عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-05-2012, 05:13 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,646
افتراضي النسخ في كتاب الله العزيز والسنة النبوية المطهرة - تتمـــــّــــة -.

النسخ في كتاب الله العزيز والسنة النبوية المطهرة.

وقع النسخ في الكتب السماوية المتقدّمة والشرائع الماضية، فقد أحلّ الله - تعالى لآدم - عليه الصلاة والسلام - تزويج بناته مِن بنيه، ثمّ حرّمَ ذلك.

وأباح لِنوحٍ - عليه الصلاة والسلام - أكل جميع الحيوانات بعد خروجه مِنَ السفينة ثمّ نُسِخَ حِلّ بعضها.

وكان نكاح الأختينِ مُباحًا لإسرائيل وبنيه، ثم حُرّم ذلك في شريعة التوراة وما بعدها.

وأمر الله - جلّ في علاه - إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أن يذبحَ ابنه ابتلاءً واختبارا، ثمّ نسخه قبل الفعل. قال الله - تعالى - : {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ۞ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ۞ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ۞ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ۞ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [سورة الصافات 107 - 110].

وأمر جمهور بني إسرائيل بقتل مَنْ عبدَ العجل منهم، ثمّ رُفِعَ عنهم القتل كيلا يستأصلهم.

ومع ذلك ينكر أهل الكتاب النسخ وكتبهم تشهد بذلك وغيره، وأهمـّـهُ البشارة برسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - والأمر باتباعه ومتابعته على شريعته التي نَسَخَتْ ما قبلها مِن شرائع.

ووجوب طاعته مُتعيّن على كل أحد، لأنه خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [سورة النجم 3 - 4].

جاء بآخر الكتب السماوية "القرآن الكريم"، الذي تكفّلَ الله - تبارك وتعالى - بحفظه من التغيير والتبديل، أو الزيادة والنقصان، وحِفظِ سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - يُبَيّنُ بعضُهُما بعضا، ولا يُسْتَغْنى بأحدِهِما عن الآخر. قال الله - تعالى - : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [سورة الحجر 9].

والذكر كتاب وسنة، اكتمل الشرع بهما قبل وفاته، وأمِرْنا بتلقيهما بالقبول والرضا والإنقياد دون تعنّتٍ أو عناد. قال الله - تعالى - : {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [سورة البقرة 108].

في هذه الآية الكريمة استفهام إستنكاري عام، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُرْسِل للناس كافــــّـــة، ذمّ َالله - تبارك وتعالى - فيها من يسأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على وجه التعنّت والتكذيب والعِناد والجدَل والإقتراح، وحذر مِنْ سُلوك سبيل مَن كفر مِنْ أهل الكتاب، كما فعل بنو إسرائيل مع نبيِّهم موسى - عليه الصلاة والسلام - سألوه أن يُريَهُمُ الله جهرة، تعنّتًا وتكذيبًا وعنادا.

قال الله - تعالى - : {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا} [سورة النساء : 153].

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : "قالت قريش للنبّي - صلى الله عليه وسلم - : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا، فإن أصبح ذهباً اتبعناك"، فدعا ربه فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال : "إن ربك - يُقرئكَ السلام - ويقول لك" : (إن شئت أصبَحَ لهم الصّفا ذهبا، فمن كفر منهم عذبته عذابًا لا أعذّبه أحدًا من العالمين، وإن شئتَ فتَحْتُ لهم باب التوبة والرحمة) قال : (بل باب التوبة والرحمة) رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح : انظر : [صحيح الترغيب والترهيب جـ 3 رقم 3142].

صلوات ربي وسلامه عليه - وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، وجزاه الله عنا خير ما جزى به نبيًا عن أمته.

اقتضت حكمة الله - تبارك وتعالى - البالغة، التدرج برفق ٍفي تشريع الأحكام لتثبيت دعائم الإيمان، ونزول الوحي بها على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - منجمًا على مدى ثلاثٍ وعشرين عامًا حسب ما شاء الله - تبارك وتعالى - من وقائع وأحداث ومناسبات، ولم ينزل دفعة واحدة، وذلك لهيبةِ القرآن وعظمته ليثبتَ الله به فؤاده - صلى الله عليه وسلم -، ويزدادَ الذين آمنوا إيمانًا به وطمأنينةً إليه، وتمسّكًا به واتباعًا لشرائعه، وعملًا بأحكامه وآدابه، وانقيادًا لهديه.

وحجةً على مَنْ خالفه وكذبه، وجادل به على وجه التعنّت والكفر كما فعل بنو إسرائيل بموسى - عليه الصلاة والسلام -.

وللأسف هناك من ينكر وجود نسخ في القرآن الكريم بالسنة، أو ينكر بعضه، رغم وجود أدلة ساطعة بآياتٍ كريمة، وأحاديث صحيحــــة، وبراهين واضحــــة صريحـــة مأذونٌ بها مِنَ الشارع الحكيم - سبحانه -، له الخلق والأمر، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

قال الله – تعالى - : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ۞ يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [سورة الرعد 38 ــ 39].

أحكم الله - جلّ في علاه - آيات كتابه، قبل وفاة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - إذ أنّ ترتيب الآيات الكريمة في كتاب الله – تعالى – أمرٌ توقيفيّ، تمّ بأمر من الله – تبارك وتعالى -، وإرشاد من النبي المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى - : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة الحج : 52].

ومن مناقِب أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – أنه لم يُسَجّل في المصحف الذي جُمِعَ في عهده إلّا ما ثبتَ عَدَمُ نَسْخ تلاوته، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.


يُتبع – إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس