عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 03-31-2010, 03:13 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

سئل شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى - عن القرآنيين واحتجاجهم بهاتين الآيتين :

فضيلة الشيخ ! يقول القرآنيون :
قال الله - تعالى - : ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [سورة الإسراء 12].

وقال - تعالى - : ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [سورة الأنعام 38].

ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (إن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا ولن تـَهْـلِكوا بعده أبدا) رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد. انظر : [صحيح الترغيب والترهيب 1/ 93/ 35]. نرجو من فضيلتكم التعليق على ذلك.

فأجاب - رحمه الله تعالى - : [أما قوله - تعالى - : ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ فهذه الآية إنما تعني بالكتاب هُنا : " اللوح المحفوظ " ولا تعني القرآن الكريم. أما قوله - تعالى - : ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا فإذا ضممتم إلى القرآن الكريم ما تقدم بيانه آنفا، فحينئذ يتمّ أن الله - عز وجل - قد فصًل كل شيئ تفصيلا، لكن بضميمة أخرى، فإنكم تعلمون أن التفصيل قد يكون تارة بالإجمال، بوضع قواعد عامة يدخل تحتها جزئيات لا يمكن حصرها لكثرتها، فبوضع الشارع الحكيم لتلك الجزئيات الكثيرة قواعد معروفة ظهر معنى الآية الكريمة، وتارة بالتفصيل وهو المتبادرمن هذه الآية، كما قال - عليه الصلاة والسلام - : (ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئا ما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه) [ الصحيحة 1803].

فالتفصيل إذًا تارةً يكون بالقواعد التي تدخل تحتها جزئياتٍ كثيرة، وتارةً يكون بالتفصيل لمفردات عبادات وأحكام تفصيلاً لا يحتاج الرجوع إلى قاعدة من تلك القواعد.

ومن القواعد التي يدخل تحتها فرعيات كثيرة - وتظهر بها عظمة الإسلام وسعة دائرة الإسلام في التشريع، قوله - صلى الله عليه وسلم - على سبيل المثال : (لا ضرر ولا ضرار) [صحيح الجامع 7517].

وقوله عليه السلام : (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام) [إرواء الغليل 8/ 40/2373].

وقوله عليه السلام : (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) [ صحيح الترغيب والترهيب1/ 92/ 34] و [صلاة التراويح ص 75].

هذه قواعد وكلّيات لا يفوتها شيئ مما يتعلق بالضرر بالنفس أو الضرر بالمال في الحديث الأول، وما يتعلق بما يُسكر كما في الحديث الثاني، سواء كان المُسْكِر مستنبطًا من العنب - كما هو المشهور، أو من الذرة، أو من أيّ مادة من المواد الأخرى، فما دام أنه مُسكر فهو حرام.

كذلك في الحديث الثالث : لا يمكن حصر البدع لكثرتها، ولا يمكن تعدادها ومع ذلك فهذا الحديث مع إيجازه يقول بصراحة : (وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).

هذا تفصيلٌ لكن بقواعد. وأما الأحكام التي تعرفونها، فهي مفصلة بمفرداتٍ جاء ذكرها من السنة على الغالب، وأحيانا كأحكام الإرث مثلا فهي مذكورة في القرآن الكريم.

أما الحديث الذي جاء ذكره فهو حديثٌ صحيحٌ والعمل به هو الذي بإمكاننا أن نتمسك به، وكما جاء في الحديث : (تركت فيكم أمرين ، لن تضلوا ما تمسّكتم بهما : كتاب الله وسنة رسوله) [مشكاة المصابيح 1/ 66 - 186].


فالتمسّك بحبل الله - الذي هو بأيدينـــــا - إنما هو العمل بالسنة المفصّلة ِ للقرآن الكريم ] انتهى كلامــــــه – رحمه الله تعالى -. انظر كتاب :
[كيف يجب علينا أن نُُُفسّر القرآن الكريم ص 7 ــ 10].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس