عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-10-2011, 06:51 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي تفسير الإستعــــــــاذة

تفسير الاستعــــــــاذة

أعــوذ : أحتمي، وألتجئ، وأستجير بجناب الله ــ تبارك وتعالى ــ من الشيطان الرجيم أن يضرّني، أو يضلّني في ديني ودنياي، أو يصدَني عن فعل ما أمِرْتُ به من الخير، أو يحثني على فعل ما نُهيتُ عنه من الشر .
تقال كلمة أعوذ : لدفع الشر.
وأما كلمة ألوذ فتقال : لطلب جلب الخير .

قال المتنبي :
يا من ألـــــــــوذ به فيما أؤمَله ***** ومن أعــوذ به ممن أحــــاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ***** ولا يهيضون عظما أنت جابره.

باللـــه : الله : عَلَمٌ مُعَرَّفٌ لذات الرب - تبارك وتعالى -، يميّزه عن بقية الآلهة التي عبدها المشركون.

لفظ الجلالة (الله) - جلّ جلالة - : في لغة العرب : قال الكسائي والفرَاء : أصله الإله. حذفت الهمزة، وأضغمت اللاَم في اللاّم، فصارت لامًا واحدةً مشددة.

لفظ الجلالة الله : تطلق في لغة العرب على أربع معاني :

1. المعبود المطاع : ــ أله، يأله، إلهة، وألوهية. أي : عبد، يعبد، عبادة وعبودية، فهو مألوه أي معبود. قال الله - تعالى - : ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [سورة التوبة 31].
وقوله - تعالى - : ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيم [سورة الزخرف 84] .
أي : ان الله – تبارك وتعالى - المعبود المطاع في السماء هو الله المعبود المطاع في الأرض.

2. المحبوب المعظم : من : أله ــ بكسر اللام ــ يَأْلَهُ ــ بفتح اللام ــ وَيُولَهُ، والوَلَهُ : شدة الحب والشوق والتعظيم . كانت العرب تحب آلهتها وتعظمها، وتقدسها وتجلها، وتضعها في أشرف مكان وسط الكعبة وحولها، وكل عابد يحب إلهه، لأنه يبتغي النفع عنده، فيأمل كشف الضرَ منه، ويتعلق القلب به خوفا ورجاءً.
قال الله – تعالى - : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ [سورة البقرة 165].

3. الذي يلتجأ إليه عند الشدة : تقول العرب : ألِه ــ بكسر اللام ــ يألـَهُ إلى كذا، أي : يلجأ إليه، وكانت العرب تلجأ إلى آلهتها طلبا للنصرة عند الشدة، كما قال - تعالى - : ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ۞ كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا [سورة مريم 80 ــ 81].
وقال - تعالى - : ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ ۞ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ [سورة يس 74].

4. الذي تحتار فيه العقول : لما في عظيم قدرته وجليل صفاته من أسرار خفية, ما يعجز العقل البشري عن إدراكها فيقر طائعاً مذعنًا مصدقًا موقنًا مسلَمًا وراضيًا به - سبحانه - إلهًا وربّا.

وأصلها من : ألَهَ، يألَه، ألَها ــ بفتح اللام. أي تحيّر يَتحَيّرُ تحَيّرا، وهذه الحيرة، ليست بمعنى حيرة الشك والإرتياب، بل بمعنى التعظيم للنحو الذي هو عليه الربِّ - سبحانه وتعالى -.

إذ أنه - جلّ في عُلاه – ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ۞ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ۞ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [سورة الأنعام 101 ــ 103].

ومن آثار رحمته - سبحانه - بعباده أنه أرسل الرسل , وأنزل الكتب السماوية التي تُعرَف العباد بربهم، وأسمائه وصفاته، ومرضاته – سبحانه -، ومراده من خلقه، لينالوا بها غاية كمالهم، وتحصل لهم بها حياة قلوبهم وأرواحهم، أعظم مما تحصل بها حياة أبدانهم بإنزال الغيث، وإنبات النبات.

أدرك هذا أولو الألباب، وحُجبَ عن إدراكه كثيرٌ ممن كان لهم حظ البهائم والدواب بَلْ هُمْ أَضَلُّ. قال الله - تعالى - : ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [سورة الفرقان 44].

الشيطان : في لغة العرب من شطن : أي بَعُدَ وتجاوز حدوده، إذ أنه بعيدٌ بطبعه عن طباع البشر، وبعيدٌ بفسقه عن كل خير.
قال الله – تعالى - : ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [سورة الكهف 50] .

ولهذا سُمِّيَ كل من تمرَّد من إنس أو جن شيطانا.

قال الله - تعالى - : ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [سورة الأنعام 112].

إلا أن شياطين الإنس خلقت من طين، وشياطين الجن خلقت من نار.

قال الله - تعالى - : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ۞ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ [سورة الحجر 26 ــ 27].

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم) [مختصر صحيح مسلم 2169] و [السلسلة الصحيحة 458].

الرجيم : من فعيل ــ بمعنى مفعول. أي المرجوم، المطرود عن الخير كله جزاءً وفاقا.
قال الله - تعالى - : ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ [سورة الملك 5].
وقال - تعالى - : ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ۞ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ۞ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ۞ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ۞ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [سورة الصافَات 6 ــ 10].


يُتبع - إن شاء الله تعالى -


متى تقــــــــــال الإستعــــــــــاذة ؟
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس