عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 02-24-2010, 10:58 AM
عائشة عائشة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 354
افتراضي

جزاكنّ الله خيرًا، وبارك فيكنّ.

وهذه فتاوى عن هذا الموضوع، سبق أن جمعتُها، أسأل الله أن ينفع بها:

سُئِل فضيلة الشَّيخ ابن عُثيمين -رحمه الله- عمَّن يُجيدون الكتابة الممتازة بالخطِّ العريض؛ فيكتبون آية كريمة على شكل رجلٍ يصلِّي؛ فأجاب بقوله:

الَّذي يظهر لي أنَّه لا يجوز، وأنَّ هذا من التعمُّق والتَّنطُّع، وقد قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (هلك المتنطِّعون)، ثم إنَّ الكتابة العربيَّة -بالحروف العربيَّة- لا بدَّ أنْ يحصل فيها تغييرٌ، إذا هي عُصِفَتْ حتَّى تكونَ على هيئة المصلِّي، ثمَّ إنَّ هيئة المصلِّي قد يكون فيها -أو مِن جملة الهيئاتِ- أنْ يكون ساجدًا؛ وحينئذٍ يكون أعلى القرآن، أو أعلى الصَّحيفة وأسفلها مختلفًا، ويكون القرآن مُعبِّراً عَن ساجدٍ، وقد قال النَّبيُّ -عليه الصلاة والسَّلام-: (ألا وإنّي نُهيتُ أنْ أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا)؛ فكلُّ شيءٍ يُوهم أنَّ هذا القرآن في منزلةٍ أسفل؛ فإنَّه منهيٌّ عنه، وإذا كان النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- نهى أنْ يقرأ الإنسان القرآن راكعًا أو ساجدًا؛ لأنَّ هيئته هيئةُ ذلٍّ بالغ، والقرآن ينبغي أنْ يكون في محلِّ القيام؛ الَّذي يكون محلَّ انتصابٍ وارتفاع؛ فالحاصل: أنَّ هذه الكتابة نرى أنَّها لا تجوز. ثمَّ إنَّ من المغالاة أنْ يُدعى النَّاس إلى شريعة الله بمثل هذه الأمور.
وبهذه المناسبة: أودُّ أنْ أنبِّه -أيضًا- إلى ما يُعلَّق مِن بعض الآيات في المجالس؛ فإنَّ هذا -أيضًا- مِنَ الأمور الْمُبتدَعَة المحدَثة، الَّتي وإنْ كان فاعلوها يقصدونَ إمَّا التَّبرُّك، وإمَّا التَّذكير؛ فهذا لا ينبغي؛ لأنَّ التَّبرُّك على هذا الوجه بالقرآن الكريم لم يَرِدْ، وأما التَّذكير؛ فإنَّها -في الحقيقة- لا تُذكِّر في الغالب، بل إنَّك تجد في هذا المجلس الذي عُلِّقت فيه هذه الآيات؛ تجد فيه من اللَّغو، والسِّباب، والشَّتم، أو مِن الأفعال المنكَرة، مِن شرب دخانٍ، أو مِن استماع إلى ما لا يجوز الاستماع إليه، أو ما أشبه ذلك، وهذا -لا شكَّ- أنَّه يكون كالاستهزاء بآيات الله تعالى؛ حيث تكون آيات الله تعالى فوق رؤوس النَّاس الجالسين، وهم ينابذون الله تعالى بالمعاصي، وبالسّباب، والشَّتم، والغيبة، ونحو ذلك؛ فلهذا: نرى أنَّ للمسلمين غنًى عَن هذه الأمور؛ التي تُلُقِّيَتْ عن غيرِ رويَّة، ومن غير تأمُّلٍ، وخيرُ هديٍ هديُ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وسلفِ هذه الأُمَّة الصَّالح؛ فالذي أنصح به إخواني المسلمين: أنْ لا يُعلِّقوا مثلَ هذه الآيات في بيوتهم؛ لأنَّ فيها من المفاسد ما أشرنا إليه آنفًا، و : في المصاحف غنًى عن هذا، ومن أراد كلام الله، والتَّمَتُّعَ بتلاوته، أو التدبُّر لآياته؛ وَجَدَهُ مكتوبا في المصاحف، والله الموفِّق.

[ المصدر: «فتاوى نور على الدَّرب»، الشريط: 50-ب، الدقيقة: 11:01. وفي موقع الشَّيخ: هُنا ].

-----------------------------------------------------------

سُئل فضيلة الشَّيخ ابن عُثيمين -رحمه الله-:
ما حكم كتابة الآيات والأحاديث على جُدران المساجد؟


فأجاب بقوله:
هذه مُشوِّشة؛ تشوِّش على النَّاس. أمَّا كتابة الآيات على الجدران -سواءً في المساجد أو غيرها-؛ فإنَّه مِنَ البِدَع، لم يُعهدْ عَنِ الصَّحابة أنَّهم ينقشون جدرانَهم بالآيات، ثمَّ إنَّ اتِّخاذ الآياتِ نقوشًا في الجدران: فيه شيءٌ مِن إهانة كلام اللهِ، ولذلك نجد بعضهم يكتب الآيات وكأنَّها قصور، أو مآذن، أو مساجد، أو ما أشبه ذلك؛ يعني: يكيِّف الكتابة حتَّى تكون كأنَّها قَصْر، ولا شكَّ أنَّ هذا عَبَثٌ: عبثٌ بكتاب الله -عزَّ وجلَّ-، ثمَّ لو قُدِّر أنَّها كُتِبَتْ بكتابةٍ عربيَّةٍ مفهومة؛ فإنَّ ذلك ليس مِن هَدْي السَّلَف. وما الفائدة من كتابتها على الجدار؟! يقول بعض النَّاس: لعلَّه يكون تذكيرًا للنَّاس؛ فنقول: التَّذكير يكون بالقَوْلِ، لا بكتابة الآيات، ثمَّ إنَّه أحيانًا يكتب على الجدار: وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُمْ بَعْضًا، وتجد الَّذين تحت الآية هذه يغتابون النَّاس؛ فيكون كالمستهزئ بآيات الله. إذًا: كتابة الآيات لا في المساجد ولا على جدران البيوت: كلُّها مِنَ البِدَع الّتي لم تَكُنْ معهودةً في السَّلَف. أمَّا كتابة الأحاديث: ففي المساجد إذا كانت في القِبلة؛ لا شكَّ أنَّها تُوجب التَّشويش، وأنَّه قد يكون هناك نظرة ولو مِن بعض المأمومين إليها في الصَّلاة، وقد كَرِهَ العلماءُ -رحمهم الله- أنْ يكتبَ الإنسان في قِبلة المسجد شيئًا، أمَّا في البيوت؛ فلا بأس أنْ يكتبَ حديثًا يكون فيه فائدة؛ مثل كفَّارة المجلس: (سبحانك اللَّهمَّ ربَّنا وبحمدك، أشهد أنْ لا إله إلا أنتَ، أستغفركَ وأتوبُ إليكَ)؛ هذا فيها تذكير.

[ المصدر: «سلسلة لقاء الباب المفتوح»، الشَّريط: 197 ].

------------------------------------

السؤال:
عندي أوانٍ كثيرة تحمل آيات قرآنية كريمة، والبعض من الأدعية المأثورة، وقال لي بعض الناس: إن استعمالها أو امتلاكها حرام، ويجب عليَّ أن أحرقها؛ فقمت بإحراقها؛ خشيةً لعقاب الله -عز وجل-، وبعد أن أحرقت البعض منها، ومزقت البعض الآخر؛ لم أعرف أين أضع المخلفات؛ هل أقوم بدفنها، أم أرميها بسلة مهملات؟ أرجو التوجيه مأجورين.


الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
الجواب على هذا السؤال: أنَّ هذه الأوراق التي كانت فيها آيات من كتاب الله -عزَّ وجلَّ- وأحرقَتْها بمشورة من بعض الناس: يُمكن أن تكملَ إحراقها أيضًا، ثمَّ تدفنها؛ لأنَّ ذلك أبلغ في البعد عن امتهانها، اللَّهمَّ إلاَّ أن تمزِّقها تمزيقًا كاملاً؛ بحيث لا يبقى في الكلمات شيء؛ فإنَّه يُغني عن إحراقها.


ولكنَّها ذَكَرَتْ أنها أحرقت أوراقًا فيها أدعية، والأوراقُ الَّتي فيها الأدعية: يُفصّل فيها؛ فيُقال: إنْ كانت أدعية مشروعة؛ فالحفاظ عليها أَوْلَى، وإبقاؤها أولى؛ ليُنتفعَ بها، وإنْ كانت أدعية غير مشروعة؛ فإتلافها واجبٌ بالإحراق، أو التمزيق تمزيقًا كاملاً.

قد يقول قائل: لماذا فصَّلتم في الأوراق الَّتي فيها أدعية، ولم تفصِّلوا في الأوراق التي فيها آيات قرآنية؟ والجواب على هذا أن نقول: إنَّ الأوراق الَّتي فيها آيات قرآنية لو بَقِيَتْ؛ لكان هذا عرضة لامتهانها، إنْ بَقِيَتْ هكذا مُهْمَلة، وإنْ عُلِّقَتْ على الجُدُر؛ فإنَّ تعليق الآيات على الجدر ليس مِن الأمور المشروعة الَّتي كان عليها السَّلَف الصَّالح -رضِي الله عنهم-، والمعلِّق لها لا يخلو من أحوال:

الحال الأُولى: أن يعلِّقها تبركًا بها، وهذا ليس بمشروع؛ وذلك لأنَّ التبرُّك بالقرآن على هذا النَّحو لَمْ يَرِدْ عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولا عن أصحابه، وما لم يَرِدْ عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- مِمَّا اتُّخِذَ على وجه تعبُّديٍّ، أو على وجه وسيليٍّ؛ فإنه لا يكون مشروعًا؛ لقول الله -تعالى-: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ.... وإمَّا أن يتَّخذها على سبيل الحماية؛ بحيث يعتقد أنَّه إذا علَّق هذه الآيات حَمَتْ مِنَ الشَّياطين، وهذا أيضًا لا أصلَ له مِنَ السُّنَّة، ولا مِنْ عمل الصَّحابة -رضِي الله عنهم- والسَّلَف الصَّالح، وفيه محذور؛ وهو: أنَّ الإنسانَ يعتمد عليها، ولا يقوم بما ينبغي أن يقومَ به من قراءة الآيات الَّتي فيها الحماية والتَّحرُّز مِنَ الشَّيطان الرَّجيم؛ لأنَّ نَفْسَه ستقول له: ما دُمْتَ قد علَّقْتَ آية الكرسي -مثلاً- في بيتك؛ فإنه يُغني عن قراءتها، ما دُمْتَ علَّقت سورة الإخلاص والمعوِّذتين؛ فإنه يكفيك عن قراءتهم، وهذا لا شكَّ أنه يصدُّ الإنسان عن الطَّريق الصحيح للاحتماء والاحتراز بالقرآن الكريم. فهاتان حالان. الحال الثَّالثة: أنْ يُعلِّق هذه الأوراق الَّتي فيها القرآن مِن أجل الذِّكرى والموعظة؛ وهذا إنْ قُدِّر أنَّ فيه نفعًا في بعض الأحيان؛ فإنَّ فيه ضررًا أكثر؛ وذلك أنَّ كثيرًا مِنَ المجالس تكون فيها هذه الآيات القرآنية، ولكن لا ينتفع أهل المجلس بها. قَدْ يكون مِنَ المعلَّق ورقة فيها قوله -تعالى-: وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا؛ فتجد النَّاس في نفس هذا المكان يغتاب بعضهم بعضًا، ولا ينتفعون بهذه الآية، وكونُ الآية فوق رؤوسهم تنهى عَنِ الغيبة وهم يغتابون النَّاس: يُشبه أن يكونَ هذا من باب التَّحدِّي وعدم المبالاة بما نهى الله عنه. وربَّما تَجِدُ في بعض المجالس ورقة فيها قول الله -تعالى-: يَا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا - وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأصِيلا، ومع هذا: لا أحد يلتفت لها، ولا يرفع رأسه إليها، ولا يذكر الله ولا يُسبِّحه، وهذا كثير. إذًا: فالعظة والتذكُّر بهذه الآيات الَّتي تُكتب على أوراق وتُعلَّق: قليلة. ثُمَّ إنَّ التَّذكير والعِظة بهذه الطَّريقة لَمْ تَكُن معروفة في عهد السَّلَف الصَّالح، ولا شكَّ أنَّ هَدْيَهُم خيرٌ مِنْ هَدْيِنا، وأقرب إلى الصَّوابِ منَّا، ولهذا: قال النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْني، ثُمَّ الَّذين يلونهم، ثُمَّ الَّذين يلونهم).

ولهذا: حبَّذنا عمل هذه المرأة الَّتي أحرَقَتِ الأوراق الَّتي عندها فيها آيات مِن كتاب الله، وفصَّلنا في الأدعية، نعم.

السَّائل:
بارك الله فيكم -يا شيخ محمد!-: هَل ينطبق هذا على الأحاديث -فضيلة الشيخ!-؟


الشيخ:
أنا عندي أنَّ الأحاديث أهون مِنَ الآيات الكريمة، ولكنْ -مع هذا-: لَوْ عَدَلَ النَّاسُ عنها لكانَ خيرًا، ولَو بَقِيَتْ فَلا بأس، نعم.


السَّائل:
بارك الله فيكم. الحِكَم وغيرها أيضًا؟


الشيخ: ليس فيها بأس؛ لأنها ليست مِنْ كلام الله ولا رسوله في الغالب، نعم.

[ المصدر: «فتاوى نور على الدَّرب»، الشريط: 206-ب، وفي موقع الشيخ: هُنا ].

---------------------------------------------------------------

السُّؤال:
نَرَى كثيرًا ما تُوضع لافتات ولَوْحات -سواء أكانت من الوَرَق أو القُماش أو اللَّوحات الخشبيَّة- ومكتوب عليها جميعًا آيات قرآنيَّة، وتُوضع على أبواب المساجد والعمائر والشَّوارع العامَّة، مِمَّا يُعرِّض كلام الله -- للإهانة...؛ [بسبب] سقوط هذه اللَّوحات على الطُّرُق والمحلاَّت القذرة. نرجو التَّوجيه من فضيلتكم بشأن هذا الموضوع الهامِّ؛ لحماية كلام الله مِنَ التعرُّض للخَطَأ.

جواب فضيلة الشَّيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
هذا الأمر الَّذي أشار إليه السَّائل؛ وهو: تعليقُ الآياتِ القرآنيَّة على الجدران وأبواب المساجد وما أشبهها: هُوَ مِنَ الأمور المحدَثة؛ الَّتي لم تَكُنْ معروفة في عهد السَّلَف الصَّالح؛ الَّذين هُمْ خير القرون؛ كما ثَبَتَ عن النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- أنَّه قال: (خيرُ النَّاسِ قَرْني، ثمَّ الَّذين يلونَهُمْ، ثمَّ الَّذين يلونَهُم)، ولَوْ كان هذا مِنَ الأمور المحبوبة إلى الله -عزَّ وجلَّ-؛ لشَرَعَه الله -تعالى- على لسان رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-؛ لأنَّ كلَّ ما ينفع النَّاس في دينهم ودنياهم؛ فهو مشروع على لسان الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولو كان هذا مِنَ الخير؛ لكان أولئك السَّلَف الصالح أسبق إليه منَّا.


ومع هذا: فإنَّنا نقول لهؤلاء الَّذين يعلِّقون هذه الآيات: ماذا تقصدون مِنْ هذا التَّعليق؟ أتقصدون بذلك احترام كلام الله -عزَّ وجلَّ-؟ إنْ قالوا: نعم؛ قلنا: لسنا -واللهِ- أشدَّ احترامًا لكتاب الله -- مِنْ أصحاب النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ومع ذلك: لم يعلِّقوا شيئًا مِنْ آيات الله على جُدرانهم، أو جدران مساجدهم. وإنْ قالوا: نريد بذلك التَّذكير والموعظة؛ قلنا: لِننظرْ إلى الواقع؛ فهل أحد من النَّاس الَّذين يُشاهدون هذه الآيات المعلَّقة يتَّعظ بما فيها؟ قد يكون ذلك، ولكنَّه نادر جدًّا، وأكثر ما يلفت النَّظر في هذه الآيات المكتوبة، أكثر ما يلفت النَّظر: حُسن الخطِّ، أو ما يُحيط بها من البراويز، أو ما أشبه ذلك، والزخارف، ونادرٌ جدًّا أنْ يرفع الإنسان رأسه إليها ليقرأها؛ فيتعظ بما فيها. وإنْ قالوا: نريد التبرُّك بها؛ فيقال: ليس هذا طريق التبرُّك، والقرآن كلُّه مُبارَك؛ لكنَّه بتلاوته، وتفقُّه معانيه، والعمل به، لا بأنْ يُعلَّق على الجدران، ويكون كالمتاحف. وإنْ قالوا: أردنا بذلك الحماية والوِرْد؛ قلنا: ليس هذا طريق الحماية والوِرْد؛ فإن الأوراد الَّتي تكون من القرآن إنَّما تنفع صاحبها إذا قرأها؛ كما في قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيمن قرأ آية الكرسي في ليلةٍ: (لَمْ يَزَلْ عليه مِنَ اللهِ حافظٌ، و لا يقربه شيطان حتَّى يصبح)، ومع هذا: فإنَّ بعض المجالس أو كثيرًا من المجالس الَّتي تُكتب فيها هذه الآيات: قد يكون فيها اللَّغو، بل قد يكون فيها الكلام المحرَّم، أو الأغاني المحرَّمة، وفي ذلك من امتهان القرآن المعنويِّ ما هو ظاهر.

ثمَّ إنَّ الامتهان الحسِّيَّ الَّذي أشار إليه السَّائل؛ بأنَّ هذه الأوراق قد تتساقط في الأسواق، وعلى القاذورات، وتُوطأ بالأقدام: هو أمر آخر -أيضًا- ممَّا ينبغي أن يُنزَّه عنه، بل مما يجب أن يُنزَّه عنه كلام الله -عزَّ وجلَّ-.

والخلاصة: أنَّ تعليق هذه الآيات إلى الإثم أقرب منه إلى الأجر، وسلوكُ طريق السَّلامة أَوْلَى بالمؤمن وأَجْدَر.

على أنَّني -أيضًا- رأيتُ بعض النَّاس يكتب هذه الآيات بحروف أشبه ما تكون مُزخرفة، حتَّى إني رأيتُ مَنْ كَتَب بعض الآيات على صورة طائر، أو حيوان، أو رَجُلٍ جالسٍ جلوس التَّشهُّد في الصَّلاة، أو ما أشبه ذلك، فيكتبون هذه الآيات على وجه محرَّم؛ على وجه التَّصوير؛ الذي لعن النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فاعلَه. ثمَّ إنَّ العلماء -رحمهم الله- اختلفوا: هل يجوز أن تُرْسَم الآيات برسمٍ غيرِ الرَّسم العثماني أو لا يجوز؟ اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال؛ منهم مَنْ قال: إنَّه يجوز مطلقًا؛ بأن تُرسم على القاعدة المعروفة في كلِّ زمان ومكان بحسبه ما دامت بالحروف العربيَّة، ومنهم مَن يقول: إنه لا يجوز مطلقًا؛ بل الواجب أن تُرسم الآيات القرآنية بالرَّسم العثمانيِّ فقط، ومنهم مَن يقول: إنَّه يجوز أنْ تُرسم بالقاعدة المعروفة في كلِّ زمان ومكان بحسبه للصِّبيان؛ لتمرينهم على أن ينطقوا بالقرآن على الوجه السَّليم، بخلاف رسمه للعُقلاء الكِبار؛ فيكون بالرَّسم العثمانيِّ. وأمَّا أن يُرسَمَ على وجه الزَّركشة، والنُّقوش، أو صُور الحيوان؛ فلا شكَّ في تحريمه. فعلى المؤمن أنْ يكون معظِّمًا لكتاب الله -عزَّ وجلَّ-، مُحترِمًا له، وإذا أراد أن يأتيَ بشيء على صورة الزَّركشة والنُّقوش؛ فليأتِ بألفاظ أُخَر مِنَ الحكم المشهورة بين النَّاس، وما أشبه ذلك، وأمَّا أن يجعلَ ذلك في كتاب الله -عزَّ وجلَّ- فيتَّخذ الحروف القرآنية صورًا للنُّقوش والزَّخارف، أو ما هو أقبح مِن ذلك؛ بأن يتَّخذها صورًا لحيوان أو للإنسان؛ فإنَّ هذا قبيح محرَّم، والله المستعان.

[ المصدر: «فتاوى نور على الدَّرب»، الشَّريط: 162- أ، الدَّقيقة: 9:49 ].

-------------------------------------

سًئِلَ فضيلة الشَّيخ صالح الفوزان -حفظه الله-:
هل يجوز تعليق لوحات تجميليَّة في المنازل، وقد كُتِب عليها آياتٌ قرآنيَّة‏؟‏

فأجاب بقوله:
اللهُ -- أنزل القرآن هدى ونورًا وشفاء لِما في الصُّدور، وأنزله ليُتلَى، ويُتدبَّر، ويُعمَل به، ويُستنار بِهَدْيه، ويُتخَّذ إمامًا وقائدًا إلى الله -جلَّ وعلا-، وإلى جنَّته، فهو حجَّة الله على خلقه، كما قال النبيُّ -‏-:‏ ‏(‏والقرآن حجَّة لك أو عليك‏)‏ ‏[‏انظر ‏"‏صحيح مسلم‏"‏ ‏(‏1/203‏)‏ من حديث أبي مالك الأشعري ‏]،‏ إنْ تمسَّكتَ به، وعملتَ به؛ صار حجَّة لك، وهو دليل لك إلى الجنَّة، وإنْ أعرضت عنه؛ صار حجَّة عليك، يدفعكَ إلى النَّار؛ لمخالفته، وعدم العمل به، فهذا هو الواجب نحو القرآن‏.‏

الواجب نحو القرآن: أنْ نتلوَه حقَّ تلاوته، وأنْ نهتديَ بهديه، ونستنير بنوره، وأن نعظِّمه ونجلَّه ونحترمَه ونصونَه عن العبث والامتهان؛ لأنَّه كتاب الله -عزَّ وجلَّ- الَّذي لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ولا مِن خلفه تَنزيل من حكيمٍ حميد، وأنْ نعمل به، وأن نحكِّمه فيما اختلفنا فيه، كما قال تعالى‏:‏ ‏‏فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً‏‏ ‏[‏سورة النساء‏:‏ آية 59‏]‏‏.‏

أمَّا كتابته حجبًا أو رقاعًا أو على لوحات، ويعلق على الجدران؛ فهذا لا ينبغي، ويحرم كتابته حجبًا وحروزًا، يعلَّق على الصِّبيان، أو على الرِّقاب، أو على النِّساء، أو الرِّجال، هذا لا يجوز على الصحيح من قولي العلماء؛ لأنَّ فيه امتهانًا للقرآن، وتعريضًا لإهانته، وربَّما يكون سببًا للاعتقاد في الشِّفاء من غير الله -عزَّ وجلَّ-، ويكون فتحًا لباب تعليق ما لا يجوز تعليقه من العوذ الشَّيطانيَّة، والألفاظ الشِّركيَّة‏.‏

فالصَّحيح من قولي العلماء: أنَّه لا يجوز اتِّخاذ القرآن حُروزًا وتعاويذ، تُكتب وتُعلَّق على الرِّقاب أو على الأجسام، وكذلك كتابته على لوحات، وتعليقه على الجدران، هذا لا يجوز؛ لأنَّه ربَّما يُهان القرآن، ربَّما أنَّ المكان الَّذي عُلِّقت فيه هذه اللوحة الَّتي فيها آية مِن كتاب الله، أنَّه يكون فيه شيء من المعاصي، ويكون فيه شيءٌ من الفسوق، ويكون في هذا إهانة للقرآن العظيم، وربَّما تسقط هذه اللوحة، وتُداس، وتُمتهن، أو تؤول هذه اللَّوحة إلى سكان لا يعبؤون بالقرآن، وينزلون هذا المنزل فيهينون هذا القرآن المعلَّق؛ ففي تعليقه على الجدران: تعريض له للامتهان، ولم يكُن هذا من هَدْي السَّلَف الصَّالح، لم يُعلم أنهم كانوا يكتبون القرآن على لوحات أو براويز، ويعلِّقونه على الجدران، وإنَّما كان القرآن يُكتَب في القلوب، ويُعمَل به ظاهرًا وباطنًا، ويُحفظ ويُتلى ويُدرس، أمَّا كتابته في لوحات وبراويز وما أشبه ذلك؛ فهذا لم يكن معروفًا عن السَّلَف، ولا فائدةَ مِن وراء ذلك، وإنَّما يُخشى مِن المضرَّة، والإهانة للقرآن الكريم‏.‏


[ المصدر: «المنتقى مِن فتاوى الشَّيخ الفوزان» ( كتاب إلكتروني )، ج2، السؤال ( 63 ) ].

----------------------------------------------------

س: هل يجوز تعليق آيات قرآنية أو أدعية نبويَّة على جدران المنزل‏؟‏

ج: تعليقُ الآيات المكتوبة أو الأحاديث والأدعية: كلُّ هذا لم يكن مِن عمل السَّلَف‏.‏ ما كانوا يكتبون الآيات والأدعية والأحاديث ويعلِّقونها على الجدران، إنَّما كانوا يحفظونها ويعملون بها، ويحترمونها غاية الاحترام، ويكتبونها في الكُتُب‏.‏ أمَّا تعليق الآيات والأحاديث والأدعية؛ فهذا لا يجوز، خصوصًا الآيات القرآنية؛ فإنَّ في تعليقها تعريضًا لها للامتهان‏؛‏ قد تسقط هذه المعلَّقات، أو الملصَقات، وتُداس، وتُمتَهَن‏،‏ وقد ينالها ما ينالها مِنَ الأذى، والامتهان؛ فهذا مِنَ العَبَث‏.‏ وغالبًا ما يُفعل مِنْ أجل الزِّينة والمناظر الَّتي تُعلَّق، وربَّما تُكتب الآيات على شكلٍ لا يجوز، حتَّى إنَّ بعضهم يكتبها على شكل حيوان أو طائر، أو يكتبها على صورة مصباح كهربائيٍّ أو قنديل، فهذا كلُّه عَبَث لا يجوز‏.‏ كما تُكتب أحيانًا على شكلٍ غيرِ مقروء، وعلى شكلِ نقوشٍ؛ مِمَّا يدلُّ على أنَّ القصد مِنْ ذلك النُّقوش، وإبراز جمال الخطوط، والزِّينة، وهذا كلُّه مِنَ العبث؛ الَّذي يُصان عنه كتابُ الله -عزَّ وجلَّ-‏.‏

[ المصدر: «المنتقى مِن فتاوى الشَّيخ الفوزان» ( كتاب إلكتروني، إعداد: موقع روح الإسلام )، ج2، السؤال ( 65 ) ].



-------------------------------------------------

س: هل يجوز تعليق آيات من كتاب الله في المجالس، مع أنَّ الآية القرآنية قد زُيِّنَتْ ووُضِعَ عليها برواز للتَّجميل‏؟‏

ج: الَّذي أراه أنَّ هذا العمل لا يجوز؛ لِمَا فيه من تعريضِ القرآن للإهانة، خصوصًا وأنَّ بعض النَّاس يعلِّقه للزِّينة والمناظر الجميلة، وربَّما يعلِّقه إلى جانب صورة محرَّمة‏،‏ وربما تكتب الآيات أو الآية على شكلِ نقوشٍ وفنونٍ، كأنْ تُكتَبَ على صورة مصباحٍ، أو على صورة كأسٍ، أو ما هو أشدّ مِن ذلك؛ كأنْ تُكتب على شكل حيوان مِن طائر أو فراشة أو غير ذلك، وكلُّ هذا من العبث بكتاب الله، وأيضًا: فإنَّ القرآن لم يُنزل ليُعلَّق على الجدران، وإنَّما أُنْزِلَ ليُتلى، ويُعمل به، ويرسخ في القلوب‏،‏ وأيضًا: لم يكُنْ هذا مِنْ عَمَلِ السَّلَف، فالواجب صيانة كتاب الله واحترامه‏.‏

[ المصدر: «المنتقى مِن فتاوى الشَّيخ الفوزان» ( كتاب إلكتروني )، ج2، السؤال ( 66 ) ].









رد مع اقتباس