عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-28-2009, 01:05 AM
الجزائري الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 152
افتراضي الدلائل البينات من خلال فتوى الشيخ فركوس حول التفجيرات.



الكلمةالشهرية
في حكم التفجيرات ومخلفاتها السيِّئة

السـؤال:
ما حكم التفجيرات والعمليات الانتحارية التي تعرَّضت لها الجزائر خاصَّةً وسائر بلدان المسلمين عاَّمةً، وما حكمُ تدميرِ مُنشآتِ الكفار وترهيبِهم في بلادهم أو في بلاد المسلمين؟ وهذا بغضِّ النظر عن الجهة التي تقف وراءَ هذه العمليات، فإن كانت الجهة إسلاميةً، فهل هذا العمل يعدُّ من الجهاد في سبيل الله؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. والرجاء تأصيل المسألة وتفصيلُها بالأدلة كما عوّدتمونا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالمعلوم أنَّ مِنْ شرط الوسيلة الدعوية أن يكون المقصود منها مشروعًا، فإن كان ممنوعًا فلا يتوسَّل إليه بأيِّ وسيلة؛ لأنَّ النهي عن المقصد نهي عن جميع وسائله المؤدِّية إليه، كما أنَّ من شرطها -أيضًا- أن تكون في ذاتها غير مخالفة لنصوص الشرع أو لقواعده العامَّة، فلا يجوز أن يتوسَّل بها إلى المقاصد والغايات، ومخالفة الشرع في باب الوسائل كمخالفته في باب المقاصد، لقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، فالآية دلَّت على التحذير من مخالفة أمره وهو عامٌّ شاملٌ لباب الوسائل والمقاصد على حدٍّ سواء؛ لأنَّ النكرة المضافة تفيد العموم.
ولا يخفى أنَّ شريعة الإسلام تأمر بالمحافظة على الضروريات الخمس، ودماءُ المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرَّمة لا يجوز الاعتداء عليها بنصِّ قوله تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]، وقوله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32]، وقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(١- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه: (6706)، وأبو داود في «سننه» كتاب الأدب، باب في الغيبة: (4884)، والترمذي في «سننه» كتاب البر والصلة، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم: (2052)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)، وقولِه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا»(٢- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب: (105)، ومسلم في «صحيحه» كتاب القسامة والمحاربين، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال: (4383)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.)، وقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عِنْدَ اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»(٣- أخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن: (1395)، والنسائي في «سننه» كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم: (3987)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وأخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الديات، باب التغليظ في قتل مسلم ظلمًا: (2619)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (8/347)، والألباني في «صحيح الجامع»: (5077).)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بالكَعْبَةِ وَيَقُولُ مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لحرْمَةُ المؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ الله حُرْمَةً مِنْكِ مَالُهُ وَدَمُهُ وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلاَّ خَيْرًا»(٤- أخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الفتن، باب حرمة دم المؤمن وماله: (3932)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث حسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (7/2/1250).).
وعليه، فإنَّ اتخاذ وسيلةِ التفجير والتدمير والتخريب والاغتيال والانتحار يهدم هذا الأصلَ المقاصديَّ ويخالف نصوص الشرع الآمرةَ بوجوب المحافظة عليه، ومن هنا يظهر أنَّ «الوَسِيلَة المحُرَّمة حرام»، و«الوَسيلة إلى الحرام حرامٌ»، فمن اعتبر مقاصد الشرع دون مراعاة وسائله، أو بالعكس اعتبر وسائل الشرع دون مقاصده فقد أخذ بجزء الدِّين وأهمل الآخر، وقد قال الله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 85]، وخالف الهديَ النبويَّ، حيث كان صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يوصي المجاهدين على الأعداء بوصايا أخلاقيةٍ كالوفاء بالعهد، وعدم الغدر، وينهى عن قتل النساء والشيوخ والصبيان، ونحو ذلك. قال أبو حامدٍ الغزالي -رحمه الله- في معرِض الحديث على التوسُّل إلى الحسنة بالسيئة: «فهذا كلُّه جهل، والنية لا تؤثِّر في إخراجه عن كونه ظلمًا وعدوانًا ومعصيةً، بل قصده الخير بالشر -على خلاف مقتضى الشرع- شر آخر، فإن عَرَفَه فهو معاندٌ للشرع، وإن جَهِله فهو عاصٍ بجهله، إذ طلبُ العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم»(٥- «إحياء علوم الدين» (4/368).)، ويؤكِّده قولُ ابن تيمية -رحمه الله-: «ليس كلُّ سببٍ نال به الإنسان حاجتَه يكون مشروعًا ولا مباحًا، وإنما يكون مشروعًا إذا غلبت مصلحته على مفسدته ممَّا أَذِن فيه الشرع»(٦- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (27/177).).
هذا، وتحريم هذه الأساليب التدميرية والأعمال التهديمية والعمليات الانتحارية ليست قاصرةً على حقِّ المسلم بل تتعدَّى إلى الكافر، سواء كان ذِمِّيًّا أو معاهدًا أو مستأمنًا لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ [التوبة: 6]، والأمان إذا ما أعطي لكافرٍ ولو كان محاربًا سواء أعطاه هذا العهد شخصٌ طبيعي من المسلمين، أو شخص معنوي كالدولة أو الهيئات، رسمية أو غير رسمية، فلا يجوز الغدر به، سواء دخل بلاد المسلمين لحاجتهم، أو لحاجة نفسه، لقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ﴾ [النحل: 91]، وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء : 34]، وقوله تعالى: ﴿وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُواْ﴾ [الأنعام: 152]، وقد شهد الكفار للنبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أنه لا يغدر، بل جعله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من صفات المنافقين في قوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ»(٧- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب علامة المنافق: (34)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق: (210)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.)، وأكّد وجوب احترام العهد بقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ عَامًا»(٨- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجزية والموادعة، باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم: (2995)، وابن ماجه في «سننه» كتاب الديات، باب من قتل معاهدًا: (2686)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.)، ويدخل في عقد الأمان مع الكافر أي مسلم ولو كان المؤمِّنُ امرأةً، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأ دِماَؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ -أي: العَهد- أَدْنَاهُمْ»(٩- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر: (2751)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (7/265).)، ولما أجارت أمُّ هانئ رضي الله عنها رجلاً مشركًا عامَ الفتح أراد عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقتله، ذهبت إلى النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فأخبرته فقال: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ»(١٠- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجزية والموادعة، باب أمان النساء وجوارهن: (3000)، ومسلم في «صحيحه» باب استحباب صلاة الضحى: (1669)، من حديث أم هانئ رضي الله عنها.)، ولا شكّ أنَّ وسيلة التفجير والتدمير والانتحار والاغتيال وغيرها فاسدة بهذا الاعتبار، واستخدامها عملاً دعويًّا تأباه شريعة الإسلام بما تجرُّه من مهلكات عظام، ومفاسد وآثام، فمن جملتها:
- هلاك الناس بالاعتداء على حرمة بلاد المسلمين، وترويع الآمنين فيها، وإزهاق أرواح الأبرياء والأنفس المعصومة، وإتلاف لأموالهم وجهودهم، وتضييع ممتلكاتهم.
- كما أنَّ استخدام وسائل العنف والبطش يؤدي إلى ردِّ فعلٍ عنيفٍ مضادٍّ، وبطشٍ يعادله أو أقوى منه، الأمر الذي يسبب نشر الفتن والفوضى في الأُمَّة، وإضعافًا لقوتها وشَقًّا لترابطها وتلاحمها، ويفتح ثغرًا على المسلمين يتسلط منه أعداء الأمة والدِّين. كما تنعكس سلبياته على مجال الدعوة إلى الله تعالى، وتتقهقر بالتضييق على أهلها وروادها بشتَّى أنواع الأساليب.
هذا، وبالمقابل فإنَّ المسلمين الذين لهم دولة ذات سيادة ومَنَعَة فمن حقِّهم الأكيدِ أن يسوسَهم ولاةُ الأمور بالحقِّ والعدل، بأن يحموا لهم دينَهم -الذي هو عصمة أمرهم- بكافة محاسنه وقِيَمه من أي تبديل أو تغيير أو تشويه أو تحريفٍ، وأن يحفظوا ديارَهم وأموالهم من كيد الأعداء والتسلُّط على بلادهم واستغلال خيراتهم، وأن يصونوا أعراضهم المعصومةَ، لأن أعراض المسلمين متكافئة، ذلك لأنّ حِفْظَ هذه الضروريات من مسؤولية ولاة الأمر لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»(١١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العتق، باب العبد راع في مال سيده: (2419)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: (4724)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.)، فإنَّ من ثمرات إقامة العدل بالحقِّ تحقيق طمأنينة نفس المؤمن، وسكون قلبه، وإحلال المحبة محلَّ البغض، والرضا محلَّ السَّخَط، وقد أخبر النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن كرامتهم عند ربهم بقوله: «إِنَّ المُقْسِطِينَ -عِنْدَ اللهِ- عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»(١٢- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: (4721)، والنسائي في «سننه» كتاب آداب القضاة، باب فضل الحاكم العادل في حكمه: (5379)، وأحمد في «مسنده»: (6449)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.)، وبقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ..»(١٣- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجماعة والإمامة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة: (629)، مسلم في «صحيحه» كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة: (2380)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ).
وأخيرًا، فإنَّ حاجة الأُمَّة شديدةٌ إلى دعوةٍ علميةٍ صادقةٍ مؤصَّلةٍ على الكتاب والسُّنَّة وَفق فهم سلف الأُمَّة، وحاجتُها اليومَ إليها أكثرُ من أيِّ وقتٍ مَضَى، لذلك يجب الحِرص على تحصيل العلم الشرعي النافعِ، والعناية بمداركه وموارده، مع التحلي بأخلاق الشريعة وآدابها، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، مع الصبر على المعارضين والمغرضين، والناوئين، والشانئين، عملاً بقوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108].
إنَّ القيام بالمهمة الدعوية على بصيرةٍ والتحلي بالصبر عليها لَهُوَ أعظم الجهاد في سبيل الله، فقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- أنَّ الجهاد بالحُجَّة واللسان مقدَّمٌ على الجهاد بالسيف والسِّنان، حيث قال: «وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأَئمَّة، وهو أفضل الجهادين، لعظم منفعته، وشِدَّة مُؤْنَتِه، وكثرةِ أعدائه»(١٤- «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (1/271).)، وقال يحي بن يحي شيخِ البخاري: «الذَّبُّ عن السُّنَّةِ أفضل من الجهاد في سبيل الله»(١٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (4/13).)، وقال أبو عبيدٍ القاسم بن سلاَّم: «المُتَّبِعُ للسُّنَّة كالقابض على الجمر، وهو اليومَ عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله»(١٦- «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (12/410).).
أصلحَ اللهُ أحوالَ المسلمين، ووقاهم كيدَ أعداء الدِّين، والمسلمُ إذا كان يحب لنفسه الخيرَ، فليحبَّه لإخوانه، ويجتهد في جلبه لهم، وإذا كان يكره لنفسه الشرَّ، فليكرهه لإخوانه، فيصرف شره عنهم، ويجتهد في صرف شرِّ غيره عن إخوانه، مصداقًا لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»(١٧- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه: (13)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير: (170)، من حديث أنس رضي الله عنه. وزاد النسائي في «سننه» كتاب الإيمان وشرائعه، باب علامة الإيمان (5017) في آخر الحديث: «من الخير»، وصححها الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (73).)
.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 20 رمضان 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 20 سبتمبر 2008م
«لا مانع من نقل الفتوى بشرط ألاَّ يُتصرَّف في نصِّها»
١- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه: (6706)، وأبو داود في «سننه» كتاب الأدب، باب في الغيبة: (4884)، والترمذي في «سننه» كتاب البر والصلة، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم: (2052)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب: (105)، ومسلم في «صحيحه» كتاب القسامة والمحاربين، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال: (4383)، من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
٣- أخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن: (1395)، والنسائي في «سننه» كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم: (3987)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وأخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الديات، باب التغليظ في قتل مسلم ظلمًا: (2619)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (8/347)، والألباني في «صحيح الجامع»: (5077).
٤- أخرجه ابن ماجه في «سننه» كتاب الفتن، باب حرمة دم المؤمن وماله: (3932)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث حسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (7/2/1250).
٥- «إحياء علوم الدين» (4/368).
٦- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (27/177).
٧- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب علامة المنافق: (34)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق: (210)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.
٨- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجزية والموادعة، باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم: (2995)، وابن ماجه في «سننه» كتاب الديات، باب من قتل معاهدًا: (2686)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.
٩- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الجهاد، باب في السرية ترد على أهل العسكر: (2751)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث صححه الألباني في «الإرواء»: (7/265).
١٠- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجزية والموادعة، باب أمان النساء وجوارهن: (3000)، ومسلم في «صحيحه» باب استحباب صلاة الضحى: (1669)، من حديث أم هانئ رضي الله عنها.
١١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب العتق، باب العبد راع في مال سيده: (2419)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: (4724)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
١٢- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر: (4721)، والنسائي في «سننه» كتاب آداب القضاة، باب فضل الحاكم العادل في حكمه: (5379)، وأحمد في «مسنده»: (6449)، من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.
١٣- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الجماعة والإمامة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة: (629)، مسلم في «صحيحه» كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة: (2380)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
١٤- «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (1/271).
١٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (4/13).
١٦- «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (12/410).
١٧- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه: (13)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير: (170)، من حديث أنس رضي الله عنه. وزاد النسائي في «سننه» كتاب الإيمان وشرائعه، باب علامة الإيمان (5017) في آخر الحديث: «من الخير»، وصححها الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (73).




قال الجزائري :نقلت الفتوى من موقعه حفظه الله تعالى ألا العنوان فهو من عندي .


رد مع اقتباس