عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-12-2017, 05:06 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي إلى الذين سنُّوا في الإسلام سنة العمليات الانتحارية =كتبه: عبد الحق التركماني



الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: فإن العمليات الانتحارية بالطريقة العصرية المعروفة هي من سُنن الشنتويَّة والبوذية والملاحدة والقائلين بتناسخ الإرواح، وقد اتبعهم فيها بعض المنظمات الشيعية في لبنان، ثم أخذها عنهم ـ تقليدًا لهم، واتباعًا لسننهم ـ: الإسلاميون الحركيون، وظنُّوا أنَّهم يكسرون بها عدوًّا، أو يحققون نصرًا، فأطلقوا ألسنتهم في تحسينها والتشجيع عليها، ولم يجعلوا الأخذ بها من باب الضرورة التي يلجأ فيها المسلمُ إلى الترخُّص في تصرفٍ استثنائيٍّ، غير باغٍ ولا عادٍ، وهو خائفٌ مشفقٌ وجِلٌ، فيستغفر الله، ويشعر بالذنب، ويخشى عدم التوفيق والقبول؛ بل عدَّوها من أفضل الأعمال، وأعلى درجات الجهاد، وأعظم ما يرجى به الفردوس الأعلى، فسنَّوا في الإسلام سنة سيئة قبيحة، وهي أن يبادر المسلم إلى قتل نفسه بقصد قتل غيره كلَّما ظنَّ أنَّه في جهادٍ مشروع؛ اعتقادًا بأنَّ فعله هذا أسمى صور الجهاد، وأقصر الطرق إلى الجنة!

وكانت نتيجة هذا: أن استسهل الشباب المسلم قتل نفسه، وانتشرت العمليات الانتحارية في العالم كله ـ بعد أن كانت محصورة في موطن ابتداعها: فلسطين ـ، وصرنا ـ كما يقال ـ: نصحو على عملية انتحارية، وننام على عملية انتحارية! ولم تسلم منها المساجد والكنائس والمعابد وولائم الأعراس ومجالس العزاء، بله الأسواق والميادين العامة والمؤسسات والمنشئات المدنية للمسلمين ولغير المسلمين! فإذا كانت العمليات الموصوفة زورًا بالاستشهادية بهذه الدرجة الرفيعة من الفضيلة، والطريق الأقصر والأسرع إلى الجنة: فلتكن كما يمكن أن تكون لا كما يجب أن تكون!

لا يظننَّ أحدٌ أنني أبيح العمليات الانتحارية للضرورة الملجئة بشروط وقيود، فهي محرمة تحريمًا قطعيًّا جازمًا كما حقَّقته في كتابي: (لا انتحار في الإسلام) ـ يسَّر الله نشره ـ، وقد قال شيخ المفسرين الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله: (إنَّ الله ـ تعالى ذِكْرُه ـ لم يُرخِّصْ لأحدٍ في قتل نفسه بحالٍ)؛ وإنما أردتُ التنبيه إلى أنَّ ما نراه اليوم من الجرأة على العمليات الانتحارية إنما هي ثمرة خبيثة، ونتيجة سيئة لذلك التسويغ الذي مارسه رموز الحركة الإسلامية لتسويق بدعتهم الجديدة، ضمن حملة إعلامية واسعة، وإرهابٍ فكريٍّ ظالمٍ باتِّهام كل من يقول بتحريمها ومنعها ـ بناءً على الأصل المقطوع بع والمجمع عليه في الشريعة في حكم الدماء، وهو الحرمةُ والعصمةُ والتعظيمُ ـ: بالخيانة والعمالة والخوف والجبن والجهل بالواقع، وتخذيل المجاهدين،…. وهذه نماذج من مبالغاتهم ومجازفاتهم في مدحها، والتشجيع عليها، والثناء على منفِّذيها، واعتبارها من أنماط القتال الأصيلة المشروعة:

1- قال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: (إن العمليات الاستشهادية تُعدُّ من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله).

2- وقال الدكتور محسن عبد الحميد ـ أحد قيادات الإخوان في العراق ـ: (وإني أعتقد أن مقام هؤلاء المؤمنين الذين يفجِّرون أنفسهم في فلسطين أرفع عند الله من مقام مجاهد يذهب إلى القتال وهو يعلمُ مقدَّمًا أنه قد يرجعُ إلى أهله سالمًا غانمًا، بينما القائمُ بتفجير نفسه يودع الحياة كليًّا وهو يعلمُ أنه سيفجِّرُ نفسه قطعة قطعة، ولكنَّه في قمة السعادة والفرح، لأنَّه يرضي بذلك ربَّه، ويدافعُ عن الأقصى الشريف الأسير، ويناضل عن بيضة الإسلام وكرامة المسلمين..)

3- وقال الشيخ تاج الدين الهلالي: (إن هذه العمليات البطولية… وسيلة من وسائل القتال المشروع).

4- وقال الشيخ سليمان بن ناصر العلوان: (إن خير علاج وأفضل دواء نداوي به إخوان القردة والخنازير القيام بالعمليات الاستشهادية.. وهذه العمليات نوع من الجهاد المشروع، وضربٌ من أساليب القتال والنكاية بالعدوِّ).

5- وقال د. نزار عبد القادر ريَّان، القيادي في حركة حماس ـ رحمه الله وغفر له ـ: (هي من أسمى أنواع الجهاد في العصر الحالي ما دامت سبل الجهاد قد ضاقت).

6- وقال الشيخ يحيى إسماعيل ـ أمين عام جبهة علماء الأزهر ـ: (هي من أعلى درجات الجهاد في سبيل الله)، وقال أيضًا: (والذين يحاولون التقليل من شأن العمليات الاستشهادية في الأرض المحتلة: مغالطون، دجَّالون، وعليهم مراجعة أنفسهم، فالحلال بيِّن، والحرام بيِّن!)

7- وقال الشيخ عبد المنعم عاشور: (هذا لونٌ من أعظم ألوان الجهاد في سبيل الله).

8- وقال د. همام سعيد ـ من قيادات الإخوان في الأردن ـ: (هذه العمليات معدودة بأعلى مراتب الجهاد والشهادة، والذين يقومون بها مأجورون إن شاء الله).

9- وقال الشيخ فتح الله جزر: (إنهم شهداء.. شهداء.. شهداء.. وفي الجنة إن شاء الله.. هؤلاء في أعلى مناصب الجهاد..).

10- وقال د. سيد رزق الطويل: (هذا جهاد من أعظم أنواع الجهاد..) [تجد هذه النقولات وغيرها كثير في كتاب: (العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي)، وفي (فتاوى علماء الإسلام في مسائل جهادية وحكم العمليات الاستشهادية).]

11- وقال سلمان بن فهد العودة في مقاله (العمليات الاستشهادية في ميزان الشرع): (وقد احتاج إليها المسلمون على وجه الخصوص لأسباب عديدة: منها ما جُبلوا عليه من الفدائية والتضحية وحب الاستشهاد، ورخص الحياة عليهم إذا كانت ذليلة، فالموت العزيز لديهم خير من الحياة الذليلة،… ومن يقوم بهذه العمليات وفق الشروط المعتبرة شرعًا فهو بإذن الله شهيد إذا صحت نيته).

12- وقال د. محمد موسى الشريف في مقاله: (جهاد الاستشهاديين الأطهار ومنزلته في الفقه والآثار): (إنَّ هذه العمليات الاستشهادية الجهادية من أعظم القُرُبات، وأحسن أنواع الجهاد..)!

فنقول ـ بعد أن ظهرت مفاسد هذه العمليات حتَّى للجهلة والسفهاء ـ: أَلَمْ يأنِ للقوم أن يراجعوا أنفسهم، ويرجعوا إلى الحقِّ الذي صدع به أئمة السنة في هذا العصر ـ كالإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله حيث صرَّح بتحريم العمليات الانتحارية أول ظهورها، ولم يخفْ لومةَ لائم، ولم يخشَ إلا الله عز وجلَّ، أداءً لأمانة العلم، وإبراءً للذمة ـ، فيعترفوا بخطئهم وخطيئتهم، ويسعوا في تصحيح ما أفسدوه ـ وإن كان الخَرْق قد اتسع على الرَّاقع! ـ؛ فإن لم يفعلوا فليتحملوا مسؤولية فعلهم، وليعدُّوا بين يدي الله جوابًا، فقد اقتحموا أمرًا مهلكًا، ونذكِّرهم محذِّرين مشفقين بقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (من سنَّ في الإسلام سنةً سيئةً كان عليه وزرها، ووِزْرُ من عمل بها، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) [أخرجه مسلم]، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (من سنَّ سنةً سيئةً فعليه إثمها حتى تترك) [أخرجه الطبراني، وصححه الألباني]، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (ويل لعبدٍ جعله الله مفتاحًا للشرِّ مغلاقًا للخير) [أخرجه ابن ماجه وحسَّنه الألباني]، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس من نفس تُقتل ظلمًا إلا كان على ابن آدمَ الأولِ كِفْلٌ من دمها، لأنه أولُ من سنَّ القتل) [أخرجه البخاري ومسلم]؛ وأنتم أول من سنَّ العمليات الانتحارية في هذه الأمة، ففتحتم عليها باب شرٍّ لا سبيل إلى إغلاقها البتةَ؛ إلا أن يشاء الله سبحانه برحمته ولطفه، ولا يشفع لكم استنكاركم لها اليومَ دفعًا للحرج السياسي، وقد أفتيتم بجوازها وشجَّعتم عليها في الأمس القريب، ولا ينفعكم محاولة إخفاء وحذف فتاويكم ومقالاتكم السابقة، كما صنع سلمان العودة بمقاله، حيث حذفه من موقعه الرسمي: (الإسلام اليوم)! وصَدَقَ؛ فإسلامه بحسب يومه! والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

كتبه: عبد الحق التركماني (9/1/1432).


__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس