عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-08-2014, 01:54 AM
عبد الرحمن عقيب الجزائري عبد الرحمن عقيب الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 759
افتراضي

المسألةُ السابعةُ :
تعريف الحمد :

للعلماء عنايةٌ خاصّة ببيان ألفاظ الحمد والثناءوما يتعلق بهما من مباحث لذلك اختلفت حدودهم وتنوعت عباراتهم
فاخترت أنسبها واعتمدت أبينها والله ولي التوفيق .
- جرى جمع من النحاة واللغويين على أخذ الثناء جنسا في حَدِّ الحمد والقول بترادفهما
قالَ الأخفَشُ الحمدُ الثناءُ لذلك قال المرزوقي ت 421 هـ في شرحه على ديوان الحماسة لأبي تمام :
الحمد الثناءُ على الرجلِ بما فِيهِ مَنَ الخصالِ المرتضاة
وقال أبو منصوربن الجواليقي (466 - 540 هـ)
في شرح أدب الكاتب : الحمدُ الثناءُ على الرجلِ بما فيه من حُسنٍ

ومن أجمعها بهذا المعنى : الحمدُ الثناءُ بالجميلِ على الجميلِ الاختياري والذاتي
فالثناء بالجميل أخرج الثناء بالقبيح لأنه ذم وقدح وعلى الجميل أخرج الثناء بالجميل
على القبيح لأنه كذب وافتراءوَتَصَنُّعٌومداهنة
والمراد بالاختياري ما كان صفةَ فعلٍ اختيارية وهي الفواضل مفرد الفاضلة
والمراد بالذاتي الصفات الذاتية وهي الفضائل
قال الناظم :
فَضَائلُ صِفَاتُ ذَاتٍ يَا فَتَى
فَوَاضِلُ صِفَاتُ فِعلٍ قَد أَتَى

ومن أحسن الطرق وأفضلها وأبينها وأنصعها في معرفة معاني المفردات اللغوية والكلمات العربية
بيان ضده ونقيضه ومخالفه وقسيمه لذلك تتابع على تعريفه ب الحمد نقيض الذم جمع من اللغويين
كما في كتاب العين المنسوب للخليل(المتوفى: 170هـ) وتهذيب الأزهري (المتوفى: 370هـ)
وصحاح الجوهري (المتوفى: 393هـ) ومحكم ابن سيده ومخصصه
وممن استفدت منه في هذا الباب وله عناية خاصة به الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
لذلك سأورد من تعاريفه بعضها إن شاء الله
قال رحمه الله في الشرح الممتع : وصفُ المحمود بالكمال؛ سواءٌ كان ذلك كمالاً بالعَظَمة؛ أو كمالاً بالإحسان والنِّعمة. واللَّهُ تعالى محمودٌ على أوصافه كلِّها وأفعاله كلِّها.
وقال أيضا كما في مجموع فتاوى ورسائل العثيمين الحمد: وصفُ المحمود بالكمال محبة وتعظيماً وإجلالاً، فإذا وصفت ربك بالكمال، فهذا هو الحمد، لكن لابد أن يكون مصحوباً بالمحبة والتعظيم والإجلال، لأنه إن لم يكن مصحوباً بذلك سمي مدحاً لا حمداً، ومن ثم نجد بعض الشعراء يمدحون بعض الناس مدحاً عظيماً بالغاً، لكن لو فتشت عن قلبه لوجد أنه خال من محبة هذا الشخص، ولكنه يمدحه إما لرجاء منفعة، أو لدفع مضرة.
أما حمدنا لله عز وجل فإنه حمد محبة وتعظيم وإجلال . انتهى
وقال أبو بكر بن الأنباري في كتابه الزاهر في معاني كلمات الناس : العامة تخطىء في تأويل الحمد والشكر ، فتظن أن الحمد والشكر بمعنىً ، وليس هما كذلك . لأن الحمد عند العرب : الثناء على الرجل بأفعاله الكريمة . إذا قال الرجل: حمدت فلاناً ، فمعناه: أثنيت عليه ، ووصفته بكرم ، أو شجاعة ، أو حسب . قال الشاعر :
(نزورُ امرءاً أعطى على الحمدِ مالَهُ ... ومَنْ يعطِ أثمانَ المحامِدِ يُحْمَدِ)
معناه: أعطى على الثناء ماله. وقال الآخر : (فألفيته فَيْضاً كثيراً عطاؤُهُ ... جواداً متى يُذْكَر له الحمد يَزْدَدِ)
معناه: متى يُذكر له الثناء . وقال زهير :
(فلو كانَ حمدٌ يخلِدُ الناسَ لم يَمُتْ ... ولكنّ حمدَ الناس ليسَ بمُخْلِدِ)
(ولكنّ منه باقياتٍ وِراثةً ... فأَوْرثْ بنيكَ بَعْضَها وتَزَوَّدِ)
(تَزَوَّدْ إلى يومِ المماتِ فإنّه ... وإنْ كرِهتْه النفسُ آخرُ موعِدِ)
معناه: فلو كان ثناء يخلد الناس. وقال الآخر :
(يا أيها المائحُ دلوي دونَكا ... ) * (إني رأيتُ الناسَ يحمدونَكا ... )
(يُثنونَ خيراً ويُمَجِّدونَكا ... )
والشكر، معناه في كلامهم: أن تصف الرجل بنعمة سبقت منه إليك. قال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أُزِّلت إليه نعمةٌ فليشكرها) ( قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَوْله أزلت إِلَيْهِ نعْمَة يَعْنِي أسديت إِلَيْهِ واصطنعت عِنْده ) . معناه: فليصف صاحبَها بإنعامِهِ عليه.
وقد يقع الحمد على ما يقع عليه الشكر، ولا يقع الشكر على ما يقع عليه الحمد.
الدليل على هذا أن العرب تقول: قد حمدت فلاناً على حُسْنِ خُلُقِهِ، وعلى شجاعته، وعلى عقله. ولا يقولون: قد شكرت فلاناً على حسن خلقه وعقله وشجاعته. فالحمد أَعَمُّ من الشكر. ولذلك افتتح الله تبارك وتعالى فاتحة الكتاب فقال: {الحمدُ لله ربِّ العالمين} 2/78
انتهى
رد مع اقتباس