أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
13371 139530

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-10-2019, 12:38 AM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي قول الإمام أحمد: “يا عباد الله، دلوني على الطريق”.. تفهيم ودفع شبهة




جميل أن يعترف المرء بعدم العلم؛ فيسأل عما لا يعلم؛ امتثالًا لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ»([1])، وأجمل منه أن يُرشَد إلى الطريق؛ فيجاب بالحكمة والموعظة الحسنة؛ انقيادًا لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].

وقد أشكل على بعضهم([2]) فهم بعض ما نقل عن الإمام أحمد أنه فعله، فقد روى عنه ابنه عبد الله، قال: سمعت أبي يقول: “حججتُ خمس حجج، منها ثنتين راكبًا، وثلاثة ماشيًا -أو: ثنتين ماشيًا وثلاثة راكبًا-، فضللت الطريق في حجّة، وكنت ماشيًا، فجعلت أقول: يا عباد الله، دلونا على الطريق، فلم أزل أقول ذلك حتى وقعتُ على الطريق”، أو كما قال أبي.

كما حاول بعض الصوفية وغيرهم توظيفَها لإثبات جواز الاستغاثة والتوسل بما يسمونهم برجال الغيب من الأولياء والصالحين، سواء كانوا أحياءً أو أمواتًا([3]).

مدى ثبوت هذه الحكاية عن الإمام أحمد:

هذه الحكاية صحيحة ثابتة عن الإمام أحمد في “مسائل ابنه عبد الله”([4])، كما رواها البيهقي في “شعب الإيمان” بسنده إلى عبد الله ابن الإمام أحمد([5])، وكذا الحافظ ابن عساكر في “تاريخ دمشق”([6]).

ونظرًا لما اشتهر عن الإمام أحمد من تحريه للسنة واتباعها، وتركه للبدعة واجتنابها، فقد روى المرُّوذي عن الإمام أحمد أنه قال: “ما كتبت حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد عملتُ به، حتى مر بي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا، فأعطيت الحجام دينارًا حين احتجمت”([7]).

مستند الإمام أحمد فيما فعل:

لعل الإمام أحمد اعتمد في فعله هذا على ما جاء من أحاديث وآثار في هذا الباب، ومن أشهرها:

1- عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أضل أحدكم شيئًا، أو أراد أحدكم عونًا، وهو بأرض ليس بها أنيس، فليقل: يا عباد الله، أغيثوني، يا عباد الله، أغيثوني، فإن لله عبادًا لا نراهم»([8]).

قال الطبراني: “وقد جُرِّب ذلك”([9]).

2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله ملائكةً في الأرض سوى الحفظة، يكتبون ما سقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة، فليناد: أعينوا عباد الله»([10]).

قال البزار: “وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد”([11]).

3- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “إن لله ملائكةً في الأرض يكتبون ما يقع في الأرض من ورق الشجر، فإن أصابت أحدًا منكم عرجة، أو احتاج إلى عون بفلاة من الأرض، فليقل: أعينوا عباد الله رحمكم الله، فإنه يعان إن شاء الله”([12]).

قال البيهقي: “هذا موقوف على ابن عباس، مستعملٌ عند الصالحين من أهل العلم؛ لوجود صدقه عندهم فيما جربوا”([13]).

4- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا انفلتت دابَّة أحدكم بأرض فلاةٍ فليناد: يا عباد الله، احبسوا، يا عباد الله، احبسوا، فإن لله حاضرًا في الأرض سيحبسه»([14]).

قال النووي: “حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه أفلتت له دابّة -أظنُّها بغلة- وكان يَعرفُ هذا الحديث، فقاله، فحبسَها الله عليهم في الحال، وكنتُ أنا مرّةً مع جماعة، فانفلتت منها بهيمةٌ وعجزوا عنها، فقلتُه، فوقفت في الحال بغيرِ سببٍ سوى هذا الكلام”([15]).

وقد ربط ابن مفلح بين هذا الحديث -أعني: حديث ابن مسعود- وبين فعل الإمام أحمد لما ضلَّ الطريق، فقال: “يا عباد الله، دلونا على الطريق…”([16]).

الخلاصة:

نخلص مما سبق: أن من ذهب إلى تقوية هذه الأحاديث والآثار قال بها، خاصة رواية ابن عباس المرفوعة؛ فقد حسَّنها الحافظان: ابن حجر والسخاوي، كما تقدم في تخريجها.

وكذا الرواية الموقوفة على ابن عباس، ولها حكم الرفع؛ إذ لا يقال مثل هذا الكلام من قِبَل الرأي؛ وهذه الرواية حسنها الشيخ الألباني([17]).

والأقرب أن الإمام أحمد كان يذهب إلى تقوية بعض هذه الأحاديث؛ لذا يقول الشيخ الألباني: “ويبدو أن حديث ابن عباس الذي حسنه الحافظ كان الإمام أحمد يقوِّيه؛ لأنه قد عمل به“([18]).

وأما من ذهب إلى تضعيف تلك الأحاديث أو توقف فيها، فإنه لم يعمل بها: كما هو الحال مع الإمام ابن المبارك؛ فقد أسند الهروي عنه -رحمه الله- أنه ضلَّ في بعض أسفاره في طريق، وكان قد بلغه أن من اضطرّ في مفازة، فنادى: عباد الله أعينوني، أُعِين، قال [يعني: ابن المبارك]: “فجعلتُ أطلب الجزء أنظر إسناده”. ثم قال الهروي معقِّبًا عليه: “فلم يستجز أن يدعو بدعاء لا يرضى إسناده”([19]).

ما يستفاد من هذه الأحاديث والآثار إجمالًا:

1- أن المراد بعباد الله: نوع من الملائكة في الأرض سوى الحفظة، يكتبون ما سقط من ورق الشجر، كما يقومون بإعانة من أصابه العرج، أو احتاج إلى مساعدة في طريقه، ولا يجوز أن يلحق بهم غيرهم من الجنّ أو الإنس الغائبين.

2- أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أبان لنا أن هذا الصنف من الملائكة خلقهم الله تعالى لوظيفة إعانة من أصابه العرج أو احتاج إلى العون والمساعدة، كما شرع لنا صلى الله عليه وسلم طلب المساعدة منهم حينئذٍ.

3- أن من طلب من هؤلاء الملائكة ما خلقوا من أجله -من الإعانة ونحوها- فقد طلب من مخلوق شيئًا مقدورًا عليه، وقد خلقه الله تعالى لأداء تلك المهمة والوظيفة، وتلك استغاثة واستعانة مشروعة، وفيما يأتي بيان معناها وشروطها.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -في تقرير معنى الاستغاثة والاستعانة المشروعة والممنوعة-: “والاستغاثة: طلب الغوث: وهو إزالة الشدة؛ كالاستنصار: طلب النصر، والاستعانة: طلب العون، والمخلوق يُطلَب منه من هذه الأمور ما يقدر عليه منها، كما قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: 72]، وكما قال: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص: 15]، وكما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]”([20]).

وقال أيضًا: “فأما ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فلا يجوز أن يطلب إلا من الله سبحانه، لا يطلب ذلك لا من الملائكة ولا من الأنبياء ولا من غيرهم، ولا يجوز أن يقال لغير الله: اغفر لي، واسقنا الغيث، وانصرنا على القوم الكافرين، أو اهد قلوبنا، ونحو ذلك”([21]).

وبهذا يتضح أن فعل الإمام أحمد لم يخرج عن الاستغاثة والاستعانة المشروعة، وهو متبع في هذا لما جاءت به الأحاديث والآثار.

والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه.

https://salafcenter.org/3873/



ـــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه أبو داود (336)، وابن ماجه (572)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. قال الحافظ في التلخيص (1/ 395): “صححه ابن السكن”، وحسنه الألباني في تمام المنة في التعليق على فقه السنة (ص: 131).
([2]) ورد سؤال إلى موقع “الإسلام سؤال وجواب” بهذا المعنى؛ ودونك رابطه، والجواب عنه:
https://islamqa.info/ar/answers/1812...84%D9%84%D9%87
كما استشكله أيضًا محمد عبد الواحد الحنبلي، ودونك رابط كلامه:
https://www.youtube.com/watch?v=IlfcI6izY4g.
([3]) ينظر بعض كلامهم في هذا الرابط:
http://www.souhnoun.com/%D9%85%D8%AE...7%D8%AB%D8%A9/
([4]) مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله (ص: 245).
([5]) شعب الإيمان (10/ 141).
([6]) تاريخ دمشق (5/ 298).
([7]) ينظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (1/ 144)، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي (ص: 246).
([8]) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/ 117)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (10/ 132): “رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم، إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة”، وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/ 110).

([9]) المعجم الكبير (17/ 117).
([10]) أخرجه البزار (4922)، وقال الهيثمي في المجمع (10/ 132): “رجاله ثقات”، وقال الحافظ -كما في الفتوحات الربانية لابن علان (5/ 151)-: “هذا حديث حسن الإسناد، غريب جدًّا”، وحسَّنه الحافظ السخاوي في “الابتهاج بأذكار المسافر والحاج” (ص: 39)، ورجح الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/ 112) وقفه على ابن عباس.
([11]) مسند البزار (11/ 181).
([12]) أخرجه البيهقي في الآداب (ص: 269)، وفي شعب الإيمان (10/ 140-141).
([13]) الآداب (ص: 269).
([14]) أخرجه أبو يعلى (5269)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 217)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (508)، وقال الهيثمي في المجمع (10/ 132): “فيه معروف بن حسان، وهو ضعيف”، وقال الحافظ السخاوي في “الابتهاج بأذكار المسافر والحاج” (ص 39): “وسنده ضعيف”، وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/ 108).
([15]) الأذكار (ص: 224).
([16]) الآداب الشرعية والمنح المرعية (1/ 429).
([17]) سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/ 112).
([18]) المرجع نفسه (2/ 111).
([19]) ذم الكلام وأهله (4/ 14-16).
([20]) مجموع الفتاوى (1/ 103-104).
([21]) المرجع نفسه (1/ 329).
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.