عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 09-24-2010, 09:28 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
[ الرد على من أنكر صفة الرَّحمة ]
وقد أنكر قوم وصف الله -تعالى- بالرَّحمة الحقيقيَّة، وحرَّفوها إلى الإنعام، أو إرادة الإنعام، زعمًا منهم أنَّ العقلَ يحيل وصف الله بذلك؛ قالوا: «لأنَّ الرَّحمة انعطاف ولين وخُضوع ورِقة؛ وهذا لا يليق بالله -عزَّ وجلَّ-»!
والرَّد عليهم مِن وجهين:
الوجه الأول: منع أن يكون في الرَّحمة خضوع وانكسار ورقة؛ لأنَّنا نجدُ من الملوك الأقوياء رحمةً دون أن يكون منهم خضوع ورقَّة وانكسار.
الوجه الثاني: أنه لو كان هذا مِن لوازم الرَّحمة ومُقتضياتها؛ فإنما هي رحمة المخلوق؛ أما رحمة الخالق -سُبحانه وتعالى-؛ فهي تليق بعظمته وجلالِه وسلطانه؛ ولا تقتضي نقصًا بوجه من الوجوه.
ثم نقول: إن العقل يدل على ثبوت الرَّحمة الحقيقيَّة لله -عزَّ وجلَّ-، فإنَّ ما نشاهده في المخلوقات مِن الرَّحمة بَيْنها يدل على رحمة الله -عزَّ وجلَّ-، ولأن الرَّحمة كمال؛ والله أحق بالكمال، ثم إنَّ ما نشاهده من الرَّحمة التي يختصُّ الله بها -كإنزال المطر، وإزالة الجدب، وما أشبه ذلك-؛ يدل على رحمة الله.
والعجب أن مُنكري وصف الله بالرَّحمة الحقيقيَّة بحجة أن العقل لا يدل عليها، أو أنه يحيلها؛ قد أثبتوا لله إرادةً حقيقيَّة بحجة عقليَّة أخفى مِن الحجة العقليَّة على رحمة الله؛ حيث قالوا: إن تخصيصَ بعض المخلوقات بما تتميَّز به يدل عقلاً على الإرادة؛ ولا شك أن هذا صحيح؛ ولكنه بالنِّسبة لدلالة آثار الرَّحمة عليها أخفى بِكثير؛ لأنه لا يتفطن له إلا أهل النَّباهة؛ وأمَّا آثار الرَّحمة فيعرفه حتى العوام، فإنَّك لو سألت عاميًّا صباح ليلةِ المطر: «بِمَ مُطرنا؟»، لقال: «بفضلِ الله ورحمته».(1/6-7)
رد مع اقتباس