أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
294 74378

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-18-2013, 07:00 PM
أسامة أسامة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: غزة - فلسطين
المشاركات: 365
افتراضي خطبة عيد الأضحى 1434هـ. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله

خطبة عيد الأضحى لعام 1434 هـ
بالزعفران
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ الله أكبر (تسعا)
[الحمد لله، الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه المادحون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، ولا يُؤدِّي حقَّه المُجتهِدون، المعلومِ من غير رؤية، والخالقِ بلا حاجة، والمُميت بلا مخافة، والباعثِ بلا مشقَّة، خلقَ الخلائقَ بقدرته وحكمته، ونشرَ الرياحَ بُشرًا بين يدي رحمته، مُبدئِ الخلق ووارثِه، وباسطٍ فيهم بالجُودِ يدَه، كتبَ على نفسه للمؤمنين الرحمة، وسبقَ عفوُه عقابَه وحلمُه غضبَه، لا يخفى عليه مثقالُ ذرَّةٍ في الأرض ولا في السماء، لا تُدرِكُه الأبصار وهو يُدرِكُ الأبصار وهو اللطيفُ الخبير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله البشيرُ النذير، والسراجُ المُنير، خيرُ من صلَّى لله وقام، وحجَّ البيت الحرام وصام، {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة: 128)، ما تركَ خيرًا إلا دلَّنا عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرَنا منه، فصلواتُ الله وسلامُه عليه، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى الصحابة والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
[الله أكبر غافرُ الزلاَّتِ…داعِي الحَجيجِ إلى ثَرى عرفاتِ
الله أكبر ملءَ ما بين السما…والأرضِ عدَّ الرملِ والذرَّاتِ
والحمدُ لله العليِّ فنورُه…في الذكرِ كالمِصباحِ في المِشكاةِ
الله أكبر بُكرةً وعشيَّةً…الله أكبرُ سامعُ الأصواتِ
الله أكبر عالماً ومُهيمِنًا…مُحصِي الحَجيجِ وجامعِ الأشتاتِ
ما كان يخفاهُ الضميرُ وهمسةٌ…مهما تكن عند اختلافِ اللغاتِ
الله أكبر مُبصِرُ النملِ الذي…في ليلةٍ سوداءَ فوقَ صفاةِ
قد أبصرَ الجَمْعَ الغفيرَ وإنه…ليَرَى نِياطَ القلبِ والنَّبَضاتِ
الله أكبر لن تُوارِيَ دمعةٌ…عنه الدموعَ وخافِيَ العَبَراتِ
عَلِمَ الغيوبَ وكلَّ حبَّةِ خردلٍ…ما قد مضَى منها وما هو آتِ
الله أكبر فاستجِبْ يا ربَّنا…ولتَمْحُ عنا سالفَ العَثَراتِ
واغفر لحُجَّاجٍ أتَوا شُعثًا فقد…ناجَوكَ يا رحمنُ بالزَّفَراتِ
الله أكبر أنت أرحمُ راحمٍ…فاقبَلْ كريمًا صالحَ الدعواتِ
واجعله حجًّا صالحًا مُتقبَّلاً…والطُفْ بنا في الحشرِ والعَرَصاتِ
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -سبحانه-؛ فإنها مفتاحُ سَداد، وذخيرةُ معاد، وعِتقٌ من كل ملَكَة، ونجاةٌ من كل هلَكَة، بها ينجحُ الطالب، وينجُو الهارِب، فاعملُوا فإن العملَ يُرفَع، والتوبةَ تنفع، والدعاءَ يُسمَع]. من خطبة للشريم
الحمد لله الذي يسَّرَ للحُجَّاج حجَّهم، ونسأل الله أن يتمَّه لهم على خير ورحمة ونعمة، وأن يرجعهم إلى أهليهم سالمين غانمين؛ بحجٍّ مبرور، وسعي مشكور، وذنب مغفور، وتجارة رابحة لن تبور. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ونسأله سبحانه أن يكتبَ أجرَ حجٍّ وعمرة تامة تامة، لمن حُرِم منه هذا العام.
ونسأل الله أن يَقِيَنا نِقمته -سبحانه- كما انتقم لمن حُرِمَ منه قبل أعوام.
عباد الله! أوَّلَ أمسِ أحرمَ الحجَّاجُ من أماكن سكناهم بمكة، وتوجهوا ملبِّين مهلِّلين، إلى منى اتباعا للسنة، فباتوا بها وصلَّوا بها الصلوات قصرا دون جمع.
وأمسِ توجهوا ذاكرين ملبِّين داعين ضحىً إلى عرفة، فصلَّوا الظهر والعصر، قصرا وجمعا في مسجد نمرة، أو في الخيام،
وبعد غروب الشمس ليلةَ العيد توجهوا ملبِّين إلى مزدلفة حيث صلَّوا بها المغربَ والعشاءَ جمعا مع قصر العشاء، وصلَّوا الوتر وباتوا بها إلى أن صلوا الفجر في المشعر الحرام.
واليوم (يوم العيد) ينطلقون إلى منى ملبين ذاكرين، إلى أن يرجموا جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات، وتنتهي التلبية ويبدأ التكبير؛ (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
فيذبحون هداياهم، ويحلقون رؤوسهم، ويطوفون طواف الإفاضة، ويسعون سعي الحج، ويرجعون إلى خيامهم في منى، ليبيتوا بها غداً وبعده، ليرجموا الجمرات الثلاث كل يوم بإحدى وعشرين حصاة.
ثم إذا أرادوا الرحيل إلى ديارهم ودَّعوا بيتَ الله الحرام، بالطواف سبعة أشواط. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
وأنتم هنا في بلادكم ودياركم قد أطعتم الله في الأيام العشر فصليتم ما كُتب لكم، فأبشروا بقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لِيُصَلِّيَ وَخَطَايَاهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى رَأْسِهِ, فَكُلَّمَا سَجَدَ تَحَاتَّتْ عَنْهُ, فَتَفْرُغُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ صَلَاتِهِ, وَقَدْ تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ». المعجم الصغير للطبراني (2/ 272، ح 1153)، الصحيحة (3402).
وصمتم و(الصوم جُنَّة) ووقاية من الذنوب والمعاصي، ووقاية من العذاب يوم القيامة.
وتصدقتم و(الصدقة برهان) على إيمانكم وتوحيدكم وإخلاصكم.
وأحسنتم إلى خلق الله، فـ«إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». مسلم (1955)
وذكرتم وكبرتم تكبيرا يطرد الشياطين، ويقلقُ الكافرين، ويقضُّ مضاجعَ المشركين، ويقلقلُ قلوب المنافقين، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أنتم يا من أطعتم اللهَ بطاعتكم لرسولِه صلى الله عليه وسلم؛ فلم تقصوا شعوركم، ولم تقلِّموا أظافركم من أول ذي الحجة إلى الآن، فشابهتم الحجَّاج في شيء من أحكامهم، وشاركتموهم اليوم بقربان تقدمونه لله وهو الضحية، كما يقدمون هم الهدي، ويجب فيهما السلامةُ من العيوب؛ من العور والعمى، والمرض والهزال والعرج ونحو ذلك.
ويجب أن يكون الهديُ والأضاحي قد بلغت السنَّ المعتبرةَ شرعا، سنتان للبقر وتجزئ الواحدة عن سبعة، فإن تعسر، نذبح من المعزِ ما تجاوز السنة، عن أهل البيت الواحد، ولا تجوز فيه الشراكة، أما الضأنُ فما زاد عن ستة أشهر بحيث إذا وضع بين الكبار لا يعرف، والحَدِيثُ: "لَا تَذْبَحُوا إلَّا مسنة، إلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ"، مُسْلِمٌ
قال ابن حجر: [تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ لَا يُجْزِئُ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمُسِنَّةِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ، فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَفْضَلِ، وَتَقْدِيرُهُ: المستحب أن لا يَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً]. التلخيص الحبير ط العلمية (4/ 351)
فإن عُدم المعتبرُ شرعا من الأضاحي، ولم يوجد، أو عُدِمت النقودِ للفقرِ وقلَّةِ ذات اليد فلا يتُركُ يوم العيد ولو بذبح ديك، [فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ ضَحَّى بِدِيكٍ]. التلخيص الحبير لابن حجر ط العلمية (4/ 342).
و[عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ لِي بِلَالٌ: مَا كُنْت أُبَالِي لَوْ ضَحَّيْتُ بِدِيكٍ]، المحلى بالآثار (6/ 9).
ولا تبيعوا شيئا من أجزائها، ولا تعطوا شيئا منها أجرةً للجزار لا الجلد ولا من اللحم، ويجوز هدية وعطية.
فإذا ضحيتم فكلوا وأطعموا وادخروا، ولا تجب المساواة في ذلك، الله أكبر ولله الحمد.
تفقدوا الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى والمحتاجين، عموما وفي كل وقت، وخصوصا أيام العيد، عالجوا باللقمة جوعَهم، وأدفئوا بالكسوة أجسامَهم، وامسحوا بالكلمة الطيبة دموعَهم، أدخلوا الفرحة إلى قلوبهم، وانشروا البسمة على وجوههم، فـ«مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، ...»،مسلم (2699)، الله أكبر ولله الحمد.
[فضحُّوا واهدُوا، تقبَّل الله ضحاياكم وهداياكم.
ضحُّوا فإن لحُومَها ودماءَها…سينالُها التقوى بلا نُقصانِ
العيدُ أَضحى فالدماءُ رخيصةٌ…مُهراقةً للواحد الديَّانِ
هي سنةٌ بعد الذبيحِ وإنها…من خير ما يُهدَى من القُربانِ
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد]. الشريم
أخي المسلم! في هذه الأيام أكثِروا من الزيارات والتواصل، ولا تنسوا إلقاء التحيَّة؛ تحيةِ أهل الجنة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، وتذكروا الأجرَ العظيمَ في مصافحتك لأخيك المسلم؛ الرجل يصافح الرجلَ والزوجةَ والمحرم، والمرأةُ تصافحُ المرأةَ وزوجَها ومحرمَها، «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا». سنن أبي داود (5212)، صحيح الترغيب (2718).
لقد [كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا]. رواه الطبراني ورواته محتج بهم في الصحيح. صحيح الترغيب (2719)
ولا ننسى عباد الله! إخوانا لنا يرزحون تحت نِير الظلمِ والاستبداد، ويعانون التقتيلَ وانتهاكَ الأعراض، واغتصابَ الأموال، والظلمةُ لا يرعوون عن ذنب، ولا يمنعهم خوف من اللهِ المنتقم الجبار جلَّ جلالُه، إن الواحد من هؤلاءِ الظلمةِ إذا تمرَّد وطغى وتجبَّرَ، يصدق عليه قول الله سبحانه: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ* وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} (البقرة: 205، 206).
فليس لهم رأس، ولا الرايةُ واحدة؟ والمشكلةُ التي تزيدُ الطين بِلَّةً وتورث في القلبِ عِلَّة؛ أن تُزَيَّنَ هذه الأعمالُ المشينة بأنها من دين الإسلام! ويتقربون بهذا الظلم والعدوان إلى الله الملك العلاّم!! فهل الإسلام هو الذي أمر بقتل الأبرياء؛ من الشيوخ والضعفاء، والأطفالِ والنساء؟ هلْ هو يأمر بتدمير الأخضر واليابس، وتخريبِ الغامر والعامر؟ لا لهدف في الأفق، ولا لخير يرتجى؟ لا والله! لا الإسلام، ولا نبيُّ الإسلام يأمرُ بلْ ولا يرتضي التقتيل، والترويع للمسلمين والأبرياء، والأطفال والنساء.
