عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 11-10-2009, 02:17 AM
أم عبدالله الأثرية أم عبدالله الأثرية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: العراق
المشاركات: 729
افتراضي



طواف الوداع
وبات حجيج الله بالبيت محدقـاً *** ورحمة رب العرش ثمت تغشاه
تداعت رفاقا بالرحيل فما تـرى *** سوى دمع عين بالدماء مزجنـاه
لفرقة بيت الله والحجـر الـذي *** لأجلهما صعب الأمور سلكنـاه
وودعت الحجاج بيـت إلههـا *** وكلهم تجري من الحزن عينـاه
فللَّه كم باك وصاحـب حسـرة *** يـود بـأن الله كـان تـوفـاه
فلو تشهد التوديع يومـاً لبيتـه *** فإن فراق البيت مـر وجدنـاه
فمـا فرقـة الأولاد والله إنـه *** أمر وأدهى ذاك شيء خبرنـاه
فمن لم يجرب ليس يعرف قدره *** فجرب تجد تصديق ما قد ذكرناه
لقد صدعـت أكبادنـا وقلوبنـا *** لما نحن من مر الفراق شربنـاه
والله لـولا أن نؤمـل عــودة *** إليه لذقنا الموت حيـن فجعنـاه

ذكر الرحيل إلى طيبة وزيارة النبي عليه الصلاة والسلام
ومن بعد ما طفنـا طـواف وداعنـا *** رحلنا لمغنى المصطفـى ومصـلاه
ووالله لـو أن الأسنـة أشـرعـت *** وقامت حروب دونـه مـا تركنـاه
ولـو أننـا علـى الـروس دونـه *** ومن دونه جفـن العيـون فرشنـاه
وتملـك منـا بالوصـول رقبـانـا *** ويسلب منـا كـل شـيء ملكنـاه
لكـان يسيـراً فـي محبـة أحمـد *** وبالروح لو يشرى الوصال شرينـاه
ورب الورى لولا محمـد لـم نكـن *** لطيبـة نسعـى والركـاب شددنـاه
ولولاه ما اشتقنـا العقيـق ولا قبـا *** ولولاه لـم نهـوى المدينـة لـولاه
هو القصد إن غنـت بنجـد حداتنـا *** وإلا فمـا نجـد وسـلـع أردنــاه
وما مكة والخيف قل لـي ولا منـى *** وما عرفـات قبـل شـرع أردنـاه
بـه شرفـت تلـك الأماكـن كلهـا *** وربك قد خـص الحبيـب وأعطـاه
لمسجـده سرنـا وشـدت رحالنـا *** وبيـن يديـه شوقنـا قـد كشفنـاه
قطعنـا إليـه كـل بـر ومهـمـه *** ولا شاغـل إلا وعـنـا قطعـنـاه
كـذا عزمـات السائريـن لطيـبـة *** رعى الله عزمـاً للحبيـب عزمنـاه
وكم جبـل جزنـا ورمـل وحاجـز *** ولله كـم واد وشـعـب عبـرنـاه
ترنحنـا الأشـواق نحـو محـمـد *** فنسري ولا ندري بما قـد سرينـاه
ولمـا بـدا جـزع العقيـق رأيتنـا *** نشاوى سكـارى فارحيـن برؤيـاه
شممنا نسيماً جاء من نحـو طيبـة *** فأهلاً وسهلاً يـا نسيمـا شممنـاه
فقـد ملئـت منّـا القلـوب مسـرة *** وأي سرور مثل مـا قـد سررنـاه
فوا عجبـاه كيـف قـرّت عيوننـا *** وقـد أيقنـت أن الحبيـب أتيـنـاه
ولقيـاه منـا بَعـدَ بُعـدٍ تقـاربـت *** فـو الله لا لقيـا تـعـادل لقـيـاه
وصلنـا إليـه واتصلنـا بقـربـه *** فلله مـا أحلـى وصـولاً وصلنـاه
وقفنـا وسلمنـا علـيـه وإنــه *** ليسمعنا مـن غيـر شـك فدينـاه
ورد علينـا بالـسـلام سلامـنـا *** وقد زادنا فـوق الـذي قـد بدأنـاه
كذا كان خلق المصطفـى وصفاتـه *** بذك في الكتـب الصحـاح عرفنـاه
وثـم دعـونـا للأحـبـة كلـهـم *** فكم من حبيب بالدعـاء خصصنـاه
وملنـا لتسليـم الإماميـن عـنـده *** فإنهمـا حقـاً هـنـاك ضجيـعـاه
وكم قد مشينا في مكان بـه مشـى *** وكـم مدخـل للهاشمـي دخلـنـاه
وآثـاره فيهـا العيـون تمتـعـت *** وقمنـا وصلينـا بحيـث مـصـلاه
وكم قـد نشرنـا شوقتنـا لحبيبنـا *** وكم من غليل في القلـوب شفينـاه
ومسجـده فيـه سجـدنـا لربـنـا *** فلله مـا أعلـى سجـوداً سجدنـاه
بروضـة قمنـا فهاتـيـك جـنـة *** فيا فوز من فيهـا يصلـي وبشـراه
ومنبـره الميمـون مـنـه بقـيـة *** وقفنـا عليهـا والفـؤاد كـررنـاه
كذلك مثـل الجـذع حنـت قلوبنـا *** إليـه كمـا ود الحبيـب وددنــاه
وزرنا قبـا حبـا لأحمـد إذ مشـى *** عسى قدماً يخطـو مقامـا تخطـاه
لنبعث يـوم البعـث تحـت لوائـه *** إذا الله مـن تلـك الأماكـن نـاداه
وزرنـا مـزارات البقيـع فليتـنـا *** هنـاك دفنـا والممـات رزقـنـاه
وحمزة زرناه ومـن كـان حولـه *** شهيـداً وأحـداً بالعيـون شهدنـاه
ولمـا بلغنـا مـن زيـارة أحمـد *** منانـا حمدنـا ربـنـا وشكـرنـاه
ومن بعد هذا صاح بالبيـن صائـح *** وقال ارحلوا يا ليتنـا مـا أطعنـاه
سمعنا له صوتـاً بتشتيـت شملنـا *** فيا ما أمر الصوت حيـن سمعنـاه
وقمنـا نـؤم المصطفـى لوداعـه *** ولا دمـع إلا لـلـوداع صببـنـاه
ولا صبر كيف الصبر عند فراقـه ؟ *** وهيهات إن الصبر عنـه صرفنـاه
أيصبـر ذو عقـل لفرقـة أحـمـد *** فلا والذي من قاب قوسيـن أدنـاه
فواحسرتـاه مــن وداع محـمـد *** وأواه مـن يــوم التـفـرق أواه
سأبكي عليه قـدر جهـدي بناظـر *** من الشوق ما ترقى من الدمع غرباه
فيا وقت توديعـي لـه مـا أمـره *** ووقت اللقا والله مـا كـان أحـلاه
عسـى الله يدنينـي لأحمـد ثانيـاً *** فيا حبـذا قـرب الحبيـب ومدنـاه
فيـا رب فارزقنـي لمغنـاه عـودة *** تضاعف لنا فيها الثـواب وترضـاه
رحلنـا وخلفنـا لـديـه قلوبـنـا *** فكم جسد مـن غيـر قلـب قلبنـاه
ولمـا تركنـا ربعـه مـن ورائنـا *** فـلا نـاظـر إلا إلـيـه رددنــاه
لنغنـم منـه نظـرة بعـد نـظـرة *** فلمـا أغبنـاه السـرور أغبـنـاه
فلا عيش يهنى مـع فـراق محمـد *** أأفقـد محبوبـي وعيشـي أهـنـاه
دعوني أمت شوقـاً إليـه وحرقـة *** وخطوا علـى قبـري بأنـي أهـواه
فيا صاحبي هذي التي بي قد جـرت *** وهذا الذي في حجنـا قـد عملنـاه
فإن كنت مشتاقاً فبادر إلى الحمـى *** لتنظـر آثـار الحبيـب وممـشـاه
وتحظى بيت الله مـن قبـل منعـه *** كأنـا بـه عمـا قليـل منعـنـاه
أليس ترى الأشراط كيـف تتابعـت *** فبادر واغنمـه كمـا قـد غنمنـاه
إلى عرفات عاجل العمـر واستبـق *** فثـم إلـه الخلـق يسبـغ نعمـاه
وعيد مع الحجاج يا صاح في منـى *** فعيد منـى أعـلاه عيـداً وأسنـاه
وضح بها واحلـق وسـر متوجهـاً *** إلى البيت واصنع مثل ما قد صنعناه
وكـن صابـراً إنـا لقينـا مشقـة *** فإن تلقها فاصبر كصبـر صبرنـاه
لقد بعـدت تلـك المعالـم والربـا *** فكم من رواح مـع غـدو غدونـاه
فبـادر إليهـا لا تـكـن متوانـيـا *** لعلك تحظـى بالـذي قـد حظينـاه
وحـج بمـال مـن حـلال عرفتـه *** وإيـاك والمـال الـحـرام وإيــاه
فمن كـان بالمـال المحـرم حجـه *** فعن حجـه والله مـا كـان أغنـاه
إذا هـو لبـى الله كـان جـوابـه *** مـن الله لا لبيـك حـج رددنــاه
كذلك جانـا فـي الحديـث مسطـرا *** ففي الحج أجر وافـر قـد سمعنـاه
ومن بعد حج سـر لمسجـد أحمـد *** ولا تخـطـه تـنـدم إذا تتخـطـاه
فوا أسف الساري إذا ذكـر الحمـى *** إذا ربـع خيـر المرسليـن تخطـاه
ووالهـف الآتـي بحـج وعـمـرة *** إذا لـم يكمـل بالزيـارة ممـشـاه
يعزى على ما فاتـه مـن مـزاره *** فقـد فاتـه أجـر كثيـر بـأخـراه
نظرناه حقـاً حيـن بانـت ركابنـا *** على طيبـة حقـاً وصدقـاً نظرنـاه
وزادت بنـا الأشـواق عنـد دنونـا *** إليهـا فمـا أحلـى دنـوا دنيـنـاه
ولمـا بـدت أعلامهـا وطلولـهـا *** تحـدرت الركبـان عمـا ركبـنـاه
وسرنـا مشـاة رفعـة لمحـمـد *** حثنا الخطا حتـى المصلـى دخلنـاه
لنغنـم تضعيـف الثـواب بمسجـد *** صـلاة الفتـى فيـه بألـف يوفـاه
كذلـك فاغنـم فـي زيـارة طيبـة *** كما قد فعلنا واغتنـم مـا غنمنـاه
فإذ ما رأيـت القبـر قبـر محمـد *** فلا تـدن منـه ذاك أولـى لعليـاه
وقـف بوقـار عـنـده وسكيـنـة *** ومثـل رسـول الله حيـا بمـثـواه
وسلـم عليـه والوزيريـن عنـد *** هوزره كـم زرنـا لنحصـد عقبـاه
وبلغـه عنـا لا عدمـت سلامـنـا *** فأنـت رسـول للرسـول بعثـنـاه
ومن كـان منـا مبلغـا لسلامنـا *** فإنـا بمبـلاغ السـلام سبقـنـاه
فيـا نعمـة لله لسنـا بشكـرهـا *** نقوم ولـو مـاء البحـور مددنـاه
فنحمد رب العرش إذا كـان حجنـا *** بزورة مـن كـان الختـام ختمنـاه
عليك سلام الله مـا دامـت السمـا *** سلام كمـا يبغـى الإلـه ويرضـاه

