عرض مشاركة واحدة
  #233  
قديم 12-25-2017, 09:00 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


من فضل علم محمد ناصر الدين الألباني

كثيرة هي الشخصيات العلمية التي تفقد مكانتها العلمية بعد تجاوز عصرها ، فكما هو معلوم فإن العلم يتراكم ، وفي هذا العصر تكاثرت المخطوطات التي طبعت ، والتي ظهرت ، ولم تكن ميسورة في بداية القرن ، ولا نصفه حتى ، بل كثير من المخطوطات تكتشف حيناً بعد حين ، ولما يحصل تقييم لرجل عالم في شأن ما ، يقولون كثيراً هذا ما كان ميسوراً في عصره فهو تحرك في عصره ، وقلة هم الذين يحتفظ بجانب كبير من طرحهم بمكانته بعد مضي زمن لا بأس به على انتشار ما قاموا به والبناء عليه وتجاوزه .
لكن الألباني لا يزال يحتفظ بمكانته العلمية بعد سنوات طويلة من جهوده في الحديث وتصنيفه في العديد من المسائل الفقهية ، إن فضل علم الألباني يظهر بشكل أساسي عندما ننظر إلى حال كثير من الأكاديميين في العلوم الشرعية ، ولا يزالون يذكون الأقوال المجردة ، قال الجمهور وقال أحمد ، قال الجمهور قال أبو حنيفة ، ويسكتون ، هذه الطريقة إلى اليوم تعمل ، وخبرتها في كلية الشريعة التي تخرجت منها ، لا يكاد يخرج المدرس عن ذكر الأقوال ثم يسكت إلا لماماً ، ونادراً ما يرجح أو حتى ينبه الطلاب على أهمية الترجيح .
الألباني الذي رفض أن يعرّف بالإمام ، أو حتى العالم ، بل وصف نفسه بطالب علم ، هذه لا نزال بحاجتها إلى اليوم ، طلب العلم يعرف أهمية التواضع العقلي ، في وقت تتوزع فيه الألقاب العلمية كما وزعت من قبل ألقاب الآغا والباشا والأفندي ! .
لقد كشف الألباني عن بؤس عارم في الكليات الشرعية ، من حيث عدم الاهتمام بالدليل وأهميته في بناء الأقوال الفقهية ، بل لا يزال إلى اليوم من يحمل لقباً جامعياً ويقول لك اختلف العلماء ويسكت ، دون تمحيص ، ودون استدلال ، ودون معرفة المآخذ للفقهاء .
يفتي في مسألة فإن طولب بالدليل دهش ، وكأن المرء يسأله عيباً أو سراً كهنوتياً ! ، ولا يقال هنا تبريراً إن العامي لا يطلب من العالم دليلاً فهو لا يفقهه ، فهذه الطريقة تجدها في كليات تدرّس الشريعة ، يدرس سنوات ليقول في الختام لا أعلم أنا مجرد مقلد أتبع دكاترتي ، وسأتصل بهم ! ، ولعل الدكتور يقول له عذراً فشبكة الانترنت منقطعة عندي ! ارجع بعد عودتها !
لقد ربط الألباني المسائل الشرعية بكتب العلماء السابقين ، وكتب الحديث تحديداً ، وكان هدفه تسهيل هذه العلوم على الناس ، وتنبيههم لضرورتها ، وكثيرة هي المراجع التي عرفها الطلاب من طريقه ، أو نبههم على ضرورة استدلال لترجيح مسألة فقهية .
بهذا الإطار يفترض أن يقارن الألباني ، مع كثير من الذين وصفوا بالعلماء في عصره ، في وقت انتشرت فيه الأمية الدينية في كثير من المناطق ، فالألباني لم يبعث في عصر البخاري ولا أحمد حتى يتم المقارنة بينه وبينهم ! ، بل بعث في عصر تزج به الأقوال زجاً باسم الله ، ولا يحق لأحد أن يطالب القائل مستنده في إثبات حكم لله في هذا ! عند كثير من المفتين .
بالنسبة للفقه ، فللألباني فضل كبير على المدرسة (السلفية) تحديداً ، في إبراز أقوال لعلماء كادت أن تندثر بين ترجيحاتهم ، على سبيل المثال كشف الوجه واليدين للمرأة ، له أخطاؤه بطبيعة الحال كأي عالم ، ولكن الجهود العظيمة تستلزم دوماً الأخطاء ، ويفترض البناء على جهد السابق ، ومن هنا يكون قد مهد لمن بعده .
كم هي الأحاديث الموضوعة التي حاربها الألباني ، وكانت تقال دوماً على المنابر ؟
كم هي الجهود التي نشرها في عز وقت اضمحلالها ؟!
والمطالع حولنا يجد أن مكانة الألباني لا تزال حاضرة بقوة ، وأعماله لا يمكن تجاوزها لطالب علم ، وإن كان لا بد من مقارنة فليقارن بـ (فقهاء عصره) و(محدّثي زمانه) .
مودتي ..

كتبه الفاضل: يوسف سمرين
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس