[أبو معاوية البيروتي]

الذكرى المئوية الأولى لاختباء جدّي عبد الحميد في بركة ماء هرباً من تجنيد العثمانيين الإجباري!

حدثني عمّي أسامة حفظه الله أنه عندما ابتدأت الحرب العالمية الأولى عام 1914 م، قامت الدولة العثمانية بحملات على بيوت أهالي بيروت وغيرها واقتياد الشباب بالقوة إلى التجنيد الإجباري للاشتراك في الحرب العالمية الأولى، وكانت عائلة والد جدّي محمد البحصلي (ت 1918 م) رحمه الله مؤلَّفة من ثمانية شباب، وكان منزله في منطقة الزيدانية كبيراً وفيه بركة ماء ككثير من البيوت البيروتية في تلك الفترة، وعندما دخل عناصر من الجيش العثماني المنزل قام جدّي عبد الحميد (1896 – 1969 م) وأخوه أنيس بالاختباء داخل بركة الماء حتى ذهاب العناصر الذين اقتادوا معهم باقي شباب العائلة الست وخدموا سنوات حتى انتهاء الحرب! وقد بقي اثنان من العائلة في اسطنبول بعد انتهاء الحرب؛ عبد الحفيظ الذي غَيَّر اسم العائلة إلى (سربكايا)، ووديع الذي غَيَّر اسم العائلة إلى (ايرهان).
وحدثني عمي أسامة أنه أثناء الحرب – كما هو معروف – حصلت المجاعة في بيروت، واحتاج جدّي أن يعمل ليجلب القوت لعائلته، وكانت الحالة سيئة جدًّا، فعمد جدّي رحمه الله إلى تكبير عمره في هويته وجعل مواليده عام 1894 م بدلاً من عام 1896 م ليتأهّل للعمل في البريد، إذ كان جدّي متعلّماً يعرف القراءة والكتابة، فسخّر اللهُ جدّي لإعالة ما بقي من عائلته وبعض أقاربه وجيرانه، لأنه – بحكم وظيفته في البريد – كان يُعطَى شهريًّا كيس رز وكيس قمح وسكر ومعونة، فكان جدّي رحمه الله يأخذها ويوزّعها على عائلته وبعض أقاربه وجيرانه لئلّا يهلكوا في المجاعة!
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)