أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
95739 103191

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-12-2013, 10:53 AM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

أحسن الله إليكم شيخنا ونفع بكم .

بالنسبة لمسألة كون أصول الفقه وسيلة والفقه غاية.

ذكرتم حفظكم الله في شرح الأصول من علم الأصول : أن من الخطأ تسمية أصول الفقه من علوم لآله لأنها ادلة الاحكام ؟
فنرجوا التوضيح شيخنا جزاكم الله خيرا.


الفوائد المنتقاة من الدرس الأول:

الفائدة الأولى:
غاية هذا العلم:أن يستنبط طالب العلم الحكم من دليله , إذ وجود الدليل جاء لغاية وهي استنباط الحكم ؛ لأن الله تعالى قد تعبدنا بهذه الأحكام .
الفائدة الثانية:
سبب اختيار هذا المتن: صغيراً في حجمه , موجزا في عباراته , بليغاً في معانيه وهو (متن الورقات) لـ(-إمام الحرمين- أبي المعالي عبد الملك الجويني الشافعي ؛ المتوفى عام 478هـ ؛ عن 59 سنة) ؛ قاصدين إلى فك عباراته , وتأصيل مسائله , وبيان الراجح منها، والتفريع عليها , مع التذكير بمنهج المحققين من علماء السلف في بعض المسائل الأصولية .
الفائدة الثالثة:
والدارسون,لهذا,المتن,على,صنفين :
الأول : دارسون لمادة الأصول؛فتكون هذه الدروس بمثابة المراجعة والمذاكرة لهم .
الثاني : مبتدئون لم يسبق لهم دراسة الأصول ؛ فتكون هذه المادة بمثابة التأسيس لهم .
المتن:قوله:(هذه,ورقات)
ابتدأ المصنف كتابه بالإشارة إلى أنه (متن مختصر) ؛ فقال (هذه ورقات) , وهذا من جموع القلة ؛ فجعل هذا بمثابة الشرط له ؛ ليكون (مصنَّفَهُ) سهل التناول على الطالب ؛ فهو (ورقات) قليلة , لكنه حوى (معان كثيرة) من جوامع مسائل هذا العلم , وصنفها بعبارات دقيقة شاملة , وهذا من بركة العلم , وهذه الطريقة من التصنيف توافق طريقة السلف من جهتين:
الأولى : في إظهار التواضع؛ حيث كان السَّلف يخبرون عن أنفسهم ونتاجهم وأعمالهم بالقلة,والاقتصاد .
والثانية : موافقتها لطريقة السلف في الإختصار ؛ فهي مختصرة في العبارة لكنها شاملة جامعة للكثير من المعاني ؛ ولهذا قال: (هذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه(.
الفائدة الرابعة:
فطلب معرفة الأصول طلبُ وسائل، وطلب معرفة الفقه طلب مقاصد.
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 05-16-2013, 12:41 AM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله :
أولا مرحبا بشيخنا فتحي الموصليّ ،ونتشرّف ،بالتعلّم والجلوس بين يديه(على النت طبعا)
ثانيا: شيخنا،هل تعدّ الأصول الفقهية أو(أصول الفقه) ،أصولا مطّردة،حكمها حكم الآية والحديث والأثر؟أم هي أصول جامعة قد تخرج بعض جزئيّات الفقه عنها ـ تنزيلاً ـ ؟
وجزاكم الله خيرا.
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-18-2013, 08:50 PM
أبو عبيدة يوسف أبو عبيدة يوسف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 1,344
افتراضي



الشرح :
الأصل يستعمل بمعنى الأساس، ويأتي - في موضوعنا- بمعنيين :
الأول : يستعمل بمعنى الشيء الذي يبنى عليه غيره ؛ كأساس البيت الذي يبنى عليه الحائط.
والثاني: يستعمل بمعنى آخر: وهو ما يتفرع عنه الشيء.
فالأصل : صالح لأن يبنى عليه غيره ، وصالح لأن تكون له فروع منه ؛ كما في قوله تعالى: [أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ] , فلما كانت جميع شرائع الإيمان مجموعة في (لا إله إلا الله) كانت هي الأصل لغيرها , وغيرها متفرع عنها . وبهذا الاعتبار فلا حرج من استعمال (الأصل) و(الفرع) في الشريعة , فتكون كلمة الأصول بالنظر إلى كونها أساساً لغيرها , وهذا الغير يكون فرعا ً؛ وإن تفرع عنه غيره صار أصلا له , وهكذا فالشيء الواحد قد يكون أصلاً باعتبار أنه يبنى عليه غيره , وقد يكون فرعاً باعتبار أنه يتفرع عنه غيره ، وهذا الأخير قد يكون أصلاً لشيء آخر؛ فتأمل.



شيخنا الفاضل وفقك الله لكل خير شيخنا هناك إشكال في قولك :" ...قد يكون فرعا باعتبار أنه يتفرع عنه غيره .." أليس هدا شيخنا هو تعريف الأصل بالاعتبار الثاني الدي دكرته في بداية التعريف .؟
إضافة إلى أن الفرع كما في المتن بعدها مباشرة هو ما يبنى على غيره..
فالصواب على حسب فهمي القاصر أن يقال حفظك الله :" ....وقد يكون فرعاً باعتبار أنه يتفرع من غيره..."
أرجوا تصويبي لو تكرمتم حفظكم الله ومعدرة لأني تقدمت بين أيديكم .
__________________
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :
" إذا أصبح العبدُ وأمسى - وليس همُّهُ إلاّ اللهَ وحدَه - تحمَّلَ اللهُ سبحانه حوائجَه كلَّها ، وحَمَلَ عنه كلَّ ما أهمَّهُ ، وفرَّغَ قلبَه لمحبّتِهِ ، ولسانهِ لذكرِهِ ، وجوارحَهُ لطاعتِهِ ، وإنْ أَصبحَ وأَمسى - والدُّنيا همُّهُ - حمَّلَه اللهُ همومَها وغمومَها وأَنكادَها ، ووكلَه إِلى نفسِهِ ، فشغلَ قلبَه عن محبَّتِهِ بمحبّةِ الخلقِ ، ولسانَه عن ذكرِهِ بذكرِهم ، وجوارحَه عن طاعتِهِ بخدمتِهم وأَشغالِهم ، فهو يكدحُ كدحَ الوحشِ في خدمةِ غيرِهِ ، كالكيرِ ينفخُ بطنَه ويعصرُ أَضلاعَه في نفعِ غيرِهِ !
فكلُّ مَنْ أَعرضَ عن عبوديّةِ اللهِ وطاعتِهِ ومحبّتِهِ بُلِيَ بعبوديّةِ المخلوقِ ومحبّتِهِ وخدمتِه ، قال تعالى : { ومنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الرَّحمنِ نُقَيِّضْ له شيطاناً فهو له قرين } [الزخرف :36 ] "
فوائد الفوائد ( ص 310 )
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-23-2013, 06:19 PM
فتحي بن عبد الله الموصلي فتحي بن عبد الله الموصلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 4
افتراضي

أجوبة الدرس الأول

السؤال الأول:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة [/font
أبو العباس;256623]جزى الله شيخنا خير الجزاء , ولدي سؤال :

السؤال : ما هو الراجح في مسألة تقديم دراسة أصول الفقه على الفقه ؟

الجواب: من العلماء من قال بتقديم دراسة الأصول على الفقه وآخرون قالوا بقديم الفقه على الأصول؛ ولعل الصواب في التفصيل وليس بمطلق التقديم ، وحاصله: إن التقديم والتأخير في أخذ الفنون راجع إلى ثلاث قواعد:
الأولى: بالنظر إلى مجمل الفن ومفصله؛ فيقدم مجمل كل علم على مفصل العلم الآخر؛ فيقدم مجمل دراسة علم الأصول على مفصل دراسة الفقه، والعكس.
الثانية: بالنظر إلى حاجة المكلف إلى العلم؛ فيقدم في كل فن ما يحتاج إليه المكلف...
القاعدة الثالثة: بالنظر إلى وصف الفن كونه يطلب طلب وسيلة أو يطلب طلب غاية؛ فالأصل الغالب أن يطلب من الفنون ما كان وسيلة إلى غيرها إلا لعارض من رجحان مصلحة أو ظهور حاجة.

السؤال الثاني:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة [/font
عمارالفهداوي;256648]شيخنا الحبيب , هل صحيح أن الإمام الشافعي - رحمه الله - هو أول من أصّل لهذا العلم الشريف أم هناك من سبقه في ذلك؟؟

الجواب: الإمام الشافعي رحمه الله هو أول من صنف مصنفاً جرّد فيه علم الأصول الفقه وليس أول من تكلم في مسائل الأصول؛ فالأولية عند هذا الإمام في التصنيف والتجريد؛ ومعنى ذلك: أنه رحمه الله صنف كتاباً خاصاً في أصول الفقه وهو كتاب ( الرسالة) جعله كتاباً خاصا في هذا العلم وحصره على مباحث الأصول وما له صلة بالأصول وجرّده عن طريقة المتكلمين وحواشي المتأخرين.

السؤال الثالث:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة [/font
ابو العبدين البصري;256968]أحسن الله إليكم شيخنا ونفع بكم .

بالنسبة لمسألة كون أصول الفقه وسيلة والفقه غاية.

ذكرتم حفظكم الله في شرح الأصول من علم الأصول : أن من الخطأ تسمية أصول الفقه من علوم لآله لأنها ادلة الاحكام ؟
فنرجوا التوضيح شيخنا جزاكم الله خيرا.


الجواب: فرق في باب الفنون والعلوم بين الآلة والوسيلة إذ بينهما عموم وخصوص؛ فعندما يقال: إن أصول الفقه من علوم الآلة فالمراد أنه مجرّد أداة ووسيلة محضة تعين الطالب على الفهم والدراية وتقرب له المقصود؛ أما القول بإن علم أصول الفقه من الوسائل؛ فالمقصود أنه من مقدمات الفقه ولوازمه؛ إذ الوسيلة قد تكون جزءاً من الشيء أو متصلة به بخلاف الآلة؛ فيقال: علم اللغة من علوم الآلة وعلم الأصول من علوم الوسائل؛ لأن علم الأصول يدور على العلم بالأدلة الإجمالية للفقه.

السؤال الرابع:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمربن محمدالبومرداسي مشاهدة المشاركة
شيخنا،هل تعدّ الأصول الفقهية أو(أصول الفقه) ،أصولا مطّردة،حكمها حكم الآية والحديث والأثر؟أم هي أصول جامعة قد تخرج بعض جزئيّات الفقه عنها ـ تنزيلاً ـ ؟
وجزاكم الله خيرا.
الجواب: الأصول الفقهية القطعية التي اتفق العلماء على إدخالها في أصول الفقه – وهي من مباحثه وليست عارية فيه- تكون مطّردة حكمها حكم الآية والحديث؛ وذلك لسببين: الأول: أن هذا النوع من الأدلة يستند إلى جملة كبيرة من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة؛ فلا يظن أن مستند هذا النوع من الأدلة مجرد الاستنباط والاجتهاد بل الاستدلال والتنصيص.
والسبب الثاني: أن هذه الأصول ما نالت وصف القطعية والاطراد والعموم إلا لأنها انتشرت في موارد الشريعة وتكررت في كثير من المواضع ؛ ولا يتخلف عنها جزئي إلا إذا كان هذا الجزئي هو أصلاً لم يكن مندرجاً تحتها؛ أو كان تخلفه عنها لدليلٍ خاصٍ مستثنى.
ومن الناحية اللفظية الاصطلاحية : أصول الفقه لا يتخلف عنها جزئي؛ لأنها أدلة مجملة ؛ قيقال فيها: قد تعارض بدليل آخر ولا يقال: يتخلف عنها جزئي؛ ولكن الذي يصح عليه وصف التخلف: هو القواعد الفقهية؛ إذ قد تخرج بعض الجزئيات عنها؛ لأن الكلام في أصول الفقه من باب الكلام في أدلته بخلاف الكلام في القواعد الفقهية فهو من باب الكلام في مسائل الفقه وتطبيقاته وصوره؛ فتأمل .

السؤال الخامس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة [/font
أبو يعقوب يوسف;258700]

شيخنا الفاضل وفقك الله لكل خير شيخنا هناك إشكال في قولك :" ...قد يكونفرعاباعتبار أنهيتفرع عنه غيره.." أليس هدا شيخنا هو تعريف الأصل بالاعتبار الثاني الدي دكرته في بداية التعريف .؟
إضافة إلى أن الفرع كما في المتن بعدها مباشرة هو ما يبنى على غيره..
فالصواب على حسب فهمي القاصر أن يقال حفظك الله :" ....وقد يكون فرعاً باعتبار أنه يتفرع من غيره..."
أرجوا تصويبي لو تكرمتم حفظكم الله ومعدرة لأني تقدمت بين أيديكم .

الجواب: الصحيح أن يقال: يتفرع عن غيره، أو يتفرع من غيره؛ ويصحح على هذا ؛ وجزاك الله خيرا على هذا التصويب.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 05-23-2013, 06:35 PM
فتحي بن عبد الله الموصلي فتحي بن عبد الله الموصلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 4
افتراضي

-الدرس الثاني-

قوله : (والأحكام سبعة: (الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه والصحيح والباطل).
الشرح :
انتقل المصنف إلى (مبحث الأحكام) وقدمه على الكلام في (أدلة الأحكام) –كما جرت عليه طريقة المصنفين في (أصول الفقه) ؛ إذ جرت عادتهم على ترتيب أبواب مصنفاتهم على النحو الآتي :
الباب الأول : الكلام في الحكم ومعناه وأقسامه وأنواعه .
الباب الثاني : الكلام في أدلة الأحكام المتفق عليها والمختلف فيها .
الباب الثالث : كيفية استنباط الأحكام من أدلتها .
الباب الرابع : بيان حال المستفيد من جهة كونه مجتهدا أو مقلدا .
وقدم المصنف الكلام في الأحكام على الكلام في أدلتها من باب تقديم الثمرة على الشجرة , ولأن الغاية من معرفة الأدلة الوقوف على أحكامها؛ فترتيب الأشياء في الوجود يختلف عن ترتيبها في الحصول.

والمقصود من تعلم هذا العلم – أعني : أصول الفقه – هو حصول العلم بأدلة الشريعة ومعرفة أحكامها ومعرفة كيفية استنباط هذه الأحكام من أدلتها ؛ فليس كل مشتغل بالعلم الشرعي سواء كان في باب الفقه أو في باب أصول الفقه يكون فقيهاً بما اشتغل فيه , بل قد يكون مجرد ناقل فيه ، أو ربما يكون مقلداً ؛ ومدار التفاوت في مراتب العلم في هذا الباب على تصور حقيقة الشيء ومعرفة أدلته والعلم بطريقة استنباط الحكم منها.

ثم نأتي إلى تعريف الحكم الشرعي لغةً واصطلاحاً:
والأحكام : جمع حكم، وهو :
-في اللغة- يدور على معنيين: المنع والقضاء , ووجه مناسبته للمعنى الشرعي : أن الشارع إذا حكم على الشيء بالوجوب مثلاً فقد قضى فيه بذلك ومنع المكلف من خلافه.
والحكم في الاصطلاح مشهورٌ: وهو خطاب الله المتعلِّق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف به.
وحده آخر: بأنه خطاب الله المتعلِّق بأفعال المكلفين من طلب أو تخيير أو وضع.
وحده ثالث: بأنه مقتضَى خطاب الشارع المتعلِّق بأفعال المكلفين من طلب أو تخيير أو وضع. ومقتضى الخطاب هو مدلول الكلام ومطلوبه.
ومن هذه التعاريف الثلاثة نستطيع أن نستنتج ما يلي:
1_ أن هذه التعاريف جاءت لبيان حد الحكم الشرعي وليس مطلق الحكم؛ فلا يدخل فيها الحكم العقلي ولا الحكم العادي ( ما عرف بحكم العادة).
2_ أن المراد بـ(خطاب الشرع) : الكتاب والسنة؛ أما المراد ب(مقتضى خطاب الشرع) فمعناه مدلول الكلام ومطلوبه؛ أي ما يدل عليه الخطاب ويفيده من الطلب والحكم.
ومثال خطاب الشرع هو قوله تعالى:{ وأقيموا الصلاة} .
أما مقتضى خطاب الشرع؛ فهو ما يدل عليه هذا الخطاب من وجوب الصلاة ؛ فخطاب الشارع يتعلق بالقول والنص ونظم الكلام، أما المقتضَى فيتعلق بالمعنى والمدلول المستفاد من النص.
3_ وخرج بقوله( بفعل المكلف) ما تعلق بذات الله تعالى أو فعله أو صفاته فهذا يبحث في باب العقيدة؛ وفيه احتراز مما تعلق بذوات المكلفين نحو : { ولقد خلقناكم ثم صورناكم}.
4- وخرج بقوله( من حيث أنه مكلف به) خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف لا من حيث أنه مكلف به؛كقوله تعالى{ يعلمون ما تفعلون} ؛ فإنه خطاب من الله متعلق بفعل المكلف من حيث إن الملائكة الحفظة يعلمونه، لا من إنه مكلف به.
5_ وقوله:( من طلب أو تخيير أو وضع) يدل على أن الحكم الشرعي نوعان:
الأول- الحكم التكليفي: وهو خمسة: الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والمباح.
والثاني- الحكم الوضعي: وهو ما دل عليه خطاب الشرع من أسباب وشروط وموانع.
وفي هذا الموضع نذكر فائدةً مهمةً، وهي:
إن الحكم الشرعي من الأسماء العامة الجامعة؛ فيكون شاملاً لخطاب الشارع ومقتضاه وصفة الفعل المطلوب؛ كما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في ( المسوّدة 2/1007):" الحكم الشرعي إما أن يقع على نفس قول الشارع وخطابه، أو على تكليفه بالأفعال، أو على صفة للأفعال ثبتت بالشرع، أو على هيئة الفعل يكون الفعل عليها بإذن الشرع".
فيدخل في مسمى الحكم الشرعي هذه الثلاثة : خطاب الشرع ، ومقتضاه وأثره، وصفة الفعل؛ لهذا كنا أمام اصطلاحات ثلاثة: الإيجاب والوجوب والواجب؛ فنقول:
إيجاب : يثبت بخطاب الشرع .
ووجوب : هو مقتضَى الخطاب وأثره .
وواجب : وهو صفة الفعل المطلوب.
وللتوضيح أيضاً: أن الإيجاب هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين.
والوجوب: هو أثر الخطاب ومقتضاه.
وواجب وهو الفعل المطلوب على صفة معينة أو هيئة معينة.
وكذلك يقال في باب الحرام: التحريم والحرمة والمحرم.
تحريم ثبت بخطاب الشرع، وحرمة الفعل وهي عُلمت من مقتضى الخطاب ومحرم وهو صفة الفعل الحرام.
والمقصود أن اسم الحكم الشرعي يتضمن هذه الثلاثة.
ويحسن أن نبين أقوال المخالفين لأهل السنة في هذا الباب:
الأشعرية : لا تثبت إلا الأول وهو الإيجاب والتحريم( ما يتعلق بخطاب الشارع) ؛ فلا تدخل صفات الأفعال التكليفية في الحكم الشرعي؛ لأن الأفعال – عندهم- ليست مشتملة على صفات حسن أو قبح؛ وإنما وصفها بذلك مبني على أمر الشارع أو نهيه.
أما المعتزلة : فلا تثبت إلا الوجوب والحرمة( أي: مقتضى الخطاب وأثره وصفة الفعل)؛ فلا تدخل موضوع الخطاب في الحكم الشرعي؛ لأن الأفعال عندها مشتملة على الحسن والقبح لذاتها ؛ والمكلف يستحق الثواب والعقاب حتى لو لم يرد إيجاب أو تحريم من الشرع.
فالأشعرية أثبتت الإيجاب ولم تثبت الوجوب، والمعتزلة أثبتت الوجوب ولم تثبت الإيجاب، وفقهاء أهل السنة أثبتوا :الإيجاب والوجوب والواجب كما تقدم.

وهاهنا فائدة علمية منهجية وهي : أن المحققين من علماء أهل السنة نظروا إلى الأسماء الشرعية الاصطلاحية على أنها أسماء عامة جامعة ؛ فمثلاً:
قالوا في الحكم الشرعي بأنه : اسم جامع للخطاب , ومقتضاه , وصفة الفعل المطلوب فعله.
وقالوا في الدليل الشرعي بأنه : اسم جامع لما أخبرت به الشريعة ،وما أمرت به ، ووجه دلالة الشرع عليه، فأدخلوا الثلاثة فيه .
وقال في النصّ الشرعي بأنه : شامل للفظ والمعنى معاً وأدخلوا في بابه مبحث دفع المعارض لهذا النص. وهكذا قالوا في النسخ والتأويل؛ فطريقة المحققين هي إجراء الأسماء على عمومها والتعامل معها على أنها أسماء جامعة؛ فليس الاقتصار على بعض معانيها بأولى من الاقتصار على البعض الأخر.

وإتماما للفائدة أذكر تفريقاً مهما ً– وربما أشرنا إلى بعضه فيما تقدم-، وهو الفرق في الاستعمال الأصولي والفقهي بين الإيجاب والوجوب والواجب.
الإيجاب : هو خطاب الشارع وكلامه؛ فهذا وصف للشرع ؛ لأن الشرع هو الذي يصدر الإيجاب ،يقال :أوجب الشرع علينا الصلاة إيجاباً؛ فالإيجاب في حكم الصلاة هو نفس قوله تعالى:(وأقيموا الصلاة )؛ فالإيجاب وصفٌ للخطاب نفسه ؛ أي: باعتبار المصدر وهو من يصدر عنه الخطاب وهو قائله المتكلِّم به .
أما الوجوب : فهو دلالة الخطاب ومقتضاه ومفهومه ؛ فهو وصف لفعل المكلف لا لقائله؛ فهو متعلَّق خطاب وأثره؛ ففي قوله تعالى:(وأقيموا الصلاة ) وصف لإقامة الصلاة بالوجوب؛ لهذا يقال: يقال:وجبت الصلاة وجوباً ولا يقال: وجبت الصلاة إيجاباً ؛ لأن الإيجاب بالنظر إلى المصدر الحاكم ( الشرع) ، والوجوب بالنظر إلى متعلَّق الحكم الشرعي وهو فعل المكلف. فالإيجاب وصف للشرع، والوجوب وصف للتكليف بالفعل.
أما الواجب: فهو نفس الفعل الذي طلب الشرع من المكلف فعله؛ أي وصف للصلاة المعينة التي يقوم بها المكلف؛ لهذا يقال : أصبحت الصلاة بعد الإيجاب واجبه على المكلف ؛ فالواجب وصف لنفس فعل المكلف في الصلاة.
لهذا الإيجاب حكم شرعي أصولي يتعلق بالخطاب، والوجوب حكم فقهي يتعلق بفعل المكلف ، والواجب وصف جزئي لنفس الفعل الذي يقوم به المكلف.
ولتقريب المعنى نقول: إن الإيجاب وصف لخطاب الشارع ، والوجوب وصف للأفعال ، والواجب وصف للمكلف في أدائه للفعل.
مثاله: نقول: إيجاب الجهاد ثبت بنصّ الشارع، والأدلة في هذا الباب دلت على وجوبه ، وقد لا يكون واجبا على كل مكلف إلا بعد تحقق الشروط وانتفاء الموانع.
فانظر كيف استعملنا الإيجاب مضافاً للشرع، والوجوب مضافاً لوصف الفعل ، والواجب وصف لفعل المكلف لهذا الأمر.
ونقول أيضاً: وجوب صلاة الفريضة على المرأة لكن لا تكون واجبة عليها في حال الحيض. فوصفنا الصلاة المفروضة بالوجوب لكن لما نتكلم عن صلاة معينة ترتبط بفعل المكلف فنصفها باواجب؛ فتأمل.
والتفريق بين هذه الاصطلاحات الثلاثة مبني على التوسع والتجوز في استعمال كل اصطلاح مكان الأخر؛ فلا حرج فيه ... وإنما فصلت الكلام فيه من باب الأكمل في استعمال الاصطلاح من جهة ، ولعلمي بعلو همة رواد هذا المنتدى المبارك في طلب التفصيل من جهة أخرى .
يتبع في الدرس القادم إن شاء الله.
وإنما فصلت في هذا الموضوع لأهميته في ضبط الاصطلاح من جهة ولعلو همة رواد هذا المنتدى المبارك من جهة أخرى؛ وإلا ّفالتفريق بين هذه الاصطلاحات الثلاثة مبني على التوسع والتجوز في استعمال كل اصطلاح مكان الأخر .
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 05-23-2013, 08:52 PM
عمارالفهداوي عمارالفهداوي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: العراق
المشاركات: 976
افتراضي

حفظكم الله شيخنا الفاضل , وزادكم الله علماً وفضلاً...
__________________
قال شيخنا أبو عبد الله فتحي بن عبد الله الموصلي- حفظه الله ومتَّع به-:
«متى يظهر شيطان الخوارج؟
إذا تزوَّجتْ بِدعةُ التَّكفير بِبدعَةِ الخُروج على جَماعَةِ المُسلِمين وإمامِهِم, واشتَغَلَ العَروسَانِ بالعُرْس, وبَدَأَ الخَوالِفُ في إدارة مَجامِع الفِتَن؛ طاف طائِفٌ بَينَهُم؛ لِيُقدِّم للمَدعُوِّين - الحَماسِيِّين - أَلوانَاً مِن الانحِراف عن العَقيدَة والمَنهَج بحُلية التَّصحيح والبَيان، وعلى طبقٍ مُزَخرَفٍ ظاهِرُهُ الزُّهدُ والوَرع، وباطِنُه الخَرابُ والدَّمار؛ وقَد نُصِبَت الخِيام، وتَزاوَر الخِلَّان، وتَحزَّبَ الأَقران، وبُذِلَت الأَموال، وَوُزِّعَت الأَدوارُ ظنَّاً مِنهُم أَنَّها صَولَةُ الجِهاد!!».
[[ ينظر: ((منهج شيخ الاسلام في كشف بدعة الخوارج)) للشيخ: فتحي الموصلي/ صـ 19]].
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 05-23-2013, 11:04 PM
محمد نوفل محمد نوفل غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 324
افتراضي

جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم..
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 05-27-2013, 10:02 AM
أبومعاذ الحضرمي الأثري أبومعاذ الحضرمي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: اليمن
المشاركات: 1,139
افتراضي

جزاكم الله خيراً شيخنا الكريم ونفع الله بكم
تسجيل متابعة
__________________
قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله-: " فإن الواجب أن يكون المرءُ معتنيا بأنواع التعاملات حتى يكون إذا تعامل مع الخلق يتعامل معهم على وفق الشرع، وأن لا يكون متعاملا على وفق هواه وعلى وفق ما يريد ، فالتعامل مع الناس بأصنافهم يحتاج إلى علم شرعي"
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 05-29-2013, 09:07 PM
مسلم بن مسلم الجزائري مسلم بن مسلم الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 163
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
تسجيل في هذه الدورة ...
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 06-02-2013, 11:42 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل ونفعنا الله بعلمك

لو تكرمت شيخنا بالأجابة على هذه الأسئلة

(1)
الحكم العادي الذي أشرت له - سلمك الله - ما ثبت بالعادة ، هل هي التجربة حسب العرف الشائع أم هي شيء آخر ؟

(2)
الحكم العقلي ما هي حقيقة العقل وما هي حدوده بحيث يسلم له ولا يعمل بخلافه ؟


(3)
كثيرا ما نجد في مصطلحات الأصوليين عبارة (المقتضي) و(اللازم) فما الفرق بينهما ؟


(4)
سمعت من بعض الشراح قوله : " وللأصوليين خوض كبير في مسألة (المتعلق) يعود إلى أغوار عقدية " ولم يتبين لي ذلك .



وزادك الله رفعة في الدارين .


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:02 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.