عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-08-2013, 11:35 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي ( فقه المرحلة ) سنة العراق بين الأزمة والحل

( فقه المرحلة )
"سُنّة العراق" بين الأزمة والحل


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد:

فإن الداعية الموفق هو من يعمل وعنده (مشروع دعوي) قائم على مصادر علمية معتبرة، ويهدف لمقاصد شرعية محررة . وأصول هذه وتلك: العمل بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة تحقيقاً للإخلاص والمتابعة عبادة وطاعة، وتتميماً للأخلاق الفاضلة رعاية وتزكية .

ثم يوظف هذه المنطلقات في أعماله الدعوية، فهذا عنوان ذكائه وفطنته، فليس هو بالعاطفي الذي تستثيره الأحداث والمواقف ، ثم يبني عليها ردود أفعال ارتجاليه خالية من العلم أو الحكمة، أو من كليهما .

وليس هو بالمتفرج لقضاياه المصيرية دون موقف شرعي صحيح منضبط بأصول الشريعة وقواعدها الكلية مستنيراً بكلام العلماء الراسخين في العلم، إذ لا ريب أن الشريعة حاكمة إلى قيام الساعة على كل حدث ونازلة، وأن حكمها لا يخفى على كل أفراد الأمة . بل لا بد أن يكون معلوماً ولو عند بعضهم – ضرورة بقاء الشريعة، والطائفة المنصورة - .

فالمرحلة تستدعي مهارة دعوية في كشف العقائد الفاسدة، وفضح المخططات العدائية، وذلك عن طريق توجيه الغليان العام الذي يقوم على مطالب مشروعة من رفع الظلم، وإقامة العدل، ونبذ الطائفية المتسلطة.

ومقومات توعية الجماهير في نقاط مهمة :
• إن المقصود من كل بلاء وفتنة الرجوع إلى الله – سبحانه – لقوله -:تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

• إن أصل التغيير يكون بالتوبة إلى الله – سبحانه – وإصلاح القلوب لقوله – تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.

• إن أصل صلاح الدين والدنيا تحقيق الشهادتين فإنه لا يصلح الأفراد والمجتمعات إلا عبادة الله تعالى بتحقيق الإسلام الصحيح الخالي من شوائب الشرك والبدع والفسوق.

• تنوير الشارع السني بحقيقة المظالم الواقعة عليه من اعتداء على الأموال والدماء والأعراض بمختلف المسميات بأنها نابعة من أيدلوجيات (عقائد) المتسلطين، فهي التي تبيح لهم انتهاك تلك المحرمات بل وأكثر من ذلك .

• لفت النظر إلى أن الدولة العقائدية التي تعتقد عقيدة مخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة لا يمكن أن تتجانس مع سائر شرائح المجتمع لكونها توسعيه (تبشيرية) تعمل على تصدير أفكارها بكل ما تملك من قوة فلا خيار للسني إلا أن ينصهر ضمن مؤسساتها بلا عقيدة أو ألا يكون له محل في هذا البلد .

ومن الحلول التي تقوم على قواعد (فطرية)، (وعقلية)، (وشرعية): أن المفاسد إذا ازدحمت لم يكن للعاقل بد من ركوب أدناها لدفع أعلاها .

فالمطالبة بإقليم سني يحفظ لأهل السنة: دينهم ودماءهم وأعراضهم وأموالهم مطلب مشروع لما فيه من حفظ المقاصد العامة التي أجمعت عليها كل الرسالات الإلهية .

قال الشاطبي – رحمه الله - :" فقد اتفقت الأمة - بل سائر الملل- على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس -وهي: الدين، والنفس, والنسل، والمال، والعقل- وعلمها عند الأمة كالضروري"(الموافقات:1/31).

وقال ابن النجار الفتوحي – رحمه الله – عن قاعدة: (لا ضرر ولا ضرار): " فَيَدْخُلُ فِيهَا دَفْعُ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ الَّتِي هِيَ حِفْظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ وَالنَّسَبِ، وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ.

وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَرْجِعُ إلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ وَتَقْرِيرِهَا بِدَفْعِ الْمَفَاسِدِ أَوْ تَخْفِيفِهَا .

وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ " . . . يَعْنِي أَنَّ وُجُودَ الضَّرَرِ يُبِيحُ ارْتِكَابَ الْمَحْظُورِ، أَيْ الْمُحَرَّمِ، بِشَرْطِ كَوْنِ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ أَخَفَّ مِنْ وُجُودِ الضَّرَرِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ - بَلْ وَجَبَ - أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَكَذَلِكَ إسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ وَبِالْبَوْلِ. . . وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لا حَصْرَ لَهُ."(شرح الكوكب المنير:4/444).

وحالنا عند المطالبة بالإقليم كحال ( بَيْهس الفزاريّ )، وكانت أمه تبغضه لحمقه، فخرج مع إخوته في حرب، فماتوا ورجع هو إلى أمه، فقالت: أنجوت من بينهم؟! فقال: (لو خُيّرتِ لاخترتِ)، فلما رأت أنه ليس لها غيره أحبته وعطفت عليه، فقال: (الثُكْلُ أَرْأَمَها ولداً). فهو مثل يضرب للرجل يحفظ التافه بعد فقد النابه للضرورة.

هذا إذا قدرنا أسوأ الاحتمالات عند حصول (الإقليم السني)، فكيف لو كان هو المطلب العادل الذي يحفظ فيه البلد من التبعية الإيرانية بوجود شركاء أقوياء: (الإقليم السني، والكردي) مما يحول دون تنفذ المآرب الصفوية، بدل الأتباع الضعفاء، ذوي الجموع المترقبة حز الرقبة . فنحن عندهم (أهون من قُعَيس على عمته): وهو رجل من أهل الكوفة، دخل دار عمته، فأصابهم مطر شديد، وكان بيتها ضيقاً، فأدخلت كلبها البيت، وأخرجت قعيساً إلى المطر، فمات من البرد. ويضرب هذا المثل في بيان شدة هوان شخص على شخص.

وقال ابن القيم – رحمه الله -: " وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد، وكل شر فأصله خذلانه لعبده .

وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك إلى نفسك، وأن الخذلان أن يخلي بينك وبين نفسك . فإذا كان كل خير فأصله التوفيق، وهو بيد الله لا بيد العبد فمفتاحه: الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه . فمتى أعطى العبدَ هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضله عن المفتاح بقى باب الخير مرتجاً دونه " (الفوائد:181).

ومشتت العزمات ينفق عمره ... حيران لا ظفر ولا إخفاق