عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-04-2009, 10:59 PM
عبيد المهيمن الهلالي عبيد المهيمن الهلالي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 112
افتراضي اختصار لكتاب ابن حجة الحموي خزانة الأدب في البديع

فهذا اختصار لكتاب ابن حجة الحموي خزانة الأدب في البديع مع زيادات قيدته أيام الصغر
1 / حسن الابتداء و براعة الإستهلال
لي في ابتدا مدحكم يا عرب ذي سلم***براعة تستهل الدمع في العلم
هذا ما يعرف بحسن الإستهلال و الإبتداء كقول النابغة :
كليـــني لـــــــهم يا أميمة نـاصب ولـيل أقاسيه بــطيء الـكواكب
وقال ابو جعفر البياضي يشير إلي الرفق بالإبل :
رفـــــــقا بهن فما خلقن حــــــديدا او ما تراها أعظما وجلـــــــودا
وبيت صفي
إن جئت سلعا فسل عن جيرة العلم وأقر السلام على عرب بذي سلم
عز ( )
براعة تستهل الدمع في العلم عبارة عن نداء المفرد العلم
العميان
بطيبة إنزل ويمم سيد الأمم وانثر له المدح وانشر طيب الكلم
2/الجناس
1-2/ ذكر الجناس المركب والمطلق:
بالــله سر بي فسـربي طلـقوا وطـني وركـبوا فـي ضلوعي مـطلق السـقم
وحد الجناس المركب ان يكون احدى الركنين كلمة مفردة والآخر ى مركبة وهو على ضربين
1/ ما تشابه خطا ولفظا قال الشاعر:
عـــــــــــــــــضنا الدهر بـــــــــــــــــنابه لــــــــــــيت ما حـــــــــــــل بـــــــنا به
2/ ما تشابه لفظا لا خطا – المفروق – قال جمال الدين بن نباته :
قـــــــــــــمرا نراه أم مـــــــــــليحا أمردا ولحاظه بــــين الجوائح آم ردى
وهناك نوع آخر يسمي المرفو : وهو أن يكون احد الركنين جزءا مستقلا و الأخر مجزءا من كلمة أخرى قال الحريري :
والمـــكر مهما استــطــــــــــــعت لا تأته لتقـــــتني الـــــــــسؤدد و المكرمه
واما الجناس المطلق هو ان يوهم ان احد ركنيه ان اصلهما واحد –كالمشتق { مثل الظلم ظلمات}- ولكن ليس كذلك قال تعالي وأسلمت مع سليمان وقول القائل:
ســــــــــــــــــــــلــــــم عــــــــــــــــلي الربع من سلـمي بذي ســلم
والعميان
دع عنك سلمى وسل ما بالعقيق جرى وأم سلعا وسل عن أهله القدم
جار الزمان فكفوا جوره وكفوا وهل أضام لدى عرب على أضم
عز
فحيي سلمى وسل ما ركبت بشذا قد أطلقته أمام الحي عن أمم
3/ الجناس الملفق :
ورمت تلفيق صــبري كـي اري قدم***يسعى معي فســعى لــكن أراق دمي
وهو ان يكون كل من الركنين مركبا من كلمتين وبيت صفي
فقد ضمنت وجود الدمع من عدم لهم ولم أستطع مع ذاك منع دمي
عز
ملفق ظاهر سرى وشان دمي لما جرى من عيوني إذ وشى ندمي
4-5/ الجناس المذيل واللاحق :
وذيل الهم هـمل الدمع لي فجرى***كلاحق الغيث حيث الارض في ضرم
وهو ما زاد احد ركنيه بحرف في أخره قال ابو تمام :
يمدون من ايد عواص عواصـــــم تصول بأســـــــــــــــــياف قواض قوا ضب
وقد يزاد بحرفين قال النابغة :
فيالك من حـــــــــزم وعــــــــــــــــزم طواهما***جديد الردى تحت الصفا والصفائح
وأما اللاحق فهو ما ابدل من احد ركنيه حرف من غير مخرجه والمضارع –الجناس –ما كان المبدل من نفس المخرج مثال الاول قوله تعالى:{فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلاتنهر} وقول البحتري
عجب الناس لاعــــــــــــــــــــــــــتزالي وفي ***الاطــــــــــراف تلفي منازل الاشراف
ومثال الثاني قوله عز وجل {وهم ينهون عنه وينأون عنه}و قول الشريف الرضي :
لا يذكر الرمـــــــــــل الا حن مــــــــــــــــــــــغترب***له الي الرمل اوطـــــــان و اوطار
وبيت صفي
أبيت والدمع هام هامل سرب ***والجسم في أضم لحم على وضم
عز
يذيل الدمع جار جارح بأذى ***كلاحق ماحق الآثار في الأكم
6-7/ الجناس التام و المطرف
يا سـعد تم مالي ســــعد يطرفني ***بقربهم وقــــليل الـــحظ لم يلم
و التام ان كان من نفس النوع اسم واسم سمي مماثلا وان لم يكن من نفس النوع كاسم وفعل سمي مستوفى والمطرف هو ما زاد احد ركنيه على الاخر حرفا في طرفه الاول
وبيت صفي
من شأنه حمل أعباء الهوى كمدا ***إذا هم شأنه بالدمع لم يلم
عز
مذ نم للعين أنس حين طرفها ***مرأى الحبيب ببذل العين لم يلم
8-9/ الجناس المصحف والمحرف:
هل من يفي ويقي ان صحفوا عذلي ***وحرفوا واتوا بالكلم في الكلم
وهو ما تماثل خطا واختلافا لفظا ويسمى بجناس الخط والمحرف هو ما اتفقا لكن اختلافا في الشكل قال ابو تمام :
هن الحمام فان كسرت عيافة ***من حائهن فانهن حمام
بيت صفي
من لي بكل غرير من ظبائهم ***غزير حسن يداوي الكلم بالكلم
عز
هل من تقي نقي حين صحف لي*** محرف القول زان الحكم بالحكم
10-11/الجناس اللفظي و المقلوب
قد فاض دمعي وفاظ القلب اذا سمع *** لفظي عذول ملا الاسماع بالألم
و المقلوب هو الذي يشتمل كل واحد من ركنيه على حروف الاخر مخالفا لها ترتيبا وهو ضربان قلب الكل كقولهم حسامه فتح لأوليائه حتف لأعدائه وقول القائل :
لبــــــــق اقـــــبل فـــــــــيه هــــيف ***كل ما املك ان غنى هـــبه
وقلب البعض كما جاء في الخبر اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا وإذا وقع أحد المتجانسين جناس القلب في أول البيت والآخر في آخره سمي مقلوبا مجنحا وإذا ولي أحد المتجانسين الآخر سمي مزدوجا ومكررا ومرددا كقوله تعالى وجئتك من سبأ بنبأ يقين
وبيت صفي
بكل قد نضير لا نظير له*** لا ينقضي أملي منه ولا ألمي
عز
لفظي حض على حظ يمانعه ***مقلوب معنى ملا الأحشاء من ألم
12/ الجناس المعنوي :
أبا المعاذ أخا الخنساء كنت لهم ***يا معنوي فهدوني بجورهم
وهو ضربان :
1/ المعنوي المضمر : وهو ان يضمر الناظم ركني التجنيس وياتي في الظاهر بما يرادف المضمر للدلالة عليه فان تعذر المرادف اتى بلفظ فيه كناية لطيفة تدل علي المضمر بالمعنى
قال صفي الدين الحلي :
وكل لحظ اتى باسم ابن ذي يزن ***في فتكه بالمعنى او ابي هرم
فابن ذي يزن اسمه سيف وابي هرم اسمه سنان وابو بكر بن عبدون هو اول من فتح الباب حيث قال
الا في سبـيل الــــلهو كاس مدامة ***اتنا بطـــــعم عـــــــــهده غير ثابت
حكت بنت بــسطام بن قيس صبيحة *** وامست كجسم الشنفري بعد ثابت
بنت بسطام هي الصهباء
واما بيت البديعة فابو معاذ اسمه : جبل واخو الخنساء اسمه صخر

2/ جناس الاشارة والكناية :
فما مكـــــثنا دام الجــــــــــــمال عليـــــــــــــكما ***بثهلان الا ان تشد الاباعر
ارادت المجانسة بين الجَمال و الجِمال فلم يساعده الوزن ولا القافية –هما ضابط هذا الجناس –فعدلت الي مرادفة الجمال بالاباعر وبيت عز
وكافر يضمر الإحسان في عذل*** كظلمة الليل عن ذا المعنوي عمي
3/ الاستطراد
واستطردوا خيل صبري عنهم فكبت ***وقصرت كليالنا بوصلهم
وهو ان تكون في غرض من اغراض الشعر توهم انك مستمر فيه ثم تخرج الى غيره لمناسبة بينهما ولا بد من تصريح باسم المستطرد به بشرط ان لايكون قد تقدم له ذكر ثم ترجع للاول وتقطع الكلام فيكون المستطرد به اخر الكلام كقوله تعالي الا بعد لعاد كما بعدت ثمود فثمود ذكرها استطرادا و قيل ان اول شاهد هو قول السموأل
وانا لـــــقـــــوم لا نري الـــــقتل مــــــسبة*** اذا مـــــــا راتـــــه عـامر و ســـــلول
خرج من الافتخار الي الهجو ثم عاد بقوله :
يـقرب حــب الـــــموت اجالـنا لـــنا ***وتكـــرههـــم آجـــــالهـــــم فــتطول
وبيت صفي
كأن آناء ليلى في تطاولها***تسويف كاذب آمالي بقربهم
العميان
قد أفصح الضب تصديقا لبعثته***إفصاح قس وسمع القوم لم يهم
عز
يستطرد الشوق خيل الدمع سابقة***فيفضل السحب فضل العرب للعجم
4/ الاستعارة
وكـــــان غرس التمنى يانعا فــــــذوى ***بالاستعارة من نيران هجرهم
فهنا ذكر الاستعارة المرشحة فلفظة غرس رشحت بيانع وبيت صفي
إن لم أحث مطايا العزم مثقلة***من القوافي تؤم المجد عن أمم
العميان
يقول صحبي وسفن العيس خائضة***بحر السراب وعين القيظ لم تنم
عز
دع المعاصي فشيب الرأس مشتعل***بالاستعارة من أزواجها العقم
5/ الاستخدام
واستخــــدموا العين مني وهي جارية ***وقد سمحت بها ايام عسرهم
وهو اطلاق لفظ مشترك بين معنيين فتريد بذلك اللفظ احد المعنيين ثم تعيد عليه ضميرا تريد به المعنى الاخر او تعيد عليه ضميرين تريد باحدهما احد المعنيين وبالأخر المعني الاخر
وقيل هو اطلاق لفظ مشترك بين معنيين ثم ياتي بلفظين يريد بهما احد المعنيين ومن اللفظ الاخر المعنى الاخر و الفرق بين التورية والاستخدام فإن المراد من التورية هو أحد المعنيين وفي الاستخدام كل من المعنيين مراد كقوله تعالى لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت فإن لفظة كتاب يحتمل أن يراد بها الأجل المحتوم والكتاب المكتوب وقد توسطت بين لفظتي أجل ويمحو فاستخدمت أحد مفهوميها وهو الأمد بقرينة ذكر الأجل واستخدمت المفهوم الآخر وهو الكتاب المكتوب بقرينة يمحو
القائل
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
أراد بالسماء الغيث وبضميرها النبت وبيت صفي
من كل أبلج واري الزندي يوم قرى***مشمر عنه يوم الحرب مصطلم
العميان
إن الغضى لست أنسى أهله فهم***شلوه بين ضلوعي يوم بينهم
عز
والعين قرت بهم لما بها سمحوا***واستخدموها من الأعدا فلم تنم
6/ذكر الهزل الذي يراد به الجد
والبين هازلني بالجد حين رأى***دمعي وقال تبرد أنت بالديم
وهو قصد المتكلم مدح انسان او ذمه فيخرج من ذلك المقصد مخرج الهزل والمجون اللائق بالحال كفعل اصحاب النوادر –اشعب - وبين الهزل الذي يراد به الجد وبين التهكم فرق لطيف وهو أن التهكم ظاهره جد وباطنه هزل وهذا النوع بالعكس والفاتح لهذا الباب هو قول امريء القيس وهو ابلغ ما سمع فيه قال :
وقد علـــــــــــمت سلمى وان كان بعلها***بان الفتى يهذي ولـــيس بفعال
القائل
إذا ما تميمي أتاك مفاخرا فقل عد عن ذا كيف أكلك للضب
وبيت صفي
أشبعت نفسك من ذمي فهاضك ما***تلقى وأكثر موت الناس بالتخم
العميان
قل للصباح إذا ما لاح نورهم***إن كان عندك هذا النور فابتسم
عز
هزل أريد به جد عتابك لي***كما كتمت بياض الشيب بالكتم
7/المقابلة
قابلتهم بالرضا والسلم منشرحا ***ولوا غضابا فيا حربي لغيظهم
وتكون المقابلة بين اثنين مثل العلم نور و الجهل ظلام وبين ثلاثة قول القائل :
ما احسن الدين والدنيا اذا اجتمعا ***واقبح الكفر والافــــلاس بالرجـــــــل
ومن الاربع قوله تعالي فاما من اعطى...العسرى ومن الخمسة قول شرف الدين:
علي راس عـــــــبد تاج عــــــز يــــــــزينــــــه***وفي رجــــل حــر قيد ذل يشينه
وبيت صفي
كان الرضا بدنوي من خواطرهم***فصار سخطي لبعدي عن جوارهم
العميان
بواطئ فوق خد الصبح مشتهر***وطائر تحت ذيل الليل مكتتم
عز
ليل الشباب وحسن الوصل قابله***صبح المشيب وقبح الهجر واندمي
8/الالتفات
وما اروني التفاتا عند نفرتهم ***وانت ياظبي ادري بالتفاتهم
هو انصراف المتكلم من الخطاب الى الاخبار والعكس والانصراف من الاخبار الي التكلم اي الانتقال من صيغة إلى صيغة ويسمى شجاعة العربية و ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول في الرجوع من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة
القسم الثاني في الرجوع عن الفعل المستقبل إلى فعل الأمر وعن الفعل الماضي إلى فعل الأمر
القسم الثالث في الإخبار عن الفعل الماضي بالمستقبل وعن المستقبل بالماضي
والبيت قد اشتمل علي ثمان انواع من البديع هي التورية ومراعاة والانسجام والتمكين والسهولة والتوشيح ورد العجز على الصدر والالتفات وبيت صفي
وعاذل رام بالتعنيف يرشدني***عدمت رشدك هل أسمعت ذا صمم
عز
وما التفت لساع حج في شغف***ما أنت للركن من وجدي بملتزم
9/الافتنان
تغزلي وافتناني في شمائلهم ***اضحى رثا لاصطباري بعد بعدهم
وهو ان ياتي الشاعر بفنين متضادين في بيت او اكثر مثل النسيب والحماسة والمديح والهجاء والهناء والعزاء ولا يكون الجمع الا بفنين من اغراض المتكلم فان جمع بين الفنون والمعاني فهو التمريج كما فال ابن ابي اصبع قال ابن نباته معزيا الامير بوفاة ابيه مهنئا له بالخلافة :
هناء محا ذلك العزاءالمــــــــــــــــــــقدما***فما عبس المحزون حتى تبسم
وقال ابن الحجاج جامعا بين التعزية والمدح المؤدي الي التهكم معزي بعض الرؤساء بابيه:
ابوك قد جمل اهل الثرى ***فجمل الله به الـمقبره
وبيت صفي
ما كنت قبل ظبا الألحاظ قط أرى***سيفا أراق دمي إلا على قدم
عز
كان افتناني بثغر راق مبسمه***صار افتناني بثغر فيه سفك دمي
10/الاستدراك
قالوا نري لك لحما بعد فرقتنا ***فقلت مستدركا لكن عن وضم
وهو علي قسمين قسم يتقدم الاستدراك فيه تقريرا لما اخبر به المتكلم وتوكيد وقسم لا يتقدمه ذلك فمن الاول :
ولي فرس من نسل اعوج سابق ***ولكن علي قدر الشعير يحمحم
ومن الثاني قول زهير :
اخو ثقة لايهلك الخمر ماله ***ولكنه قد يهلك المال نائله
وبيت صفي
رجوت أن يرجعوا يوما وقد رجعوا***عند العتاب ولكن عن وفا ذممي
عز
فكم حميت بالاستدراك ذا أسف***لكن عن المشتهي والبرء من سقمي
11/الطي والنشر
والطي والنشر والتغير مع قصر *** للظهر والعظم والاحوال والهمم
وهو ان تذكر شيئين فصاعدا اما تفصيلا فتنص علي كل واحد منهما واما اجمالا فتاتي بلفظ واحد يشتمل علي متعدد وتفويض الي العقل رد كل واحد الي مايليق به لاانك تحتاج ان تنص علي ذلك والذي علي التفصيل ضربان :
1/ الاول يرجع الي المذكور بعده علي الترتيب من غير الاضداد خروجا من المقابلة فيكون الاول للاول والثاني للثاني مثلقول شمس الدين بن العفيف :
راي جسدي والدمع والقلب و الحشا***فاضنى وافنى و استمال وتيما
وقال صفي الدين الحلي في بديعته :
وجدي حنيني انيني فكرتي ولهي ***منهم اليهم عليهم فيهم بهم
2/وهوعكس الاول فلا يشترط الترتيب ثقة بان السامع يرد كل شيء الي موضعه كقول ابن حيوس
كيف أسلو وأنت حقف وغصن وغزال لحظا وقدا وردفا
واما الذي علي الاجمال فضرب واحدلا يتبين فيه ترتيب ولا يمكن عكسه مثل :لي منه ثلاثة
بدر وغصن وظبي
وبيت صفي
وجدي حنيني أنيني فكرتي ولهي***منهم إليهم عليهم فيهم بهم
والعميان
حيث الذي إن بدا في قومه وحبى***عفاته ورمى الأعداء بالنقم
فالبدر في شبهه والغيث جاد لذي***محل وليث الشرى قد جال في الغنم
عز
نشر ويسر وبشر من شذا وندى***وأوجه فتعرف طي نشرهم
12/الطباق
بوحشة بدلوا أنسي وقد خفضوا قدري وزادوا علوا في طباقهم
ويسمى الطباق والتضاد أيضا وهي الجمع بين المتضادين أي معنيين متقابلين في الجملة ويكون ذلك إما بلفظين من نوع واحد اسمين أيقاظا رقودأو فعلين تؤتي وتنزع أو حرفين لها وعليها وإما بلفظين من نوعين كقوله تعالى أو من كان ميتا فأحييناه أي ضالا فهديناه قال ابن ابي الاصبع هي نوعان نوع ياتي بالفاظ الحقيقة واخر ياتي بالفاظ المجاز فالاول يسمي طباق والثاني يسمى التكافؤ كقول قداكة :
حلو الشمائل وهو مر باسل ***يحمي الضمار صبيحة الارهاق
فالشمائل لاطعم لها
وهناك طباق السلب كقوله تعالي هل يستوي لبذين يغلمون والذين لايعلمون
وقول امرؤ القيس:
جزعت ولم اجزع من البين مجزعا***وعزيت قلب بالكوكب مولعا
وهناك مايعرف بايهام المطابقة كقول الشاعر :
بيدي وشاحا ابيضا من سيبه ***والجو قد لبس الوشاح الاغبر
فاوهم ان الاغبر ضد الابيض وليس كذلك وهناك ايضا ما يسمي بملحق الطباق و يسمى الطباق الخفي كقوله مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا لأن الغرق من صفات الماء فكأنه جمع بين الماء والنار قال ابن منقذ وهي أخفى مطابقة في القرآن و كقوله تعالي اشداء علي الكفار رحماء بينهم فالرحمة فيها معني اللين وهناك طباق الترديد وهو ان ترد اول المطابق علي اخره قال الاعشى:
لا يرقعوا الناس ما اهوا وان جهدوا ***طول الحياة ولا يوهون ما وقعوا
ومنه نوع وبيت صفي
قد طال ليلي وأجفاني به قصرت***عن الرقاد فلم أصبح ولم أنم
العميان
واسهر إذا نام سار وامض حيث ونى***واسمح إذا شح نفسا وأسر إن يقم
عز
أبكي فيضحك عن در مطابقة***حتى تشابه منثور بمنتظم
13/النزاهة
نزهت لفظي عن فحشهم وقلت هم *** عرب وفي حيهم ياغربة الذمم
وهو الاتيان بالفاظ فيها معني الهجو الذي اذا سمعته الغذراء في خدرها لم تنفر منه كقوله تعالى وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون و كقول جرير الذي يعد احسن ما سمع في هذا الباب :
لو ان تغلب جمعت انسابها ***يوم التفاخر لم تزن مثقالا
وبيت صفي
حسبي بذكرك لي ذما ومنقصة***فيما نطقت فلا تنقص ولا تذم
عز
لقد تفيهقت بالتشديق في عذلي***كيف النزاهة عن ذا الأشدق الخصم
14/التخير
تخيروا لي سماع العذل وانتزعوا قلبي***وزادوا نحولي مت من سقمي
وهو ان ان ياتي الشاعر ببيت يسوغ فيه ان يقافي بعدة قوافي فيختار قافية يرجحها علي سائرهاوقد ابدع ديك الجن في هذا انظر الصفحة 176
وبيت صفي
عدمت صحة جسمي إذ وثقت بهم***فما حصلت على شيء سوى الندم
عز
تخيير قلبي هوى السادات صح به***عهدي وإني لحزني ثابت الألم
15/الابهام
وزادابهام عذلي عاذلي ودجا *** ليلي فهل من بهيم يشتفي الم
وهو احتمال الكلام معنيين متضادين لا يتميزان و يبقى الامر مبهما والفرق بين الإبهام والتورية أن الإبهام لا يحصل التمييز لأحدهما عن الآخر ويبقى الأمر مبهما ولا يعلم من هو المقصود منهما والتورية يراد منها المعنى البعيد المورى عنه بالقريب كقول القائل
بارك الله للحسن ولبوران في الختن
يا إمام الهدى ظفرت ولكن ببنت من
فلم يعلم ما أراد بقوله ببنت من في الرفعة أو في الصغر قال صفي الدين الحلي :
ليت المنية حالت دون نصحك لي ***فيستريح كلانا من اذي التهم
16/ارسال المثل
وكم تمثلت اذا ارخوا شعورهم *** وقلت بالله خلوا الرقص في الظلم
وهو عبارة عن أن يأتي الشاعر في بعض بيت بما يجري مجرى المثل من حكمة أو نعت أو غير ذلك مما يحسن التمثل به كقوله تعالى: ليس لها من دون الله كاشفة وقوله تعالى وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء وقوله تعالى صبغة الله ومن أحسن من الله صبغةوقوله تعالى إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ومما جاء من ذلك في السنة الشريفة قوله لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين

قال زهير :
وهل ينبت الخطمي الا وشيجة ***وتغرس الا في منابتها النخل

17/التهكم
ذل العذول بهم وجدا فقلت له*** تهكما أنت ذو عز وذو شمم
التهكم نوع عزيز في أنواع البديع وهو عبارة عن الإتيان بلفظ البشارة في موضع الإنذار والوعد في مكان الوعيد والمدح في معرض الاستهزاء فشاهد البشارة في موضع الإنذار قوله تعالى بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما وشاهد المدح في معرض الاستهزاء بلفظ المدح قوله تعالى ذق إنك أنت العزيز الكريم
ومن التهكم في السنة الشريفة قوله بشر مال البخيل بحادث أو وارث وقول ابن الرومي
فيا له من عمل صالح***يرفعه الله إلى أسفل
18/المراجعة السؤال والجواب
قال اصطبر قلت صبري ما يراجعني***قال احتمل قلت من يقوى لصدهم
وهو أن يحكي المتكلم مراجعة في القول ومحاورة في الحديث بينه وبين غيره بأوجز عبارة وأرشق سبك وألطف معنى وأسهل لفظ إما في بيت واحد أو في أبيات كقول عمر بن أبي ربيعة
بينما ينعتنني أبصرنني***مثل قيد الرمح يعدو بي الأغر
قالت الكبرى ترى من ذا الفتى***قالت الوسطى لها هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها***قد عرفناه وهل يخفى القمر
19/التوشيح
توشيحهم بملا تلك الشعور إذا***لفوه طيا يعرفنا بنشرهم
اتفق علماء البديع على أن التوشيح أن يكون معنى أول الكلام دالا على لفظ آخره ولهذا سموه التوشيح فإنه ينزل فيه المعنى منزلة الوشاح وينزل أول الكلام وآخره منزلة محل الوشاح من العاتق والكشح اللذين يجول عليهما الوشاح وبين التوشيح والتصدير فرق ظاهر مثل الصبح ولم يحصل الالتباس إلا لكون كل منهما يدل صدره على عجزه والفرق أن دلالة التصدير لفظية ودلالة التوشيح معنوية والفرق بين التوشيح والتمكين أيضا أن التوشيح قد تقدم أنه لا بد أن يتقدم قافيته معنى يدل عليها والتمكين بخلاف ذلك ومن عجائب أمثلة هذا النوع ما حكي عن عمر بن أبي ربيعة أنه أنشد عبد الله بن العباس رضي الله عنهما تشط غدا دارجيراننا فقال له عبد الله وللدار بعد غد أبعد فقال عمر هكذا والله قلت فقال عبد الله بن العباس وهكذا يكون ومن أعظم الشواهد على هذا قوله تعالىإن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين فإن في معنى اصطفاء المذكورين ما يعلم منه الفاصلة لأن المذكورين نوع من جنس العالمين ومن الأمثلة الشعرية قول الراعي النميري
فإن وزن الحصى ووزنت قومي وجدت حصى ضريبتهم رزينا
20/تشابه الأطراف التسبيغ
شابهت أطراف أقوالي فإن أهم ***أهم إلى كل واد في صفاتهم
هو أن يعيد الناظم لفظة القافية في أول البيت الذي يليها وأحسن ما وقع في هذا النوع قول أبي نواس
خزيمة خير بني خازم***وخازم خير بني دارم
21/التغاير التلطف
أغاير الناس في حب الرقيب فمذ***أراه أبسط آمالي بقربهم
التغاير سماه قوم التلطف وهو أن يتلطف الشاعر بتوصله إلى مدح ما كان قد ذمه هو أو غيره قال المتنبي:
حتى رجعت وأقلامي قوائل لي***المجد للسيف ليس المجد للقلم
22/التذييل
والله ما طال تذييل اللقاء بهم***يا عاذلي وكفى بالله في القسم
التذييل هو أن يذيل الناظم أو الناثر كلاما بعد تمامه وحسن السكوت عليه بجملة تحقق ما قبلها من الكلام وتزيده توكيدا وتجري مجرى المثل بزيادة التحقيق والفرق بينه وبين التكميل أن التكميل يرد على معنى يحتاج إلى الكمال والتذييل لم يفد غير تحقيق الكلام الأول وتوكيده و الفرق بين الإيغال والتذييل والتمكين والتكميل الإيغال لا يكون إلا في الكلمة التي فيها الروي وما يتعلق به وهو أيضا مما يأتي بعد تمام المعنى كالتكميل والتذييل وأما التمكين فليس له مدخل في هذه الأبواب لأنه عبارة عن استقرار القافية في مكانها لأنها لا تزيد معنى البيت بل إذا حذفت نقص معنى البيت لأنها ممكنة في قواعده وأما التكميل فإنه وإن أتى بعد تمام المعنى فهو يفارق الإيغال والتذييل من وجهين أحدهما كونه يأتي في الحشور والمقاطع والإيغال والتذييل لا يكونان إلا في المقاطع دون الحشو والإيغال والتذييل لا يخرجان عن معنى الكلام المتقدم والتكميل لا بد أن يأتي بمعنى يكمل الغرض على التكملة المتقدمة إما تكميلا بديعيا أو تكميلا عروضيا والتذييل يفارق الإيغال لكونه يزيد على الكلمة التي تسمى إيغالا ويستوعب غالبا عجز البيت ومن أعظم الشواهد عليه قوله تعالى وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فالجملة الأخيرة هي التذييل الذي خرج كلامه مخرج المثل السائر ومثله قوله تعالى ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور فالجملة الأخيرة هي تذييل خرج في الكلام مخرج الأمثال التي ليس لها مثيلومن هذا الباب قول النابغة
ولست بمستبق أخا لا تلمه***على شعث أي الرجال المهذب
اتفق أهل البديع على أن قوله أي الرجال المهذب من أحسن تذييل وقع في شعر لأنه خرج مخرج المثل
23/ التفويف
خشن ألن أحزن افرح امنع اعط أنل***فوف أجد وش رقق شد حب لم
وهو عبارة عن إتيان المتكلم بمعان شتى من المدح والغزل وغير ذلك من الفنون والأغراض كل فن في جملة من الكلام منفصلة عن أختها مع تساوي الجملة في الوزنية ويكون بالجملة الطويلة أو المتوسطة أو القصيرة وأحسنها وأبلغها وأصعبها مسلكا القصار فمثال ما جاء منه بالجملة الطويلة قول النابغة
وأعظم أحلاما وأكبر سيدا*** وأفضل مشفوعا وأكرم شافع
وبالجملة المتوسطة قول أبي الوليد بن زيدون
ته أحتمل واحتكم أصبر وعز أهن***وذل أخضع وقل أسمع ومر أطع
ومثال ما جاء بالجملة القصيرة قول أبي الطيب المتنبي
أقل أنل أقطع إحمل عل أسل أعد***زد هش بش تفضل أدن سر صل
24/المواربة
يا عاذلي أنت محبوب لدي فلا*** توارب العقل مني واستفد حكمي
وهي أن يقول المتكلم قولا يتضمن ما ينكر عليه فيه بسببه ويتوجه عليه المؤاخذة فإذا حصل الإنكار عليه استحضر بحذقه وجها من الوجوه التي يمكن التخلص بها من تلك المؤاخذة إما بتحريف كلمة أو تصحيفها أو بزيادة أو نقص أو غير ذلك و شاهد الحذف قول أبي نواس في خالصة جارية أمير المؤمنين الرشيد هاجيا لها:
لقد ضاع شعري على بابكم*** كما ضاع حلي على خالصه
فلما بلغ الرشيد ذلك أنكر عليه وتهدده بسببه فقال لم أقل إلا:
لقد ضاء شعري علي بابكم***كما ضاء حلي علي خالصه
وقولي للعاذل أنت محبوب لدي من له أدنى ذوق يفهم منه أن مرادي المواربة بمجنون والمراد بلفظة توارب توازن والمعنى قبل المواربة مستقيم وإذا حصلت المواربة صار
يا عاذلي أنت مجنون لدي فلا***توازن العقل مني واستفد حكمي
25/الكلام الجامع
جمع الكلام إذا لم تغن حكمته***وجوده عند أهل الذوق كالعدم
الكلام الجامع هو أن يأتي الشاعر ببيت مشتمل على حكمة أو وعظ أو غير ذلك من الحقائق التي تجري مجرى الأمثال ويتمثل الناظم بحكمها أو وعظها أو بحالة تقتضي إجراء المثل كقول زهير بن أبي سلمى
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله***على قومه يستغن عنه ويذمم
26/المناقضة
إني أناقضهم إن أزمعوا ونأوا*** وجر نمل ثبيرا إثر عيسهم
وهو أن يجر النمل الجبل المسمى ثبيرا
المناقضة تعليق الشرط على نقيضين ممكن ومستحيل ومراد المتكلم المستحيل دون الممكن ليؤثر التعليق عدم وقوع المشروط فكأن المتكلم ناقض نفسه في الظاهر إذ شرط وقوع أمر بوقوع نقيضين والفرق بين المناقضة وبين نفي الشيء بإيجابه أن هذا الباب ليس فيه نفي ولا إيجاب ونفي الشيء بإيجابه ليس فيه شرط ومثاله قول النابغة
وإنك سوف تحكم أو تباهي*** إذا ما شبت أو شاب الغراب
27/التصدير أو رد العجز على الصدر
ألم أصرح بتصدير المديح لهم ألم *** أهدد ألم أصبر ألم ألم
هذا النوع الذي هو رد الإعجاز على الصدور سماه المتأخرون التصدير كقول الشاعر
يلفى إذا ما كان يوم عرمرم*** في جيش رأي لا يفل عرمرم
وقال اخر:
سريع إلى ابن العم يلطم وجهه ***وليس إلى داعي الندى بسريع

وقول الشاعر
سقى الرمل صوب مستهل غمامه*** وما ذاك إلا حب من حل بالرمل
فالأول تصدير التقفية والثاني تصدير الطرفين والثالث تصدير الحشو وقد وقع من القسم الأول في الكتاب العزيز قوله تعالى أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ومن القسم الثاني قوله تعالى وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ومن القسم الثالث قوله تعالى ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤون قال ابن أبي الأصبع وفي التصدير قسم رابع وهو أن يأتي فيما الكلام فيه منفي واعتراض فيه إضراب عن أوله كقول الشاعر
فإن تك لم تبعد على متعهد بلى كل من تحت التراب بعيد
وقد جاء قدامة من التصدير بنوع آخر سماه التبديل وهو أن يصير المتكلم الأخير من كلامه أولا أو بالعكس كقولهم أشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك وقال ابن أبي الأصبع
اصبر على خلق من تصاحبه واصحب صبورا على أذى خلقك
28/القول بالموجب أو أسلوب الحكيم
قولي له موجب إذ قال أشفقهم*** تسل قلت بناري يوم فقدهم
القول بالموجب ويقال له أسلوب الحكيم وللناس فيه عبارات مختلفة منهم من قال هو أن يخصص الصفة بعد أن كان ظاهرها العموم أو يقول بالصفة الموجبة للحكم ولكن يثبتها لغير من أثبتها وحقيقته رد الخصم كلام خصمه من فحوى لفظه وهو ضربان:
أحدهما :أن تقع صفة من كلام الغير كناية عن شيء أثبت له حكم فتثبت في كلامك تلك الصفة لغير ذلك الشيء من غير تعرض لثبوت ذلك الحكم وانتفائه كقوله تعالى يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين فإنهم كنوا بالأعز عن فريقهم وبالأذل عن فريق المؤمنين وأثبتوا للأعز الإخراج فأثبت الله تعالى في الرد عليهم صفة العزة لله ولرسوله وللمؤمنين من غير تعرض لثبوت حكم الإخراج للموصوفين بصفة العزة ولا لنفيه عنهم ومنه قول القبعثري للحجاج لما توعده فقال لأحملنك على الأدهم والمراد بهالقيد فرأى القبعثري أن الأدهم يصلح للقيد والفرس فحمل كلامه إلى الفرس وقال مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب فصرف الوعيد بالهوان إلى الوعد بالإحسان
و الثاني:هو حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده مما يحتمله بذكر متعلقه كقول ابن حجاج
قال ثقلت إذ أتيت مرارا قلت ثقلت كاهلي بالأيادي
قال طولت قلت أوليت طولا قال أبرمت قلت حبل ودادي
قال الحلي :
قالوا سلوت لبعد الإلف قلت لهم*** سلوت عن صحتي والبرء من سقمي
فقوله سلوت عن صحتي هو حمل لفظ وقع من كلام الغير على خلاف مراده وبيت بديعيتي
قولي له موجب إذ قال أشفقهم تسل قلت بناري يوم فقدهم فلفظة تسل هي الكلمة المعتمد عليها في عكس معنى كلام المتكلم من المخاطب فإن المتكلم أراد السلو في لفظه تسل وهي فعل أمر فعاكسه المخاطب بالاشتراك ونقلها بالتورية إلى صفة التسلي بالنيران فإنه لما قال له تسل قال بناري يوم فقدهم
29/الهجو في معرض المدح
وكم بمعرض مدح قد هجوتهم*** وقلت سدتم بحمل الضيم والتهم
وهو أن يقصد المتكلم هجاء إنسان فيأتي بألفاظ موجهة ظاهرها المدح وباطنها القدح فيوهم أنه يمدحه وهو يهجوه كقول الحماسي
لو كنت من مازن لم تستبح إبلـــي *** بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إذا لقام بنصري معشر خشـــــن*** عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهـــــم *** طاروا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهـــــم *** في النائبات على ما قال برهانا
لكن قومي وإن كانوا ذوي عــــدد*** ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفـــرة *** ومن إساء أهل السوء إحسانا
كأن ربك لم يخلق لخشيــــته *** سواهم من جميع الناس إنسانا
فليت لي بهم قوما إذا ركبـوا *** شدوا الإغارة فرسانا وركبانا
كأن ربك لم يخلق لخـــــــــشيته سواهم*** من جميع الناس إنــــــــــــــــــسانا
فظاهر هذا الكلام المدح بالحلم والعفة والخشية والتقوى وباطنه المقصود أنهم في غاية الذل
30/الاستثناء
عفت القدود فلم أستثن بعدهم***إلا معاطف أغصان بذي سلم
الاستثناء استثناءان لغوي وصناعي فاللغوي إخراج القليل من الكثير والصناعي هو الذي يفيد بعد إخراج القليل من الكثير معنى يزيد على معنى الاستثناء ويكسوه بهجة وطلاوة ويميزه بما يستحق به الإثبات في أبواب البديع كقوله تعالى فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس إن في هذا الكلام معنى زائدا على مقدار الاستثناء وذلك لعظم الكبيرة التي أتى بها إبليس من كونه خرق إجماع الملائكة وفارق جميع الملأ الأعلى بخروجه مما دخلوا فيه من السجود لآدم ومن الاستثناء نوع سماه ابن أبي الأصبع استثناء الحصر وهو غير الاستثناء الذي يخرج القليل من الكثير ونظم فيه قوله
إليك وإلا ما تحث الركائب وعنك وإلا فالمحدث كاذب
فإن خلاصة هذا البيت قول الناثر للممدوح لا تحث الركائب إلا إليك ولا يصدق المحدث إلا عنك
رد مع اقتباس