عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-14-2015, 03:52 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي ضوابط تحويل المباح إلى قربة

ضوابط تحويل المباح إلى قربة

1.
لا يجوز أن تتخذ المباحات قربة في صورتها وذاتها، كمن يظنّ أن المشي أو الأكل أو الوقوف أو اللباس (1) قربةً لله في ذاته، لذلك أنكر رسول الله ﷺ على أبي إسرائيل عندما رآهُ قائمًا في الشمس، فسأل عن سبب وقوفه، فقيل له: «هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم ويصوم»، قال النبي ﷺ: (مُروهُ فليتكلم، وليستظلّ، وليقعد، وليتمّ صومه) (رواه البخاري بهذا اللفظ، وليس فيه (في الشمس)، و (رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهم).

2. أن يكون المباح وسيلة إلى العبادة:

قال ابن الشاط -(1) رحمه الله تعالى: [إذا قُصِدَ بالمباحات التقوّي على الطاعات، أو التوصّل إليها كانت عبادة، كالأكل والنوم واكتساب المال ...]. انظر: غمز عيون البصائر 1/ 34].
ويرى العزّ بن عبد السلام – رحمه الله تعالى – : أن المسلم يثاب في هذه الحالة على القصد دون الفعل]. انظر: [قواعد الأحكام 1/ 178].
وقال ابن تيمية – رحمه الله تعالى – : [ينبغي ألاّ يفعل من المباحات إلاّ ما يستعين به على الطاعة، ويقصد الإستعانة بها على الطاعة]. [مجموع الفتاوى 10/ 460 - 461].
وكان – رحمه الله تعالى – يقول: [إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي].
انظر: - كتاب: [قواعد وفوائد من الأربعين النووية لفضيلة الشيخ الدكتور ناظم محمد سلطان المسباح. جزاه الله خيرا، من (ص) (32 - 35)]. باختصار وتصرف يسير. 10/ 460 – 561].

3. أن يكون الأخذ به على أنه تشريع إلهي :

فينبغي على المسلم أن يأخذ المباح معتقدًا أن الله - عز وجلّ - أباحه له، وأن الله يُحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه.
كما أن الله - عزَّ وجلّ – لا يرضى بالترهبُن، والغلوّ والتشدُّد، وعلى هذا يُظهِر المُسلم عبوديّتهُ لربه، فهوَ يسير وفقَ نظام متكامل، فالحلال ما أحلّ الله، والحرام ما حرّمه، والمباح ما أباحه، فالذي ينظر للمباح على هذا الأساس يُثابُ إن شاء الله تعالى. (2)

4. أن يكون المباحَ مُباحٌ بالجزء، ولكن مطلوب بالكُلّ، سواء على الندب، أو على الوجوب، فمثلاً يباح للعبد أن يَترُك الطعام والشراب أحيانًا، ويجهد نفسه بذلك (3). ولكن لا يجوز له أن يتمادى في ذلك حتى يُهلك نفسه، ففي هذه الحالة، يجب عليه أن يأكل ويشرب بما ينقذ به نفسه، وإذا لم يفعل يستوجب الوعيد في ذلك.

ولو امتنع أناس عن الزواج، والتجارة، والزراعة، والصناعة، لاعتبروا بذلك آثمين، لأن هذه الأشياء مطلوبة بالكل.

_______
المرجع : القرآن الكريم

- شرح الأربعين النووية لفضيلة الشيخ محمدبن صالح العثيمين رحمه الله تعالى.
- مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
- [قواعد وفوائد من الأربعين النووية لفضيلة الشيخ الدكتور ناظم محمد سلطان المسباح. جزاه الله خيرا، من ص (32 - 35)]. باختصار وتصرف يسير.
(1) هو ابن الشاط السبتي: قاسم بن عبد الله بن الشاط، أبو القاسم الأنصاري السبتي المغربي؛ فقيه وأصولي مالكي.
(2) كاللباس المرقع وذلك بدعوى الزهد والتصوُّف والتقشف.
(2) اللباس مباح، ولكن الستر مشروع ويثاب عليه من نوى إحياء السنة باللباس الشرعي وستر المفاتن والعورات ودرء الشبهات، أما لبس المرقع وذلك بدعوى الزهد والتصوُّف والتقشف.
ومثله: مواساة المبتلى في مصابه، والخطوات في الظلمات إلى المساجد، وتفريج الكربات، والمسابقة إلى الخيرات، على أن يحذر من الرياء والبدع وما يخالف الشرع الحكيم.
(3) كأن يمتنع عن الطعام والشراب والجماع أثناء الصيام، وهذا جزء، لكن لا يكون قربةً إذا تركه بالكلية على الدوام، فيُعدّ آثمًا ومقصِّرًا.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس