أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
37425 92142

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-04-2009, 10:42 PM
عبيد المهيمن الهلالي عبيد المهيمن الهلالي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 112
افتراضي بحث لطيف حول المباح

فهذا بحث لطيف حول المباح
المقدمة :الحمد لله محكم الفروع بالأصول المكلف عباده بما تدركه الفهــــــــــوم و العقول المحلل لعباده ما لذ من مشروب و مأكول و الصلاة والسلام على نبيــــه محمد-- ما باح بذلك بواح وأسر وعلى صحبه المطلقين من الأغلال والإصر( )أمـا بعد:
فان شرف العلم تابع لشرف المعلوم وكلما كان العلم أقرب إلى معـــرفة الملــــــــك القدوس كان أشرف ما تزكو به العقول و النفوس ومنزلة الأصول مـــــــــن الديــن كمنزلة المقبض من المتين فهو هذهاذ(2)الفقه وخليل( )الفقيه فبه تضبط الفروع وتــقـيـد وتحصر به المسائل وتعقد وتحفظ به العقيدة وتسدد وينضبط به باب الاجتهاد فــــلا يغلق ولا يطلق وتعرف به سماحة الشريعة ويسرها المطلق ولأهمية هذا العلــــــــم وشرفه كلفنا ببحث من مباحثه فوقع الاختيار على المباح و لأسباب قد لاح منهـــــا لاح: لِما كان المباح من التكليف؟ ولِما اقتصر فيه على التعريف؟ على الرغم من أنـه جل إحكام الشارع الخبير اللطيف لعلنا نجد مزنة تروى هذه الغصة فاتبعـــــنا هــذه الطريقة المختصة:


















التمهيد: وفيه مبحثان :
المبحث الأول: التعريف بأصول الفقه موضوعه و مصادره
المبحث الثاني: الحكم الشرعي
الفصل الأول وفيه أربع مباحث:
المبحث الأول: تعريف المباح
المبحث الثاني: إطلاقات لفظ المباح
المبحث الثالث: صيغ المباح و أساليبه
المبحث الرابع: أقسام المباح
الفصل الثاني : وتحته مبحثان
المبحث الأول: مسائل تتعلق بالمباح:
وتحته أربعة مطالب:
المطلب الأول: هل الأصل في الأشياء الإباحة ؟
المطلب الثاني: هل المباح مأمور به ؟
المطلب الثالث: هل المباح داخل تحت التكليف ؟
المطلب الرابع: هل العفو خارج عن المباح ؟
المبحث الثاني: مسائل متفرقة
وتحته ثلاث مطالب
المطلب الأول: المباح والأمر.
المطلب الثاني:هل المباح حسن وهل هو من الشرع؟
المطلب الثالث: المباح و الورع.
المطلب الرابع: فوائد تتعلق بالمباح.
الخاتمة: خلاصة لما تقدم في البحث.
و لا ندعي إننا أحطنا بالموضوع, أو أتينا بجديد, إنما هو كلام أهل العلم أخذناه مــن مواضع مختلفة ومتفرقة ورتبنه بعلمنا القاصر, فان وفقنا فمن الله وحده ,وإن أخطـأنا فمن أنفسنا والشيطان, ولا حول ولا قوة إلا بالله .










































التمهيد:
المبحث الأول:
تعريف أصول الفقه: أصول الفقه باعتباره علما ولقبا هو أدلة الفقه الإجمالية, وكيفية الاستفادة منها, وحال المستفيد, أما تعريفه باعتباره مركبا فيحتاج إلى تعريف كلمة أصول وكلمة الفقه, فالأصول جمع أصل وهو ما يستند وجود الشيء إليــــــــه, و يطلق عند الأصوليين ويراد به الدليل, أما الفقه فيطلق على الفهم والعلم و الفطنــة, و يراد به اصطلاحا العلم بالإحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتــــــــــــها التفصيلية .
موضوعه: معرفة الأدلة الشرعية ومراتبها وأحوالها .
مصادره :أي الأدلة والأصول التي بنية عليه قواعده وهي :
1-استقراء نصوص الكتاب والسنة الصحيحة.
2-الآثار المروية عن الصحابة والتابعين .
3-قواعد اللغة العربية.
4-الفطرة السوية والعقل السليم .
5-اجتهادات أهل العلم واستنباطاتهم وفق الأدلة الشرعية( ).
المبحث الثاني:
الحكم الشرعي( ):
تعريف الحكم:
لغة: المنع تقول حكمه كنصره ,وأحكمه كأكرمه, وحكّّمه منعه
اصطلاحا: إثبات أمر لأمر,أو نفيه عنه,وهــــــــــذا تعريف لمطلق الحكم إذ الحكم بالاستقراء ثلاث أقسام :
عقلي : وهو ما يعرف فيه العقل النسبة إيجابا أو سلبا, نحو الكل أكبر من الجــــــزء
عادي : وهو ما عرفت فيه النسبة بالعادة, نحو الماء مروِِ
شرعي: وهو خطاب الله تعالى المتعلق بالمكلف من حيث أنه مكلف به, وهو نفســـه خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخير أو الوضع, فالاقتضاء يشمل الواجب والمحرم والمندوب والمكروه, والوضع يشمل السبب و الشرط والمانــــــع و العلة, وادخل بعضهم الصحة والفساد والرخصة والعزيمة والتخير يشمل المباح اه .
























الفصل الأول
المبحث الأول:
تعريف المباح:
لغة: المباح اسم مفعول مشتق من الإباحة( ),وأصل فعله هو بوح وبالرجـــــــوع إلى قواميس اللغة نجد:
ما ليس دونه مانع يمنعه( ),ويقال باح بسره أظهره,والبوح ظهور الشيء, ويقــــــال بحت بسري بوحا وبوؤحا و بؤوحة, و يقال باح الشيء وأباحه إذا جهر به و أباحـه الشيء أطلقه( ),ويقال أبحتك الشيء أحلـلته لك أي أجزت لك تناوله أو فعلــــــــــــه أو تملكه,واستباحهم استئصلهم كـــما فـي الحديث{من يقتل مقاتلتكم ويستبــــــــــــح ذراريكم}( )أي يسبيهم ويجعلهم له مباح,أي لا تبعة عليه, و استعملوا في الكـــــــــلام المباح والإباحة بمعـنى واحد, وقيل الأولى التخلية بين الشيء وطالبه,والثانية اتخـاذ الشيء مباحا,و قالوا الأصل في الإباحة إظهار الشيء ليتناوله من شاء( ), وقيل هــو المعلن أو المعلق أو المأذون فيه( ) ,قال ابن فارس( ):الباء والواو والحاء أصل واحد, يدل عـــــلى الجهر بالشيء و ظهوره وبـــــــروزه,وهو ضد المحظور,فيقال أباح الشيء أي ليس بمحظور عليه أمره واسع غـــيــــــر مضيق اه. وبهذا التتبع يمكن إرجاع المباح أو الإباحة إلى: الإظهار و الإطـــــــــــــلاق والتمليك والجواز والإذن والجهر والتحليل الاستئصال و التخلية والمكشوف والإقدام والموسع فيه( ), ويقال للمباح البَهْرَج والبِلُّ والظَّلْف والمُسْجَل والحلال والمرخــــــــص والمطلق والطلق والجائز( ), وكل هذه التعاريف لا يراد بها الحلال الشرعي لأن ذلــــك لله ولرسوله--,ولأنه بذلك المعنى من الألفاظ الشرعية التي لا تعرفه العــــرب إلا من العموم.(4)
اصطلاحا: عرف المباح بعدة تعاريف يمكن تقسمها إلى قسمين,تعاريف بالحكــــــم وهي كثيرة جدا,وتعاريف بالحد,وهي محصورة إن لم نقل أنها واحد.
*ذكر بعض التعاريف بالحكم ونختار منها تعاريف الفطاحلة المشهود لهم بالـســبق والتقدم والتجديد:
فقيل هو ماخلا من مدح وذم لذاته,أو هو ما خير فيه المرء بين الفعل والترك شرعا, وقيل هو ما استوى جانباه في عدم الثواب والعقاب,وقيل إطلاق الــــشرع أو إذنـــه,وقيل إتمام ماله فعله,وقيل خطاب الشرع بالتخير,وقيل ما لا يتعلق به أمـر ولا نهي لذاته,وعرفه الامدى بـ ما دل الدليل السمعي على خطاب الشارع بالتخيــر فيه بين الفعل والترك من غير بدل.فاخرج بالقيد الأول أفعال الله,فنقض التعريف القـائل هو ما استوى جانباه في عدم الثواب والعقاب,وبقوله إلى غير بدل اخــــــرج الواجـــب الموسع في أول الوقت, والواجب المخير كالكفارة إذ استوى الطرفين فيهما إلى غير بدل,وعرفه الزركشي بـ ما أذن في فعله وتركه من حيث هو ترك له,مــــــــن غير تخصيص احدهما باقتضاء مدح أو ذم. فاخرج بقيد الإذن الأشياء الباقية على حكمها قبل ورود الشرع فعنده لا تعتبر مباحات, و أشار بقيد من حيث هو ترك له إلـــى أن المباح قد يترك بفعل الحرام و الواجب والمندوب , والتعريف المختار هو خطــــاب الله المستوي فيه جانبا الفعل والترك بالنسبة للمكلف مطلقا.و يكاد يكون مــطابـــــقا لتعريف الغزالى فقد عرفه بـ الإذن من الله تعالى بفعله وتركه غير مقرون بــــــــذم فاعله أو مدحه أو بذم تاركه ومدحه( ).وفسرت عند الأقدمين بنفي الحرج عن الإقــدام على الفعل( ) وترتيبه بين بقية الأحكام التكليفية إمـــا على الأشد فيكون وسطا بين الواجب والمندوب وبين المكروه والحرام,وإمــــا على سبيل المقابلة فيكون بعد الواجب والمحرم وبعد المندوب والمكروه( ) بمعنى انـــــه لا يوجد ما يقابله,أما ابن حزم فقد قال في الاحكام(4/482) هو رتبة بين الفرض والندب.
*أما تعريفه بالحد فقيل هو ما استوى جانباه في عدم الثواب والعقـاب أو هو مستوي الطرفين بمعنى فعله وتركه على حد سواء(1) ومجمل القول أن المبــاح يطلق بإطلاقين من حيث هو مخير فيه من الفعل والترك و من حيث لا حرج فيــــه( ) ويقال له الطلق و المطلق والحلال وقيل الحلال الموسع في إثباته وقيل كل مبــــاح حلال لا العكس( ) وعند الشافعي الحلال هو ما لم يدل الدليل على تحريمه ويقــــــــال للمباح الجائز وقيل الجائز ما وافق الشريعة أو ما لا يمتنع شرعا أو عقلا.( )
المبحث الثاني:
إطلاقات لفظ المباح:
وللمباح إطلاقات كثيرة تجدر الإشارة إليها هي :
1-يطلق ويراد به المأذون والجائز فيكون مقابل للمحظور والممنوع فيدخل تحـــت ذلك الواجب والمندوب فكلاهما مأذون بفعله وتكون الأحكام التكلفية قـسمـــان باعتبار المنهي والمأذون فيه قال في نشر البنود(48)
هي والجواز ترادفا***في مطلق الإذن لدى من سلفا
2- ويطلق ويراد به ما سكت عنه الشرع ولم يظهر فيه حكم خاص فيـــكـون عــلى الإباحة الأصلية كما سيأتي
3- ويطلق على ما صرح في الشرع التسوية بين الفعل والترك كقوله--إن شئــت فصم وان شئت فافطر( ) وهو المراد به في بحثنا
4- وقد يطلق على المطلوب كقولنا الحلق في الحج استباحة محظور على احــــــــد القولين أي ليس بشرط في التحليل( )
المبحث الثالث:
صيغ المباح وأساليبه:
لم يرد في النصوص التصريح بلفظ المباح و لكن ورد بألفاظ أخرى تدل عليه مــن ذلك:
1- استعمال لفظ احل ومشتقاتها قال تعـــالىأحل لكــم لـيلة الصـيـام الرفــث إلـى نسائكمقال القرطبي (2/314) لفظ أحل يقتضي أنّه كان مـحـرما قـبل ذلك ثم نسخ. وقال -- {هو الطهور ماؤه الحل ميتته} وصف من حل يحل من باب ضرب( ). ضــــد الحرام أي الحلال كما في رواية الدارقطني (1/34) والنسائي (7/207) ومثل هذا وارد في السنة كثيرا.
2- استعمال لفظ لا جناحليس عليكم جناح أن تبتغوا فضـــــــلا من ربكم قال ابن كثير (1/241) عن ابن عباس في هذه الآية لا حرج عليكم في الشـــراء والبيع قبل الإحرام وبعده وقوله تعالىلا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمـــسوهنقال الطبري (2/528) يقول لا حرج عليكم في طلاقكم نساءكم وأزواجــكــــم مـــا لـــم تمسوهن يعني بذلك ما لم تجامعوهن وقوله -- إذا خطب أحدكم المرأة فلا جنــاح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته وإن كانت لا تعلم (صـحيــــــــح الجامع 507) قال القرطبي(2/182) وأصله من الجنوح وهو الميل ومنه الجـوانح للأعضاء لإعوجاجها قال ابن العربي وتحقيق القول أن قول القائل لا جـــنــــــــاح عليك أن تفعل إباحة الفعل وقوله لا جناح عليك ألا تفعل إباحة لترك الفعل قــــــال الشاطبي في الموافقات (1/230)رفع الجناح قد يكون مع الواجب كقوله تعالى فلا جناح علــيـه أن يطوف بهماوقد يكون مع مخالفة المندوب كقولهإلا من اكره وقلبه مطمئــــن بالإيمان فلو كان رفع الجناح يستلزم التخير في الفعـــل و التــرك لــم يـصـح مــع الواجب و لا مع مخالفة المندوب.اه
3- استعمال لفظة لا حرج قال تعالىليس على الأعمى حــــرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرجومن ذلك ما رواه أبو داود والنسائي أن النبي - - كان يسأل يوم منى فيقول لا حرج فسأله رجل فقال إني حلقت قبل أن أذبح قال اذبح ولا حرج قال إني أمسيت ولم أرم قال ارم ولا حرج قال الشاطبـــــي (1/231) إذا قال الشارع في أمر واقع لا حرج فيه فلا يؤخذ منه حكم الإباحة إذ قـــد يكون كذلك وقد يكون مكروها فان المكروه بعد الوقوع لا حرج فيه فليفتقد هذا فـــــــــي الأدلة.اه ويكون للوجوب أيضا.ومن ذلك قوله-- فيما رواه أبو داود (4/59) أزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين ما كان أســفـــــل من الكعبين فهو في النار من جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه.{على خلاف بين العلماء في هذه المسألة.( )
وكلام الشاطبي في رفع الجناح والحرج لا يتوهم منه انه قاصر في اللفظين بـــــــل غرضه اللفظ الدال على التخيير وكذا اللفظ الدال على رفع الحرج ولو لم يكــــــــن بعبارة التخيير ولا بعبارة رفع الحرج( )
4- التنصيص على عدم الإثم على فاعله من ذلك ما رواه التــــرمذي (4/356) إن النبي-- قال إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال وسمعت عبد بن حميد يذكر عن بعض أصحاب سفيان قال سفيان الظن ظنان فظن إثم وظن ليس بإثم فأما الظن الذي هو إثم فالذي يظن ظنا ويتكلم به وأما الظن الذي ليس بإثم فالذي يظن ولا يتكلم به
5- عدم التنصيص على الحرمة قال ابن تيمية انتفاء دليل التحـــريم دليل على عدم التحريم غير أن عدم الحرام اعم من الـــمــباح فقد يستلزم الندب أيضا والمقصود هنا ما كان مباح بالبراءة الأصــلية ويأتي البحث فيها( )
6- و تستفاد الإباحة من فعله -- إذا كان من هواجس النفس والحركات البـــشرية وما لا يتعلق بالعبادات ووضح فيه أمر الجبلة كالقيام والقعود ونحــوهـــما ونــقـــل القاضي الباقلاني عن قوم انه مندوب وحكاه الغزالي في المنخول فـفـعل النبي -- يدل على إباحته في أدنى الدرجات وقد يدل على الوجوب والاستحـبـــــاب ولا يدل على الكراهة مطلقا( ) وكل ما فعله على وجه العادة فهو للإباحة ( )
6- ويعرف المباح أيضا من القرائن التي تحيط أحيانا بصيغ الأمر فــــتصرفها عن الوجوب والندب إلى الإباحة كقوله تعالى فاللآن باشروهن و ابتغوا مــــا كتب الله لكم و كلوا واشربوا حتى يتبين لكم  فالقرينة دلت على أن الأمر هو للإبــــــاحة لا الوجوب لان هذه الأشياء كانت محرمة على الصائم إذا نام بعد الغروب فخفــف الله عن المسلمين ورفعها عنهم فقال علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليــــكـم وعفا عنكم فصرح بإباحتها لهم ( )
قال ابن القيم في البدائع(4/813) و تستفاد الإباحة من لفظ الإحلال ورفع الجنــــاح والإذن والعفو وإن شئت فافعل وإن شئت فلا تفعل و من الامتنان بما في الأعيــــان من المنافع وما يتعلق بها من الأفعال نحو من أصوافها و أوبارها وأشـعـــارها أثاثا ونحو وبالنجم هم يهتدون ومن السكوت عن التحريم ومن الإقرار على الـــفـعل في زمن الوحي وهو نوعان إقرار الرب تبارك وتعالى وإقرار رسوله إذا علم الفــــعل فمن إقرار الرب تعالى قول جابر كنا نعزل والقرآن ينزل رواه البخاري ومســلــــم وأبو داود والترمذي ومن إقرار رسوله قول حسان لعمر كنت أنشد وفيه مـــــن هو خير منك.التى غير ذلك من أساليب وقرائن تفيد المباح
المبحث الرابع
أقسام المباح
لم يتعرض جمهور الأصوليون لأقسام المباح إلا الشاطــبـــي قـال فـي الـمـوافـقات (1/206) أن الإباحة بحسب الكلية والجزئية يتجاذبها الأحكام البواقي فالمــــبــــاح يكون مباحا بالجزء مطلوبا بالكل على جهة الوجوب أو الندب ومباحا بالجزء منهيا عنه بالكل على جهة المنع أو الكراهة فـ:
الأول:المباح بالجزء المطلوب بالكل على جهة الندب كالتمتع بالطيبات من المــأكل و المشرب و المركب مما سوى الواجب من ذلك وهو من التـــمتـــع الزائد عـــلــى الحاجة و ورد الندب إليه في عموم الأدلة الطالبة له المرغبة فيه كقوله --إن الله يحب أن يرى اثر نعمته على عبده(الترمذي 2819) قال شيـخ الإسلام في مجموع الفتاوى (10/461) بالجملة الأفعال التى يمكن دخولها تحت الأمر والنهى لا تكون مستوية من كل وجه بل إن فعلت على الوجه المحبوب كان وجودها خيرا للعبد وإلا كـان تركها خيرا له وإن لم يعاقب عليها ففضول المباح التى لا تعين على الطاعة عدمـــهــا خـــيـر من وجودها إذا كان مع عدمها يشتغل بطاعة الله فإنها تكون شاغلة له عن ذلك وأما إذا قدر أنها تشغله عما دونها فهي خير له مما دونها وكذلك أفعال الغفلة والشهوة الـتى يمكن الإستعانة بها على الطاعة كالنوم الذى يقصد به الإستعانة على العبادة والأكل والشرب واللباس والنكاح الذى يمكن الإستعانة به على العبادة إذا لم يقصد به ذلــك كان ذلك نقصا من العبد وفوات حسنة وخير يحبه الله ففي الصحيحين عن النبي--أنه قال لسعد أنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفـــعة حـتــى اللقمة تضعها في في إمرأتك وقال في الصحيح نفقة المسلم على أهله يحــتسـبـها صدقة فما لا يحتاج إليه من المباحات أو يحتاج إليه ولم يصحبه إيمان يجعله حسنة فعدمه خير من وجوده إذا كان عدمه يشتغل بما هو خير منه
الثاني: المباح بالجزء المطلوب بالكل على جهة الوجوب كالأكل والشـــرب ووطء الزوجات و البيع والشراء فان هذه الأمور وان كانت مباحة بالجزء بمعنــى أن لكل فرد الحق في أن يأكل أو يشرب أو يخالط زوجته أو لا يعمل هذا في الجــــمـلة فإذا اختار احد هذه الأشياء على ما سواها فذلك جائز أو تركها الرجـل فـــي بـــعــــض الأحوال أو الأزمان أو تركها بعض الناس لم يقدح ذلك فلو فرضنا ترك الناس كلهم ذلك لكان تركا لما هو من الضروريات فكان الدخول واجبا فيه بالـــــكل ومــن ذلك قوله تعالى {احل لكم صيد البحر وطعامه } قال الشاشي( )ولو امتنع عن تناوله حتى قتل يكون آثما بامتناعه عن المباح وصار كقاتل نفسه
الثالث: المباح بالجزء المكروه بالكل كالتنزه في البساتين وسماع تغريد الحمـــــــام والغناء المباح واللعب المباح بالحمام أو غيرها فمثل هذا مباح بالجزء فإذا فـــعــل يوما ما أو في حالة ما فلا حرج فيه فإن فعل دائما كان مكروها ونـســـب فاعله إلى قلة العقل وإلى خلاف محاسن العادات وإلى الإسراف في فعل ذلك الـــمـــباح ويعد فضولا زائدا يجره إلى العصيان فهو العقبة الخامسة- بعد الشرك والبدعة و الكبائر و الصغائر- من عقبات الشيطان قال ابن القيم في البدائع (1/484)المرتبة الخامسة اشتغاله بالمباحات التى لا ثواب فيها ولا عقاب بل عاقبتها فوت الثواب الذى ضاع عليه باشتغاله بها .
الرابع: المباح بالجزء المحرم بالكل كالمباحات التي تقدح في العدالة المــــداومــــة عليها وإن كانت مباحة فإنها لا تقدح إلا بعد أن يعد صاحبها خارجا عن هيـــئــــات العدالة وأجرى صاحبها مجرى الفساق وإن لم يكن كذلك وما ذلك إلا لذنب اقترفــه شرعا وقد قال الغزالي إن المداومة على المباح قد تصيره صغيرة كما أن المداومة على الصغيرة تصيرها كبيرة ومن هنا قيل
لا صغيرة مع الإصــــــــرار( )وبالجملة فان المباحات أباحها الشارع وأذن فيها و قد يتوصل بها إلى الخـير فتلحق بالمأمورات و إلى الشر فتلحق بالمنهيات فهذا أصل كبير أن الوسائل لها أحـــكـــام المقاصد وهذا يكون تبعا لنيات الشخص فكل فعل له مقصد خاص به إما طلب الثـــواب أو تجنب العقاب( )
وتقسم الإباحة باعتبار آخر إلى:
إباحة شرعية :وهي ما عرفت من قبل الشرع كإباحة الجماع في ليالي رمضـــــان المنصوص عليها بقوله  احل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم 
إباحة عقلية : وتسمى البراءة الأصلية و هي بعينها استصحاب العدم الأصلي حتى يرد دليل ناقل عنه مثل نفي وجوب صلاة سادسة و قد دلت آيـات من كتاب الله على إن استصحاب العدم الأصلي حجة على عدم المؤاخذة بالفعل حـتـــى يرد دليل ناقل عن العدم الأصلي من ذلك أنهم كانوا يتعاملون بالربا فلما نزل تحريم الربا خافوا من أكل الأموال الحاصلة منه بأيديهم قبل تحريم الربا فأنزل الله في ذلك فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ( ).قـــال أبو زهرة في أصول الفقه (43) :من المباح ما تكون إباحته نسبية بمعنى أن الله لا يعذب عليه لأنه قد عفا عنه كما كان في الجاهلية إذ كانوا يستبيحون ما لم يبحه الإسلام بعــد ذلــــك ومن ذلك ما تركه عن غير نص قاطع بالتحريم كما في الخمر وبعض الفقهاء جعل هذا من مرتبة العفو. و سيأتي البحث فيها
ومن فوائد الفرق بين الإباحيين( ):
1- رفع الإباحة الشرعية يسمى نسخا كرفع إباحة الفطر في رمضان وجعـــــــــــل الإطعام بدلا عن الصوم المنصوص في قوله تعالىو على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فإنه منسوخ بقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه وأما رفــــع الإباحة العقلية فلا يسمى نسخا لأنها ليست حكما شرعيا بل عقليا لذا لم يكــــــن تحريم الربا ناسخا لإباحتها في أول الإسلام
2- إن العقد والشرط يرفع موجب الاستصحاب ولا يكون ذلك من تغيير ما شــــرع الله لكنهما لا يرفعان ما أوجبه كلام الشارع من الإباحة والــحــــــل
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.