أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
85033 88259

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-06-2013, 06:24 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي كهف القرآن نور يشع هدى ورحمة


كهف القرآن
نور يشع هدى ورحمة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .


أما بعد :

فإن سورة الكهف من السور التي رغَّب النبي – صلى الله عليه وسلم - العباد بقراءتها لما فيها من العلم والرحمة اللذان بهما تستقيم البلدان وتصح الأديان فقد أعجبتني مقولة لأحد الدعاة : " كل كهف في الدنيا مظلم إلا الكهف في القرآن فهو نور بين الجمعتين " .

لقد صح عن نبينا – عليه الصلاة والسلام – أنه قال: " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " (من حديث أبي سعيد، صحيح الجامع رقم : 6470 ).

وفي لفظ: " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه و بين البيت العتيق " (صحيح الجامع رقم : 6471) .

فكل كهف لا تدخله إلا بنور إلا سورة الكهف فإنها تعطيك النور، فإن داومت على قراءتها كل جمعة مرة فستشع كل حياتك بالنور حتى تلقى الله – تعالى - .

ولاشك أن الفتن التي تُلِم بالخلق تكون مظلمة وصعبة لما فيها من الاشتباه والشدة، والدخول
فيها كالدخول في كهف مظلم أو نفق معتم فإذا توسطه الداخل صار في ظلمة لا يبصر فيها شيئاً
وفي شدة وكرب لأنه لا يعرف كيف الخلاص وأين منفذ النجاة .


ففي هذه الحال هو أشبه بمن يصارع الموت ولا حيلة عنده، فعندها تكتنفه الهموم والأحزان وترافقه العبرات والحسرات، متطلعاً لرحمة تلطف الشدة ولنور يبدد الظلمة .

فنقول لمن هذه حاله : إن نفق الفتنة مظلم فإن دخلته بشمعة الرأي فستنطفئ مع أول أعاصيره وإن أدخلته قدراً فاستصحب شمس النبوة فستجد في فجوة منه رحمة تلطف شدته ورشداً للخروج منه .

إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يجني عليه اجتهاده


فاحذر زمن الفتنة الرأي واعتمد النص من القرآن والسنة، واعتبر بالأمثال والنظائر، وتفكر في سنن الله في عباده { فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا } [فاطر:42].

ولنقتبس من نور سورة الكهف نوراً يذهب ظلام الفتنة البهيم معتبرين بحال الفتية الذين ذكرهم الله في مطلع هذه السورة المباركة مقاومين الفتنة معتصمين بالله .

{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً}، فالعباد زمن الفتن يحتاجون إلى رحمة تثبتهم وتحفظهم من الشر، وإلى رَشَدٍ يعملون به، وهو كل سبب موصل إلى حسن العاقبة .

قال ابن كثير – رحمه الله -: " يخبر تعالى عن أولئك الفتية، الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه، فَهَرَبوا منه فَلَجَؤُوا إلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم، فقالوا حين دخلوا سائلين من الله - تعالى - رحمته ولطفه بهم: { رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً } أي: هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا { وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا } أي: وقدر لنا من أمرنا هذا رشداً، أي: اجعل عاقبتنا رشدًا " (التفسير: 5/139).

وقد استجاب الله - تعالى - لهم وجعل ذلك عبرة للمعتبرين، وكانوا مستحقين له لما اتصفوا به من صفات تجلب التأييد والرحمة والتسديد . ومن هذه الصفات :

أولاً/ الإيمان بالله – تعالى – وحده ، {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} فلم يشركوا به شيئاً .

ثانياً/ العمل بمقتضى الإيمان ، {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} قال ابن عثيمين – رحمه الله - : " لأن الله تعالى يزيد الذين يهتدون هدى، وكلما ازددت عملاً بعلمك زادك الله هدى أي زادك الله علماً" (التفسير: 6/17) .

ثالثاً/ الصبر والثبات على المبدأ، { وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ } قال السعدي – رحمه الله - : " أي صبرناهم وثبتناهم، وجعلنا قلوبهم مطمئنة في تلك الحالة المزعجة، وهذا من لطفه - تعالى - بهم وبره، أن وفقهم للإيمان والهدى، والصبر والثبات، والطمأنينة "(التفسير:ص371).

رابعاً/ الصدع بالحق، وإعلان العقيدة الصحيحة والانتساب إليها، { إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } أي: الذي خلقنا ورزقنا، ودبرنا وربانا، هو خالق السماوات والأرض، المنفرد بخلق هذه المخلوقات العظيمة، لا تلك الأوثان والأصنام، التي لا تخلق ولا ترزق، ولا تملك نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فاستدلوا بتوحيد الربوبية على توحيد الإلهية، ولهذا قالوا: { لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا } أي: من سائر المخلوقات { لَقَدْ قُلْنَا إِذًا } أي: إن دعونا معه آلهة، بعد ما علمنا أنه الرب الإله الذي لا تجوز ولا تنبغي العبادة، إلا له { شَطَطًا } أي: ميلا عظيما عن الحق، وطريقا بعيدة عن الصواب، فجمعوا بين الإقرار بتوحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، والتزام ذلك، وبيان أنه الحق وما سواه باطل، وهذا دليل على كمال معرفتهم بربهم، وزيادة الهدى من الله لهم "(تفسير السعدي:ص371) .

فبهذه الصفات الجليلة: (الإيمان، والعمل به، والصبر في سبيله، والجهر بالدعوة إليه) توفق المجتمعات وتنجوا من خسارة الدنيا والآخرة وقد أنزلت في تبيينها سورة كاملة جمعت هذه الأوصاف لأهل النجاة دون الخاسرين، كما قال – سبحانه - : {وَالْعَصْرِ, إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ, إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[سورة العصر] .

وكان من الأسباب الحسية للنجاة - مع ما سبق من الأسباب الشرعية - التحصن بمفارقة أهل الكفر بحصن يحول دون ضياع دينهم وزهق أرواحهم {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} .

وفي هذا رد على كل من يقدم التراب على دين رب الأرباب، كما قال القرطبي – رحمه الله - : " هذه الآية صريحة في الفرار بالدين وهجرة الأهل، والبنين، والقرابات، والأصدقاء، والأوطان، والأموال، خوف الفتنة وما يلقاه الإنسان من المحنة .

وقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فاراً بدينه ، وكذلك أصحابه ، وجلس في الغار حسبما تقدم في سورة "النحل". وقد نص الله - تعالى - على ذلك في "براءة" .

وهجروا أوطانهم، وتركوا أرضهم، وديارهم، وأهاليهم، وأولادهم، وقراباتهم، وإخوانهم ، رجاء السلامة بالدين والنجاة من فتنة الكافرين .

فسكنى الجبال ودخول الغيران ، والعزلة عن الخلق والانفراد بالخالق ، وجواز الفرار من الظالم هي سنة الأنبياء - صلوات الله عليهم - والأولياء. وقد فضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العزلة ، وفضلها جماعة العلماء لا سيما عند ظهور الفتن وفساد الناس ، وقد نص الله - تعالى - عليها في كتابه، فقال : {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ}
" (تفسير القرطبي: 10/360) .

والمطلوب من العاقل الحريص على دينه والمقتفي لسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – أن يطلب العزلة عن أهل الضلال المحرفين لدينه والمستبيحين لدمه وعرضه وماله بنظام إداري يقلل من عبث المفسدين بالأديان والبلدان ومن يتوكل على الله فهو حسبه .

ومَن لا يُربيه الرسولُ ويسقِه *** لُباناً له قد درّ من ثدي وحيه
فذاك لقيط ماله نسبة الوَلا *** ولا يتعدى طور أبناءِ جنسه


{إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً} .



رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.