أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
91363 88259

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-19-2014, 12:27 AM
رامي التهتموني رامي التهتموني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 362
Post مباحث الدرس (20) من شرح ألفية السيوطي لشيخنا أبي الحارث-حفظه الله-

19 محرم 1436

* قال البخاري: «ما أدخلت في كتابي إلا ما صحَّ ، وتركت من الصِّحاح لمَلالِ الطُول» ، لكنه صحَّح مئات الأحاديث خارج صحيحه ، سواء ما سأله عنه الترمذي أو في ما ألَّفه من كتب ومصنفات وغير ذلك.
وقال مسلم: «ليس كل شيء عندي صحيحٌ وضعته ههنا، إنما وضعت ما أجمعوا عليه».
واختلف العلماء في قوله: «ما أجمعوا عليه» على أقوال:
- ما أجمع عليه علماء هذا العلم وحفاظه وأئمته ونُقاده ؛ كشيخه البخاري وشيخ شيخه علي بن المديني والإمام أحمد وابن معين وأبي حاتم وابن أبي حاتم.
- قال ابن الصلاح في كتابه «صيانة صحيح مسلم»: «مراده أنه ذكَر الأحاديث التي وجد فيها –فيما ظهر له- شرائط الحديث الصحيح المُجمع عليه ، وإن كان لم يظهر اجتماع هذه الشرائط عند بعضهم».
مثاله: مسألة اشتراط اللُّقِيّ في السماع بين الشيخ والتلميذ ، وهي من المسائل الكبرى في علم الحديث وعلوم الإسناد ، والخلاف فيها قائم بين الشيخين الجليلين.
قوله: «فيما ظهر له» ؛ كلمة مهمة ، مما يؤكد أن علم الحديث علم اجتهادي ، فقد يظهر لهذا العالم ما لا يظهر لذاك العالم ، لكن هذا العلم الاجتهادي له شرطان:
الأول: أن لا يدخله إلا أهله.
الثاني: أن يكون ضمن أُطُر القواعد الحديثية العلمية المنضبطة.
وهذا ما يمكن أن نسميه: الفرق بين النظرية والتطبيق ، فكلام أئمة العلم محدد وقوي ومنضبط وأصوله ثابتة راسخة ، لكن في التطبيق قد تختلف أنظارهم وتتفاوت مقارنة بتلك النظريات التي وضعها أئمة العلم في ذلك الزمان أول ما وضعوها.
ثم ذكر ابن صلاح وجهاً آخر فقال: «أراد أنه ما وضع فيه ما اختلفت الثقات فيه في نفس الحديث متناً أو إسناداً ، ولم يُرِد ما كان اختلافهم إنما هو في توثيق بعض رواته».
أي أراد ما أجمع عليه رواة الحديث ولم يختلفوا فيه ، فلم يكن في روايات الحديث اضطراب .
وزيادة في التوضيح: نراهم في كتب العلل يقولون: خالف هذا الراوي الراوي الآخر ، أو اختُلف على هذا الراوي على عدة وجوه ، أو اضطرب هذا الراوي في الرواية على وجهين أو على ثلاثة وجوه ، فهذا الذي نفاه ابن الصلاح ، وليس المنفي إجماع المحدثين على الصحة والثبوت ، لأن الإمام مسلم أراد الشروط التي هو أثبتها لا شرط غيره.
ثم قال ابن الصلاح بعد هذا الوجه: «وهذا هو الظاهر من كلامه» ؛ أي ما أجمع عليه رواة الحديث مؤتلفة رواياتهم غير مختلفة ، وليس المراد انتظار كلمة العلماء الآخرين في موافقته على التصحيح وعدم الإنكار عليه في الروايات ثبوتاً ونفياً.

* قال ابن الأخرم: «ما تركاه من الصحيح أقل مما روياه ، ولم يفُتهما إلا اليسير» أي أن مراد الشيخين في جمعهما هو أعلى الصحيح ، وليس كل الروايات الصحيحة.
ونص الحاكم في «المدخل إلى كتاب الإكليل» على هذا المعنى فقال: «ولم يفُتهما من الصحيح أصح الصحيح لا مطلق الصِّحاح».
مطلق الصِّحاح: أي كل ما قيل فيه صحيح ، وهو أدنى درجات الصحة وما حولها ، وأصح الصحيح: أعلاه وأرفعه.

* قال النووي في «التقريب»: «الصواب أنه لم يفُت الأصول الخمسة وهي: صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وسنن أبي داود ، وسنن الترمذي ، وسنن النسائي ، من الأحاديث الصِّحاح إلا القليل».
وهو الذي رجَّحه السيوطي .

* نقل الخطيب البغدادي في «تاريخه» عن البخاري قوله: «أحفظ مئة ألف حديث صحيح ، ومئتي ألف حديث غير صحيح».
أرجح الأقوال في مراد البخاري –وهو الذي رجحه السيوطي-: ما كان مكرراً من الأحاديث والروايات والطرق والألفاظ والمتابعات ، وأيضاً ما كان غير مرفوع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كالموقوفات والمقطوعات عن الصحابة والتابعين ، فالمقصود كل ما رُوي بسند.

* بعض الناس ممن ناقشناهم وناظرناهم قبل عشرين أو أكثر من السنوات ، كان يحصر التصحيح للروايات والمرويات –فقط- بالحفاظ ، يريد البخاري ومسلم وابن معين وعلي بن المديني والإمام أحمد وابن أبي حاتم وأبو زرعة وأمثالهم ، وقد يتوسع قليلاً فيَصِل إلى ابن حجر والمِزي والذهبي وابن رجب وابن كثير من علماء القرن الثامن ، أومن قبلهم كالدارقطني والبيهقي والطحاوي وأمثالهم.
وهذا الحصر غير صحيح ، لأن سلسلة العلم متصلة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين» ، فالتصحيح والتضعيف والنقد وعلوم الحديث تنظيراً وتطبيقاً قائمة غير منقطعة.
* من خلال النظر في كتب العلم ، تبيَّن أن «صحيح ابن خزيمة» لعله مفقود ثلثاه منذ القرن الثامن ، يقول الحافظ الدِّمياطي في «المتجر الرابح»: «ولم يقع لي من «صحيح ابن خزيمة» إلا ثلثه أو ربعه –الشك مني-».

* مع أن ابن حبان تلميذ ابن خزيمة ، إلا أنه خالف شيخه في الاعتقاد وفي اشتراط الصحة ، فنحى منحى الأشاعرة في كثير من تعليقاته وشروحه.

* يقول أبو سعد الماليني: «طالعتُ «المستدرك» من أوله إلى آخره ، فلم أرَ فيه حديثاً على شرط الشيخين».
وهذا قد يكون فيه مبالغة.

* ذكرنا في المجلس السابق أن شرط الشيخين هو اجتماع الرواة واجتماع النَّسَق الذي أخرج فيه الشيخان لهؤلاء الرواة في صحيحيهما ، لكن هذا –في الحقيقة- من باب التجوُّز والتوسُّع ؛ لأن للشيخين نظراً في انتقاء الرواة ، ولا يمكن لأحد يأتي بعد الشيخين أن يتنبه لهذا الانتقاء التنبه الدقيق أو أن يدركه الإدراك الصحيح ، لأن الانتقاء عملية متعلقة بالخبرة والذوق والفهم الدقيق ، وليس مجرد النظر إلى الرواة والنَّسَق ، لكن العلماء منذ قرون شتى وهو يضبطون القضية بوجود الرواة والنسق الذي أخرج فيه الشيخان للرواة دون عملية الانتقاء التي يعسر ضبطها.

* لخَّص الذهبي «مستدرك الحاكم» ، وطُبع «تلخيصه» في حاشية الطبعة الهندية المشهورة في أربعة مجلدات كبيرة وضخمة ، والذهبي إما أن يوافق الحاكم ، وإما أن يستدرك عليه ، وإما أن يُبيِّض –لا يفعل شيئاً- ، وموافقته للحاكم بأن ينقل ملخَّص كلامه فيكتب في التلخيص في الأسفل: (خ م) أي يوافق شرط الشيخين ، وإذا انتقده يقول: هذا خطأ وفيه فلان ، أو فيه انقطاع ، أو هذا لم يخرج له البخاري أو لم يخرج له مسلم.
مسألة (على شرط الشيخين أو أحدهما) تختلف عن مسألة (موافقة الذهبي للحاكم) ، فقد أنكر بعض طلاب العلم منذ سنوات يسيرة دعوى الموافقة ، وأن أول من أتى بها هو الشيخ أحمد محمد شاكر ! وهذ غير صحيح ، فقد رأيت هذا كثيراً للمُناوي ، والحافظ ابن حجر ، والمعلِّمي في كثير من كتبه يقول: «رواه الحاكم وأقره الذهبي» وأحياناً يقول: «ووافقه الذهبي».

* أراد الحافظ ابن حجر أن يعتذر للحاكم أبي عبد الله في «المستدرك» فقال: «وإنما وقع للحاكم التساهل لأنه سوَّد الكتاب لينقحه ، فأعجلته المنيَّة ، وقد وجدت قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من «المستدرك» وفيها: «إلى هنا انتهى إملاء الحاكم» ، وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخذ منه إلا بطريق الإجازة ، والتساهل في القدر المُمْلى قليل جداًّ بالنسبة إلى ما بعده».

* قال الذهبي في ترجمة الحاكم من «السير»: «وقد لخَّصت هذا الكتاب وعلقت عليه ، وهو يحتاج إلى مراجعة».

* الحافظ ابن حجر في «النكت على ابن الصلاح» قسَّم «المستدرك» أربعة أقسام ، وتكلم على كل قسم منها بما يليق به من أصول وتوجيهات وضوابط.

* يقول النووي: «اتفق الحفاظ على أن البيهقي أشد تحرياًّ من شيخه الحاكم».
والبيهقي لم يشترط الصحة ابتداءً ، لكنه كان يروي وينقُد ، وأُلِّفت عدة دراسات عن البيهقي ومؤلفاته وكلامه في الرواة وعلوم الحديث.

* فهم كثير من أهل العلم من كلام ابن الصلاح في المقدمة أنه منع جواز التصحيح للأحاديث ، ورجَّح ذلك وجنح إليه وانتصر له.
لكننا لو تأملنا كلام ابن الصلاح بدقة لرأينا أنه لا يمنع ، ولكنه يُوَعِّر الطريق جداًّ ، فلم يجعل باب التصحيح متعذِّراً وإنما جعله متعسِّراً ، وقد ورد عن ابن الصلاح في بعض الكتب أنه صحح بعض الأحاديث التي لم يُسبق إليها.

* يقول ابن حجر في «النكت على ابن الصلاح»: «ما ذهب إليه ابن الصلاح من قبول تصحيح المتقدمين ، ورد تصحيح المتأخرين ، قد يستلزم قَبول ما ليس بصحيح ، ورد ما هو صحيح ، ألا ترى أن كثيراً من الأحاديث قد حكم المتقدمون بصحتها ، ثم اطلع المتأخرون فيها على علة قادحة تمنع من قبولها».
أقول: والعكس كذلك.

* ظهرت منذ عشرين سنة دعوى تشبه دعوى ابن الصلاح لكن بثوب آخر ، وهي تقسيم منهج العلم الحديثي إلى قسمين متضادين: قسم يسير على منهج المتقدمين ، وقسم يسير على منهج المتأخرين ، ثم النتيجة الحتمية أن الذين انتصروا لهذا التفريق أبطلوا تسعة أعشار ما عليه المتأخرون مما ظنوا –هم- أنهم خالفوا فيه المتقدمين ، وكل هذا خبط وخلط.
وفي هذا الموضوع كتابات متعددة:
- منهج أئمة الحديث في النقد ، لعبد الله بن حافظ الحكمي.
- منهج المتقدمين في النقد ، لمحمد عمر بازمول.
- نقد مجازفات المليباري ، لأحمد صالح الزهراني.
والخلاصة: أن أصول العلم واحدة ، وقواعده واحدة ، ولم يصلنا علم المتقدمين إلا عبر المتأخرين ، ولم تصلنا مكانتهم ومنزلتهم وتطبيقاتهم إلا من خلالهم ، وهو مصداق قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: « يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين» ، فهذا العلم متوارَث ، لكن قد تختلف أنظار أهل العلم بحسب اجتهاداتهم ، وإدراكاتهم ، وتفاوت حفظهم ، وتنبُّه البعض لما لم يتنبَّه له البعض الآخر ، ووقوف البعض والفَوْت عند البعض الآخر ، كما أنه موجود بين المتقدمين أنفسهم ترجيح ، كذلك يوجد بين المتقدمين من جهة والمتأخرين من جهة ، ولا نستطيع أن نبطل حجة المتأخر لمحض كونه متأخراً .

* التساهل الذي يُرمى به ابن حبان هو حُكمنا عليه ، وليس خلله في التطبيق ؛ لأنه شرط شرطاً في «صحيحه» ووفّى به ، ونحن ننتقد شرطه ، وهو يعتقد أن شرطه صحيح.
يقول ابن عبد الهادي في كتابه «الصارم المُنكي»: «وقد عُلِم أن ابن حبان ذكر في هذا الكتاب الذي جمعه في الثقات عدداً كثيراً وخلقاً عظيماً من المجهولين ، الذي لا يعرف هو ولا غيره أحوالهم ، وقد صرح ابن حبان بذلك في غير موضع من هذا الكتاب» ، ثم قال: «وقد ذكر ابن حبان في هذا الكتاب خلقاً كثيراً من هذا النمط –المجاهيل- ، وطرقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولاً لم يعرف حاله ، وينبغي أن يُتنبَّه لهذا ويُعرف أن توثيق ابن حبان للرجل بمجرد ذكره في هذا الكتاب من أدنى درجات التوثيق».
استثنى بعض أهل العلم من ذلك ما نص ابن حبان على توثيقه في كتابه ، كأن يقول: فلان ثقة ، فلان مستقيم الحديث ، فأرجح الأقوال أن هذا مقبول ، وجملة ما وثَّقه ابن حبان مما ليس لغيره فيه توثيق فالأصل فيه الجهالة.
وللشيخ الألباني تعليقة جيدة في «التنكيل» على تصحيح ابن حبان تمَّم فيها تفصيلاً جميلاً للمعلِّمي ، ذكر فيها أربع درجات لتوثيق ابن حبان.
وبقدر تساهل ابن حبان في توثيق المجهولين ، بقدر ما كان متشدداً في جرح المجروحين ، لذا إطلاق القول بتساهل ابن حبان خطأ، وتساهل ابن حبان في توثيق المجهولين لأن الجهالة عنده ليست جرحاً.


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:58 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.