ملاحظة : هذه القصيدة ذكرها الحافظ تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المكي المالكي النتوفى سنة 823 هـ في كتابه ( شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ) ، ونسبها إلى الأديب أبي بكر محمد بن محمد بن عبد الله بن رشد البغدادي وذكر أن صاحبها سماها ( الذهبية في الحجة المالكية والذروة المحمدية ) وعلى هذا فليست القصيدة هذه للصنعاني المتوفى سنة 1182 هـ ، حيث إن الفاسي قبله بنحو أربعة قرون .
ومن باب الأمانة في الأداء ذكرناها بالنص والحرف . والله من وراء القصد.
من كتاب " حكم وأقوال " محمد الطريري ..

المصدر


تم بحمد الله
لا تنسوا أختكم من صالح دعائكم بظهر الغيب
__________________
وعظ الشافعي تلميذه المزني فقال له: اتق الله ومثل الآخرة في قلبك واجعل الموت نصب عينك ولا تنس موقفك بين يدي الله، وكن من الله على وجل، واجتنب محارمه وأد فرائضه وكن مع الحق حيث كان، ولا تستصغرن نعم الله عليك وإن قلت وقابلها بالشكر وليكن صمتك تفكراً، وكلامك ذكراً، ونظرك عبره، واستعذ بالله من النار بالتقوى .(مناقب الشافعي 2/294)
رد مع اقتباس