مشكلة بعض الإخوة أنهم يُحَكِّمون أصول المقالات إلى فروعها أو إلى مسائل أعيان ليست هي من قبيل الأصول ، و لو أننا التزمنا هذا النهج للزمنا تبديع كثير من العلماء كالسيوطي و ابن حجر العسقلاني و النووي و الشاطبي و أبي بكر ابن العربي و القرطبي إلخ...
و هذا قطعا ليس من سبيل أئمة الهدى ، فأولائك العلماء كانوا يحكمون على الشخص بأصل مقالته ، فيقولون مثلا : فلان خارجي خبيث كان يقول إن أصحاب الكبائر كفار . أو : فلان مرجئ كان يقول إن الإيمان ليس من الأعمال و لا يضر مع الإيمان ذنب ، أو : فلان جهمي خبيث كان يقول إن الإيمان هو مجرد المعرفة. و هكذا...
و أما أعيان المسائل فإنها تختلف ، فقد يظهر لهذا ما لا يظهر لذاك من القرائن ، و قد يُخَط‘ِئ هذا ذاك في مسألة تخالف الأصول التي يقررها هو نفسه ، و هنا يحضرني مثال لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد جارى بعض الفلاسفة في القول بتسلسل الأحداث ، لكن ماذا قال الإمام الألباني في معرض الرد عليه رحمه الله ؟ قال :"ولقد أطال ابن تيمية رحمه الله في الكلام في رده على الفلاسفة محاولاً إثبات حوادث لا أول لها , وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول , ولا تقبله أكثر القلوب , حتى اتهمه خصومه بأنه يقول بأن المخلوقات قديمة لا أول لها , مع أنه يقول ويصرح بأن ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بالعدم , ولكنه مع ذلك يقول بتسلسل الحوادث إلى ما لا بداية له , كما يقول هو وغيره بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية , فذلك القول منه غير مقبول , بل هو مرفوض بهذا الحديث , وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية رحمه الله هذا المولج , لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام الذي تعلمنا منه التحذير والتنفير منه , ولكن صدق الإمام مالك رحمه الله حين قال : ( ما منا من أحد إلا رد عليه إلا صاحب هذا القبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ." انتهى كلام الشيخ من السلسلة الصحيحة حديث رقم 133.
و تأمل بارك الله فيك قوله الذي بالأحمر ، كيف رد الفرع إلى أصل قول الإمام و لم يجعله ناقضا له !
و هل اتُّهِمَ الشيخ الألباني الإمام بما هو بريئ منه إلا بمثل هذا ؟ و هل اتُّهم الشيخ علي الحلبي بمثل ما اتُّهِم به شيخه الألباني إلا بمثل هذا ؟...
و لا يحسبن أحد أني هنا أبرر أخطاء أي أحد ، فالأخطاء مردودة على صاحبها لكن كما يقول شيخنا علي حفظه الله تعالى : المؤمنون عذارون و المنافقون عثارون .
"ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان".
|