ولكنَّ الدافعَ من وراء هذه الأعمال؛ إما أن يكونَ إرادةَ الانتقام، يصدر من رافضةٍ وباطنيَّةٍ لئام، حاقدين على أهل الإسلام، أو من يعيش من جهلة أهلِ السنةِ على أوهامٍ وأحلام، ولا يستيقظ أحدهم إلا وقد {أَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} (الكهف: 42)، على ما انفق من جهد ومال، ووقت وتعب ومشقة، ويفتح عينيه وقد استلم البلادَ غيرُ أهلِها، وحرَّك دفَّتَها حفنةٌ من الأوغاد، صليبيون جاءوا من وراء البحار من خارج البلاد، فجاسوا خلال الديار، وسعوا في الأرض الفساد، وساموا أهلَها سوء العذاب، ولم يخرجوا إلا وقد زرعوا الفتن بين المسلمين، وأشعلوا نار الضغائن، وأوقدوا جمر الأحقاد، ووجدوا من يسمع لهم ومنهم: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} (المائدة: 41)، إنَّ قلوبهم تشابهت مع مَن قال الله فيهم: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (التوبة: 47).
فمُزِّقت بلادهم إلى دويلات، وشعبُهم تفرق أفرادُه إلى جماعات، والمستفيد الأوَّل والأخير هو العدوُّ الذي اجتاح الأرض، وانتهك العرض، ويتربص بنا الدوائر، فبهذه الفتن استراح، وتأتيه النتائج التي ترضيه على ما يحب دون خسائرَ تذكر، أو أرواح من جنده تزهق وتهدر!!!
وهناك دولٌ عربية، وبلادٌ إسلامية عصمها الله من هذه الفتن، وهي البلاد التي حافظت على كيانها بين دول العالم، حافظت على جيشها أن يتفكَّك، حافظت على شعبها أن يتمزَّق، حافظت على هيبتها أن تُنْتهَك، حافظت على مقدَّراتها من الضياع، وذلك كلُّه رغم محاولاتِ الغرب والشرق والسماعين لهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، الذين تعرف منهم وتنكر.
هدى الله الجميع لما يجبه ويرضاه. الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
[إنَّ الأمَّةَ المسلمةَ إذا أرادت الاستقرارَ الأمنيَّ، والأخلاقيَّ والسياسيَّ والإعلاميَّ؛ فيجبُ عليها أن تكونَ صريحةً مع نفسها، مُعترِفةً بأخطائها، عازمةً على المُضِيِّ قُدُمًا في كلِّ ما من شأنه؛ سدُّ ثُلمتِها، ولمُّ شعَثِها، واجتماعُ فُرقتها، ولن يكون ذلكم دون وُضوح، كما أنه لن يتمّ من خلالِ مبدأ الانتقائية، أو مبدأ القائل: (أصمُّ عن الأمرِ الذي لا أريدُه، وأسمعُ خلقَ الله حين أشاءُ).
لأن مِثلَ هذا المبدأ يُؤخِّر يوم الاستقرار ولا يُقدِّمُه، أو يقودُ إلى الغرق في بحرٍ لُجِّيٍّ يغشاهُ موجٌ من فوقه موجٌ من فوقه سحابٌ من الفتن المُتلاطِمة، التي تُعيقُ عجلَةَ التصحيح إن لم تئِدها برُمَّتها.
ألا وإن مصدر محَن أمَّةِ الإسلامِ من داخلها أشدُّ خطرًا من عدوِّها؛ لأن العدوَّ واحدٌ، بخلافِ الأصدقاءِ وبني المُجتمع، فليسوا في البِرِّ سواء، ولا يُدرِك عمقَ هذا إلا من وهبَه الله معرفةَ لحنِ القول، الذي ينخُرُ في جسَد الأمة، وله وقعٌ في نفسها أشدُّ من وقع سِهام عدوِّها، والنوائبُ والمُدلهِمَّات، هي التي تُقرِّرُ العدوَّ من الصديق، لتُدهَشَ الأمةُ حينما تجِدُ اللسانَ لسانَهم، والفُؤادَ تُجاهَ عدوِّهم، الجسدُ مُخالط، والقلبُ مُفارِق.
وأمثالُ هؤلاء لا يُكشَفون إلاَّ في الأزمَات، أمثالُهم سببُ الفُرقة حالَ الرغبة في الاجتماع، وهم سببُ الفُتوقِ حالَ استِجلابِ الرُّتُوق، ولقد أحسن من قال:
وكان بنو عمِّي يقولون: مرحبًا *** فلما رأوني مُعسِرًا ما تمرحَبوا
أمثالُ هؤلاء هم الذين حذَّرَنا منهم مَنْ حجَّت تلك الملايينُ اقتداءً به، واتباعًا لسنته -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث جاء عنه عند البخاري ومسلم: قوله عن فتن آخر الزمان، وقد سأله حُذيفة بن اليمان قائلاً: وهل بعد ذلك الخير من شرٍّ؟ قال: «نعم! دُعاةٌ على أبوابِ جهنَّم، من أجابَهم إليها قذفُوه فيها». قال: يا رسول الله! صِفهم لنا. قال: «هم من بني جِلدتنا، ويتكلَّمون بألسنتنا .. » الحديث.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قد قلتُ ما قلتُ، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنه كان غفَّارًا]. الشريم باختصار
****الخطبة الآخرة****
[الحمد لله؛ حمدًا طيبًا كثيرًا مُباركًا فيه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضَى. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرا.
أما بعد: فاتقوا الله –عباد الله-، واجعلوا من حجِّكم وعيدكم هذا -أمةَ الإسلام- نقطةَ انطلاقةٍ من السيئِ إلى الحسن، ومن الحسَن إلى الأحسن، وأصلِحوا أنفسَكم من داخلها، واعلموا أن واقع المسلمين لا يُمكن أن يُصلَح خارجًا عنهم؛ لأن مُستقبل المسلمين يجبُ أن يُصنَع في بلادهم، وعلى أرضِهم بكدِّهم وكدحِهم وأخلاقهم، بشغلِ أوقاتهم في كلِّ ما من شأنه خدمةُ الإسلام والمُسلمين، حتى لا يرُوغَ بعضُهم على بعض، ويشغَلَ بعضُهم بعضًا في التهويش والتحريش، ولئلا يُبطَلَ الحقُّ ويُغمَطَ الناس، واللهَ اللهَ في تنقيةِ المُجتمعات من شوائِبِها...] من خطبة للشريم اختصارا.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد...
إخواني تذكروا عداوةَ الشيطانِ –إبليسَ اللعين- لأبينا آدمَ عليه السلام وأمنا حواء، وكيف استدرجهما؟ ومن الجنة أخرجهما، وأخذ على نفسه عهدا أن يغوي من استطاع من بني آدم، فلا تكونوا من هؤلاء الغاوين، فكلُّ يوم «إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ، فَيَقُولُ: (مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ)، قَالَ: فَيَخْرُجُ هَذَا، فَيَقُولُ: (لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ)، فَيَقُولُ: (أَوْشَكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ)، وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ: (لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ)، فَيَقُولُ: (أَوْشَكَ أَنْ يَبَرَّ)، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: (لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ)، فَيَقُولُ: (أَنْتَ أَنْتَ!) وَيَجِيءُ، فَيَقُولُ: (لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى زَنَى)، فَيَقُولُ: (أَنْتَ أَنْتَ!) وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: (لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ)، فَيَقُولُ: (أَنْتَ أَنْتَ!) وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ». صحيح ابن حبان (14/ 68، ح 6189) وانظر الصحيحة (1280)، فلا تكونوا أحد هؤلاء الذين أضلهم الشيطان.
وقد يُغتَرُّ بأعمال بعض الناس وطاعاتهم؛ بكثرة صلاتهم، وشدةِ اجتهادهم، وما ذاك إلاّ غطاءً على جرائمهم، وإليكم قصة الأسود مقطوع اليد، ورحمةِ أبي بكر رضي الله تعالى عنه به، فعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَجُلٌ أَسْوَدُ يَأْتِي أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَيُدْنِيهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ، حَتَّى بَعَثَ سَاعِيًا، أَوْ قَالَ: سَرِيَّةً، فَقَالَ: (أَرْسِلْنِي مَعَهُ)، قَالَ: (بَلْ تَمْكُثُ عِنْدَنَا) فَأَتَى فَأَرْسَلَهُ مَعَهُ، وَاسْتَوْصَى بِهِ خَيْرًا، فَلَمْ يَغْبُرْ عَنْهُ إِلَّا قَلِيلًا؛ حَتَّى جَاءَ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: (مَا شَأْنُكَ؟ =من قَطعك؟) قَالَ: (يعْلى بن أُميَّة ظلما)= قَالَ: (مَا زِدْتُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّينِي شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ، فَخُنْتُهُ فَرِيضَةً وَاحِدَةً، فَقَطَعَ يَدِي)، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (تَجِدُونَ الَّذِي قَطَعَ هَذَا يَخُونُ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَرِيضَةً، وَاللهِ لَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا لَأُقِيدَنَّكَ بِهِ).
قَالَ: ثُمَّ أَدْنَاهُ، وَلَمْ يُحَوِّلْ مَنْزِلَتَهُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ مِنْهُ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُومُ اللَّيْلَ فَيَقْرَأُ، =القرآن=، فَإِذَا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَوْتَهُ قَالَ =(مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ)=: (يَا لَلَّهِ لِرَجُلٍ قَطَعَ هَذَا! =تالله لرجل قطع هَذَا لقد اجترأ عَلَى الله)= قَالَتْ: فَلَمْ يَغْبُرْ =أي فلم يمكث= إِلَّا قَلِيلًا؛ حَتَّى فَقَدَ آلُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حُلِيًّا لَهُمْ وَمَتَاعًا، =حليًّا لأسماء بنت عُمَيْس امْرَأَة أبي بكر= فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (طُرِقَ الْحِيُّ اللَّيْلَةَ)، فَقَامَ الْأَقْطَعُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَهُ الصَّحِيحَةَ وَالْأُخْرَى الَّتِي قُطِعَتْ، فَقَالَ: (اللهُمَّ أَظْهِرْ عَلَى مَنْ سَرَقَهُمْ) أَوْ نَحْوَ هَذَا وَكَانَ مَعْمَرٌ رُبَّمَا قَالَ: (اللهُمَّ أَظْهِرْ عَلَى مَنْ سَرَقَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِينَ). =فَمرَّ رجلٌ بصائغٍ من أهل الْمَدِينَة فَرَأَى عِنْده حليًّا، فَقَالَ: (مَا أشبه هَذَا بحلي آل أبي بكر!). فَقَالَ للصائغ: (مِمَّن اشتريته؟) فَقَالَ: (من ضيف أبي بكر). فَأخذ ذَلِك الرجل فَأقر، فَبَكَى أَبُو بكر وَقَالَ: (أبْكِي لغرته بِاللَّه).=
قَالَ: فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى عَثَرُوا عَلَى الْمَتَاعِ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (وَيْلَكَ! إِنَّكَ لَقَلِيلُ الْعِلْمِ بِاللهِ!) فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَتْ رِجْلُهُ. =فَقَالَ أَبُو بكر: (وَالله لدعاؤه عَلَى نَفسه أَشدُّ عِنْدِي من سَرقته)= السنن الكبرى للبيهقي (8/ 88، ح 16024)، سنن الدارقطني (4/ 245، ح 3403)
وتذكروا أن يوم العيد وثلاثة أيام بعده أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، لا يجوز فيها الصيام، ولا تجوز فيه القطيعة والهجران، [وتذكَّروا -عباد الله!- بجمعِكم هذا يوم يجمعُ الله الأولين والآخرين على صعيدٍ واحدٍ، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} (الحاقة: 18)، {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا* لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا* وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} (مريم: 93- 95).
اللهم تقبَّل منا، اللهم تقبَّل منا، إنك أنت السميعُ العليم، واغفر لنا ربنا إنك أنت الغفورُ الرحيم.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح ذاتَ بينهم، واكفِهم شرَّ أنفسهم وشرَّ الشيطان وشِركه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم انصر إخواننا المُستضعفين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم كُن لهم ناصرًا ومُعينًا، ومُؤيِّدًا وظَهيرًا].
اللهم اغفر وارحم واشف عمِّي أبا عليان، الذي امتن علينا بهذا المكان، لنصليَ فيه صلاة العيد طاعة لربنا الرحمن، اللهم مُنَّ عليه وعلى زوجته، وعياله وأولاده وبناته وأحفاده، بالصحة والعافية، والحسنات الوفيرة، والخيرات الغزيرة الكثيرة.
اللهم ارحم واغفر لوالدينا، وإخواننا وأخواتنا، وزوجاتنا وأولادنا، وبناتنا وأحفادنا، وأعمامنا وعماتنا، وأخوالنا وخالاتنا، وجيراننا وجاراتنا، وسائرِ المسلمين أجمعين، اللهم اغفر وارحم مَن أتوا هذا المكان مِن أهله وممن جاوره، ومَن أقبل إليه مِن غير أهله، ومَن جاء إلى هذا المكان مِن غزة والمخيمات وغيرها.
[اللهم هؤلاء عبادُك؛ أتوك يرجُون رحمتَك، ويخشَون عذابَك، اللهم فاقبَل توبتَهم، وامحُ حوبتَهم، ورُدَّهم إلى أهلِهم سالمين غانِمين، غير خزايا ولا محرومين، يا ذا الجلال والإكرام].
اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، وتقبل شهداءنا، اللهم فكَّ أسر المأسورين من المسلمين، وأطلق سراح المسجونين، ونفس كرب المكروبين، وفرج هم المهموين، واقض الدين عن المدينين، اللهم {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (آل عمران: 147)
[اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك، واتبعَ رِضاكَ يا رب العالمين... اللهم اجعل مواسمَ الخيرات لنا مربَحًا ومغنَمًا، وأوقات البركات والنَّفَحات إلى رحمتِك طريقًا وسُلَّمًا. اللهم ما سألناك من خيرٍ فأعطِنا، وما لم نسألك فابتدِئنا، وما قصُرَت عنه آمالُنا وأعمالُنا من الخيراتِ فبلِّغنا.
سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد]. بتصرف من خطبة المسجد الحرام- 10 ذو الحجة 1432- خطبة عيد الأضحى- المحدثات طوفان مغرق- الشيخ سعود الشريم.
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وتجاوز عن سيئها
واجعله اللهم عيدا مباركا علينا وعلى سائر المسلمين
اللهم آآمين!
خطبها: أبو المنذر فؤاد بن يوسف بن سليمان أبو سعيد
ساحة الزعفران- المغازي- الوسطى- غزة
يوم الثلاثاء عيد الأضحى من عام 1434هلالية،
وفق: 15/ 10/ 2013 شمسية.
__________________
إن الدعوة السلفية دعوة بالحسنى، وليست حركةً حزبيَّة، دعوة لدين الإسلام دين السلم والسلام، والأمن والأمان، نسالم من يسالمنا، ونعادي من يعادينا.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:06 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.