عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 07-26-2011, 01:28 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي البسمـــــــلة

2. البسمـــــــلة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد :

قال الله - تعالى -: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۞ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۞ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۞ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ۞ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ۞ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۞ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إذا قرأتم : ﴿الحمدلله فاقرأوا : ﴿بسم الله الرحمن الرحيم إنها أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، ﴿وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها) [صحيح الجامع 729] و [السلسلة الصحيحة 1183].

تفسير البسملة

البسملة : مصدر بسمل، كما نقول حوقل، وحسبل.

حرف الباء : للابتداء، أي : في حال كوني مبتدئا بالقراءة، أبتدئ تيمّنًا باسم الله العظيم.

قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - تعالى : [... وهي متعلقة بفعل مُقدّرٍ محذوف مُتأخّر مناسب للمقام الذي تُذكر فيه، فإن قُدّمت بين يدي القراءة، يكون التقدير : باسم الله أقرأ، وإن قُدّمَتْ بين يديّ الأكل، يكون التقدير : باسم الله آكل.

نُقدّره فِعلاً، لأن الأصل في العمل، الأفعال لا الأسماء، ولهذا كانت الأفعال تعمل بلا شرط، والأسماء لا تعمل إلا بشرط، لأن العمل أصلٌ في الأفعال، فرعٌ في الأسماء.

ونقدّره متأخِرًا لفائدتين:

1. الحصر : لأن تقديم المعمول يُفيد الحصر، فيكون : باسم الله أقرأ، بمنزلَة : لا أقرأ إلا باسم الله.

2. تيمّنًا بالبداءة باسم الله – سبحانه وتعالى – ونقدّره خاصّا، لأن الخاص أدل على المقصود من العام.
إذ من الممكن أن أقول : باسم الله أبتدئ، لكن (باسم الله أبتدئ) لا تدُل على تعيين المقصود، لكن : (باسم الله أقرأ) خاص، والخاصّ أدَلّ على المعنى من العام] انظر: [شرح العقيدة الواسطية – ص (25) للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى -].

وأما حديث : (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع) (وفي رواية : أبتر) ــ (وفي رواية : أجذم) فالحديث (ضعيف) لم يصح. أنظر : (ضعيف ابن ماجة 415 ــ 1894) و (ضعيف الجامع 4217).

الله : هو لفظ الجلالة " الإله "، حذفت الهمزة وأضغمت اللاّمان فصارت لامًا واحدةً مشددة.

وهو علمٌ مفردٌ، يدلّ على نفس الله – عزّ وجلّ – ولا يُسمّى به غيره، ومعناه : المألوه أي معبود محبة، وتعظيما، وهو مشتق على القول الراجح لقوله - تعالى - : ﴿وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [سورة الأنعام 3].
فإن ﴿فِي السَّمَاوَاتِ مُتعلّقٌ بلفظ الجلالة، يعني : هو المألوه في السموات وفي الأرض. انظر: [شرح العقيدة الواسطية – ص (25) للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى -].

وتفصيل معنى لفظ الجلالة "الله" في لغة العرب تقدّم أعلاه في موضوع الإستعاذة.

الرحمن الرحيم : اسمان من أسماء الله الحسنى دالاّن على سعة رحمته - سبحانه - التي وسعت كل شيئ، فالنعم كلها من آثار رحمته.

قال الله - تعالى - : ﴿قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا [سورة الإسراء 110].

الرحمن : ذو الرحمة الواسعة التي تعمّ جميع خلقه، اختص الرب - تبارك وتعالى - بهذا الإسم الرحمن، وفيه ترغيب.
وكما اختص اسم الله به، كذلك اسم الرحمن، فلا يسمّى بهما أحدٌ من خلقه - سبحانه -.

قال الله - تعالى - : ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [سورة الزخرف 45].

وقد ذكر الاستواء مقرونًا باسمه " الرحمن " في قوله - تبارك وتعالى - : ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ۞ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى [سورة طه 5 – 6].

استوى إستواء يليق بجلاله، فيعمّ كلّ خلقه بجميع أنواع رحمته - سبحانه -.

ومنه اشتُقّ اسم الرَّحِمْ تشريفًا وتكريمًا لمكانها : فعن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي : قال الله - تعالى - : (أنا خلقت الرَّحِمْ، وشققت لها إسمًا من إسمي، فمن وصَلَها وصلته، ومن قطعها قطعته، ومن بتَها بتتُّهُ) [صحيح الجامع 4314].

وعنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن الله - تعالى - خلق الخلق، حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرَّحِمْ، فقال : مََهْ ؟ قالت : هذا مقامُ العائذ بكَ من القطيعة، قال : (أما ترضينَ أن أصِلَ مَن وَصَلَكِ، وأقطعَ مَن قطعكِ ؟) قالت : بلى يا رب ! قال : (فذلكَ لكِ). (متفق عليه).

الرحيم : اسمٌ يدلّ على الفعل، لأنه فعيل بمعنى فاعل، فهوَ دالّ على الفعل.

اختص الله - تبارك وتعالى - عباده المؤمنينَ باسمه الرحيم فقال - سبحانه - : ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [سورة الأحزاب 43].

ووصف الله – تبارك و تعالى - رسولـَه - صلى الله عليه وسلم – في موضع آخر باسم الرحيم وذلك في قوله – تعالى - : ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [سورة التوبة 128].

وعن عمرو بن حبيب - رضي الله عنه - قال لسعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان : " أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (خاب عبدٌ وخسِر، من لم يجعل الله - تعالى - في قلبه رحمةً للبشر) [السلسلة الصحيحة 457].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -


حكم البسملة عند قراءة القرآن الكريم
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس