عرض مشاركة واحدة
  #57  
قديم 01-16-2018, 09:06 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


ترجمة الشيخ د. محمد بن عمر بازمول لوالده رحمه الله

كان أبي يحب القراءة في أدب الأساطير ... فكنت أراه يقرأ سيرة عنترة بن شداد...وتغريبة بني هلال ... وسيرة سيف بن ذي يزن وغير ذلك.
فاعتدت من صغري رؤية الكتاب والقراءة ...
كان يجلس الساعات يقرأ رحمه الله.
وكنت اقرأ معه...
فإذا رآني قرأت ... يجلس يتحاور معي في القصة وما صنع فيها البطل او ما صنعت فيها شخصية من الشخصيات ...
كانت هذه القصص من احلى ساعات المتعة عند والدي رحمه الله.
صحيح ما كانت مفيدة له شرعيا ... لكن اثر في فصرت احب القراءة مثله ... واحب الكتب ... ولا ارى غضاضة في ان اجلس اقرأ...
رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته .
كنت اسأله عن تعليمه ... فيقول : ختمت المصحف على الشيخ في قريتنا في حضرموت قبل ما اسافر السعودية وتعلمت الكتابة في الكتاب ....
فلم يكن ابي من حملة الشهادات ... ولا من طلاب العلم الذين لازموا المشايخ ...
لكنه رحمه الله يعظم امر الله وشرعه ... ما استطاع....
غفر الله له ورحمه ...

كان والدي رجلاً صموتًا ... فعلمني ان افكر واتأمل ... وان اهتم بملاحظة ما يدور حولي..
وكان اذا تكلم رحمه الله يتكلم سريعا لا يكثر الكلام ... في كلمات يسيرة يعبر عن الفكرة التي لديه ولا يتعجل ...فعلمني ان اتأمل كلامي ولا اتعجل فيه ... واصبر حتى لا اندم ... فكم ندمت على الكلام ... ولم اندم على الصمت والصبر.

كان رحمه الله لا يتكلم فيما لا يعلم ... ولا يقبل كل ما يسمع ... ولا يتدخل فيما لا مصلحة له فيه... فعلمني بتطبيق عملي؛ أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته.

قلت لوالدي مرة: يقولون: «من خاف سلم».
فقال لي يرحمه الله: «لا، بل من حسب سلم».
يريد -رحمه الله- أن أكون مقداماً لا جباناً. وأن المطلوب بعد توفيق الله -جل وعلا- هو أن تحسب وتفكر في ما أنت مقبل عليه و-بإذن الله- تسلم!
يريد أن لا أخاف وأكسل وأجبن، وأن لا أتهور، وأن أفكر في عاقبة الأمور، وأحسب حسابها قبل أن أقع فيها؛ فالسلامة السلبية هي سلامة الخائف. والسلامة الإيجابية هي سلامة من حسب الأمور، وقدر قدرها، وأخذ احتياطه واستعد!

قال لي والدي -يرحمه الله-: «الطيب عند الناس اليوم ليس هو الذي يوصل إليهم الخير، بل هو الذي لا يؤذي غيره، ويمشي في دربه».
وصدق رحمه الله، فالناس اليوم تصف بذلك إلا من رحم.
بل بعض الناس إذا قالوا عن شخص: «إنه طيب». يعنون أن به غفلة!

من ذكرياتي مع والدي -رحمه الله-:
أذكر مرة كنت مع إخوتي صغارًا في سيارة والدي رحمه الله.
ومثل حال الأطفال في ذلك السن كنا في فوضى وصياح... وفجأة قال والدي: «هيا اسكتوا، لا تصدروا ضجة، نحن الآن بجوار قصر الملك فيصل رحمه الله».
وصارت هذه عادة: نحترم المرور من أمام قصر الملك والأمير، ولا نصدر أي ضجة.
هكذا علمونا يوم كنا صغاراً!
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس