردا .. فلا نعول عليه ويكفي ما تقدم.

- أما المسألة من جهة الفقه ..
فالذي أراه صوابا هو العمل بكل أحاديث الباب الصحيحة ومنه هذه الزيادة التي وافقت نص القرآن.
وأجمل ما قرأته في الجمع قول اللكنوي في التعليق الممجد على موطأ محمد (1/414):
الذي أميل إليه وإلى أنه يُعمل بالقراءة في الجهرية لو وجد سكتات الإمام، وبهذا تجتمع الأخبار المرفوعة، فإن حديث: "وإذا قرأ فأنصتوا" مع قوله تعالى: {فاستمعوا له وأنصتوا} صريح في منع القراءة خلف الإمام حين قراءته لإخلاله بالاستماع، وحديث عبادة صريح في تجويز قراءة أم القرآن في الجهرية، وحديث" قراءة الإمام قراءة له" صريح في كفاية قراءة الإمام، فالأَولى أن يُختار طريق الجمع، ويُقال: تجوز القراءة خلف الإمام في السرية، وفي الجهرية إن وجد الفرصة بين السكتات، وإلا لا، لئلا يُخِلَّ بالاستماع المفروض، ومع ذلك لو لم يقرأ فيهما أجزأ لكفاية قراءة الإمام.

ثم ختم المسألة بكلمة حق فقال:
والحقّ أن المسألة مختلَفٌ فيها بين الصحابة والتابعين، واختلاف الأئمة مأخوذ من اختلافهم، فكُلُّ اختار ما ترجّح عنده، ولكلٍّ وجهة هو مولّيها فاستبقوا الخيرات.
وبه نختم الرد على نقدك للحديث الأول.
والله أعلى وأعلم.
رد مع اقتباس