أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
72646 107599

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-28-2016, 05:40 AM
أبو عبد الله عادل السلفي أبو عبد الله عادل السلفي غير متواجد حالياً
مشرف منبر المقالات المترجمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الولايات المتحدة الأمريكية
المشاركات: 4,043
افتراضي التعليل بالخلاف.. ( الشيخ أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني)

بسم الله الرحمن الرحيم
** التعليل بالخلاف..
" ولو راعينا كل خلاف يطرأ ، لما استقر الدين على قاعدة " ( أبو بكر بن العربي المعافري )


من الكلمات الرصينة التي جادت بها قريحة العلامة محمد الخضر حسين - رحمه الله - قوله:" من تحدث في العلم بغير أمانة فقد مس العلم بقرحة، ووضع في سبيل فلاح الأمة حجر عثرة "1.
ومن مظاهر ذلك الاسترواح بـ( مطلق الخلاف2 في المسائل )! وجعله من حجج الإباحة والجواز دون تحكيم الدلائل (!)، حتى ابتلي بهذا زمن الفتن خاصة قديما وحديثا كثير من الناس بل بعض الأفاضل (!!)
فأقول وبالله التوفيق ومنه العون على التحقيق: من الأصول المعلومة و القواعد المقررة أن الحجة عند التنازع كتاب الله تعالى و سنة رسوله - صلى الله عليه و سلم - كما قال تعالى :(فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ). عن ميمون بن مهران - رحمه الله - قال في معنى الآية: "إلى كتاب الله و الرد إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - إذا قبض إلى سنته"3.
وعليه فـ " لو لم يكن في كتاب الله و سنة رسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه و لم يكن كافيا لم يأمر بالرد إليه إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند التنازع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع"4.
فالواجب إذن على المرء عند الاختلاف: النظر في الصحيح الراجح من ذلك إذا لاح له وظهر فيلزمه و يتمسك به، ويتأكد ذلك بالنسبة لصاحب النظر والاجتهاد لأنه " حق على المجتهد أن يطلب لنفسه أقوى الحجج عند الله ما وجد إلى ذلك سبيلا 5 لأن الحجة كلما قويت أمن على نفسه من الزلل "6.
وإذا عرض للمرء (الاشتباه) فعليه تحري الخروج من الخلاف فإن "طريق الرشاد في الأمور التي اختلف العلماء في وجوبها أمران : إما أن يتحرى الخروج من الخلاف إن أمكن، و إما أن ينظر ما صح عن النبي - صلى الله عليه و سلم - فيتمسك به"7. و من ثم فمن الخطأ الجسيم الذي سار عليه كثير من الناس احتجاجهم بـ(مطلق الخلاف عل سعة الأمر)! دون (النظر في حقيقة هذا الخلاف)! و لا (معرفة لقوته أو ضعفه)!...وفق قواعد العلم وأسسه حيث ترتب عليه القول بعدم الإنكار لمسائل الخلاف مطلقا، و هذا سوء فهم لعدم التفريق بين مسائل الاجتهاد و مسائل الخلاف. فإن مسائل الخلاف هي كل مسألة اختلف فيها العلماء سواء كان فيها دليل يجب العمل به إيجابا ظاهرا أم لا. أما مسائل الاجتهاد 8 فهي التي ليس فيها دليل يجب العمل به إيجابا ظاهرا فيسوغ فيها الاجتهاد لتعارض الأدلة أو لخفاء الأدلة فيها. وهذا يبين بيانا واضحا أن مسائل الاجتهاد هي من مسائل الخلاف لا العكس. فأهل العلم عندما قالوا: ( لا إنكار في مسائل الخلاف ) فقصدهم بهذا الاصطلاح المعهود عندهم (مسائل الاجتهاد) لأنهم كما نصوا على ذلك فقد قرروا أنه( لا اجتهاد مع النص9 ) فتأمل ولا تعجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :"وقولهم مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل.
أمّا الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعاً قديماً وجب إنكاره وفاقاً.
وإن لم يكن كذلك فإنه يُنكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء. وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضاً بحسب درجات الإنكار.
أما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً. وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس.
والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوباً ظاهراً مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ له -إذا عَدِمَ ذلك فيها- الاجتهاد لتعارض الأدلة المتقاربة أو لخفاء الأدلة فيها"10.
و لا يعني هذا أن لا خلاف يسعنا و إنما الكلام عن مطلق الخلاف لا الخلاف الاجتهادي السائغ الذي تتجاذبه الأدلة فتنبه، مع السعي فيه هو بدوره إلى تضييقه قدر الإمكان.
يقول الإمام الشافعي –رحمه الله- : "الاختلاف من وجهين : أحدهما محرم، و لا أقول ذلك في الآخر. قال (أي: محاوره): فما الاختلاف المحرم؟. قلت: كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصا بينا لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه. و ما كان من ذلك يحتمل التأويل و يدرك قياسا 11، فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس، و إن خالفه فيه غيره لم أقل : إنه يضيق عليه ضيق الخلاف في المنصوص"12.
و بناء عليه فإن مجرد الخلاف ليس من حجج الشرع و لا يعتد به كدليل عند العلماء لأنه ليس بتشريع.
قال الحافظ ابن عبد البر –رحمه الله- " الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له و لا معرفة عنده و لا حجة في قوله"13.
وعليه لا يمكن أن نعتبر " كل ما اختلف في تحريمه يكون حلالا، فهذا مخالف لإجماع الأمة وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام "14.
فاحذر الاتكال على مجرد الخلاف في الأمر لتقرير الجواز والإباحة بلا علم ولا أثر فـ " ليس كل خلاف يُستروح إليه ويُعتمد عليه، ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد "15.
و قد قرر هذا الإمام الشاطبي –رحمه الله- حيث قال: "و قد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية حتى صار الخلاف في المسائل معدودا في حجج الإباحة، ووقع فيما تقدم و تأخر من الزمان الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفا فيه بين أهل العلم، لا بمعنى مراعاة الخلاف، فإن له نظرا آخر".
إلى أن قال: "وهذا عين الخطأ على الشريعة، حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمدا، و ما ليس بحجة حجة". و نقل كلاما للخطابي –رحمه الله- حيث قال: " ليس الاختلاف حجة، و بيان السنة حجة على المختلفين من الأولين و الآخرين"16.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي – رحمه الله - :" ولو راعينا كل خلاف يطرأ ، لما استقر الدين على قاعدة " 17.
و من خلال ما سبق يتبين الخطأ الذي جرى عليه عمل بعض المشتغلين بالعلم والدعوة من إيراد عموم مسائل الخلاف و حكايتها و سرد الأقوال فيها و نسبتها إلى أصحابها، و ربما ذكر أدلة كل مذهب دون تحقيق لذلك و من غير بيان للراجح من المرجوح و القوي من الضعيف، مع أن نوع ذاك الخلاف أو (مقامه)! يستوجب ذلك.
فهذا العرض لمسائل الخلاف يجعل غير الفقيه في حيرة، و ربما ظن اشتباه الشرع و صعوبة درك الحق و طلبه. فهذا الطريق لا يحصل بها بيان، بل هي إلى التعمية و توعير الطريق أقرب، فإن " كلام الناس هنا كثير و حاصله معرفة مواقع الخلاف، لا حفظ مجرد الخلاف"18.
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله – عند كلامه عن آداب المجادلة:" فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف : أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تُنبِّه على الصَّحيح منها ، وتُبطل الباطل ، وتذكر فائِدة الخلاف وثمرته ؛ لئلاَّ يطول النزاع والخلاف فيما لا فائِدة تحته ، فيُشتغل به عن الأهم "19.
...................................
1. رسائل الإصلاح 1/13.
2. استعمالنا للفظة ( الخلاف ) أو ( الاختلاف ) في هذا المقال هو بمعنى مطلق المخالفة والمباينة بين الأقوال فتنبه.
3. الجامع لابن عبد البر رحمه الله بالسند الصحيح.
4. إعلام الموقعين لابن القيم رحمه الله 1/495. قال الإمام ابن الهمام رحمه الله في شرح التحرير :" كل من حفظ الأقاويل ولم يعرف الحجج، فلا يحل له أن يفتي فيما اختلف فيه " نقلا عن تنبيه الطالب إلى معرفة الفرض والواجب للعلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله ص:89.
6. البحر المحيط للزركشي رحمه الله 6/229.
7. قاله السبكي رحمه الله نقلا عن " الاختلاف وما إليه "ص: 47.
8. الاختلاف في هذا النوع من المسائل يعرف بـ ( الخلاف المعتبر )، ولا يكون كذلك إلا إذا تحققت شروطه وضوابطه.
9. المراد بـ ( النص ) – هنا – مطلق الدليل الذي يشمل النص والظاهر على اصطلاح علماء الأصول فتنبه.
10. بيان الدليل على بطلان التحليل ص: 210-211.
11. من الواجب مراعاته عند هذا المقام ضرورة النظر في ذاك الاحتمال صحة وبُطلانا وقُربا وبُعدا فإن "الأصل عدم..الاحتمال البعيد" (أضواء البيان 3/396)، بل هو أصالة مردود غير سديد، انظر على سبيل المثال لا الحصر: الفتح 1/80، وشرح مسلم للنووي 4/134، وتحفة الأحوذي 1/274، ونيل الأوطار 4/235. فالاحتمالات البعيدة هي في حكم النادر أصلا "والنادر لا حكم له" (المدارج 1/45)، و"إذا فتح أورث الاضمحلال لكل ما يُعَول عليه في الاستدلال" الجرح والتعديل للقاسمي ص: 36. ولأجله قرر العلماء رحمهم الله أن "المحتمل الذي تقوم به حجة هو الذي يتطرق إليه احتمال معقول، أو تأول مقبول جار على قوانين التأويلات، والأوجه المعروفة في نظائره، وأما احتمال في مقابلة حقيقة ثابثة وأمر واضح فلا يقال له احتمال وإنما هو تلاعب وهوس خيال" الجرح والتعديل للقاسمي ص: 37-38.
12. الرسالة ص: 560.
13. جامع بيان العلم 2/89.
14. رفع الملام لشيخ الإسلام -رحمه الله – ص: 57 بتصرف يسير جدا.
15. قاله الإمام ابن الصلاح رحمه الله في فتاويه ص: 300، وعزاه إليه الإمام ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان 1/228.
16. الموافقات 4/141.
17. العوصم من القواصم ( النص الكامل ) ص: 265 تحقيق عمار طالبي .
18. الموافقات 4/162.
19. مقدمة تفسير القرآن العظيم 1/10.
كتبه :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي
__________________
قال أيوب السختياني: إنك لا تُبْصِرُ خطأَ معلِّمِكَ حتى تجالسَ غيرَه، جالِسِ الناسَ. (الحلية 3/9).

قال أبو الحسن الأشعري في كتاب (( مقالات الإسلاميين)):
"ويرون [يعني أهل السنة و الجماعة ].مجانبة كل داع إلى بدعة، و التشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار، و النظر في الفقه مع التواضع و الإستكانة وحسن الخلق، وبذل المعروف، وكف الأذى، وترك الغيبة و النميمة والسعادة، وتفقد المآكل و المشارب."


عادل بن رحو بن علال القُطْبي المغربي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.