عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-03-2018, 12:58 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي قَدْ تَجاوَزْتَ الحَدَّ !! ((الحلقــــة الثانيــــة)) تتمــــَّــــــة

قَدْ تَجاوَزْتَ الحَدَّ !!

((الحلقــــة الثانيــــة))

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، أما بعد.

فيتابع الدكتور العسكر انتقادته على الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، حيث نشر الحلقة الثانية من مقاله (أي سلفية يدعيها الألباني...؟) في جريدة (عكاظ) 29/ 11/ 1418هـ.

وهنا أحب ان أُبَيِّنَ أن الكاتب غير أمين في النقل، وأنه يغمض عينه عمدًا عمَّا هو جدير بإبرازه أمام أعين القارئ ليُحيط علمًا صافيًا بما طُرح حول موضوع الألباني، فأقول:

هناك عبارات متناثرة في كتب الألباني، وتحقيقاته، وأشرطته، فيها الثناء الصريح على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ وفيها وصف الشيخ محمد بن عبدالوهاب بأنه شيخ الإسلام، فهل تَرى نفسك ـ أيها الأخ الكريم ـ مُشتاقًا إلى النظر فيها ؟.

إنها كثيرةٌ جدًا، أقتصر على نقلين منها، ثم أُبَيِّنُ لك لماذا كتمها عنك (العسكر) مع معرفته بها وبمواضعها، وما حقيقة ما نقله العسكر ما زعم أنه قَدْحٌ مِن الألباني في دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ.

1. قال الشيخ الألباني في الرد على من ذمَّ الشيخ محمد بن عبدالوهاب لكونه من (نجد) ونزَّل عليه حديث (نجد قرن الشيطان) :-

[بعض المبتدعة المُحارِبين للسُّنة والمُنْحَرِفين عن التوحيد يَطعنون في الإمام محمد عبد الوهاب مُجدِّدِ دعوة التوحيد في الجزيرة العربية، ويحملون الحديث عليه باعتباره من بلاد (نجد) المعروفة اليوم بهذا الاسم. وجهلوا أو تجاهلوا أنها ليست هي المقصودة بهذا الحديث، وإنما هي (العراق) كما دَلَّ عليه أكثر طرق الحديث، وبذلك قال العلماء قديمًا...) اهـ. كلام الألباني من (سلسلة الأحاديث الصحيحة) (5/ 305 رقم 2246) [الطبعة الأولى عام 1412هـ مكتبة المعارف بالرياض].

2. حثُّ الألباني على قراءة كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وقَرَنَ ذلك بالحث على قراءة كتب ابن تيمية وابن القيم. قال في (تعليقة وشرحه للعقيدة الطحاوية) (ص33) على مسألة توحيد العبادة: [ومن شاء التفصيل فعليه بشرح هذا الكتاب. وكتب شيوخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وغيرهم ممن حذا حذوهم واتبع سبيلهم {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}] ا.هـ.

فهذان نصان من كتب الشيخ الألباني ـ من بين عشرات النصوص ـ تَنْطِقُ باعتراف الألباني بفضل الشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ وأنه شيخ الإسلام فهل تتصور ـ أيها القارئ المُوفَق ـ أن الألباني بعد ذلك يطعن في عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أو أنه ليس يتفق معه في أمور العقيدة؟.

الجواب بكل تأكيد: لا.

إذن فلماذا حَجَبَ عنك الكاتب هذه النصوص مع أني قد أوْقَفْتُهُ على شيءٍ منها؟ إنه الهوى ... لا أجد مُبَرِّرًا غير ذلك، وإن أرَدْتَ شاهِدَ صِدْقٍ على ذلك؛ فاسمع إلى قول العسكر: (ونحن لا نطالبه ـ أي الألباني ـ بالانتساب لهذه الدعوة، لكن يمكن القول بأنها دعوة نافعة وموافقة للكتاب والسنة، وأنه يلتقي معها قلبا وقالبا) اهـ.

سبحان الله ! لقد نطق الألباني بأكثر من ذلك حيث وصف الشيخ محمد بن عبد الوهاب بشيخ الإسلام، فيا ترى هل يرضي ذلك العسكر؟؟

إن ذلك موجود في كتب الألباني قديمًا وحديثًا، لكنهم يعرفون ولا يريدون براءة الذمة فالله الموعد. ثم إن ما نقله من شريط للألباني تكلم فيه الشيخ مع (رجل تبليغي) وذكر دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وسماها بالوهابية. فأقول جوابًا عن ذلك:

أ. الألباني يعيش في مجتمع يختلف تمامًا عن مجتمعنا، فجمهور الناس فيه لا يسمّونَنا إلا (الوهابية).

ب. الألباني في هذا الشريط في حال مناظرة، وقد علم أهل العلم أن أحوال المناظرة تختلف عن التقرير.
ولذلك لمّا تمسك المبتدعة بتأويل الإمام أحمد لصفة المجيء. قال أهل العلم في الرد عليهم: إنما تأولها في مناظرة الجهمية، رَدًا عليهم بلازم مذهبهم.

وقد استمعت إلى الشريط الذي جرى بين الألباني وبين أحد قادة جماعة التبليغ، فما خرجت إلا بأن الألباني يتنزل معه بناءً على ما يعتقده هذا التبليغي.

وإذا أردت أن تعرف صدق ما أقول فانظر إلى العبارات التي نقلتها عن الألباني سابقًا في شأن الشيخ محمد بن عبدالوهاب, واستمع إلى شريطٍ للألباني بعنوان (اجتماع القلم والسيف) ـ ويعني بالقلم قلم الشيخ محمد بن عبدالوهاب وبالسيف سيف الإمام محمد بن سعود ـ لتعرف أن الألباني ينكر على من يُسَمينا بالوهابية على وجه العيب والذم والتنقص.

وكن على ذكر بأن الألباني لا يعرف المجاملات، وإنما هو غاية في الصراحة والتعبير عمَّا في نفسه.

جـ. الألباني يعتقد ان انتسابه لأبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد، لا يصح، وإنما يأخذ من جميعهم ما وافق عنده الأدلة من الكتاب والسنة، ويعتمد في ذلك قول الأئمة أنفسهم: (إذا صح الحديث فهو مذهبي) و (ليس أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -) وغير هذه من الأقوال.

فإذا كان الألباني لا يرضى لنفسه أن يُنْسَبَ لأحد معين من هؤلاء الأئمة، فأمر طبيعي أن لا يرضى لنفسه أن ينتسب إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهو في هذا كله: يمدح هؤلاء الأئمة ويثني عليهم ويستفيد من علمهم، ويُحيلُ على كتبهم. وقد سَبَقَهُ إلى هذا المنهج: الإمام الشوكاني، والإمام الصنعاني، وصديق حسن خان، وكلهم يحظى بثناء علماء الدعوة عليهم، لم يجعلوا ذلك قادِحًا فيهم. كما سيأتي في شرح قضية (التمذهب).

وَزَعْمُ الكاتب في مقاله: أن الدولة السعودية ليسَتْ في حاجة إلى مدح الألباني؛ سَفَهٌ كبيرٌ منه، فحسبه أن يُعَبِّرَ عن رأيِ نفسه، ولا يوهم القرّاء بأنه مُعَبِّرٌ رسميٌّ عن وُجهَةِ نظر الدولة.

ثم إن الله - عز وجل - يجب المدح والثناء، وهو الكامل سبحانه، فكيف بالمخلوقين ؟؟ ثم إنا نعرف عن الدولة ـ وفقها الله ـ أنها تنشر في (الأخبار) الرسمية ما يمدحه بها أهل الصحف في الخارج؛ ليُبَيِّنوا للناس أن محبة هذه الدولة وتقدير جهودها العظيمة مَحَلَّ اهتمام الناس عمومًا، فكيف لا تُحب من عالم من علماء المسلمين أن يمدحها بالحق؟.

وفي ختام هذه الحلقة، أقول: إن ما يدعو إليه هذا الكاتب مِنْ مبدأ التضليل والتبديع بغير حق لهو مبدأ خطيرٌ جدًا، سوف يفضي إلى تدمير المجتمع، وزرع العداوة والبغضاء بين أبنائه ... إضافة إلى استجلاب عداوة الناس الذين نلتقي معهم في العقيدة والتوحيد والدعوة إلى السنة في خارج هذه البلاد.

فليتَّقِ الله تعالى علماؤُنا، وليقفوا أمام هذا الوباء القادم التي تحتضنه ـ للأسف ـ بعض صحفنا، فهو شرارة يجب أن تطفأ، وجيفة يجب أن توارى.

كتب ذلك:
عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم

23/11/1418هـ
محاضر بالمعهد العالي للقضاء

يُتبع إن شاء الله تعالى

https://www.alalbani.info/alalbany_misc_0014.php
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس