جزاكم الله خيراً على هذا الطرح المفيد..
لذا تجد الخلل في قراءة من يقرأ بالمقامات، حيث ثخرج القارئ عن حد القراءة مثل عدم تساوي أزمنة المدود المتماثلة ، وتطنين الغنن وأكل بعض الحروف وخاصة التي في أواخر الكلمات وتولد بعض الحروف...
واغتنم الفرصة لأنقل لإخواني (مباحث في القراءة, وحكم القراءة بالمقامات للإمام الألباني -رحمه الله-
قال في كتابه "صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام من التكبير إلى التسليم كأنك تراها (الكتاب الأم)" ما نصُّه:
و " كان -صلى الله عليه وسلم- يمد قراءته (1) (عند حروف المد) ؛ فيمد { بِسْمِ اللَّهِ } ، ويمد
{ الرَّحْمَنِ } (2) ، ويمد { الرَّحِيمِ } ، و { نَضِيدٌ } (50 : 45) وأمثالها " (3) .
__________
(1) قال السندي :
" أي : يطيل الحروف الصالحة للإطالة ؛ يستعين بها على التدبر ، والتفكر ، وتذكير
من يتذكر " .
(2) أي : يمد الألف بعد الميم ، والياء بعد الحاء . ولا يخفى أن المد في كل من
الاسمين الشريفين - وَصْلاً - لا يُزَادُ على قدر (ألف) ، وهو المسمى بـ : المد الأصلي
والذاتي والطبيعي ، ووقفاً متوسطاً أيضاً ، فيمد قدر ألِفَين ، أو يطول قدر ثلاث لا غير ،
وهو المسمى بـ : المد العارض ، وعلى هذا القياسُ . وتفصيلُ أنواع المد محله كتب
القراءة .
وأما ما ابتدعه قراء زماننا - حتى أئمة صلاتنا - أنهم يزيدون على المد الطبيعي إلى
أن يصل قدر أَلِفَيْنِ وأكثر ربما يقصرون المد الواجب ! فلا مد الله في عمرهم ، ولا أمد في
أمرهم . كذا في " شرح الشمائل " للشيخ علي القاري .
(3) هو من حديث أنس رضي الله عنه . قال قتادة :
سألت أنس بن مالك عن قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فقال :
كان يمد مداً .
أخرجه البخاري في " صحيحه " (9/74) وفي " أفعال العباد " (81) ، وأبو داود
(1/231) ، والنسائي (1/157) ، والترمذي في " الشمائل " (2/137 - 138) ، والبيهقي
(2/52) ، وأحمد (3/119 و 127 و 198) عن جرير بن حازم الأزدي عنه .
(2/565)
وكان يقف على رؤوس الآي - كما سبق بيانه - (1) .
__________
وفي لفظ لأحمد (3/131 و 192 و 289) :
كان يمد صوته مداً .
وكذا أخرجه الإسماعيلي ، وأبو نُعيم ، وابن أبي داود ، وفي رواية له :
كان يمد قراءته .
وأفاد أنه لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا جرير بن حازم وهَمَّام بن يحيى - كما في
" الفتح " - . وزاد البخاري في روايته :
ثم قرأ : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ؛ يمدُّ بـ : { بِسْمِ اللَّهِ } ، ويمد : { الرَّحْمَنِ } ،
ويمد : { الرَّحِيمِ } . ثم قال الحافظ :
" وأخرج ابن أبي داود من طريق قطبة بن مالك :
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في الفجر : { ق } ، فمر بهذا الحرف : { لَهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } فمدَّ : { نَضِيدٌ } .
وهو شاهد جيد لحديث أنس . وأصله عند مسلم ، والترمذي ، والنسائي من حديث
قطبة نفسه " .
قلت : وقد مضى في القراءة في الفجر بدون قوله : فمدَّ : { نَضِيدٌ } .
وقد أخرجه البخاري في " أفعال العباد " (81) بلفظ :
يمد بها صوته .
وسنده صحيح على شرطهما .
(1) في (القراءة آية آية) (ص 293 - 297) .
(2/566)
و " كان أحياناً يُرَجِّعُ (1) صوته ؛ كما فعل يوم الفتح وهو على ناقته ، يقرأ
سورة { الفَتْحِ } (48 : 49) [ قراءة لينة ] " (2) . وقد حكى عبد الله بن مغفل
ترجيعه هكذا : (آ آ آ) .
__________
(1) مِن : التَّرْجِيْع . قال الحافظ :
" هو تقارب ضروب الحركات في القراءة ، وأصله : الترديد . وترجيع الصوت : ترديده
في الحلق " . ا هـ . وقال المناوي :
" وذلك ينشأ غالباً عن أَرْيحِيَّةٍ وانبساط ، والمصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حصل له من ذلك حظ
وافر يوم الفتح " .
(2) هو من حديث عبد الله بن مُغَفَّل رضي الله عنه . رواه عنه معاوية بن قُرَّة قال :
سمعت عبد الله بن مغفل قال :
رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم فتح مكة على ناقته وهو يقرأ سورة { الفَتْحِ } ؛ يُرَجِّعُ .
وقال (معاوية) : لولا أن يجتمع الناس حولي ؛ لرَجَّعْتُ كما رَجَّعَ .
أخرجه البخاري (8/11 و 474 و 9/75 و 130 و 441) وفي " خلق أفعال العباد "
(ص 81) ، ومسلم (2/193) ، وأبو داود (1/231) ، والترمذي في " الشمائل " (2/141
- 142) ، والبيهقي (2/53) ، وأحمد (4/85 - 86 و 5/54 و 55 و 56) من طريق شعبة
عنه . واللفظ للبخاري .
وفي رواية له - وهي رواية البيهقي - :
وهو يقرأ سورة { الفَتحِ } قراءة لينة . وزاد في رواية أخرى ، وكذا أحمد :
فقلت لمعاوية : كيف كان ترجيعه ؟ قال :
آ آ آ . ثلاث مرات .
(2/567)
.................................................. ..............................
__________
وقد تابعه سعيد عن معاوية .
أخرجه ابن نصر (54) بدون الزيادة . قال الحافظ :
" وقد ثبت الترجيع في غير هذا الموضع ؛ فأخرج الترمذي في " الشمائل " ،
والنسائي ، وابن ماجه ، وابن أبي داود - واللفظ له - من حديث أم هانئ :
كنت أسمع صوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقرأ ، وأنا نائمة على فراشي ؛ يُرَجِّعُ القرآن " .
قلت : وهكذا أخرجه الطحاوي (1/203) من طريق قيس بن الربيع عن هلال بن
خَبَّاب عن يحيى بن جعدة عنها .
وسنده حسن .
وهو عند الثلاثة الأولين من طرق عن هلال به ؛ دون قوله : يرجِّع القرآن . وقد مضى
في (التعليق) قبيل (صلاة الفجر) [ص 422] .
ورواه ابن نصر (54) ، وفيه الزيادة ، ولكن مختصِره المقريزي لم يسق إسناده .
قال الحافظ في شرح قوله : (آ آ آ) :
" بهمزة مفتوحة ، بعدها ألف ساكنة ، ثم همزة أخرى " . ثم ذكر (13/442) نحوه
عن القرطبي . ونقل القاري مثله عينه ميرك شاه ، ثم قال :
" والأظهر أنها ثلاث ألفات ممدودات " . ثم قال الحافظ :
" ثم قالوا : يحتمل أمرين ؛ أحدهما : أن ذلك حدث من هَزِّ الناقة . والآخر : أنه
أشبع المد في موضعه ؛ فحدث ذلك . وهذا الثاني أشبه بالسياق ؛ فإنَّ في بعض
طرقه :
لولا أن يجتمع الناس ؛ لقرأت لكم بذلك اللحن . أي : النغم " . قال القرطبي :
(2/568)
.................................................. ..............................
__________
" وقوله هذا يشير إلى أن القراءة بالترجيع تجمع نفوس الناس إلى الإصغاء ،
وتستميلها بذلك ، حتى لا تكاد تصبر عن استماع الترجيع المَشُوْبِ بلذة الحكمة
المهُِيمة " . ثم قال الحافظ :
" والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل ؛ فعند ابن أبي داود من طريق
أبي إسحاق عن علقمة قال :
بتُّ مع عبد الله بن مسعود في داره ، فنام ، ثم قام ، فكان يقرأ قراءة الرجل في
مسجد حَيِّه ؛ لا يرفع صوته ، ويُسْمعُ من حوله ، ويرتل ولا يرجِّع . وقال الشيخ أبو محمد
ابن أبي جمرة : معنى الترجيع : تحسين التلاوة .. لا ترجيع الغناء ؛ لأن القراءة بترجيع
الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة " . قال الشيخ القاري (2/142 - 143) :
" ومن تأمل أحوال السلف ؛ علم أنهم بريئون من التصنع في القراءة بالألحان
المخترعة ، دون التطريب ، والتحسين الطبيعي ؛ فالحق أن ما كان منه طبيعة وسجيَّة ؛ كان
محموداً - وإنْ أعانته طبيعته على زيادة تحسين وتزيين - ؛ لِتأثُّرِ التالي والسامع به .
وأما ما فيه تكلف وتصنع بتعلم أصوات الغناء وألحان مخصوصة ؛ فهذه هي التي
كرهها السلف والأتقياء من الخلف " .
(تنبيه) : وأما الحديث الذي أخرجه الترمذي في " الشمائل " (2/143) عن حُسام
ابن مِصَكٍّ عن قتادة قال :
ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه حسن الصوت ، وكان نبيكم حسن الوجه حسن
الصوت ، وكان لا يرجع . فهو مع انقطاعه ؛ فإن حساماً هذا : ضعيف يكاد أن يترك - كما
في " التقريب " - . قال في " الميزان " :
" ومن مناكيره هذا الخبر " .
(2/569)
وكان يأمر بتحسين الصوت بالقرآن ؛ فيقول :
" زينوا القرآن بأصواتكم ؛ [ فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً ] " (1) .
__________
(1) هو من حديث البراء .
أخرجه البخاري في " أفعال العباد " (79 - 80) ، وأبو داود (1/231) ، والنسائي
(1/157) ، والدارمي (2/474) ، وابن ماجه (1/404) ، وابن نصر (54) ، { وتمام الرازي
[1/130/300] } ، والحاكم (1/571 - 575) ، والبيهقي (2/53) ، والطيالسي (100) ،
وأحمد (283 و 285 و 304) من طرق عن طلحة بن مُصَرِّف قال : سمعت عبد الرحمن
ابن عوسجة قال : سمعت البراء بن عازب به .
وهذا سند صحيح . وقد علقه البخاري في " صحيحه " (13/444) مجزوماً به ،
وذكر الحافظ أن ابن خزيمة وابن حبان أخرجاه أيضاً في " صحيحيهما " من هذا الوجه .
وذكر الحافظ العراقي (1/251) أن الحاكم صححه . وليس في نسختنا من
" المستدرك " تصريحه بالتصحيح ، وإنما أكثر في سَرْدِ طرقه عن طلحة وغيره .
وقد أخرجه هو (1/575) (*) ، والخطيب في " تاريخه " (4/261) من طريق محمد
ابن بكار : ثنا قيس بن الربيع عن زُبَيد بن الحارث عن عبد الرحمن بن عوسجة به .
وهذا سند جيد .
وله طرق أخرى ؛ فأخرجه الحاكم من طريق إسماعيل بن رجاء عن أوس بن
ضمعج عن البراء به .
وهذا سند صحيح .
ثم أخرجه من طريق أبي مريم عبد الغفار بن القاسم عن عدي بن مثبت عنه .
__________
(*) وليس هو كذلك في " إتحاف المهرة " لابن حجر في نقله عن " المستدرك "؛ فانظر (2/474 - 478) .
(2/570)
.................................................. ..............................
__________
وأبو مريم : متروك .
وله طريق رابع : أخرجه الدارمي ، ومن طريقه الحاكم عن زاذان أبي عمر عنه به .
بلفظ :
" حسنوا ... " . والباقي مثله ؛ وفيه الزيادة .
وسنده صحيح . رجاله كلهم ثقات رجال مسلم .
وللحديث شواهد :
منها : عن أبي هريرة . علقه البخاري في " أفعال العباد " (80) : عن سهيل عن أبيه
عنه .
وقد أخرجه ابن حبان في " صحيحه " .
ومنها : عن ابن عباس . رواه الطبراني بإسنادين . وفي أحدهما عبد الله بن خِرَاش :
وثقه ابن حبان ، وقال : " ربما أخطأ ". ووثقه البخاري وغيره . وبقية رجاله رجال
" الصحيح " - . كذا في " المجمع " (7/170) - . وفي " التقريب " أن ابن خِرَاش :
" ضعيف " . وقال في " الفتح " :
" أخرجه الدارقطني في " الأفراد " بسند حسن " .
ومنها : عن عبد الرحمن بن عوف .
أخرجه البزار بسند ضعيف .
ومنها : عن ابن مسعود .
أخرجه ابن نصر ، وأبو نعيم في " الحلية " (4/236) ، والطبراني من طريق سعيد بن
زَرْبِيّ : ثنا خالد عن إبراهيم عن علقمة قال :
(2/571)
.................................................. ..............................
__________
كنت رجلاً قد أعطاني الله حُسن الصوت بالقرآن ، فكان عبد الله يستقرئني ، ويقول
لي : فداك أبي وأمي ! فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول :
" إن حسن الصوت تزيينٌ للقرآن " .
وروى البزار المرفوع منه . وسعيد بن زَرْبِيّ : ضعيف - كما قال الهيثمي - .
ومنها : عن ابن عباس أيضاً بلفظ :
" لكل شيء حلية ، وحلية القرآن حسن الصوت " .
أخرجه الطبراني في " الأوسط " .
وفيه إسماعيل بن عمرو البَجَلي ، وهو ضعيف .
ومنها : عن أنس ... مثله .
أخرجه البزار .
وفيه عبد الله بن مُحَرَّر ، وهو متروك - كما في " المجمع " ، و " التقريب " - .
(تنبيه) : اعلم أن لفظ حديث ابن عباس الأول :
" زينوا أصواتكم بالقرآن " . على القلب (1) .
وهو رواية الحاكم في حديث البراء من طريق معمر عن الأعمش عن طلحة ، ومن
طريق سفيان عن منصور عن طلحة .
ورواه غيرهما عن الأعمش ومنصور بلفظ الكتاب . وهو الصواب ؛ كما في رواية
__________
(1) { وهو خطأ بَيِّنٌ رواية ودراية . ومن صححه ؛ فهو أغرق في الخطأ ؛ لمخالفته للروايات
الصحيحة المفسرة في الباب ؛ بل هو مثال صالح للحديث المقلوب . وبيان هذا الإجمال في " الأحاديث
الضعيفة " (5326) [ و " صحيح الترغيب والترهيب " (2/176 - 177) ] } .
(2/572)
.................................................. ..............................
__________
جميع من رواه عن طلحة ، وكذلك هو في الطرق الأخرى والشواهد .
قوله : " زينوا القرآن بأصواتكم " ؛ أي : قراءته بأصواتكم ؛ أي : بتحسين أصواتكم
عند القراءة ؛ فإن الكلام الحسن يَزيد حُسناً وزينةً بالصوتِ الحسن ، وهذا مشاهد . كما
قال السندي .
وأما حمل الحديث على القلب ؛ أي : زينوا أصواتكم بالقرآن . فمما لا ضرورة لهذا
التأويل ؛ إذ إنه خلاف الأصل ، والرواية التي وردت على القلب شاذة ؛ مخالفة لجميع
روايات الثقات - كما سبق - . وهي أيضاً تنافي الزيادة المذكورة :
" فإن الصوت الحسن يزيدُ القرآنَ حسناً " . فإنها تعلل الأمر بتحسين الصوت عند
قراءة القرآن ، وهو أنه يزيد القرآن حسناً ؛ فالزينة للقرآن لا للصوت ، خلافاً لما قاله
المناوي .
ويشهد لذلك أيضاً حديث أنس ، وابن عباس - وأحدهما يقوي الآخر - :
" لكل شيء حلية ، وحلية القرآن الصوت الحسن " (*) . قال الشيخ علي القاري :
" يعني : كما أن الحُلَلَ والحُلِيَّ يزيد الحسناء حسناً ، وهو أمر مشاهد ؛ فدلَّ على أن
رواية العكس - ويعني : " زينوا أصواتكم بالقرآن " - محمولة على القلب ، لا العكس .
فتدبر . ولا منع من الجمع " . ا هـ . قال في " فيض القدير " :
" وفي أدائه بحسن الصوت وجودة الأداء بَعْثٌ للقلوب على استماعه وتدبره
والإصغاء إليه . قال التُّورْبِشْتي :
هذا إذا لم يخرجه التغني عن التجويد ، ولم يصرفه عن مراعاة النظم في الكلمات
والحروف ، فإن انتهى إلى ذلك ؛ عاد الاستحبابُ كراهةً .
__________
(*) جزم الشيخ في " الضعيفة " (4322) بأنه ضعيف . وانظر هنا (ص 572) .
(2/573)
وكان يقول :
" لله أشد أَذَنَاً إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن ؛ [ يجهر به ] من صاحب
القينة " (1)
__________
وأما ما أحدثه المتكلفون بمعرفة الأوزان والموسيقى ؛ فيأخذون في كلام الله مأخذهم
في التشبيب والغزل ؛ فإنه من أسوأ البدع ، فيجب على السامع النكير ، وعلى التالي التعزير .
وأخذ جمع من الصوفية منه ندب السماع من حَسَن الصوت ، وتُعقب بأنه قياس
فاسد ، وتشبيه للشيء بما ليس مثله ، وكيف يشبه ما أمر الله به بما نهى عنه ؟! " . انتهى .
(1) هو من حديث فضالة بن عبيد (*) .
أخرجه الحاكم (1/571) ، وأحمد (6/19) من طريق الوليد بن مسلم : ثني أبو
عَمْرو الأوزاعي : ثني إسماعيل بن عُبيد الله بن أبي المهاجر عنه به . وقال الحاكم :
" صحيح على شرط الشيخين " . وتعقبه الذهبي بقوله :
" بل هو منقطع " .
قلت : لكن وصله ابن ماجه (1/403) ، وابن نصر (54) ، وأحمد أيضاً (6/20) من
طرق عن الوليد : ثنا الأوزاعي : ثنا إسماعيل بن عبيد الله عن مَيْسَرة مولى فضالة عن فضالة به .
والزيادة لابن ماجه .
وهكذا علقه البخاري في " أفعال العباد " (79) مجزوماً ؛ فقال :
" وقال ميسرة مولى فَضَالة عن فَضَالة به " .
ولكن ميسرة هذا ما روى عنه سوى إسماعيل هذا - كما في " الميزان " - ، ولم يوثقه
__________
(*) هذا الحديث ضرب عليه الشيخ رحمه الله في الأصل ، وأبقى تخريجه مشيراً في نهايته إلى
ضعفه ، وقد رأينا إثباته مع تخريجه بهذه الصورة ، ودون حذف المتن ؛ مكتفين بجعله دون تسويد .
(2/574)
ويقول :
" إن من أحسن الناس صوتاً بالقرآن : الذي إذا سمعتموه يقرأ ؛
حسبتموه يخشى الله " (1)
__________
غير ابن حبان ؛ فهو في عداد المجهولين . ولذلك قال في " التقريب " :
" مقبول " . يعني : إذا توبع في روايته . ولَمَّا لم نجد له متابعاً ، ولا لحديثه شاهداً ؛
ضربنا عليه ، وحكمنا بضعفه - وإن حسنه صاحب " الزوائد " - . والله أعلم .
(1) هو حديث صحيح . جاء من وجوه مختلفة ؛ مرسلاً وموصولاً .
أما المرسل ؛ [ فأخرجه { ابن المبارك في " الزهد " (1/162) " الكواكب " (575) }
قال : ثنا يونس بن يزيد عن الزهري قال : بلغنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ... فذكره نحوه ] .
وأخرجه الدارمي (2/471) عن مِسْعَر عن عبد الكريم عن طاوس قال :
سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أيُّ الناس أحسن صوتاً بالقرآن ، وأحسن قراءة ؟ قال :
" من إذا سمعته يقرأ ؛ أُرِيْتَ أنه يخشى الله " .
قال طاوس : وكان طَلْقٌ كذلك .
وعبد الكريم هذا هو : ابن أبي المخارق ، أبو أُمية المُعَلّم ؛ ضعيف - كما في " التقريب " - .
وبقية رجاله رجال " الصحيحين " .
وقد وصله أبو نعيم في " حلية الأولياء " (4/19) من طريق إسماعيل بن عمرو : ثنا
مِسْعَر بن كِدَام عن عبد الكريم المعلم عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه به . وقال :
" غريب من حديث مِسْعَر ؛ لم يروه عنه مرفوعاً موصولاً إلا إسماعيل " .
قلت : وهو البَجَلي ، وهو ضعيف .
وله طريق أخرى عن طاوس .
(2/575)
.................................................. ..............................
__________
أخرجه الطبراني ، ومن طريقه أبو نعيم (4/19) عن ابن لَهِيعة عن عمرو بن دينار
عن طاوس به بلفظ :
" إن أحسن الناس قراءة من إذا قرأ القرآن ؛ يَتَحَزَّن " . قال في " المجمع " (7/170) :
"وابن لَهيعة : حسن الحديث ، وفيه ضعف " .
وله عن ابن عباس طريق ثان . قال أبو نعيم (3/317) : ثنا محمد بن أحمد بن
الحسن : ثنا عباس بن أحمد بن الحسن الوَشَّاء : ثنا أحمد بن عمر الوكيعي : ثنا
قَبِيصة : ثنا سفيان عن ابن جُرَيج عن عطاء عن ابن عباس به نحو حديث مِسْعَر
المرسل . وقال :
" هذا حديث غريب من حديث الثوري عن ابن جريج عن عطاء ، انفرد به أحمد
عن قَبيصة " .
قلت : أحمد هذا : ثقة من شيوخ مسلم ، ومن فوقه متفق عليهم .
وقد أخرجه المقدسي في " المختارة " عن أبي نُعَيم .
وللحديث شواهد :
منها : عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجَمِّع عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً بلفظ
الكتاب . وفي " الزوائد " :
" إسناده ضعيف ؛ لضعف إبراهيم بن إسماعيل هذا " . ا هـ . وقال الحافظ العراقي
(1/257) :
" سنده ضعيف " .
ومنها : عن ابن عمر ، وله منه طريقان :
الأول : قال ابن نصر (55) : ثنا محمد بن يحيى : ثنا عمر بن عمر : أخبرنا مرزوق
(2/576)
وكان يأمر بالتغني بالقرآن ؛ فيقول :
" تعلَّموا كتاب الله ، وتعاهدوه ، واقتنوه ، وتغنَّوا به ؛ فوالذي نفسي بيده !
لهو أشد تفلتاً من المخاض في العقل (1) " (2) . ويقول :
__________
أبو بكر عن الأحول عن طاوس عن ابن عمر به .
وهذا سند حسن . رجاله ثقات معروفون ؛ غير عمر بن عمر ؛ فلم أجد من ذكره ،
ويغلب على الظن أنه عثمان بن عمر (*) ؛ فتحرف على الناسخ أو الطابع ، وذلك لأن
عثمان هذا هو الذي يروي عن مرزوق ، وعنه محمد بن يحيى هذا ؛ وهو الذُّهْلي الحافظ .
والطريق الآخر : أخرجه الخطيب (3/208) عن حُميد بن حَمّاد بن خُوَار : ثنا
مِسْعَر بن كِدَام عن عبد الله بن دينار عنه .
وحُميد هذا : لين الحديث - كما في " التقريب " - ، ومن طريقه رواه الطبراني في
" الأوسط " ، والبزار . قال في " المجمع " (7/170) :
" وبقية رجال البزار رجال الصحيح " .
[ ومنها : عن عائشة مرفوعاً نحوه : عند { أبي نعيم في " أخبار أصبهان " } (1/58) ] .
فهذه شواهد وطرق يقوي بعضها بعضاً ؛ فهو صحيح أو حسن لغيره ، ولعله لذلك
جزم البخاري به ؛ - فعلقه في " أفعال العباد " (81) مجزوماً به .
(1) { المخاض : هي الإبل ، والعُقُل : جمع عقال : وهو الحبل الذي يعقل به البعير } .
(2) ثبت ذلك في حديث عقبة بن عامر الجُهَني مرفوعاً .
أخرجه الدارمي (2/439) ، وابن نصر (55 - 56) ، وأحمد (4/147 و 150 و 153)
من طرق عن موسى بن عُلَي بن رباح قال :
__________
(*) وهو الصواب ، فهو في " مسند عبد بن حميد " (802) على الصواب .
(2/577)
.................................................. ..............................
__________
سمعت أبي يقول : سمعت عقبة بن عامر يقول : ... مرفوعاً به .
وهذا سند صحيح على شرط مسلم .
وهكذا أخرجه ابن أبي شيبة - كما في " الزاد " (1/193) - ، وأبو عُبَيد ، والنسائي
في (كتاب فضائل القرآن) - كما قال ابن كثير (118) - .
وفي رواية له - أعني : النسائي ، وكذا أحمد - من طريق قَبَاثِ بن رَزِين قال :
سمعت عُلَيّ بن رَبَاح به بلفظ :
كنا جلوساً في المسجد نقرأ القرآن ، فدخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فسلّم علينا ، فرددنا
عليه السلام ، ثم قال : ... الحديث .
وهذا سند صحيح أيضاً . قال ابن كثير :
" ففيه دلالة على السلام على القارئ " .
قلت : وهذه فائدة عزيزة ؛ قلما توجد في حديث . وفيه رد على من منع السلام
على القارئ من علمائنا (*) . وفيه أيضاً استحباب رد القارئ السلام على من سَلَّم عليه .
وقد استظهر النووي في " التبيان " (ص 24) وجوب ذلك ؛ قياساً على وجوب الرد في
حال الخطبة على الأرجح عند الشافعية .
قلت : والأَوْلى الاحتجاجُ على ذلك بعموم الأدلة القاضية بوجوب رد السلام ؛
كقوله عليه الصلاة والسلام :
" حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام ... " الحديث .
متفق عليه .
__________
(*) وانظر لمزيد فائدة تخريج هذا الحديث والكلام عليه في " السلسلة الصحيحة " (3285) .
(2/578)
.................................................. ..............................
__________
فهو عام يشمل كل سلام ، إلا ما استثناه الدليل ؛ كالسلام على المصلي ، فإنه - وإن
كان يُشرع السلام عليه ؛ فإنه - لا يجوز رده إلا بالإشارة - كما سيأتي في الكتاب - .
فالاحتجاج بهذا أولى من الاحتجاج بالقياس ؛ لأن المقيس عليه - وهو الردُّ حالَ
الخطبة - مختلَفٌ فيه بين العلماء ، حتى عند الشافعية - كما يشير إليه كلام النووي
نفسه - .
وأما الاحتجاج بالعموم ؛ فهو حجة عند جميع العلماء ؛ إذا لم يعارضه نص خاص
- كما في هذا المقام - ؛ فكان الاحتجاج به أولى . والله أعلم .
ثم أفاد النووي جواز عَوْدِ القارئ بعد رد السلام إِلى القراءة بدون تجديد الاستعاذة ؛
" ولو أعاد التعوذ ؛ كان حسناً " .
(تنبيه) : قد رأيت ابن كثير عزا الحديث للنسائي في (كتاب الفضائل) ، وكذلك
صنع الشيخ النابلسي في " الذخائر " ، ولا يوجد في " سنن النسائي الصغرى " - المعروف
بـ : " المجتبى " - كتاب بهذا الاسم ؛ فالظاهر أنه في " سننه الكبرى " ، لكن النابلسي قد
ذكر في مقدمة كتابه أنه إنما يُعزى إِلى " الصغرى " للنسائي دون " الكبرى " لقلة وجودها ؛
فيوهم صنيعه أن هذا الحديث في " الصغرى " له . وليس كذلك . وكيف أورد الحديث
الهيثمي في " المجمع " (7/169) منسوباً لأحمد ، والطبراني ، ولو كان في " السنن
الصغرى " ؛ لما أورده في " المجمع " - كما هو شأنه في كتابه هذا - ؟! وليس هو بأول إِيهام
من نوعه يقع من النابلسي ، بل قد تكرر ذلك منه ؛ كما هو معلق عندي على حاشية
الكتاب في مواضع شتى ، وفيه خطيآت أخرى ؛ كان من الواجب قبل طبعه أن ينبه
عليها !
(2/579)
" ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن " (1) .
__________
(1) هو من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .
أخرجه أبو داود (1/231) ، وعنه البيهقي (54) ، والدارمي (2/471) ، وابن نصر
(55) ، والطحاوي في " المشكل " (2/127 - 128) ، والحاكم (1/569) ، والطيالسي
(ص 28) ، وأحمد (1/172 و 175 و 179) من طرق عن عبد الله بن أبي مُلَيكة عن
عبيد الله بن أبي نَهِيك عنه به . وقال الحاكم :
" صحيح " . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا . وصححه أيضاً أبو عوانة - كما في
" الفتح " (9/57) - .
وأخرجه الحاكم (1/570) من طريق عمرو بن الحارث عن ابن أبي مُلَيكة :
أنه حدثه عن ناس دخلوا على سعد بن أبي وقاص ، فسألوه عن القرآن ؟ فقال
سعد :
إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : ... فذكره . قال الحاكم :
" فهذه الرواية تدل على أن ابن أبي مُليكة لم يسمعه من راوٍ واحد ؛ إنما سمعه من
رواة لسعد " .
قلت : وممن سمعه من سعد ورواه عنه ابنُ أبي مليكة :
عُبيد الله بن أبي يزيد ؛ قال :
مَرَّ بنا أبو لُبابة ، فاتبعناه حتى دخل بيته ، فدخلنا عليه ، فإذا رجل رثُّ البيت ،
رث الهيئة ، فسمعته يقول : ... به .
أخرجه أبو داود ، وكذا الطحاوي (2/129) من طريق عبد الجبار بن الورد قال :
سمعت ابن أبي مُليكة يقول : قال عبيد الله بن أبي يزيد ... . وفيه زيادة : قال :
(2/580)
.................................................. ..............................
__________
فقلت : لابن أبي مُليكة : يا أبا محمد ! أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال :
يُحَسِّنُه ما استطاع .
وإسناده حسن . وقال الحافظ (9/60) :
" صحيح " . كذا قال . وعبد الجبار بن الْوَرْدِ - قد قال هو نفسه في " التقريب " - :
" صدوق يهم " . فمثله لا يجوز أن يصحح حديثه ؛ غايته أن يكون حسن الحديث .
ومنهم : عبد الرحمن بن الثائب قال :
قدم علينا سعد بن أبي وقاص ، وقد كف بصره ، فسلمت عليه ، فقال : من أنت ؟
فأخبرته . فقال : مرحباً يا ابن أخي ! بَلَغَني أنك حسن الصوت بالقرآن ، سمعت رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول :
" إن هذا القرآن نزل بِحَزَن ، فإذا قرأتموه ؛ فابكوا ، فإن لم تبكوا ؛ فتباكوا ، وتغنَّوا به ؛
فمن لم يتغن به ؛ فليس منا " .
أخرجه ابن ماجه (1/402) من طريق أبي رافع عن ابن أبي مليكة عنه .
وأبو رفع - اسمه : إسماعيل بن رافع - : ضعيف متروك - كما في " الزوائد " . وفي
" التقريب " :
" ضعيف الحفظ " . وقد أشار المنذري في " الترغيب " (2/215) إلى ضعف
الحديث .
وعليه ؛ فقول الحافظ العراقي (1/249) :
" إسناده جيد " . غير جيد .
وعبد الرحمن بن الثائب : لم أعرفه . وأخشى أن يكون وقع في اسم أبيه
(2/581)
.................................................. ..............................
__________
تصحيف (*) ، ولعله : ابن سابط ؛ فإنهم ذكروه فيمن يروي عن سعد ؛ لكن قال ابن معين :
" لم يسمع منه " .
وفي هذه الرواية أنه سمع منه . لكن الإسناد إليه لا يصح . والله أعلم .
وللحديث شواهد :
منها : عن ابن عباس .
أخرجه الحاكم من طريق عُبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مُلَيكة عنه به . وقال :
" إسناد شاذ " .
ورواه أيضاً البزار ، والطبراني ؛ كما في " المجمع " (7/170) ، وقال :
" ورجال البزار رجال " الصحيح " " .
قلت : وكذلك رجاله عند الحاكم ، إلا العباس بن محمد الدُّوري ، وهو ثقة حافظ ،
وإنما حكم الحاكم بشذوذه ؛ لأن كل من رواه من الثقات عن ابن أبي مُلَيكة جعله من
(مسند سعد بن أبي وقاص) ، فخالفهم عبيد الله بن الأخنس ؛ فجعله من (مسند ابن
عباس) . وعبيد الله هذا ، وإن كان من رجال الشيخين ؛ ففي حفظه ضعف . وفي
" التقريب " :
" صدوق . قال ابن حبان : يخطئ " .
وقد تابعه عِسْلُ بن سفيان عند الحاكم ، وقال :
" ليس بمستبعد من عِسْل بن سُفيان الوهمُ ، والحديث راجع إلى حديث سعد بن
أبي وقاص " .
__________
(*) هو (السائب) كما في " تحفة الأشراف " (3/302/3900) ، و " سنن ابن ماجه " (1354) .
(2/582)
ويقول :
" ما أذن الله لشيء ما أَذِنَ (1) (وفي لفظ : كأَذَنِه) لنبي [ حسن الصوت ،
ـــــــــ
(وفي لفظ : حسن الترنم) (2) ] يتغنى بالقرآن ؛ [ يجهر به ] " (3) .
__________
ومنها : عن عائشة ، وعن ابن الزبير . رواهما البزار بإسنادين ضعيفين .
ومنها : عن أبي هريرة .
أخرجه البخاري (13/429 - 430) ، والطحاوي (2/129) ، والخطيب في " تاريخه "
(1/395) . "
ولكن أخطأ بعض الرواة في لفظه ، وإنما رواه أبو هريرة باللفظ المذكور بعد هذا - كما
يأتي بيانه - .
(1) قال الحافظ المنذري :
" أذِن - بكسر الذال - ؛ أي : ما استمع لشيء من كلام الناس كما استمع الله إلى
من تغنى بالقرآن ؛ أي : يُحسِّن به صوته . وذهب سفيان بن عيينة وغيره إلى أنه من
الاستغناء ، وهو مردود " .
(2) انظر " الضعيفة " (6640) [ و " ضعيف الترغيب والترهيب " (1/438) ] .
(3) هو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
رواه عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن ، ورواه عنه خمسة من الثقات : الزهري ،
ويحيى بن أبي كثير ، ومحمد بن عمرو ، ومحمد بن إبراهيم التيمي ، وعمرو بن دينار .
أما حديث الزهري : فأخرجه البخاري في " صحيحه " (9/56 و 57 و 13/392)
وفي " أفعال العباد " (79) ، ومسلم (2/192) ، والنسائي (1/157) ، والدارمي (2/472) ،
وابن نصر (55) ، والطحاوي في " المشكل " (2/127) ، { وابن منده في " التوحيد "
(2/583)
.................................................. ..............................
__________
(81/1) = [173/407] } ، والبيهقي (2/54) ، وأحمد (2/271 و 285) من طرق عنه .
ومن هذا الوجه أخرجه ابن جرير الطبري ، وفيه الزيادة الأولى باللفظين - كما في
" الفتح " (9/58) - .
وإسناده صحيح - كما قال المنذري في " الترغيب " (2/415) - ، وزاد البخاري في
رواية ، والدارمي ، وأحمد في آخر الحديث :
وقال صاحبٌ له : يريد : " يجهر به " . قال الحافظ :
" الضمير في (له) لأبي سلمة ، والصاحب المذكور هو : عبد الحميد بن عبد الرحمن
ابن زيد بن الخطاب ؛ بَيَّنَهُ الزُّبيَدي عن ابن شهاب في هذا الحديث . أخرجه ابن أبي
يحيى الذُّهْلي في " الزُّهْريات " من طريقه بلفظ :
" ما أذن الله بشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن " .
قال ابن شهاب : وأخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن عن أبي سلمة :
" يتغنى بالقرآن " : " يجهر به " . فكأن هذا التفسير لم يسمعه ابن شهاب من أبي
سلمة ، وسمعه من عبد الحميد عنه " .
قلت : وهي زيادة مثبتة في غير رواية الزهري عن أبي سلمة - كما يأتي - .
وأما حديث يحيى بن أبي كثير : فأخرجه مسلم بلفظ :
" كأذنه " (*) .. بدل : " ما أذن " .
وفيه الزيادة الثانية باللفظ الأول .
وأما حديث محمد بن عمرو : فأخرجه مسلم ، والدارمي (1/349) ، و { ابن
__________
(*) { وابن منده في " التوحيد " [ من طريقه بلفظ : " إِذْنَه " ] } .
(2/584)
.................................................. ..............................
__________
منده } ، وأحمد (2/450) بلفظ يحيى تماماً .
وأما حديث محمد بن إبراهيم التيمي : فأخرجه البخاري (13/444 - 445) وفي
" أفعال العباد " أيضاً ، ومسلم ، وأبو داود (1/231 - 232) ، والنسائي ، و { ابن منده } ،
والبيهقي ، وفيه الزيادة الأولى باللفظ الأول . وفيه أيضاً الزيادة الأخيرة .
وأما حديث عمرو بن دينار : فرواه ابن أبي داود ، والطحاوي - كما في " الفتح "
(9/58) - ، وفيه الزيادة الأولى .
(فائدة) : وأما الحديث الذي رواه الطبراني في " الأوسط " عن جابر مرفوعاً بلفظ :
" إن الله لم يأذن لمترنم بالقرآن " . ففي إسناده سليمان بن داود الشَّاذَكُوني ، وهو
كذاب - كما قال الهيثمي في " المجمع " (7/170) - .
(تنبيه) : قد أخرج البخاري الحديث (13/429 - 430) ، والطحاوي (2/129) ،
وكذا الخطيب في " تاريخه " (1/394 - 395) من طريق أبي عاصم : أخبرنا ابن جُرَيج :
أخبرنا ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ :
" ليس منا من لم يتغن بالقرآن " . وزاد غيره :
" يجهر به " .
وهو في " المسند " (2/285) من طريق عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا : أنا ابن
جُريج به بلفظ :
" لم يأذن الله لشيء ... " الحديث . وكذلك رواه غير من ذكرنا عن ابن جُريج . قال
الحافظ (13/429) :
" والحديث واحد ، إلا أن بعضهم رواه بلفظ :
" ما أذن الله " . وبعضهم رواه بلفظ :
(2/585)
.................................................. ..............................
__________
" ليس منا " .
قلت : والصواب : الأول . قال الخطيب - بعد أن ساق الحديث - :
" قال أبو بكر النيسابوري : وقول أبي عاصم فيه : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن "
وهم من أبي عاصم ؛ لكثرة من رواه عنه هكذا " . يعني : باللفظ الأول . قال الخطيب :
" روى هذا الحديث عبد الرزاق بن همام وحجاج بن محمد عن ابن جريج عن ابن
شهاب عن أبي سلمة .
وكذلك رواه الأوزاعي ، وعمرو بن الحارث ، ومحمد بن الوليد الزُّبيَدي ، وشعيب بن
أبي حمزة ، ومَعْمَر بن راشد ، ومعاوية بن يحيى الصَّدَفي ، والوليد بن محمد المُوَقِّري عن
الزهري ، واتفقوا كلهم - وابن جريج منهم - على أن لفظه :
" ما أذن الله ... " إلخ .
وأما المتن الذي ذكره أبو عاصم ؛ فإنما يُروى عن ابن أبي مليكة عن ابن نَهِيك عن
سعد بن أبي وقاص عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
قلت : وهو الحديث الذي قبل هذا (1) . [ انظر (ص 580) ، وتتمة البحث تأتي
(ص 588) ] .
__________
(1) { (تنبيه) : عزا حديث أبي داود هذا ابنُ الأثير في " جامع الأصول " للبخاري من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه ، فعلق عليه الأستاذ الأخ عبد القادر الأرناؤوط ومن يعاونه ؛ فقالوا (2/457) :
" وقد أبعد الألباني (!) النُّجْعَة في كتابه " صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (ص 106) ؛ فعزاه إلى أبي
داود " .
يشيران بذلك إلى أنه ليس من صنيع أهل العلم أن يُعزى الحديث إلى غير " الصحيحين " وقد
أخرجه أحدهما . وجواباً عليه أقول :
إن ما أشارا إليه حق وصواب - بغض النظر عن قصدهما بما قالاه - ، ولكن ينبغي أن يعلما أنه =
(2/586)
.................................................. ..............................
__________
.........................................
__________
= ما كان علي خافياً منذ ألفت هذا الكتاب المبارك - إن شاء الله تعالى - أن البخاري أخرجه من
حديث أبي هريرة ، ولكني تركت عزوه إليه عمداً ؛ لا جهلاً ، أو على الأقل سهواً ؛ كما قد يذهبان
إليه ، ولو كان الأمر كما قد يظن ظان ؛ لكان في هذه المدة التي مضت على طبعات الكتاب ما يكفي
ليتنبه فيها الساهي ! أو يتعلم الجاهل ! ولكن لم يكن شيء من ذلك والحمد لله ؛ فإني كنت على
علم أن أحد رواته - وهو أبو عاصم الضَّحَّاك بن مَخْلَد النبيل ، وهو ثقة - أخطأ في روايته الحديث عن
أبي هريرة ؛ فإنه رواه عن ابن جُريج عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنه مرفوعاً به . وبيان ذلك :
أن جماعة من الثقات قد رووه عن ابن جريج أيضاً بالسند المذكور عن أبي هريرة مرفوعاً ، لكن
بلفظ :
" ما أذن الله لشيء ... " الحديث .
وتابع ابنَ جريج على هذا اللفظ جمعٌ أكثرُ من الثقات ؛ كلهم رووه مثله عن الزهري به .
وتابع الزهريَّ عليه يحيى بن أبي كثير ، ومحمد بن عمرو ، ومحمد بن إبراهيم التيمي ، وعمرو
ابن دينار - وكلهم ثقات أيضاً - ؛ قالوا جميعاً : عن أبي سلمة عن أبي هريرة به .
فاتفاق هؤلاء الثقات الأثبات بهذا الإسناد الواحد عن أبي هريرة على رواية الحديث عنه باللفظ
الثاني ؛ أكبر دليل على أن تفرد أبي عاصم بروايته باللفظ الأول إنما هو خطأ بَيَّن منه ، وهذا هو
(الحديث الشاذ) المعروف وصفُه عند العلماء ؛ ولذلك جزم الحافظ أبو بكر النيسابوري على أن أبا
عاصم قد وهم في هذا اللفظ ؛ قال :
" لكثرة من رواه عن ابن جريج باللفظ الثاني " .
قلت : ولكثرة من رواه عن الزهري به ، وكثرة من تابعه عليه عن أبي سلمة كما ذكرت ؛ ولذلك
تابع الخطيب البغدادي أبا بكر النيسابوري على ما نقلته عنه ، وأشار ابن الأثير في " جامعه " ، ثم
الحافظ ابن حجر في " الفتح " (13/429) إلى توهيم هذا اللفظ أيضاً إشارةً لطيفة قد لا يتنبه لها
البعض ، ولو تنبه ؛ فلربما لم يكن عنده من الجرأة العلمية ما يُشَجِّعه على أن يخطِّئ راوياً من رواة
" الصحيح " .
هذا خلاصة التحقيق الذي كنت كتبته في " الأصل " مند نحو عشرين سنة ؛ رأيت أنه لا بد
من ذكرها ؛ ليعلم كل منصف إن كنت أنا الذي (قد أبعدت النُّجعة) ؛ أم أن غيري هو الذي لم يحسن
النُّجعة حينما رد عليّ بما هو خطأ عند أهل العلم بالحديث ، فأراد مني أن أشاركه في خطئه ، وأن
أقره ... والله المستعان . =
(2/587)
.................................................. ..............................
__________
وقوله : " يتغنى بالقرآن " ؛ اختُلف في المراد من (التغني) على خمسة أقوال ؛ ذكرها
في " الفتح " ، والصحيح - كما قال النووي في " شرح مسلم " - أنه : تحسين الصوت ، قال :
" وهو قول أكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون " .
ويؤيده قوله : " يجهر به " . وكذا قوله : " حسن الترنم " . فإن الترنم - كما قال الطبري -
لا يكون إلا بالصوت إذا حسنه القارئ ، وطرَّب به . ولذلك قال الحافظ :
" وظواهر الأخبار ترجح أن المراد تحسين الصوت " . قال :
" ولا شك أن النفوس تميل إِلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم ؛ لأن
للتطريب تأثيراً في رقة القلب ، وإجراء الدمع " . ا هـ . وقال ابن القيم (1/193) :
" وذلك عَوْنٌ على المقصود ، وهو بمنزلة الحلاوة التي تُجعل في الدواء ؛ لتُنفِذه إلى
موضع الداء ، وبمنزلة الأفاويه والطِّيب الذي يُجعل في الطعام ؛ لتكون الطبيعة أدعى له
قَبُولاً ، وبمنزلة الطِّيب والتحلِّي وتجمُّل المرأة لبعلها ؛ ليكون أدعى إلى مقاصد النكاح " .
قال السيد رشيد رضا رحمه الله :
" كثيراً ما رأينا بعض أدباء النصارى يرغبون في سماع القرآن من القراء المجودين ،
ويعترفون بقوة تأثيره في القلوب .
وفي " الصحيح " أن المشركين كانوا يؤذون أبا بكر رضي الله عنه ، ويمنعونه من الصلاة
في المسجد الحرام ، ثم حاولوا منعه من رفع صوته بالقرآن في بيته ؛ لما رأوا من إقبال
__________
= ثم رأيت الشيخ شعيباً الأرناؤوط - المتعاون مع الأخ عبد القادر على الانتقاد المردود عليه بما تقدم
من التحقيق الذي قد لا يوجد في غير هذا المكان - قد تجاهله ولم يستفد منه شيئاً في تعليقه على
كتاب " شرح السنة " (4/485) للبغوي ؛ حيث أقره على تصحيحه لحديث أبي هريرة المعلول بشهادة
من تقدم من الحفاظ ! [ من " الصفة " المطبوع (ص 125 - 127) بتصرف يسير ] .
(2/588)
.................................................. ..............................
__________
الناس - ولا سيما النساء ، والأولاد المُدْرِكين - عليه ، وتأثير قراءته في نفوسهم . وقد أدرك
بعض علماء الإفرنج ما كان لتلاوة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للقرآن من التأثير العظيم في جذب
العرب إلى الإسلام ، واعترف بأنه كان أشد تأثيراً من جميع معجزات الأنبياء في هداية
الناس " . ا هـ .
ثم قال الحافظ :
" وكان بين السلف اختلاف في جواز القراءة بالألحان . أما تحسين الصوت وتقديم
حَسَنِ الصوت على غيره ؛ فلا نزاع في ذلك " . ثم ذكر أقوال العلماء في القراءة
بالألحان ، وحكى جوازه عن جماعة من الصحابة والتابعين ، وهو المنصوص للشافعي ،
ونقله الطحاوي عن الحنفية . ثم قال :
" ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه ، فلو تغير - قال
النووي في " التبيان " : - أجمعوا على تحريمه " . ا هـ .
وقد ذكر ابن القيم في " الزاد " أقوال الفريقين المبيحين للقراءة بالألحان والمانعين
(1/191 - 195) ، ثم قال :
" وفصل النزاع أن يقال : التطريب والتغنِّي على وجهين :
أحدهما : ما اقتضته الطبيعة ، وسمحت به من غير تكلُّف ، ولا تمرين وتعليم ؛ بل
إذا خُلِّيَ وطَبْعَه ، واسترسلت طبيعته ؛ جاءت بذلك التطريب والتلحين ، فذلك جائز ،
وإن أعان طبيعتَه فضلُ تزيين وتحسين ؛ كما قال أبو موسى للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لو علمتُ أنك
تسمع ؛ لحبّرتُه لك تحبيراً .
والحزين ، ومن هاجه الطرب والحب والشوق لا يملك من نفسه دفع التحزين
والتطريب في القراءة ، ولكن النفوس تقبله ، وتستحليه ؛ لموافقته الطبع ، وعدم التكلف ،
(2/589)
.................................................. ..............................
__________
والتصنع ؛ فهو مطبوع لا متطبع ، وكَلِف لا متكلِّف .
فهذا هو الذي كان السلف يفعلونه ويستمعونه ؛ وهو التغني الممدوح المحمود ، وهو
الذي يتأثر به السامع والتالي ، وعلى هذا الوجه تحمل أدلة أرباب هذا القول كلها .
الوجه الثاني : ما كان من ذلك صناعة من الصنائع ، وليس في الطبع السماحة به ،
بل لا يحصل إلا بتكلف وتصنع وتمرن ؛ كما يتعلم أصوات الغناء بأنواع الألحان البسيطة
والمركبة على إيقاعات مخصوصة ، وأوزان مخترعة ، لا تحصل إلا بالتعلم والتكلف ؛
فهذه هي التي كرهها السلف ، وعابوها ، وذموها ، ومنعوا القراءة بها ، وأنكروا على من قرأ
بها .
وأدلة أرباب هذا القول إنما تتناول هذا الوجه . وبهذا التفصيل يزول الاشتباه ، ويتبين
الصواب من غيره ، وكل من له علم بأحوال السلف يعلم قطعاً أنهم برآء من القراءة
بألحان الموسيقى المتكلفة ؛ التي هي إيقاع ، وحركات موزونة معدودة محدودة ، وأنهم
أتقى لله من أن يقرؤوا بها ويُسَوِّغوها ، ويعلم قطعاً أنهم كانوا يقرؤون بالتحزين والتطريب ،
ويَحَسِّنون أصواتهم بالقرآن ، ويقرؤونه بشجى تارة ، وبطرب تارة ، وبشوق تارة ، وهذا أمر
[ مركوز ] في الطباع تقاضيه ، ولم يَنْهَ عنه الشارع ، مع شدة تقاضي الطباع له ؛ بل أرشد
إليه ، وندب إليه ، وأخبر عن استماع الله لمن قرأ به " . وقال :
" قالوا : ولا بدَّ للنفس من طرب واشتياق إلى الغناء ؛ فعُوِّضَت عن طرب الغناء
بطرب القرآن ، كما عُوِّضت عن كل محرم ومكروه بما هو خير لها منه ؛ كما عُوِّضت عن
الاستقسام بالأزلام بالاستخارة ؛ التي هي محض التوحيد والتوكل ، وعن السِّفاح
بالنكاح ، وعن القمار بالمراهنة بالنِّصَال وسباق الخيل ، وعن السماع الشيطاني بالسماع
الرحماني القرآني ، ونظائره كثيرة جداً " .
(2/590)
و " قال لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه :
" لو رأيتَني وأنا أستمع لقراءتك البارحة ! لقد أوتيتَ مزماراً من مزامير (1)
آل داود " . [ فقال أبو موسى : لو علمتُ مكانك ؛ لحبّرت (2) لك تحبيراً ] " (3) .
__________
(1) قال العلماء : المراد بالمزمار هنا : الصوت الحسن . وأصل الزمر : الغناء . وآل
داود : هو داود نفسه . وآل فلان : قد يطلق على نفسه ، وكان داود صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حسن الصوت
جداً . ذكره النووي في " شرح مسلم " .
(2) يريد : تحسين الصوت وتحزينه . يقال : حبَّرت الشيء تحبيراً ؛ إذا حسنته - كما
في " النهاية " - . قال الحافظ ابن كثير :
" دل هذا على جواز تعاطي ذلك وتكلفه ، وقد كان أبو موسى - كما قال عليه الصلاة
والسلام - قد أُعطي صوتاً حسناً ، مع خشية تامة ، ورقة أهل اليمن ؛ فدل على أن هذا
من الأمور الشرعية " .
(3) وهو من حديثه .
أخرجه البخاري (9/76) وفي " أفعال العباد " (79) ، ومسلم (2/193) ، والترمذي
(2/318 - طبع بولاق) - وقال : " حسن صحيح " . كما في نسخة - هو ، والبخاري عن
بُريد بن عبد الله بن أبي بُردة ، ومسلم عن طلحة - وهو : ابن يحيى - ، واللفظ له ؛ كلاهما
عن أبي بُردة عن أبي موسى [ دون الزيادة ] .
وأخرجه الحاكم (3/466) من طريق خالد بن نافع الأشعري عن سعيد بن أبي
بُردة عن أبي بُردة بن أبي موسى قال :
مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأبي موسى ذات ليلة ومعه عائشة ، وأبو موسى يقرأ ، فقاما ؛ فاستمعا
لقراءته ، ثم مضيا ، فلما أصبح أبو موسى ، وأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مررت بك يا أبا موسى ! البارحة وأنت تقرأ ؛ فاستمعنا لقراءتك " . فقال أبو موسى :
(2/591)
.................................................. ..............................
__________
يا نبي الله ! لو علمت بمكانك ؛ لحبّرت لك تحبيراً . وقال الحاكم :
" صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي .
قلت : خالد هذا أورده الذهبي نفسه في " الميزان " ، وقال :
" ضعفه أبو زُرْعة والنسائي ، وهو من أولاد أبي موسى رضي الله عنه . وقال أبو حاتم :
ليس بقوي ، يكتب حديثه . وقال أبو داود : متروك الحديث . وهذا تجاوز في الحد ؛ فإن
الرجل قد حَدَّثَ عنه أحمد بن حنبل ومسدد ؛ فلا يستحق الترك " . ا هـ .
فالرجل ضعيف ؛ ليس بالقوي ، ولا بالمتروك ؛ فمثله لا يصح حديثه . ومن طريقه
رواه الطبراني ؛ كما في " المجمع " (9/360) ، وقال :
" وثقه ابن حبان ، وضعفه جماعة ، وبقية رجاله على شرط " الصحيح " " .
قلت : لكنه يتقوى بحديث بريدة الآتي .
وعزاه الحافظ في " الفتح " (9/76) لأبي يعلى من طريق سعيد بن أبي بردة به .
وسكت عليه .
وللحديث شواهد :
1- عن بُرَيْدة بن الحُصيب .
أخرجه مسلم (2/192 - 193) ، والدارمي (2/473) ، { وعبد الرزاق في " الأمالي "
(2/44/1) = [69/89] } ، والطحاوي (2/59) ، وأحمد (5/349) ، وأبو نعيم في " الحلية "
(1/258) عن مالك بن مِغْوَل عن ابن بُريدة عنه بلفظ :
" لقد أوتي أبو موسى ... " الحديث مثله .
ورواه الرَّويَاني من هذا الطريق نحو سياق سعيد بن أبي بُردة ، وقال فيه :
(2/592)
.................................................. ..............................
__________
لو علمت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستمع قراءتي ؛ لحبرتها تحبيراً .
2- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن :
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول لأبي موسى - وكان حسن الصوت بالقرآن - :
" لقد أوتي هذا ... " الحديث .
وهذا مرسل . أخرجه الدارمي (2/472) عن يونس عن ابن شهاب قال : أخبرني
أبو سلمة به .
وقد صح موصولاً ؛ فأخرجه البخاري في " أفعال العباد " (79) عن إسحاق بن راشد ،
والنسائي (1/157) ، والطحاوي في " المشكل " (2/58) عن عمرو بن الحارث ،
وأحمد (2/369) عن محمد بن أبي حفصة ؛ ثلاثتهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي
هريرة :
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع قراءة أبي موسى ؛ فقال : ... فذكره .
وهذا سند صحيح على شرطهما .
وقد تابعه محمد بن عمرو عن أبي سلمة به .
أخرجه الدارمي (2/473) ، وأحمد (2/354 و 450) ، وكذا ابن ماجه (1/403) .
وإسناده حسن .
وللزهري فيه إسناد آخر ؛ وهو :
3- أخرجه النسائي ، والدارمي (1/349) ، وابن نصر (54) ، وكذا الطحاوي ،
وأحمد (6/37) عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة به .
وقد تابعه معمر عن الزهري .
(2/593)
.................................................. ..............................
__________
أخرجه النسائي ، والطحاوي ، وأحمد (6/167) .
وهذا صحيح أيضاً كالأول .
4- عن البراء بن عازب .
أخرجه البخاري في " أفعال العباد " (79) ، والطحاوي عن قَنَان بن عبد الله النَّهْمي
عن عبد الرحمن بن عوسجة عنه به .
وهذا سند حسن . رجاله ثقات ؛ غير قَنَان هذا - وهو بنون خفيفة - ؛ قال ابن معين :
" ثقة " . وذكره ابن حبان في " الثقات " . وقال النسائي :
" ليس بالقوي " .
وعزاه الحافظ لأبي يعلى ، وسكت عليه ، وكذا عزاه شيخه الهيثمي (9/ 360) لأبي
يعلى ، وقال :
"ورجاله وُثِّقوا ، وفيهم خلاف " .
وفي الباب عن سلمة بن قيس .
رواه الطبراني ، والطحاوي (59) عن شَرِيك بن عبد الله النخَعي عن مالك بن مِغْوَل
عن أبي إسحاق عنه بإسناد جيد .
وعن أنس .
رواه أبو يعلى .
وإسناده حسن .
ورواه ابن سعد - كما في " الفتح " - بلفظ :
أن أبا موسى قام ليلة يصلي ، فسمع أزواجُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوته ، وكان حلو الصوت ؛
(2/594)
.................................................. ..............................
__________
فقمن يستمعن . فلما أصبح ؛ قيل له . فقال : لو علمت ؛ لحبرته لهن تحبيراً .
وإسناده على شرط مسلم .
قلت : وهو في " مختصر قيام الليل " (55) بلفظ :
لحبرت لكن تحبيراً ، ولشوَّقْتُكن تشويقاً .) (1)
(1) منقول:
http://www.mazameer.com/vb/t-876311-post1.htm