عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 10-16-2010, 01:50 AM
محمد لبيب
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أخي الفاضل أحمد :أوّلا أعتذر عن التّأخّر ، ذلك بسبب انقطاع النّت عندي !.
و جوابي هو :
من فسّر الآية بما تفضّلت ؟!.
أي :هل من استعمل مصطلح التّمييع فسّر الآية بذلك ؟ !.
هل تستطيع أن تُفسّر الآية بقولك :ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم المبتدعون؟. "
مع أنّ المبتدع أيضا يحكم بغير ما أنزل الله !.
و لكنّ الآية دلّت على معنى عامّ ..فسق و كفر و ظلم .
و نحن إذ نصطلح على لفظة التمييع فإننا نريد بها معنى خاصّ !.
و هذا المعنى راجع إلى تعريف التّمييع .
و قد بيّنت من قبل أنّ هذا المصطلح مستعمل عند العلماء فيمن أراد انحلال اهل الحق في أهل الباطل أو العكس ، دون نكير ...و من هذا الوجه فالمميّع لا يحكم بما أنزل الله !..و لكن لا نستطيع تفسير الآية بذلك ، كما أنّنا لا نستطيع تفسير الآية بـ: فأولئك هم المبتدعون!.
فلا نترك المعنى العام لأجل معنى خاصّ ليس لنا عليه دليل في تفسير الآية !.
و لذلك لمّا توفّر عندنا الدّليل على تفسير الظّلم بالشّرك في الآية السّابقة ، صرنا إليه ، و هو تفسير نبيّنا صلى الله عليه وسلّم ..فالظلم أعمّ من الشّرك ، و لكنّه هو المقصود في تلك الآية : بالنّصّ !.
و هذا دليل على تغيّر الوضع !.
و لكن لو لم يكن هناك دليل على تفسير الظلم بالشّرك ، فإنّ الظّلم يشمل الشّرك و يشمل غيره ، فالتّخصيص يُخرج أجزاء العموم كلّها و يُبقي على ما نصّ الدليل على فرد من أفرداه ، و التخصيص يُضعف دلالة العموم!.
و مع هذا فهذه مصطلحات منصوص عليها لا نغيّر لفظها و لا نستبدله ، ولكن قد يتغيّر وضع لفظها !.
و مصطلح التّمييع نستطيع كذلك تغيير وضعه ، خاصّة أنه غير منصوص عليه بالمعنى الذي اصطلح عليه أهل العلم : فوضعوه فيمن سبق ذكرهم !.
و قضيّة الاصطلاح قضيّة واسعة جدّا ، وليس لأحد المنع إلا بالدّليل !
و قد سبق الكلام على هذا.
و قد ذكرت أمثلة لذلك : كلفظة : عقيدة ، و منهج يُراد به شيئا مخصوصا ، و : لفظة سيّاسة ، بل بعضهم يقول أنّ أصلها غير عربي أصلا !..قال الشّيخ مشهور -حفظه الله-:السّياسة في القرآن ، وهل هي لفظة عربية أم معربة ؟.
:لم يرد في القرآن ذكر للفظة ( السياسة ) ، إذ هذه اللفظة مُعرّبة على رأي ابن كمال باشا (ت:940 هـ) ؛ فإنه قال في كتابه :( تحقيق تعريب الكلمة الأعجميّة) ما نصّه: ( السّياسة ) معرّب ( سَهْ يَسَا) ، و هي لفظة مركبة من كلمتين :
أولهما : أعجميّة ، و الأخرى : تُركيّة ؛ فإنّ ( سَهْ ) بالعجميّة : ثلاثة ، و و ( يَسَا ) : بالمُغل : الترتيب : فكأنه قال : التّراتيب الثّلاثة .
ثمّ نقل تفسير ذلك ..
ثمّ قال :
تحقيق التّعريب :
افاد صاحب ( دراسات في تأصيل المعربات و المصطلحات ) (ص:131-132)أنّ لفظة ( سياسة ) بمعنى /استصلاح الخلق بإرشادهم إلى ما فيه مصلحتهم ، أو المنهج المتّبع في تدبير مرافق الحياة العامة ، و منها : السّياسة المدنية ، والسياسة التربوية ، و سياسة السوق الحرة .
أقول : إنّ اللفظ -بمفهومه الحديث- مولّد توليدا معنويا ، و المولّد على ما جاء في ( المعجم الوسيط) المولّد من الكلام : كلّ لفظ كان عربي الأصل ثمّ تغيّر في الاستعمال ، أو هو اللفظ العربي الذي يستعمله الناس بعد عصر الرواية ).
ثمّ قال :
السياسة عربية: اللفظ عربي فصيح ، و هو ساس الناس يسوسهم سياسة :ورد في جمهرة اللغة لابن دريد (ت:321):و سُسْتُ القومَ و أسُسُهم سياسة ، و كذلك الدّواب.
و قبل ذلك ذكر -حفظه الله-ورود السياسة -ليست بلفظها-في السنة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ ) .
و معنى تسوسهم : أي يتولن أمورهم كما تفعل الأمراء و الولاة بالرعية ، والسياسة القيام على الشيئ بما يُصلحه -قاله النووي-انتهى : انظر السياسة التي يريدها السلفيون :(5-8)
مع أنها في الاستعمال العربي جاءت لعدة أشياء !.
و قد اختلف -فيما أعلم- أهل العلم في وضع حدّ لهذا المصطلح ، رجع كتاب الشيخ مشهور صفحة:13.
و راجع صفحة :(27 منه ) قوله : إن مصطلح (السّياسة) لا يحمد بإطلاق ، ولا يُذم بإطلاق .( وانظر أيضا :صفحة :30منه للفائدة ).
و أيضا : لفظة : حديث ،شاذّ ، و لفظة : زنديق ، و زنادقة ، فلسفة و فيلسوف و متفلسف ، ولفظة : عقلاني ، وأهل الرّأي ، و ظاهري ، و غيرها من الالفاظ الكثيرة .
فائدة أخرى مهمّة جدّا حول : قول:( لا مُشاحة في الاصطلاح) من نفس الكتاب ، صفحة: (57)...و ذلك كردّ على من أنكر عليه ....
قال : ...فتقسيم الجهاد إلى :( طلب و دفع ) لا دليل عليه -هكذا قلتُ !-، كتقسيمات العلوم و اللغة ، و كتقسيمات أنواع التّوحيد ، و كتقسيمات التلاوة و التجويد .
و لكن ...ما حكم هذا التّقسيم ؟ هل هو مردود أم مقبول ؟.
يُقال-ها هنا -: ( لا مُشاحة في الاصطلاح ) ! .
و قال صفحة :74: إنّ العبرة -كما يُقرّره الفقهاء -بـ( الحقائق و المعاني ) لا بـ ( الألفاظ و المباني) ، و عليه ؛ فلا ضير في عدم استخدام القرآن للفظة (السياسة) ، ولا يدلّ ذلك -بداهة- على ذمّها ، و لم يترك القرآن أصول النظر -على اختلافها- بما في ذلك السياسة -إلا و قد رسمه و نصّ على كلّياته ؛ فهو لم يترك الحكام ولا المحكومين هملا ، و لم يهمل وقائع الحياة ، و لم يتركها بلا حلول و لا أحكام ، و فقهاء الإسلام لم يدعوا من وقائع الحياة شيئا إلا نزّلوه على مقتضى أحكامه و أحكام السنّة النبويّة على وفق تطبيق السّلف الصّالح ، واجتهاداتهم المنتزعة من نصوص الوحيين الشريفين .
و من البديهي أنّ الإسلام جاء :دعوة ربّانيّة هادية ، ومنقذة للبشريّة من التّخبّط و الضّياع التي انحدرت إليه قبل البعثة المحمدية .
قال في صفحة :133: إنما سمّي الزّنديق زنديقا ؛ لأنّه وزن دقيق الكلام بمخبول عقله ، وقياس هوى طبعه ، وترك الأثر و الاقتداء بالسنن ، وتأوّل القرآن بالهوى ، فسبحان من لا تُكيّفهُ الأوهام .قاله الذهبي في السير : (13/332)في ترجمة سهل بن عبد الله التستري-انتهى- ، فانظر كيف حصل هذا المعنى! ، و كيف شاع بعد ذلك !. و ما هو أصله؟.
و الله تعالى أعلم .
رد مع اقتباس