32- شيخَنا: بخصوصِ حديث جَريرِ بنِ عبدِ الله البجلي -رضي الله عنه-: «كنَّا نَعد -وفي رواية: نرى- الاجتماع إلى أهلِ الميت، وصنعة الطعام بعد دفنِه مِن النِّياحةِ» أخرجهُ الإمام أحمد، وابنُ ماجة، والرِّواية الأخرى له إسنادها صحيح على شرطِ الشَّيخَين، وصحَّحه النَّووي والبوصِيري في «الزوائد»، ورواهُ أسلمُ الواسطيُّ مِن قول عمر بنِ الخطَّاب -رضي الله عنهُ-.
شيخَنا: هذا الحديث -بارك الله فيكم، وحفظكم الله- ذكرَ الحافظُ ابنُ حجرٍ في مقدِّمة «هدي السَّاري مقدِّمة فتح الباري» أنَّ في إسناده هشيم بن بكَّار، وهذا -كما قِيل- أنَّه يُدلِّس، وفي هذه الرِّواية دلَّس، وقد أخرج له البُخاري في «الصَّحيحين» عندما صرَّح بالسَّماع.
شيخُنا -رحمه الله-الإمامُ الألباني- صحَّح هذه الرِّواية، وكذا الشَّيخ أحمد شاكر.
فهل يحضركم -شيخَنا- الطُّرق التي لأجلها صحَّحها الألباني -رحمهُ الله-، وأحمد شاكر -رحمهُ الله-... وجزاكم الله خيرًا وحفظكم الله.
الجواب:
أوَّلًا: أظنُّك تقصد -أخي الكريم- هُشيم بن بَشِير؛ فهو الذي قيلَ فيه ما ذكرتَ.
هذا أوَّلًا.
الأمرُ الثَّاني: شيخُنا -رحمهُ الله- في «أحكام الجنائز» عندما ثبَّت الحديثَ وحسَّنه؛ لم يورِد له -فقط- هذه الطَّريق؛ وإنَّما أورد له طُرقًا أخرى بعضُها -فيما أذكر الآن، وهذا عهدي به قديم- في «الطَّبراني»، وهنالك رواية أُخرى أظن موقوفة؛ فهو بِمجموع هذه الطُّرق ثبَّت الرِّوايةَ وقَبِلها، وبخاصَّة أن عددًا من أهل العِلم السَّابقين قد صحَّحها، وهذا ما يُسمَّى عند أهل العلم (الحديث الحسَن).
فـ(الحديثُ الحسَن) ليس سهلًا ضَبطُه، حتى كلمة الإمام الذَّهبي فيه مشهورة في «الموقظة» -وقد ذكرتُها غيرَ مرَّة-، قال: «وإنِّي على إياسٍ أن أجد للحديث الحسن ضابطًا، فلربما حسَّن المحدِّث حديثًا اليوم وضعَّفه غدًا، أو يضعِّفه اليوم ويُحسِّنه غدًا»؛ فهذا مِن المراتِب التي تختلفُ فيها أنظارُ أهلِ العلمِ، وأنا مع القول بتحسينِه بهذه الطُّرق، مضمومًا إليها تثبيتُ أهل العلم السَّابقين لها.
واللهُ -تَعالى- أعلم.
المصدر: لقاء البالتوك (12/4/2006) -من لقاءات البالتوك القديمة، وفي ظني أنها في غرفة مركز الإمام الألباني-، (34:03). من هنـا لسماع اللقاء كاملًا.