عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 07-14-2016, 04:24 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

ومسألة أخرى ثالثة وقعت وهو في سفره أو أسفاره.

لا شك هنا يختلف المسألة إذا كان إحدى أمهات المؤمنين تتكلم عن مسألة لا تقع من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا وهو في بيته، وتكلم صحابي من الرجال بقولٍ خلاف قولِ أم المؤمنين وليس عندنا مرجَّح كما قلنا من قبل.
ألا ترى معي أنه حينذاك النفس تطمئن لقول أم المؤمنين دون قول الصحابي الآخر لأن المفروض أن المسألة الداخلية أهل البيت أعرف بها من الصحابه الذين هم يعيشون مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - خارج الدار.
هذا مثال تقريبي والعكس بالعكس تماماً إذا مسألة لها علاقه بأسفاره صلى الله عليه وسلم وقال عمر بن الخطاب أو ابن عمر أو أبو هريرة أو غيره كلمة غير كلمة أم المؤمنين وهي في عقر دارها، والمسألة ليست متعلقة بدارها. حينئذٍ سنقول قول ذلك الصحابي مُقدَّمٌ على قول السيده عائشة.

وهناك خبر عن السيده عائشة - رضي الله عنها - تقول : (من حدثكم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - بال قائمًا فقد كذب لقد رأيته يبول جالسًا أو قاعدًا).
هي تقول من حدثكم فقد كذب. لكن حذيفة صادق حيث أنه رأى من الرسول - صلى الله عليه وسلم - شيئاً خارج الدار لم تره السيده عائشة - رضي الله عنها - إذًا نأخذ بقول حذيفة ونصدق المخبرين معًا.

عائشة تتحدث عما رأت لكنها بالغت حينما قالت : (ومن حدثكم بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بال قائما فقد كذب) على هذا النمط. المسألة تأتي أحياناً بدقة متناهية فأحصر الآن الموضوع :

في مسألة إختلف فيها صحابيان وليس هناك مثل هذا التفاوت الذي ضربته مثلاً بين حادثة بيتية لايمكن أن تقع خارج البيت، فأهل البيت يتحدثون بحديث خلاف صحابي يتحدث عن تلك المسألة، وهو لم يعِش مع أهل البيت.

قلنا أولاً: إننا نرجح حينما لا يوجد عندنا مرجح من كتاب وسنة قول أهل البيت على إعتبار المثل المعلوم -أهل البيت أدرى بما فيه- أو أهل مكة أدرى بشعابها.

الآن تتشابه علينا الأمور ولا نجد مرجحاً من أي مرجحات وما أكثرها، لكن نجد رجلًا عالمًا مسنًا في العلم وبالنسبة للصحابه من السابقين الأولين، ونجد آخر من أهل الفتح مثلاً الذين أسلموا مؤخرًا تضارب قولهما وليس عندنا ما نرجح، ماذا نفعل في هذه الحالة !!..

نأخذ بالقول السابق المتقدم هذا المرجح لا يوجد لدينا سِواه والمرجحات كثيرة وكثيرة جدًا لكن هذا كمثال واضح قدمته آنفاً.

الآن ندخل في صلب الموضوع ... نبدأ بالمحدثين القدامى، ثم نثنّي بالـمُحَدِّثين الـمُحْدَثِين، اليوم إذا البخاري صحَّحَ حديثًا فضعفه مسلم، النفس تطمئن من تصحيح البخاري دون تضعيف مسلم، لا تنسوا ان البحث لا يوجد عندنا مرجحات، نقول نأخذ بتصحيح البخاري وندع تضعيف مسلم.
وقد يكون المسألة بالعكس، حديث ضعفه البخاري صححه مسلم، وهذا يقع كثيرًا الذي ليس عنده مُرجَّح لا شك أنه يطمئن للقول البخاري سواءً أكان تصحيحًا أو تضعيفًا أو كان توقيفًا أو كان تجريحاً فيقدم قوله على قول من دونه في العلم كمسلم مثلاً على شهرته بعلمه.

فضلًا عما إذا خالف البخاري بعض المتأخرين كالدارقطني مثلاً أو إبن حبان ..أو.. غيرهما..

هذا من المرجحات بلا شك، فالآن نأتي الى مثال عُرف في الوقت الحاضر قيمته وهو التخصص في العلم، فنفوس الناس تجاوبًا منهم مع فطرتهم يعلمون ويشعرون أن العالم المتخصص في علم ما. يُرجع إليه وتطمئن النفس لعلمه أكثر من غير المتخصص.

تعرفون اليوم مثلًا علم الطب أنواعه وأقسامه فيه مثلاً طب عام وفيه طب خاص رجل يشكو وجعًا في فمه، أو في عينه، أو في أذنه، لا يذهب الى الطبيب العام، وإنما إلى المختص، وهذا مثال واضح جدًا.

رجل يريد أن يعرف حكمًا هل هو حرام أم حلال ؟!. لايسأل اللغوي، ولا يسأل الطبيب .. وإنما يسأل عالمـًا بالشرع، وأنا أعني التعميم الآن يسأل عالمًا بالشرع !.

لكن العلماء بالشرع ينقسمون الى أقسام، لما ما يسمى اليوم بالفقه المقارن فيقول لك قال فلان كذا.. وقال فلان كذا.. وقال فلان كذا.. فيجعلك في حيرة.

على كل حال سؤالك إياه أقرب من المنطق بنسبة لا حدود لها من أن تسأل من كان عالمًا أو متخصصًا باللغة العربية.

لكن إذا كنت تعلم أن هناك رجلاً آخر عالم بالشرع لكنه يفتي على الراجح من أقوال العلماء بناءً على الدليل من الكتاب والسنة وأقوال أئمة السلف. لاشك أنك تطمئن لهذا أكثر من الأول ... وهكذا.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس