عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-03-2017, 06:40 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي علمُ الحديثِ بين المتقدّمين، والمتأخّرين: تثبيت تقرير، وكشف تغرير ! الشيخ علي الحلبي

علمُ الحديثِ بين (المتقدّمين)، و(المتأخّرين): تثبيت تقرير، وكشف تغرير !!


عندما نطالبُ بعودة المسلمين (المتأخّرين) إلى منهج السلف الصالح (المتقدّمين)-عقيدةً ومنهجاً وسلوكاً-دعوةً (إحيائيةً) صادقةً-؛ فإنّ تحقُّقِ دعوى هذه المطالَبةِ مبنيٌّ على أصلين مهمّين:
* الأول: ثبوت النقل لمنهج السلف الحق.
* الثاني: صحّة الفهم لهذا المنهج-بحقّ-.
وتمثيلاً على هذا التأصيل؛ فإنّ هذا الضابطَ -بِشِقّيه- يظهرُ وجهُ تَحَقُّقِه-جليّاً-عندما نقرأ مثلَ قولِ الناظم الشهير-غفر الله له-:
وكلُّ خيرٍ في اتّباعِ مَن سلَفْ*وكلُّ شرٍّ في ابتداع مَن خلَفْ
...ذلكم أنّنا نراه-مع هذه الدعوى-في الوقت-نفسِه-مخالِفاً طريقةَ السلف في الاعتقاد، ومنهجَهم في الاتّباع!!
نعم؛ قد نتفقُ -جميعاً- على أصلِ (ثبوت النقل لمنهج السلف)-في الكتب الموثوقة-عنهم-رضي الله عنهم-.
ولكنْ؛ الفيصلُ هو الفهمُ الصحيحُ للنقل الموثوق؛ كما أجاب الصحابيُّ الجليلُ والخليفةُ الراشدُ علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-، عندما سُئل:هل خَصّكم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بشيء -دون الناس-!؟
قائلاً: (لا؛ والذي فلَق الحبّةَ، وبَرَاً النسَمةَ؛ إلا فهماً يؤتيه اللهُ عبداً في كتابه...)..
فـ... الفهمَ الفهمَ.
وإلا؛ فما الذي يجعلُنا نرجّح خطأَ دعواه، وعدمَ موافقتِها للواقع العقَدي المنهَجي-نتيجةً-بِعدم (صحّة الفهم لمنهج السلف الحقّ)-بحقّ-؟!
أقول: ليس لنا سبيلٌ منهجيٌّ حقٌّ، ولا دليلٌ شرعيٌّ صدقٌ –في إدراك ذلك- إلا النظرُ المتأنّي-الدقيق-في الإشارة النبوية الخالدة-فيما رواه الإمام مسلمٌ عن عُمير بن هانئ، قال: سمعتُ معاويةَ- على المنبر- يقول: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمر الله، لا يضرُّهم َمن خذلهم، أو خالفهم، حتى يأتيَ أمرُ الله وهم ظاهرون على الناس».
وها هنا أمرانِ:
الأول: أنّ هذه (الطائفة) –في قول أشهر نقّاد الحديث، وحُفّاظ الإسلام، وعلماء الأمّة-هم: (أصحاب الحديث).
الثاني: أنّ وجودَ هذه (الطائفة) –في الناس، وبينَهم-«لا يزال« مستمرّاً متواصِلاً.
وهو-فعلياً-ما نراه –واقعاً تاريخياً – في عقيدة السلف، وعلماء عقيدة السلف-عبر القرون-تسلسلاً تامّاً-بغير انقطاعٍ-.
بينما لا يستطيعُ أصحابُ الدعوات-والدعاوى- (الإحيائية!) –كيفما كانوا-إثباتَ أدنى شيءٍ من هذا التسلسل في طبقات علم الأمة وعلمائها؛ إلا بمجرّد الزعم المحض!
ولَسوف ترى طّيَّ دعاواهم-تلك-صوراً شتّى من فَيافي الانقطاع! ومَفاوز الإعضال!
ومِن التلاعب في الكلمات والمعاني-بدون اعتذار من شدّة اللفظ!-: الاتِّكاءُ على مقرَّر تاريخي، بشري، اجتماعي-لا يشُكُّ فيه عاقلٌ-ولا أقول: عالم!-؛ وهو: وجودُ (متقدّمين)،و (متأخرين)-في الناس، وبينهم-مِن حيثُ الواقعُ-!!!!
ولكنّ هذا المقرَّر الحضوري الواقعي-المشهودُ-لا يَصلُحُ اعتبارُه-في أيّ حال من الأحوال-أبداً-دليلاً على وجود تبايُن معرفيّ في جذورِ أيِّ علمٍ من العلوم-لِيُبنى عليه-بعدُ- تفريقٌ منهجيٌّ- ؛ إلا ببيّناتٍ جليّة، ودلائلَ قويّة: تُثبِتُ وجودَ هُوّة علمية-ما-يقيمُ الحُجّةَ عليها علماءُ منصِفون –عبر القرون- «لا يزالون» ينبّهون على مواطن الخلل! ويَجِدُّون في كشف النقص!
والحالُ-عند أصحاب عددٍ من أربابِ الدعاوى(الإحيائية!)-في علم الحديث-خاصّةً-عكسُ ذلك-تماماً-!
وبيانُ ذلك مِن جهاتٍ عدّةٍ -أهمُّها أربعٌ-:
* الأولى: أنّ التسلسل العلمي المنهجي-بعدم التفريق-هو الظاهرُ، البيِّنُ، المستمرُّ-الذي لا يُجحَد-.
* الثانية: أنّ الواقعَ العلميّ التطبيقي-عند مَن اتُّكئ على بعضٍ مِن كلماتهم العلمية-لإثبات وجود تفريقٍ (بين المتقدّمين والمتأخرين)-حديثياً-وبصورة مبتورة-أحياناً- (كما فعلوا بنصّ كلام الحافظ ابن حجر في«النُّكت»-وقد كشفه محدِّثٌ فاضلٌ-) يغايرُ -رأساً على عَقِبٍ-وجوهَ استدلالِ ناقلي كلامِهم-على مرادهم ومقصودِهم-بدليل تطبيقاتهم العلمية الكثيرة-جداً-!
* الثالثة: أنّنا طالبنا-ولا نزال نطالب!-بأن يذكرَ المفرِّقةُ-ولو كان بعضُهم لبعضٍ ظهيراً-عالماً واحداً(!!)-حدّاً أدنى-مِن كلّ قرنٍ من قرون الحديث وعلومه-لتحقيق الاستمرارية الشرعية التي تورّث الاطمئنانَ على الصحة والصواب-: يوافقُ منهجُه طريقتَهم المنكوسةَ في التفريق!
وإلى الآن..لا جواب..ولن....!
* الرابعة: دعوى (البرزخية) في انحراف (المتأخّرين)عن منهج(المتقدّمين)-وهي لونٌ جديدٌ من التلاعب! خرج به(!)بعضُ منظّريهم! هروباً من بعض مآزقه التي حبس نفسَه بها-: ترجعُ بالطعن على أئمة الحديثِ ونقّاده-شاء مَن شاء، وأبى مَن أبى-أنهم رأوُا الانحرافَ المنهجيَّ الحديثيَّ-ولو في أوائله!-، ثم سكتوا !-:
قال الإمام ابنُ قيِّم الجوزيّة-رحمه الله-: «تكفّل اللهُ –سُبْحَانَهُ- لِرَسُولِهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنْ يُظْهِرَ دِينَهُ عَلَى الدِّينِ –كُلِّهِ-، وَأَنْ يَحْفَظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ الْأَوَّلُ لِمَنْ بَعْدَهُ.
فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْفَظَ اللهُ–سُبْحَانَهُ- حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ؛ لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُهُ وَبَيِّنَاتُهُ.
وَلِهَذَا؛ فَضَحَ الله مَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِهِ -فِي حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ مَمَاتِهِ-، وَبَيَّنَ حَالَهُ لِلنَّاسِ:
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: (مَا سَتَرَ الله أَحَدًا يَكْذِبُ فِي الْحَدِيثِ)، وقَالَ عَبْدُ الله بْنُ الْمُبَارَكِ: (لَوْ هَمَّ رَجُلٌ أَنْ يَكْذِبَ فِي الْحَدِيثِ: لَأَصْبَحَ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: فُلَانٌ كَذَّابٌ)..».
وقال العلامةُ المعلِّمي اليماني-رحمه الله-:« ومَن مارس أحوالَ الرواية، وأخبارَ رواة السنّة وأئمّتها: عَلم أن عنايةَ الأئمة بحفِظها، وحراستِها، ونفيِ الباطل عنها، والكشفِ عن دخائل الكذّابين والمتَّهَمين: كانت أضعافَ عنايةِ الناس بأخبار دنياهم ومصالحها...
وقيل لابن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة، وتلا قول الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.
و﴿الذكر﴾ يتناول (السنةَ) بمعناه، إن لم يتناولها بلفظه؛ بل يتناولُ العربيةَ، وكلَّ ما يتوقّف عليه معرفةُ الحق.
فإن المقصودَ من (حفظ القرآن): أن تبقى الحجةُ قائمةً، والهدايةُ دائمةً إلى يوم القيامة، لأن محمدًا -صلى الله عليه وآله وسلم- خاتمُ الأنبياء، وشريعتُه خاتمةُ الشرائع، والله -عزَّ وجلَّ- إنما خلق الخلقَ لعبادته، فلا يقطعُ عنهم طريقَ معرفتها.
وانقطاعُ ذلك في هذه الحياةِ الدنيا انقطاعٌ لعلَّة بقائهم فيها...».
..فكيف بـ(تحريف المنهج الحديثي!)-كلِّه، أو جُلِّه!-وعبرَ قرونٍ متتالية!-كما يدّعيه أولئك المدَّعون-ولو بالزعم (البرزخيِّ!) الواهي الواهنِ!-؟!
وهذه (البرزخية)-المدَّعاة- تراكميةُ الورود-تبقى وتزداد-، وليست هوائيةَ الوجود-تطير وتتلاشى-!!
وهذا -هكذا- عينُ ما قاله بعضُ منظِّريهم(!)-هداه الله-محذِّراً (!) ممّا (شابَ كتبَ المصطلَح مِن تراكم المباحث الدخيلةِ على النقد وأهلِه..)-على حدّ زعمه ودعواه-!!
والنقّاد(!)-بلازم دعوى الزاعمين، وواقع حال الأئمة الناقدين-أثناءَ ذلك كلِّه-يَرَون (التحريف!) ويعاينونه! ويسمعونه ويشاهدونه! ولا يُنكرونه بكلمة! ولا ينبِسون ببنتِ شَفةٍ في ردّه أو نقضِه!!
قال الحافظُ ابنُ الجوزي-رحمه الله-:« سُنة نَبينَا -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مأثورةٌ، ينقلُها خلَفٌ عَن سلَف، وَلم يكن هَذَا لأحدٍ من الْأمم قبلَنا.
وَلمّا لم يُمكِن أحداً أَن يُدْخِلَ فِي الْقُرْآن ما لَيْسَ مِنْهُ: أَخذ أَقوامٌ يزِيدُونَ فِي حَدِيث رَسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَيَنْقُقصون، ويبدِّلون، ويضعون عَلَيْهِ مَا لم يقل؛ فَأَنْشَأَ الله –عز وجلّ- عُلَمَاءَ: يَذُبُّونَ عَن النَّقْل، ويوضِّحون الصَّحِيحَ، ويفضَحون الْقَبِيح.
وَمَا يُخْلي الله –عز وجلّ- مِنْهُم- عصراً من العصور...».
أقول: إلا عند الطائفةِ (المفرِّقة)-البرزخيةِ! الحادثةِ! المحدِثةِ-تلك!-حيث لم يتفطّن(!) لـ(تحريف المنهج الحديثي!)-المدَّعى-إلا هم-و(هم)-فقط-!
ومتى؟!
في أواخر القرن الرابعَ عشرَ! وأوائل القرن الخامسَ عشرَ-على تهاتُر شديدٍ علميٍّ ومنهجيٍّ- فيما بينهم-، مع اتفاقٍ (!) منهم على عنوان التفريق (!) بين (المتقدّمين والمتأخّرين!)-العريض-!!
...كلُّ ذلك اتكاءً على تقريرٍ حضوريّ شهوديّ تاريخيّ إنسانيّ اجتماعيّ: بوجود (متقدمين ومتأخرين!) -ذكره بعضُ العلماء-!
وهذا-هكذا-لا يجادل في (وجوده) ذو عقلٍ!
هذا أولاً.
مع سوء فهم-شديدٍ-لمقولاتِ أولئك العلماء، وتقريراتِهم، وذلك من خلال تطبيقاتهم المناقِضة -تماماً- للتصوُّر العكسيّ الذي ينشره أولئك المفرِّقون البرزخيون-عنهم-بغير هُدى-!
أما ثانياً:
فالعَجَبُ أنهم يأخذون كلماتِ أولئك العلماء- النظريةَ-تلك-والتي لا يتجاوز ُأوسعُها(!)صفحةً أو صفحتين-لهدم أحكامِهم-أعني: العلماءَ-أنفسَهم-التطبيقيةِ-على الأحاديث-تصحيحاً وتضعيفاً-والتي تبلغُ المئاتِ، بل الألوف-!
نعم؛ نقرُّ بوجود متساهلين، كما نقرُّ بوجود متشدّين.
وكلاهما مردودٌ.
وهذا ليس أصلَ بحثنا وتقريرنا.
وثالثاً:
المفرِّقون-فوق هذا وذاك-يلبّسون على بعض ناشئي الشَّبَبَةِ(!)-قائلين-:(نحن نحترم «المتأخّرين!»، ونقدّر جهودهم!و..و..!)!!!
كيف-والواقع عكس ذلك-ظهراً لبطنٍ-؟!
وهذا آخَرُ -منهم-يُلَمَّعُ يُلَمَّعُ!– يقول-متبجّحاً!!-:(مَن تصدّى للإفتاء والفقه بغير تحديثٍ على منهج «المتقدّمين»: فقد ضلّ وأضلّ ...)!
فكيف بمَن كان كذلك -محدِّثاً صِرْفاً-!؟!
أضلُّ وأضلُّ-إذن-!
وقال ثالثُهما-مرّةً-عما زعمـ/ـو/ه مِن تفريق بين (منهج المتقدّمين والمتأخّرين!)-بكلّ جرأة-:(هما منهجان مختلفان: المتقدّمين والمتأخّرين، أو منهج المحدثين والفقهاء!!
بل هما متناقضان، والمتناقضان -لا يخفى عليكم-لا يجتمعان، ولا يرتفعان-معًا-..ضدّان لا يجتمعان!!
فكيف يزعم طالبُ علمِ حديثٍ: أن المنهج متّحد؛ فضلًا عمّن ادّعى أنه يمكن جمعُهما؟!
فهما نقيضان، لا يجتمعان-معًا-، ولا يفترقان-في آنٍ واحدة-...)!
يا رجلُ؛ أيُّ إسقاطٍ أشدُّ وأنكى؟!
إنّ هذا الشخصَ لا يوحي(!)كلامُه إلا بأنه يقارنُ بين منهج أهل الحديث(عنده)، مع منهج علماء الصيدلة(عند مخالفيه)!!
...لقد هُزِلت-والله-!
ولعلَّ هذا -كلَّه- من هؤلاء- على مذهب ذاك القائلِ -الفاعلِ التارك!-: (كَفَرَ الشيخُ-رضي الله عنه-)!!
وأما رابعاً:
فمع كونِ نظريّتهم(!)التفريقيةِ لم يتجاوز عمرُها الفعليّ-الآنَ- الثلثَ قرنٍ؛ إلا أنّنا رأينا، ولمسنا، وعايَنّا، وعِشنا، (وضَبَطْنا!): انحرافَ (متأخّري!) منظّريهم (هم) عن نهجِ مؤسِّسي (متقدّمبهم!)-أنفسِهم-في قواعدَ عدّة، وأساسيّة-مهمّةٍ-غايةً-!!!
وهم-أجمعون-لا يزالون(!) في طَور النشأة-(ثلث قرن!)-أمام جهود أئمة وحفّاظ قرونٍ وقرون-جيلاً وراءَ جيل-!
﴿ وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل ﴾....
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس