عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-03-2012, 10:24 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,646
افتراضي النسخ في كتاب الله العزيز والسنة النبوية المطهرة.

النسخ في كتاب الله العزيز والسنة النبوية المطهرة.

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

قال الله تعالى -: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ۞ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ۞ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [سورة البقرة 106 – 108].

النسخ فى اللغة : هو الإزالة. يقال: نسخت الشمس الظّل، أي أزالته. ويأتي بمعنى التبديل والتحويل.

وأصل النسخ : مِن نَسخَ الكتاب، وهو نقله مِن نسخة إلى أخرى غيرها.

وكذلك نسخ الحكم إلى غيره : إنما هو تحويله، ونقل عبارة إلى غيرها، وسواءً نُسِخَ حكمها أو خطها، إذ هي كلتا حالتيها منسوخة.

والنسخ اصطلاحا : رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي آخر متأخر عنه، فاندرج في ذلك نسخ الأخف بالأثقل وعكسه.

فالرفع : هو النسخ.

الحكم المرفوع : هو المنسوخ.

والدليل الرافع : هو الناسخ.

[قال السديّ : {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} نسخُها : قبضها.

وقال ابن أبي حاتم : يعني رفعها وقبضها. مثل قوله – تعالى - : {والشيخُ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة}.

وقوله - تعالى - : {لو كان لابن آدم واديان مِن ذهب لابتغى لهما ثالثا}.

وقال ابن جرير : {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} : ما ننقل مِن حُكم آية إلى غيره، فنبدّله ونُغيّره، وذلك أن نُحوّل الحلال حراماً، والحرام حلالاً، والمباح محظورا،ً والمحظور مُباحا.

وقوله : {أَوْ نُنْسِهَا} قرئ على وجهين :

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} و {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأهَا} فأمّا مَن قرأها بفتح النون والهمزة بعد السين فمعناه نُؤخّرها، فعن ابن عباس – رضي الله عنهما قال فيها {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأهَا} : ما نبدّل مِن آية أو نتركها لا نبدّلها.

وقال مُجاهد عن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : {أَوْ نَنْسَأهَا} : أي : نثبت خطها ونبدّل حكمها.

ولا يكون النسخ إلاّ في الأمر والنهي، والحظر والإطلاق، والمنع والإباحة.

وأما الأخبار فلا يكون منها ناسخ ولا منسوخ.
[تفسير القرآن العظيم لابن كثير – رحمه الله تعالى – 1/ 208].

إن الله - تعالى - مالك الملك، ومَلِكُ السموات والأرض وما فيهنّ، فعّالٌ لما يُريد، يحكم فيهما كيفما يشاء، ويأمر فيهما بما يشاء، وينهى عما يشاء، ويَنسخ ويُبدّل ويُغيّر في أحكامه ما يشاء بما يشاء إذا شاء.

لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون، يختبِر عبادَه وطاعتهم لرسله بالنسخ، فيأمر بالشيئ لما فيه من المصلحة التي يعلمها، ثمّ ينهى عنه لحكمةٍ يعلمها أيضا.

فينبغي الطاعة كل الطاعة في امتثال الأمر، وتصديق الرسل، والإنقياد لما جاؤوا به.

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ۞ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ۞ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [سورة البقرة 106 - 108].


وفي هذه الآيات الكريمة ردٌ عظيمٌ وبيانٌ بليغٌ لكفر اليهود وتزييف شبهتهم - لعنهم الله - في دعوى استحالة النسخ، إما عقلاً - كما زعمه بعضهم جهلًا وكفرا - وإما نقلا، كما تَخَرّصَهُ آخرونَ منهم افتراءً وإفكا، وإما عنادًا وكفرا.


مِن مُحاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -.

يُتبع – إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس