عرض مشاركة واحدة
  #135  
قديم 12-14-2016, 02:44 PM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,071
افتراضي

.
تضمنت قصةُ سؤالِ ابنِ عباس لعمر –رضي الله عنهم-
فوائدَ جَمّةً، ذكر كثيراً منها ابنُ حجرَ –رحمه الله- في الفتح، فقال:
وفي الحديث:
-سؤالُ العالمِ عن بعضِ أُمورِ أَهلِه، وإِنْ كان عليه فيه غَضاضةٌ، إذا كان في ذلك سنةٌ تُنقلُ ومسألةٌ تُحفظُ. قاله المهلب.
-وترقب خَلواتِ العالم ليسأَلَ عما لعله لو سُئِل عنه بحضرةِ الناس أَنكرَه على السائل. ويؤخذُ من ذلك مراعاةُ المروءةِ.
-وفيه أَنَّ شِدةَ الوطأَةِ على النساءِ مذمومٌ؛ لأَنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَخذ بِسِيرةِ الأَنصارِ في نسائِهم، وترك سِيرةَ قومِه.
-وفيه تأديبُ الرجلِ ابنتَه وقَرابَتَه بالقولِ لأَجل إِصلاحِها لزوجها.
- وفيه سِياقُ القصةِ على وجهِها، وإِن لم يسأَلِ السائلُ عن ذلك، إذا كان في ذلك مصلحةٌ من زيادةِ شرحٍ وبيانٍ، وخصوصا إذا كان العالم يعلمُ أَن الطالبَ يُؤثر ذلك.
- وفيه مهابةُ الطالب للعالمِ وتواضعُ العالمِ له وصبرُه على مُساءَلتِه، وإِن كان عليه في شيءٍ من ذلك غضاضةٌ.
- وفيه دخولُ الآباءِ على البناتِ ولو كان بغير إِذنِ الزوجِ، والتنقيبُ عن أَحوالِهِنَّ، لا سيما ما يتعلقُ بالمتزوجاتِ.
- وفيه حسنُ تلطفِ ابنِ عباسٍ وشِدّةِ حرصِه على الاطلاع على فنون التفسير.
- وفيه طلبُ عُلوِّ الإِسناد؛ لأن ابنَ عباسٍ أَقام مدةً طويلةً ينتظرُ خَلوةَ عمرَ ليأخذَ عنه. وكان يُمكنه أَخذُ ذلك بواسطةٍ عنه ممن لا يَهابُ سؤالَه كما كان يهاب عمر.
- وفيه حِرصُ الصحابةِ على طلبِ العلمِ والضبطِ بأَحوالِ الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- وفيه أَنَّ طالبَ العلمِ يجعل لنفسِه وقتا يتفرغُ فيه لأَمرِ معاشِه وحالِ أَهلِه.
- وفيه البحثُ في العلم في الطرقِ والخلواتِ وفي حال القعودِ والمشيِ.
- وفيه إِيثارُ الاستجمارِ في الأَسفارِ وإِبقاءُ الماءِ للوضوءِ.
- وفيه ذكرُ العالمِ ما يقع من نفسِه وأَهله بما يترتب عليه فائدةٌ دينيةٌ، وإِن كان في ذلك حكايةُ ما يُستهجنُ.
- وفيه جوازُ ذِكرِ العمل الصالح لِسياقِ الحديث على وجهِه، وبيان ذكر وقت التحمل.
- وفيه الصبرُ على الزوجاتِ والإِغضاءُ عن خِطابِهنَّ والصفحُ عما يقع منهن من زَللٍ في حقِّ المرءِ، دون ما يكون من حقِّ اللهِ تعالى.
- وفيه جواز اتخاذِ الحاكمِ عندَ الخلوةِ بواباً يمنعُ مَنْ يدخلُ إِليه بغير إِذنه، ويكون قولُ أَنسٍ الماضي في كتاب الجنائز في المرأَةِ التي وعَظَها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فلم تعرفْهُ، ثم جاءت إليه فلم تجد له بوابين محمولاً على الأَوقاتِ التي يجلس فيها للناس. قال المهلب: وفيه أن للإِمامِ أَن يحتجبَ عن بِطانتِه وخاصتِه عند الأَمر بِطرقِه من جهةِ أَهلِه؛ حتى يذهبَ غيظُه ويخرجَ إِلى الناس وهو منبسطٌ إِليهم؛ فإِن الكبيرَ إِذا احتجبَ لم يَحسُنِ الدخولُ إِليه بغير إِذنٍ ولو كان الذي يريد أَنْ يدخلَ جليلَ القدرِ عظيمَ المنزلةِ عندَه.
- وفيه الرفقُ بالأَصهارِ والحياءُ منهم إِذا وقع للرجلِ من أَهلِه ما يقتضي معاتَبَتَهم.
- وفيه أَنَّ السكوتَ قد يكون أَبلغُ من الكلامِ وأَفضلُ في بعض الأَحايينِ؛ لأَنه -عليه الصلاة والسلام- لو أَمر غلامَه بِرَدِّ عمرَ لم يَجُزْ لعمرَ العَوْدُ إِلى الاستئذانِ مرةً بعدَ أُخرى، فلما سكت فهم عمرُ من ذلك أَنه لم يُؤْثِرْ رَدَّه مطلقاً. أشار إلى ذلك المهلب.
- وفيه مشروعيةُ الاستئذانِ على الإِنسان وإِن كان وحدَه؛ لاحتمال أَن يكونَ على حالةٍ يَكرُه الاطلاعَ عليها.
- وفيه أَنَّ كلَّ لَذةٍ أَو شهوة قضاها المرءُ في الدنيا فهو استعجالٌ له من نعيمِ الآخرةِ، وأَنه لو ترك ذلك لادُّخِرَ له في الآخرةِ. أَشار إِلى ذلك الطبريُّ. واستنبط منه بعضهم إيثارَ الفقرِ على الغنى. وخصَّه الطبري بمن لم يصرفْهُ في وجوهِه، ويُفرقه في سُبلِه التي أَمر اللهُ بوضعِه فيها. وهي مسأَلةٌ اختلف فيها السلفُ والخلفُ، وهي طويلةُ الذيلِ سيكون لنا بها إِلمام إِن شاء الله –تعالى- في كتاب الرقاق.
- وفيه أَنَّ المرءَ إذا رأى صاحبَه مهموما استُحبَّ له أَن يحدثَّه بما يزيل همَّه ويُطيِّبَ نفسَه؛ لِقولِ عمرَ: لأَقولنَّ شيئاً يُضحكُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-.
- وفيه جوازُ الاستعانةِ في الوضوء بالصبِّ على المتوضيءِ، وخِدمةُ الصغيرِ الكبيرَ، وإِن كان الصغيرُ أَشرفُ نَسباً من الكبيرِ.
- وفيه التجملُ بالثوبِ والعمامةِ عند لقاء الأكابر.
-وفيه تذكيرُ الحالفِ بيَمينِه إِذا وقع منه ما ظاهرُه نِسيانُها.
- وفيه تقويةٌ لِقولِ مَن قال أَنَّ يمينَه -صلى الله عليه وسلم- اتَّفقَ أَنها كانت في أَولِ الشهر؛ ولهذا اقتصر على تسعةٍ وعشرينَ، وإِلا فلو اتفق ذلك في أَثناءِ الشهرِ فالجمهورُ على أَنه لا يقعُ البِرُّ إِلا بثلاثينَ. وذهبت طائفةٌ إِلى الاكتفاءِ بتسعةٍ وعشرينَ؛ أَخذاً بأَقلِّ ما يَنطلقُ عليه الاسمُ. والقصةُ محمولةٌ عند الشافعيِّ ومالكٍ على أَنه دخل أَولَ الهلالِ وخرج به، فلو دخل في أَثناءِ الشهرِ لم يَبَرَّ إِلا بثلاثين.
- وفيه التناوبُ في مجلسِ العالمِ إِذا لم تَتَيَّسرِ المواظبةُ على حضورِه؛ لشاغلٍ شرعيٍّ من أَمرٍ دينيٍّ أَو دنيوي.
- وفيه قَبولُ خَبرِ الواحدِ ولو كان الآخذُ فاضلاً والمأخوذُ عنه مفضولاً، وروايةُ الكبير عن الصغيرِ.
- وفيه أَن الأَخبار التي تُشاعُ ولو كثُرَ ناقلوها إِن لم يكن مرجعُها إِلى أَمر حِسِّيٍّ؛ من مشاهدةٍ أَو سماعٍ لا تستلزمُ الصدقَ؛ فإنَّ جَزْمَ الأَنصاريِّ في روايةٍ بوقوعِ التطليق، وكذا جزمُ الناس الذين رآهم عمرُ عندَ المِنبرِ بذلك محمولٌ على أَنهم شاع بينهم ذلك من شخصٍ؛ بناءً على التوهُّمِ الذي توهَّمَه من اعتزالِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- نساءَه، فظن لكونه لم تَجْرِ عادتُه بذلك أَنه طلقهنَّ، فأشاع أَنه طلقهن، فشاع ذلك فتحدث الناس به. وأَخْلَقَ بهذا الذي ابتدأَ بإِشاعةِ ذلك أَن يكونَ من المنافقين.
- وفيه الاكتفاءُ بمعرفةِ الحكمِ بأَخذِه عن القرينِ، مع إِمكان أَخذِه عالياً عمَّن أَخذَه عنه القرينُ، وأَن الرغبةَ في العُلوِّ حيث لا يَعوقُ عنه عائقٌ شرعيٌّ. ويمكن أَن يكونَ المرادُ بذلك أَن يستفيدَ منه أَصولَ ما يقع في غَيْبتِه، ثم يسأل عنه بعد ذلك مشافهةً، وهذا أَحدُ فوائدِ كتابةِ أَطراف الحديثِ.
- وفيه ما كان الصحابة عليه من محبةِ الاطلاع على أَحوالِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- جَلَّتْ أَو قلَّت، واهتمامهم بما يُهتَمُّ له، لإِطلاق الأنصاريِّ اعتزالَه نساءَه الذي أَشعرَ عنده بأَنه طلقهن، المُقْتَضي وقوعَ غمِّه -صلى الله عليه وسلم- بذلك أَعظمَ من طُروقِ ملكِ الشام الغسّانيِّ بجيوشِهِ المدينةَ لغزوِ مَن بها، وكان ذلك بالنظر إلى أَنَّ الأَنصاريَّ كان يتحقق أَن عدوَّهم ولو طَرقَهُم مغلوبٌ ومهزوم. واحتمالُ خلافِ ذلك ضعيفٌ، بخلاف الذي وقع بما توهمَّه من التطليقِ الذي يتحقق معه حصولُ الغمِّ. وكانوا في الطرف الأَقصى من رعايةِ خاطرِه -صلى الله عليه وسلم_ أَن يحصلَ له تَشويشٌ ولو قلَّ. والقلقُ لِما يُقلقُه والغضبُ لِما يُغضبُه والهمُّ لما يُهِمُّه -رضي الله عنهم.
- وفيه أَن الغضبَ والحزنَ يحملُ الرجلَ الوَقورَ على تركِ التأَنّي المألوفِ منه؛ لقول عمرَ: (ثم غلبني ما أَجدُ) ثلاث مرات.
- وفيه شدةُ الفزعِ والجزع للأُمور المهمةِ.
- وفيه جوازُ نظرِ الإِنسانِ إلى نواحي بيتِ صاحبِه وما فيه، إذا علم أنه لا يكره ذلك. وبهذا يُجمع بين ما وقع لعمرَ وبين ما ورد من النهى عن فضولِ النظرِ. أَشار إلى ذلك النوويُّ. ويحتملُ أَن يكونَ نظرُ عمرَ في بيتِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وقع أَولاً اتفاقاً، فرأَى الشعيرَ والقَرَظِ –مثلا- فاستقلَّه فرفع رأسَه لينظرَ هل هناك شيءٌ أَنفسُ منه؟ فلم يَرَ إِلا الأُهَبَ، فقال ما قال، ويكون النهيُ محمولاً على مَن تعمَّد النظرَ في ذلك والتفتيشِ ابتداءً.
- وفيه كراهةُ سُخْطِ النعمةِ، واحتقار ما أَنعمَ اللهُ به ولو كان قليلا، والاستغفارُ من وقوعِ ذلك، وطلبُ الاستغفارِ من أَهلِ الفضلِ.
- وفيه إِيثارُ القناعةِ وعدم الالتفاتِ إِلى ما خُصَّ به الغيرُ من أُمور الدنيا الفانيةِ.
- وفيه المعاقبةُ على إِفشاءِ السرِّ بما يَليقُ بمن أَفشاه.
__________________
.
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)
رد مع اقتباس