عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 09-11-2017, 02:55 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي 4. "الأُخوّة بين المسلمين" لفضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -.

4.

وفي المدينة المنورة

ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - خطبة الجمعة - بعنوان:

"الأُخوّة بين المسلمين"

والتي تحدَّث فيها عن الأُخوّة بين المسلمين ووجوب تحقيقها، ونشر المودّة في مُجتمعات المؤمنين، مُنوِّهًا إلى خطورة الانجِراف خلف مُخطّطات الأعداء من تفريق المسلمين، وشقّ صفوفهم، وخلخلة وحدتهم، وقد ذكر في ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالَّة على ذلك.

الخطبة الأولى

الحمد لله وليِّ المؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ الأمين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فيا أيها المُسلمون :

أُوصيكم ونفسي بخير وصيَّة، ألا وهي: تقوى الله - جل وعلا -؛ فهي خيرُ زادٍ ليوم المعاد.

إخوة الإسلام :

من أُصول الإيمان وقواعِد الإسلام: تحقيقُ الأُخُوَّة الإيمانيَّة بين المُسلمين، ونشر المودَّة في مُجتمعات المؤمنين، قال - جل وعلا -: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [سورة الحجرات: 10]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم أخُو المسلم».

معاشر المسلمين :

وإن هذا الأصل العظيم والمبدأَ المتين يقتَضِي حقوقًا وواجبات، ويتطلَّبُ مسؤوليَّات والتِزامات، يقول ربُّنا - جل وعلا -: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [سورة التوبة: 71].

إنها أُخُوَّةٌ ! تقتَضِي أن يسيرَ المسلم في حياتِه تجاهَ المسلمين بكل مسلَكٍ كريمٍ وفعلٍ قويمٍ، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه».

إنها الأُخُوَّة التي تحمِلُ الصدقَ من القلبِ في جلبِ المصالِح والمنافِع إلى المُسلمين، ودرءِ الشُّرور والأذى عن المُؤمنين، قال - جل وعلا - : ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمُ من سلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه».

إخوة الإيمان :

إن الأُخُوَّة الإيمانية أصلٌ كبيرٌ في الإسلام، يُزاوِلُه المسلمُ في علاقته بإخوانه المُسلمين ومُجتمعه المُسلم مُزاولَةً عباديَّة، ويُمارِسُها كشعيرةٍ من شعائِر الإيمان، يقومُ بها المسلم كفريضةٍ عظيمةٍ لا يدفعُه غرضٌ نفعيٌّ ولا مصلحةٌ ذاتيَّةٌ.

وبهذا يصيرُ المُجتمع المسلم كما أرادَه الشرعُ العظيم كالبُنيان الواحِد يشدُّ بعضُه بعضًا، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ للمُؤمن البُنيان يشدُّ بعضُه بعضًا» وشبَّك بين أصابِعه.

إنها أُخُوَّةٌ تتطلَّبُ التضحيَةَ والفِداء، والتعاطُفَ والتراحُم، واللُّطفَ والرِّفقَ، وغيرها من المعاني والمسالِك الكريمة التي دعا إليها المُصطفى - صلى الله عليه وسلم - في قولِه: «مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم كمثَلِ الجسَد الواحِد، إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَد بالسهَر والحُمَّى».


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس