أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
10511 98954

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-17-2011, 01:57 PM
أبو عبد الله سمير الجزائر أبو عبد الله سمير الجزائر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 542
افتراضي قد ضل من كان مثل هذا يهديه - الشيخ العربي التبسي - رحمه الله -

قد ضل من كان مثل هذا يهديه
الشيخ العربي بن بلقاسم التبسي
- رحمه الله -



كتب أحد الشغوفين بالكلام في ما لا يدري مقالا رئيسيا ملفتا للأنظار في صحيفة البلاغ (العليوي) ([1]) عدد:74 ؛ (بيانا لسؤال) ([2]) سائل عن السلفية والسلفيين، لم يَبق من الخطأ في العلم والتحريف في المصطلحات الوضعية شيء ([3]) لم يجمعه هذا المقال.



وما كتب الله لصاحبه أن يكون مصلحا ولا عالما؛ فيفوز بنفسه ويدعَ التقليد المنهي عنه في شيء لا يخفى كما يدَّعي، وهو -فيما تدل عليه ظواهر الحال ورسائل الاستفتاء- ممن يحشر نفسه تحت راية العلماء المفتين، وليت هذا المسيء إلى نفسه أمسك عما لا يعلم، وأقبل على شؤونه المجردة، فإن كان ولا بد ملقيا بنفسه في أحضان العلم فليقل من عمله وليكتب إلى الناس برأيه، فإن أصاب لم يعدم حامدا، وإن أخطأ وجد من يعذره .
أما أنه كمسلوب الاختيار لا يملك قليلا ولا كثيرا من الآراء العلمية، ثم يُقدم على نشر فتوى قنع منها بوضع اسمه، فإني أحمله على أنَّه لم يُرد وجه الله في عمله، وإنما هو أداة من الأدوات لا عذر لمن اغتر بفتواه.
ادعى هذا المسكين أن السلفية والسلفيين بلغتا في الشهرة مبلغ النيرين، إلا (أن) ([4]) زيادة الإيضاح لا تخلو من فائدة، إلى أن قال موضحا حقيقة السلفية والسلفيين:"فأقول موجزا: إن السلفية عبارة عن التخلق بأخلاق السلف أهل القرون الثلاثة"، ثم حشر جميع ما يعلم -فيما أظن- مما يُتحدَّث به عن القرون الثلاثة سواء عليه أكان مما ينتظم مع مراده، أم كان مما الصلة بينه وبين مراده كالصلة بين الشيء وعدوه.
ولو تأمل قليلا لرأى أن ما حدَّد به السلفية لو جاء في دين من الأديان لعُدَّ من المجملات التي لا عمل لها قبل البيان، فمفهوم التخلق بأخلاق السلف على إطلاقه غير متيسر تحصيله لامتناع الأسباب أو لخصوص المحل أو لعوامل أخرى، فلو ساغ لي أن أقول لازم المذهب مذهب لقلت: (الكاتب) ([5]) -عفا الله عنه- ممن يرى تناسخ الأرواح، ويقول بأن الإنسان إذا قدِّر له أن يحمل روحا سلفية تَهزُّه إلى عمل ذلك السلفي منحناه لقب سلفي، ولكني لا أستطيع أن أذهب هذا المذهب في رجل لبس ثوبا سابغا من ثياب الوعظ والإرشاد على جداول جريدة البلاغ العليوية، وحسبي أن أرفع الغطاء عما في رسالة ابن عليوة من الخطأ الفاحش، وليسمح لي أخي الكاتب إذا حكم علي (العلم) ([6]) بالذهاب في طريق أراه يزوَرّ عنه ازوِرَارًا، فإني لم أُعوِّد نفسي أن أُرضي أحدا لا يرضى عنه العلم.
فإذا كنت أخي ترى رسالة ابن عليوة (من الغاية بأقصى مكان) فإني أراها من مجانبة الحق وعداوة الإنصاف قاعدة من القواعد، وأنا مُورد لك إن شاء الله –إن كنت ممن يعرف الرجال بالحق-ما يُظهر لك ذلك.
زعم الشيخ ابن عليوة أن النِسب والإضافات لا تحصل إلا بأن ينزل المنسوب من المنسوب إليه في كل شمائله وصفاته وخواصِّه الكسبية والنفسية، فإن جاءت الإضافة على بعض الخصائص أو العقائد أو الآراء كانت باطلة([7])؛ تستحق النكير والتشنيع لأنها تفتح باب إسقاط هيبة وعظمة المنسوب إليه وتعرضه([8]) لسوء القالة.
فعلى لغة هذه الرسالة ليس لأحد أن يدَّعي أنَّه صوفي حتى يتحقَّق في نفسه كل صفة من صفات الجنيد([9]) والقشيري والنووي وأمثالهم، فإن أخلَّ بقليلٍ أو كثيرٍ كانت نِسبة كاذبةً، وليس لأحد أن يدَّعيَ أنه مالكي أو شافعي أو حنبلي أو حنفي أو أشعري أو ماتريدي حتى يكون مرآة لهؤلاء الأئمة، فإن أوقع النسبة على بعض الخواص قالت له هذه الرسالة: إنك متهاون بهؤلاء الأئمة .
ولغة هذه الرسالة على شغف العلويين بها وإقناعها (لأي عليوي) ([10]) -إن صح ظنهم- باطلة (لغةً)([11])، فاسدةٌ ديناً، خاطئةٌ سياسياً، واهمةٌ عرفاً، فإن الناس على تباين مِللهم ونِحلهم وآرائهم يُثبتون النِسب والإضافات لأي معنى من المعاني (وصفة من الصفات) ([12])، ولا عليهم في غير ما (وُضِعت) ([13]) لأجله أَوُجد أم عُدِم؟
فإننا نقول أشعري على معنى أنَّه يذهب إلى ما ذهب إليه الأشعري من المقالات الكلامية، وإن خالفه في غيرها مخالفة أصلية أو فرعية، ونقول مالكي على معنى أنه يذهب إلى ما يذهب إليه أبو عبد الله مالك في القواعد الفقهية التي امتاز بها مذهبه، وإن خالفه في مسائل علم الكلام. وها نحن نقول فلان عليوي؛ وإن لم يستطع أن يضع خلوة ويرقُم عليها لفظ "الله" ويفنى في الهاء من هذا اللفظ.
وهذه الطائفة السلفية التي تعدُّ نفسها سعيدة بالنسبة إلى السلف، وأرجو أن تكون ممن عناهم حديث مسلم([14]) :"لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين (إلى) ([15]) يوم القيامة" الحديث، قد وُفِّقُوا إلى تقليد السلف في إنكار الزيادة في الدين، وإنكار ما أحدثه المحدثون وما اخترعه المبطلون، ويَرون أنه لا أسوة إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أمرنا بالاتساء به، فلما شاركوا السلف وتابعوهم في هذه المزية الإسلامية نسبوا أنفسهم إليهم ولم يدَّع أحد منهم أنه يدانيهم فيما خصهم الله به من الهداية التي لا مطمع فيها لسواهم .


فالسلفي إذن في لغة المنطق الصحيح والكلام المفهوم هو العامل بهذه الأحاديث والآثار، والداعي إلى مثل([1]) ما دل عليه حديث :"تركت فيكم اثنين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي" ولقوله في حديث العرباض بن سارية:"وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا، قال: تركتكم على (المحجة) ([2]) البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ بعدي عنها إلا هالك، ومن يعش منكم فسيري اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، وعليكم بالسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذ، فإنما المؤمن كالجمل الأَنِف كلما قيد انقاد" وفي رواية أخرى زيادة :" وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة".


والأحاديث في هذا المعنى كثيرة لا تفي بها مقالة أو مقالتان، وما ذكرناه يدل على ما سواه لمن طلب الحق.






والداعي إلى قول إلى أمير المؤمنين عمر :"ردوا الجهالات إلى السنن"، ولقوله :"أيها الناس قد سنت لكم سنن وفرضت لكم الفرائض ، وتركتكم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا".


والداعي إلى قول أمير المؤمنين علي :"إياكم والاستنان بالرجال ، فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة فينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار فيموت وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيتقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت وهو من أهل الجنة، فإن كنتم لا بد فاعلين فبالأموات لا بالأحياء "، ولقول ابن مسعود:"إلا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر"، ولقول أحد من آل البيت النبوي في قصيد له يَحث فيه على التمسك بالكتاب وبيانه، وينهى عن تقليد الرجال بغير دليل:


تريد تنام على ذي الشبه ****** وعلك إن نمت لم تنتبه


فجاهد وقلد كتاب الإله ****** لتلقى الإله إذا مت به


فقد قلد الناس رهبانهم ****** وكل يجادل عن راهبه


وللحق مستنبط واحد ****** وكل يرى الحق في مذهبه


ويقيني أن الله حفظ طائفة السلفيين من غضب جريدة البلاغ، وحفظ السلف رضي الله عنهم من سوء القالة، وقد خطر لي أن أعرض رسالة المحاسبي رضي الله عنه على مقتضيات الأحوال التي هي ملاك علم المعاني، وفي علوم القرآن نسميها أسباب النزول، فأي الفريقين السلفي والعليوي زعم لنفسه صفة فاق بها السلف، وأعطى لنفسه من الفضائل ما لم يعطه السلف لأنفسهم كان حقيقا بأن يكتب المحاسبي (رضي الله عنه) إليه بهذه الرسالة لادعائه دعاوى ضاق بها المحاسبي (رضي الله عنه) ذرعا حتى كتب ما كتب دفاعا عن السلف، ولا بد من تحقيق المناط بعد تخريجه وتعليقه حتى لا يظلم أحد، فالشيخ ابن عليوة قد أحدث من الأمور ما لا قِبَل للسلف بها ولا حدثتهم بها أنفسهم، فهو الواضع للخلوة التي فنت فيها أتباعه، وهو الذي لقَّب أتباعه بالعارفين بالله على أميتهم، وهو الذي يقول أتباعه إنه([3]) يحضر لهم النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما هو من اتباع سبيل غير سبيل السلف، وهو الواضع هذه الأناشيد المستقلة عن القرآن، وهو الذي جمع طلقاء من كل شعب (ليغر)([4]) بهم العامة ووضعوا له الفتاوى.


ومتى كان من يذهب على السنة يحتاج إلى فتاوى([5])، وهو الذي لقن أصحابه لفظ الله ليرمزوا إلى كل حادث به، وهو الذي زهد في الهداية المحمدية فلم يعن بنشر السنة وأحكام الدين إلى من يطيف به من الغوغاء، بل أحلَّ هدايته في عقولهم زهدا في أحكام الدين التي لم يستغن عنها السلف.


ففي مجامعهم ومجالسهم لا تجد عالما ولا متعلما لسنة، وإنما تجد غوغاء تَهرف بكلام لا تعرف له وجها، وتتقلَّب في بدع لو خرج عليهم أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لأيقن أنهم من أهل ملة أخرى، وربك يعلم ما تُكن صدورهم وما يعلنون.


فيا أيها الكاتب خبِّرني عن الذين خرجوا من الخلوة (أهم) ([6]) يُحسنون الصلاة في شروطها وأركانها وسننها إحسانا علميا، أم يأتون بها صورة تضاهي صلاة الأعرابي (صل فإنك لم تصل) الحديث (الصحيح) ([7]) ومع ذلك تلقون عليهم أفخم([8]) الألقاب.


أما السلفيون الذين نَجَّاهم الله مما كِدتم لهم فهم قوم ما أتوا بجديد ولا أحدثوا تحريفا، ولا زعموا لأنفسهم شيئا مما زعمه شيخكم، وإنما هم قوم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر في حدود الكتاب والسنة، وما نقمتم منهم إلا أنهم آمنوا بالله وكفروا بكم، وهم الذين يقولون العلم قبل العمل.


وهم الذين أغضبوكم بمثل حديث عبد الله بن مسعود (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا عبد الله بن مسعود) ([9])، قلت: لبيك يا رسول الله قال أتدري أي الناس أفضل، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أفضل الناس أفضلهم عملا إذا فقهوا دينهم". فهل هؤلاء القوم فقهوا الدين ثم عملوا أم أخلوا بالشرط النبوي؟


(كما أغضبوكم) ([10]) بمثل حديثه قال يا عبد الله بن مسعود أتدري أي الناس أعلم قلت الله ورسوله أعلم، قال : أبصرهم بالحق إذا اختلفت الناس، وإن كان مقصرا في العمل، وإن كان يزحف على استه. قال أبو يوسف صاحب أبي حنيفة :"هذه صفة الفقهاء".


فهل هؤلاء القوم الذين جعل الله مثلك راعيا عليهم يعرفون حقا يثبتونه؟ أو باطلا ينفونه؟ (أم هم في أيديكم) ([11]) إن اهتديتم اهتدوا وإن ضللتم ضلوا.


يوما يمان إذا لقيت ذا يمن وإن لقيت معديا فعدنان


فرسالة المحاسبي رضي الله عنه كأنما كُتِبت إلى الشيخ ابن عليوة لتحقق المعنى الذي يدعو أمثال([12]) المحاسبي رضي الله عنه إلى الإنكار عنه فيه([13]).


أما صفة السلفيين فلا شيء فيها يدعو إلى الغضب، فإذا زعمت أنهم مقصرون في العمل، فجوابكم([14]) أن التقصير في العمل إذا أُدِّيَت الواجبات (لا)([15]) يمكن أن تنزل على صاحبه رسالة المحاسبي رضي الله عنه، ولو ذهب ذاهب إلى هذا لعُدَّ من ضعفاء الأعاجم لإخلاله بمقتضى المقام.


وقد (ذكرني) ([16]) عدد 75 من البلاغ بقول علماء الأصول أن المنحرف عن الشريعة تتضارب أدلته وتتخرم([17]) أموره، حيث([18]) نُشر خبر أخ لهم من الرضاعة الدرقاوية صادته([19]) المنون فنسي رسالة شيخه التي يرونها كجزء من تعاليم الأنبياء فوصفه بأنه "بقية السلف" ونسي أن شيخه جعل النسبة إليهم استخفافا بهم.


وإن عتابي على مجلة الشهاب التي تجمعنا بها كلمة الحق لشديد لأنها أذاعت مقالات زائفة لقوم كأنما ينظرون إلى الأشياء بأقفائهم، ولم تشترط عليهم الإمضاء بأسمائهم الصريحة، ولم تطلب إلى صحيفة البلاغ أن تبيح إلى مخالفيها أن ينشروا بها ما بدا لهم مما يجعل الصحف جزائرية إسلامية لا حزبية أو انتفاعية كما هو دأب صحيفتين([20]).



الشهاب العدد 157 الخميس 8 صفر 1347 الموافق لـ26 جويلية 1928م
الصفحات (7-9)





بارك الله في مفرّغه ورحم الإمام الشيخ العربي التبسي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.