أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
68554 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر اللغة والأدب و الشعر - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-25-2010, 05:49 PM
أم عائشة أم عائشة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 282
افتراضي بابُ ذِكْرِ العَرب و ما خصَّهُم اللهُ بهِ من العَارِضَة و البيَان و اتِّسَاع المجَاز

جاء لابن قتيبة قوله في "تأويل مشكل القرآن":
".. و إنّما يَعرِفُ "فضل القرآن" من كثُرَ نظره، و اتّسع علمُه، و فهمَ مذاهبَ العرب و افتنانِها في الأساليب، و ما خصّ اللهُ به لغتَهـا دون جميـع اللغات، فإنّـه ليس في جميـع الأمم أمّـةُ أوتِيتْ من العَارِضة(1)، و البيان،و اتّساع المجال، ما أُوتيَتْهُ العرب خِصِّيصَي من الله، لما أرهصَه(2) في الرسول، و أراده من إقامةِ الدّليل على نبُوّته بالكتاب، فجعلَه عَلَمَه، كما جعلَ عَلَمَ كل نبيّ من المرسلين من أشبَهِ الأمور بما في زمانِه المبعوث فيه :
فكان "لموسى" فَلْقُ البحر، و اليد، و العصا، و تفجّر الحجر في التيه بالماء الرَّواء (3)، إلى سائر أعلامه زمن السّحر.
و كان "لعيسى" إحياءُ الموتى، و خلق الطير من الطين، و إبْراءُ الأكمه(4) و الأبرَص، إلى سائر أعلامه زمن الطب.
و كان "لمحمد" صلى الله عليه و سلم، الكتاب الذي لو اجتمعت الإنس و الجنّ على أن يأتوا بمثله، لم يأتوا به، و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا، إلى سائر أعلامه زمن البيان.
فالخطيب من العرب، إذا ارتجل كلاماً في نكاح، أو حَمَالة(5)، أو تحْضيضٍ، أو صُلحٍ، أو ما أشبهَ ذلك – لم يأتِ به من باب وادٍ واحد، بل يَفْتَنُّ: فيختصر تارة إرادة التّخفيف، و يُطيلُ تارةً إرادةَ الإفهام، و يُكرِّر تارةً إرادة التوكيد ، و يُخفي بعضَ معانيه حتى يغمَضَ على أكثرِ السامعين، و يكشِفُ بعضَها حتى يفهَمَه بعضُ الأعجمين، و يُشير إلى الشيء و يكنى عن الشيء.
و تكون عنايتُه بالكلام على حسب الحال، و قَدْرِ الحفل،و كثرة الحَشْد، و جلالة المَقام .
ثُمّ لا يأتي بالكلام كلِّه، مُهذّباً كلَّ التهذيب، و مُصفّى كلَّ التصفية، بل تجده يمزُجُ و يَشوبُ(6)، لِيَدُلَّ بالناقصِ على الوافِر، و بالغثِّ على السمين. و لو جعله كلَّه نَجْراً(7) واحدا، لبخسَه بهاءَه، و سلبَه ماءَه .
و مثل ذلك الشهابُ من القَبَس تُبرزُه للشعاع، و الكوكبان يقترنان، قينقصُ النوران ، و السِّخَابُ(8) يُنظم بالياقوت و المرجان و العقيق و العقيان، و لا يجعله كله جنساً واحدا من الرفيع الثمين، و لا النفيس المصون.
* و "ألفاظ العرب" مبنية على "ثمانية و عشرين حرفا"، و هي أقصى طَوقِ اللّسان.
و "ألفاظ" جميع الأمم" قاصرةٌ عن "ثمانية و عشرين" و لستَ واجداً في شيء من كلامهم حرفاً ليس في حرفنا إلا معدولا عن مخرجه شيئا، مثل "الحرف المتوسط" مخرجي القاف و الكاف"،و "الحرف المتوسط مخرجَي الفاء و الباء".
فهذه حال العرب قي مباني ألفاظها .
* و لها "الإعراب" الذي جعله اللهُ وشياً لكلامها ، و حليةً لنظامها، و فارقاً في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين، و المعنيَين المختلفَين
كالفاعل و المفعول، لا يُفرق بينهما، إذا تساوتْ حالاهما في إمكان الفعل أن يكون لكلّ واحدٍ منهما- إلا "بالإعراب".
و لو أنّ قائلا قال:"هذا قاتلٌ أخي" بالتنوين، و قال آخر:"هذا قاتلُ أخي" بالإضافة، لدلّ التنوين على أنه لم يقتله، و دلّ حذف التنوين على أنه قد قتله.
و لو أنّ قارئا قرأ:"فلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُم، إنا نعلمُ ما يُسرّون و ما يُعلنون" و تركَ طريق الابتداء ب"إنَّا"، و أعمَلَ القولَ فيها بالنصب على مذهب من ينصِبُ "أنَّ" بالقول كما ينصبها بالظن-لقلَبَ المعنى عن جهتِهِ، و أزالَه عن طريقتِه، و جعلَ النبيَّ صلى الله عليه و سلم، محزوناً لقولهم:إنّ اللهَ يعلم ما يسرون و ما يعلنون.و هذا كفرٌ مِمَّن تعمَّدَه، و ضربٌ من اللحن لا تجوز الصلاةُ به، و لا يجوز للمأمومين أن يتجوّزوا فيه.
* و قد يفرّقون بحركة البنِاء في الحرف الواحد بين المعنيَين، فيقولون:"رجُلٌ لُعْنَةٌ "، إذا كان يَلعنه الناس. فإن كان هو الذي يلعنُ الناسَ، قالوا:" رجلٌ لُعَنةًٌَََ"، فحرّكوا العينَ بالفتح.
و "رجلٌ سُبَّة" إذا كان يسبُّه الناس، فإن كان هو يسبّ الناسَ قالوا:"رجلٌ سُبَبَةٌ ".
* و قد يُفرّقون بين المعنيَين المتقاربَين بتغيير حرف في الكلمة حتى يكون تقارب ما بين اللفظَين، كتقارب ما بين المعنيَين.
كقولهم للماء الملح الذي لا يُشرب إلا عند الضرورة :"شَرُوب"، و لما كان دونه مما قد يُتجوَّز به:" شَريب".
و كقولهم لما ارفضَّ على الثوب من البول إذا كان مثلَ رؤوس الإبَر:" نَضْحٌ"، و رشُّ الماء عليه يُجزئ من الغسل، فإذا زاد على ذلك قليلا قيل له:"نَضْخٌ" و لم يُجزئ فيه إلا الغسل.
و كقولهم للقبض بأطراف الأصابع :"قَبْصٌ" و بالكفّ:"قَبْضٌ" ....
* و قد يكتنف الشيء معانٍ فيشتق لكل معنى منها اسم من اسم ذلك الشيء، كاشتقاقهِم من البطن للخميص:"مُبَطَّن"، و للعظيم البطن إذا كان خلقةً:"بَطِين"، فإذا كان من كثرة الأكل قيل:"مِبْطان" و للمنهوم:" بَطِنٌ"، و للعليل البطن:"مَبْطون".
و يقولون: وجدتُ الضَّالةَ، و وجدتُ في الغضب ، و وجدتُ في الحزن، و وجدتُ في الاستغناء. ثم يجعلون الاسمَ في الضالة:"وُجودا"،و وِجْداناً"، و في الحزن" وَجداً" و في الغضب"مَوْجِدَة"، و في الاستغناء "وُجْداً".
في أشياء كثيرة، ليس لاستقصاء ذكرها في كتابنا هذا وجه.
و للعرب "الشِّعر" الذي أقامه اللهُ تعالى لها مُقامَ الكتاب لغيرها، و جعله لعلومها مستودعا، و لآدابها حافظاً، و لأنسابها مقيّدا، و لأخبارها ديواناً لا يَرثّ على الدهر، و لا يبيد على مرّ الزمان.
• و حرسه بالوزن و القوافي، و حسن النظم، و جودة التحبير، من التدليس و التغيير، فمن أراد أن يُحدث فيه شيئا عَسُر ذلك عليه، و لم يخف له كما يخفى في الكلام المنثور.
و للعرب "المجازات" في الكلام، و معناها: طرق القول و مآخذه. ففيها: الاستعارة، و التمثيل، و القلْب، و التقديم و التأخير،و الحذف، و التكرار، و الإخفاء، و الإظهار، و التعريض، و الإفصاح، و الكناية، و الإيضاح، و مخاطبة الواحد مخاطبة الجمع،و الجميع خطاب الواحد، و الواحد و الجميع خطاب الإثنين،و القصد بلفظ الخصوص لمعنى العموم، و بلفظ العموم لمعنى الخصوص..."

------------------------
شرح المفردات :
(1) العارضة: قوّة الكلام و تنقيحه، و الرأي الجيد.
(2) و قد أرهص الله فلانا للخير:أي جعله معدنا للخير و مأتى . و الإرهاص: الإثبات .
(3) ماء رَوَاء: أي عذب
(4) الكمه :العمى الذي يُولد به الإنسان
(5) حمالة :ما يحتمله الانسان عن غيره من دية أو غرامة، مثل أن تقع حرب بين فريقين تسفك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل
يتحمذل ديات القتلى ليصلح ذات البين.
(6) شاب الشيء شوباً: خلطه
(7) النجر: اللون.
(8) السخاب: [/font[/size]]
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-26-2010, 08:49 PM
عائشة عائشة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 354
افتراضي

جزاك الله خيرًا - يا أم عائشة - على إمتاعنا بهذا النقل الرائق عن الإمام ابن قتيبة - رحمه الله -.

تنبيه: سقط معنى ( السخاب ) من النقل؛ فلعلكِ تثبتينه.

شكر الله لك، وبارك فيكِ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-27-2010, 12:18 AM
أم عائشة أم عائشة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 282
افتراضي

شكر الله لك يا عائش،
و ها أنا أثبت الشرح:

(8) السِّخاب : كلّ قلادة كانت ذات جوهر، أو لم تكن
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-27-2010, 09:17 AM
عائشة عائشة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 354
افتراضي

جزاك الله خيرًا، ووفقكِ.

وننتظر المزيد من المشاركات التي تحوي الجواهر والدرر.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:36 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.