عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-22-2011, 04:03 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي أوْجـــُــه الإسْتِعــــــاذة :

أوْجـــُــه الاسْتِعــــــاذة:

الحالة الأولى: اقتران الاستعاذة بأول السورة :

إذا اقترنت الاستعاذة بأول السورة باستثناء سورة (التوبة) - براءة - فيجوز فيها عند جميع القراء أربعة أوجه، وإليك ترتيبها حسب الأداء:

1. قطع الجميع: أي: الوقف على الاستعاذة وعلى البسملة والابتداء بأول السورة.

2. قطع الأول ووصل الثاني بالثالث، أي: الوقف على الاستعاذة، ووصل البسملة بأول السورة.

3. وصل الأول بالثاني، وقطع الثالث، أي: وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف عليها، والابتداء بأول السورة.

4. وصل الجميع، أي: وصل الاستعاذة بالبسملة بأول السورة جملة واحدة.

أما الابتداء من أول سورة (التوبة) براءة فليس فيه إلا وجهان لجميع القراء:

1. القطع، أي: الوقف على الاستعاذة، والابتداء بأول السورة من غير بسملة .

2. الوصل، أي: وصل الاستعاذة بأول السورة من غير بسملة كذلك، وذلك لعدم كتابتها في أولها في جميع المصاحف العثمانية.

وفي وَجه عدم كتابة البسملة في أول سورة براءة أقوال كثيرة منها ما قاله العلاّمة ابن الناظم في شرح طيبة والده الحافظ ابن الجزري ونصّه: [واختلف في العلّة التي من أجلها لا يبسمَل في سورة براءة بحالة، فذهب الأكثرون إلى أنه لسبب نزولها بالسيف، يعني ما اشتملت عليه من الأمر بالقتل والأخذ والحصر ونبذ العهد؛ وأيضا فيها الآية المسماة «بآية السيف» وهي: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ [سورة التوبة: 29].
وذهب بعضهم إلى احتمال كونها من الأنفال. انظر: [شرح طيبة النشر في القراءات العشر لابن الناظم ص: (51 - 52)]. والأشهر هو: نزولها بالسيف.

الحالة الثانية: اقتران الاستعاذة بغير أول السورة: وهذا إذا كان القارئ مبتدئًا من أثناء السورة، سواء كان الابتداء في الجزء أو الحزب أو الربع أو الثمن أو غير ذلك، والمراد بأثناء السورة ما كان بعيدًا عن أولها ولو بكلمة.

وللقارئ حينئذ التخيير في أن يأتي بالبسملة بعد الاستعاذة، أو لا يأتي بها، والإتيان بها أفضل من عدمه لفضلها والثواب المترتب على الإتيان بها. وقد اختاره بعضهم، قال الإمام ابن بري - رحمه الله - في الدرر:

واختارها بعض أولي الأداء *** لفضلها في أول الأجزاء.

وبناءً على هذا الخلاف: إذا أتيَ بالبسملة بعد الاستعاذة فيجوز للقارئ حينئذ الأوجه الأربعة سالفة الذكر التي في الابتداء بأول السورة.

وإذا لم يُؤتَ بالبسملة بعد الاستعاذة فللقارئ حينئذ وجهان ليس غير:

أولهما:
القطع، أي: الوقف على الاستعاذة، والابتداء بأول الآية.

ثانيهما: الوصل، أي: وصل الاستعاذة بأول الآية.

ووجه القطع أولى من الوصل خصوصًا إذا كان أول الآية المُبتدأ بها اسمًا من أسماء الله - تعالى - وذلك نحو قوله الله - تعالى -:
﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
وقوله الله - تعالى -: ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [سورة البقرة 257].
وقوله - سبحانه -: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [سورة طه: 5].
أو إذا كان ضميرًا يعود إليه - سبحانه -
وذلك كقوله - جلَّ شأنه -:
﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [سورة الأنعام: 59].

وقوله - سبحانه -: ﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ [سورة فصلت 47].

ففي هذا وشبهُهُ، قطع الاستعاذة أولى، لما في وصلها من البشاعة كما في [النشر 1/ 266] و [غيث النفع بهامش شرح الشاطبية لابن القاصح ص (51 – 52)].ويُتاكّد والحال هذه الإتيان بالبسملة بعد الاستعاذة؛ نحو قوله تعالى:﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ [سورة فصلت 47].
وقوله جلّ وعلا: ﴿وَهُوَ الَّذِي [سورة الأنعام: 97 - 98 – 99 – 114- 141 – 165].
وهو كثير في التنزيل. لما في ذكر ذلك بعد الاستعاذة دون بسملة من البشاعة وإيهام السامع رجوع الضمير إلى الشيطان والعياذ بالله تعالى منه.

وَمَنَعَ الشهابُ البنّا في إتحافه وصْل البسملة بما بعدها في هذه الحال. انظر: [اتحاف فضلاء البشر ص 122].

وكذلك يُمنع وصل الاستعاذة بأجزاء السورة، إذا كان المبتدأ به اسم رسول الله «محمد ﷺ»، كالابتداء بقوله – تعالى -: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ [سورة الفتح 29]. فلا يجوز وصل الاستعاذة باسمه ﷺ لما فيه من البشاعة أيضا. وينبغي الإتيان بالبسملة هنا، نبّهَ على ذلك صاحب [المكرّر فيما تواتر من القراءات السبع وتحرر. ص (7)] لأبي حفص عمر ابن قاسم الأنصاري].

وكما أنّ وَصَْل الإستعاذة بأول أجزاء السورة ممنوع إذا كان أولها اسمًا من أسماء الله - تعالى - الحسنى؛ أو ضميرًا يعود عليه - سبحانه -، فإنه فينبغي النهي عن البسملة عند بدء الآية بذكر الشيطان؛ كقوله - تعالى -: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ [سورة البقرة: 268].

ونحو ذلك لما فيه من البشاعة أيضاً. قاله الحافظ ابن الجزري في النشر. وهو كلامٌ نفيسٌ واضحٌ بيّن. انظر: [النشر في القراءات العشر جـ 1 ص 266].

أما الابتداء من أثناء سورة براءة ففيه التخيير السابق في الإتيان بالبسملة وعدمه. وذهب بعضهم إلى منع البسملة في الابتداء من أثنائها كما مُنِعت من أولها. وهو مذهبٌ حسنٌ وبالله التوفيق.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -

بيان ما يترتب على القارئ إذا قطع قراءته ثمّ عاد إليها.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس