عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-22-2011, 02:40 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. والبسملة: أحكامهما، صيغهما، تفسيرهما ومتى تقالا ؟

1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: أحكامها، صيغها، تفسيرها، ومتى تقال ؟.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

قال الله - تعالى -: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ۞ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ۞ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ۞ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ۞ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ۞ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ۞ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ۞ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ۞ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ۞ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ۞ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ۞ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ۞ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۞ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ۞ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ۞ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ.(1)

الحمد لله الذي تكفل لعباده بالهداية، وبين لهم سبل الحفظ والوقاية، كرَم أبينا آدم - عليه الصلاة والسلام - فخلقه بيده؛ وعلمه الأسماء كلها؛ وأسجد له الملائكة سجود تحية وتكريم، لا سجود عبادة وتعظيم، إلا أن إبليس بقياسه الفاسد عصى الله - تبارك وتعالى - فأبى واستكبر وكان من العالين.
أظهر العداوة لأبينا آدم – عليه الصلاة والسلام - من قبل أن تنفخ فيه الروح، فأقسَمَ بعزَة الله ليُغويَنَه وذريته أجمعين، إلا عباد الله منهم المخلصين، الذين أخلصوا دينهم لله - تبارك وتعالى – توحيدًا واتباعًا فأحاطهم برعايته، وتولاّهم بما يتولّى به عبادَه الصالحين.

أمرنا الله - تبارك وتعالى - بمداراة الإنس، والصبر على أذاهم، وعدم مقابلة الإساءة بمثلها فقال في محكم التنزيل: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ۞ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ۞ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [سورة فصلت 34 ــ 36].

أما الشيطان فإنه خلقٌ مِنَ الجِنِّ لا نراه، أمرنا الله - عزَّ وجلّ - بالاستعاذة بالله منه، لأنه عدوٌ صائلٌ مُتربِّص، لا ينفعُ معهُ إحسان ولا مداراة، ولا يَكُـفـّـه عن الإنسان إلاَ خالقه ومولاه «الله» فقد قال- جلَّ في علاه -: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [سورة فاطر: 6]؛ حذرنا الله - سبحانه وتعالى – منه ومن مكايده، وبين لنا سبل النجاة بفضله ومنّه وكرمه؛ ومنها:

الاستعاذة.
الاستعاذة لغة: الالتجاء والاعتصام والتحصّن.
الاستعاذة اصطلاحًا: هو الالتجاء إلى الله - تعالى - والاعتصام به، والتحصّن من الشيطان الرجيم.
وهي ليست من آيات القرآن الكريم. انظر: [النبع الريان في تجويد كلام الرحمن ص 37].

حكم الاستعاذة من حيث الوجوب أو الاستحباب:

قال فضيلة الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي في كتابه القيّم: [هداية القاري إلى تجويد كلام الباري 2/ 559]: [اختلف العلماء في ذلك بعد اتفاقهم على أن الاستعاذة مطلوبة من مريدي القراءة، فقال جمهورهم بالاستحباب.

أي: أن الاستعاذة مستحبة عند إرادة القراءة، وعليه فالأمر الوارد في قوله – تبارك وتعالى -: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [سورة النحل 98]. محمول على الندب، وعلى هذا المذهب لا يأثم القارئ بتركها.
وقال غير الجمهور بالوجوب، أي أن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة.
وعليه فالأمر الوارد في الآية المذكورة مَحمول على الوجوب. وعلى هذا المذهب يأثم القارئ بتركها، والمأخوذ به هو مذهب الجمهور فاحفظه] ا هـ.

صِيــَـــغ الاسْتِعـــــاذة:

1. (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) قبل البدء بقراءة القرآن الكريم: لا خلاف في أن الاستعاذة ليست من آيات القرآن الكريم، وهذه الصيغة هي الصيغة المشهورة والمختارة من حيث الرواية لجميع القرّاء العشرة دون غيرها من الصّيَغ الواردة فيها لقوله - تعالى -: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [سورة النحل: 98].

قال الحافظ أبو عمرو الداني في التيسير: [اعلم أن المستعمل عند الحذّاق من أهل الأداء في لفظِ الاستعاذة: (أعوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) دون غيره وذلك لموافقة الكتاب والسنة.
فأما الكتاب: فقوله - تعالى - ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [سورة النحل: 98].
وأما السنة: فما رواه نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي ﷺ أنه استعاذ قبل القراءة بهذا اللفظ بعينه. وبذلك قرأتُ وبه آخذ] اهـ. انظر: [كتاب التيسير في القراءات السبع. تأليف الحافظ أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني ص 16 ــ 17].
وروى أبو داود عن الحسن - رضي الله عنه - أن رسول الله ﷺ كان يقول قبل القراءة: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) انظر: [إرواء الغليل: 2].

ومن صيَغ الاستعاذة الأخرى:

2.
(أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم).

3. (أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم).

4. (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إنّ الله هو السميع العليم).

5. (أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الرجيم).

قال فضيلة الشيخ عبدالفتاح المُرصفي في حاشية كتابه القيِّم: [هداية القاري إلى تجويد كلام الباري 2/ 556]: [ذكر الحافظ ابن الجزري في النشر 1/ 249 - 251) ثماني صيغ من صيغ الزيادة ونسب كل صيغة منها لأصحابها؛ ومنها الصيغ الأربع التي ذكرناها هنا فانظره]. ا هـ.

6. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه، قبل القراءة في صلاة قيام الليل: فعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل كبَر، ثمَ يقول: (لا إله إلا الله ثلاثا)، ثمَ يقول: (الله أكبر كبيرا، ثلاثا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه، ثم يقرأ). [إرواء الغليل: 341].
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن - رضي الله عنه - قال : كان رسول اللهﷺ إذا قام من الليل يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه). قال: وكان رسول الله ﷺ يقول: (تعوَذوا من الشيطان الرجيم, من همزه ونفخه ونفثه) قالوا: يا رسول الله ! وما همزه ونفخه ونفثه ؟ قال: (أما همزه: فهذه المؤتة التي تأخذ بني آدم؛ «أي صرعه»؛ وأما نفخه: فالكبر؛ وأما نفثه: فالشعر). انظر: [إرواء الغليل 2/ 56 ــ 57 رقم 342].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل كبر ثم يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثا ثم يقول: الله أكبر كبيرا ثلاثا، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ) [قال الشيخ الألباني: صحيح] انظر: [سنن أبي داود 1/ 206 رقم 775].


وكتبته: أم عبدالله نجلاء الصالح

من مُحاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني - رحمه الله وجعل الفردوس الأعلى مأواه -.

يتبع إن شاء الله - تعالى -

أوْجـُــــه الاستعـــــاذة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) [سورة الحجر 26 - 42]. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة رضي الله عنهم: المراد بالصلصال هاهنا: التراب اليابس. وهو كقوله تعالى: ﴿خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار [سورة الرحمن: 14 – 15].
والحمإ المسنون: الطين الأملس.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس