أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
82511 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 08-22-2015, 03:32 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

اليد البسطى والقدح المعلى
في إلحاق عبد الحميد العربي بالطبقة الوسطى
- [ الحلقة الخامسة ] -



الوقفة الرابعة :
( كل السلوك يعد توقيفيا ؟! )

فإذا ما حاول صاحبنا عبد الحميد العربي - سدده الله تعالى - الخروج من عملية الإطلاق في التفريق بين السلوك والأخلاق هاربا من :
أولا : الغلط العلمي في معرفة النسبة الكلية بينهما - كما تقدم في الحلقة الثالثة - .
ثانيا : من تأييد [ من حيث لا يشعر ] مذهب الفلاسفة والإسماعيلية ، وملاحدة الصوفية ، والشيعة في تفريقهم بين الأخلاق والسلوك الذي بمعنى العبادة ، بسبب عموم إطلاقه دون تفصيل حول علاقتهما من مواضع الاتفاق والافتراق ، وتأثيرهما على بعضهما .

فيقال : الحمد لله رب العالمين على الرجوع ، ومع ذلك : لو أن صاحبنا قال بتفصيل أهل العلم بين الأخلاق والسلوك ؛ فإن هناك مشكلات ليست بقليلة ولا هينة في تمام كلامه ، يوضحه الآتي - إن شاء الله - :
قال صاحبنا عبد الحميد العربي : [ ضبط السلوك النبوي القائم على التوقيف والمنع فقد خاب وخسر، وسنبين إن شاء الله أن السلوك من جنس الاسماء والصفات لا يؤخذ إلا من الوحي المعصوم ] !

قلت : تقدم شمولية السلوك لـ [ الاعتقادات ] و [ والعبادات ] و [ الأخلاق ] و[ الرقائق ] ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 19 / 273 ) : [ فإن السلوك هو ... الاعتقادات والعبادات والأخلاق ] .
ويستغرق [ العادات ] و [ الغرايز ] و [ السجايا ] ونحوها ، وهذه الألفاظ الأخيرة تستعمل في مقام بعضها على تفاوت من جهات بين الشرع والوضع - تفصيلها في المعاجم والفروق اللغوية - ، كما قال ابن تيمية - رحمه الله - في " الرد على المنطقيين " ( 94 ) : [ الطبيعة التي تسمى الغريزة والنحيزة والخلق والعادة ونحو ذلك من الأسماء ] .
وقال - أيضا - في " مجموع الفتاوى " ( 16 / 61 ) : [ فإن الدين والعادة والخلق ألفاظ متقاربة المعنى في الذات وإن تنوعت في الصفات ] .
وقال - رحمه الله - في " قاعدة في المحبة " ( 32 ) : [ والخلق فهو الطاعة الدائمة اللازمة التي قد صارت عادة وخلقا بخلاف الطاعة مرة واحدة ولهذا فسر الدين بالعادة والخلق ويفسر الخلق بالدين ] .

فإذا تقرر لديك هذا ، فتعال إلى الأغلاط الواردة في سياق كلام صاحبنا :

الغلط الأول :
( الغرائز السلوكية بين البراءة والتوقيف ) .
ذكر صاحبنا أن السلوك لا يؤخذ إلا عن الوحي المعصوم ، وغاب عن الكاتب شمول السلوك للغرائز ؛ فالغرائز بداية لا تدخل في قيده الآنف ذكره لأنها طبيعة قائمة موجودة في كل إنسان لا يمكن دفعها ولا نزعها ، والشرع يحدها بين الإفراط والتفريط ، فالجوع والعطش ، والنوم واليقظة ، من الغرائز السلوكية التي لا تتوقف على الأخلاقية ، وبهذا الاتجاه يفترق السلوك عن الأخلاق - مع اجتماعهما - مالم تخرج عن حدها المعتبر ، من الإفراط في السهر ، والتفريط في المأكل ، ولا يتعلق بها المدح والذم باعتبارها هي مالم يقع التجاوز فيها كما في خبر الرهط مع عبادة نبينا - عليه السلام - ، وفيه حكاية أحوالهم مع غرائزهم من الامساك عن المأكول والمشروب ، واعتزال النساء ، فقال : [ من رغب عن سنتي فليس مني ] .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 10 / 623 ) : [ ونظير هذا الأصل الفاسد مدح بعض الجهال بأن يقول: فلان ما نكح ولا ذبح ، وهذا مدح الرهبان الذين لا ينكحون ولا يذبحون وأما الحنفاء فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " لكني أصوم وأفطر وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني" ] .

فكما قال هؤلاء - في مدح الرهبان - : [ فلان ما نكح ولا ذبح ] من الخروج عن الطبع ، والأليق فيه أحوالهم التوبيخ والذم ، وإن كانت الغرائز لا يتعلق فيها المدح ولا الذم من جهتها مالم تتجاوز القنطرة في جانب الإفراط والتفريط ، فيكون الحكم لها بحسبها كما تقدم ذكره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 11 / 614 ) : [ وترك اللحم والتزويج جائز لكن لما خرج في ذلك من السنة فالتزم القدر الزائد على المشروع والتزم هذا ترك المباح كما يفعل الرهبان تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم ممن فعل ذلك حيث رغب عن سنته إلى خلافها ] .
ونظيرهم : صنائع بعض شيوخ الطريق من الصوفية في الزهد بترك جنس الملذات ، وقد قالوا : [ احذروا لذة العطاء ؛ فإنها غطاء لأهل الصفاء ] ، فمن أطلقها وأراد بها الركون إلى النعمة وإغفال المنعم فقد أصاب ، وعليه قول ابن القيم - رحمه الله - في " مدارج السالكين " ( 2 / 235 ) : [ أن لا تحجبه رؤية نعمه ومشاهدتها عن رؤية المنعم بها ] .
وإن أراد بها الابتعاد عن جنس اللذات لكمال عبوديته ، فهذا خارج عن الشرع ومخالف للطبع ، وقد أفرد ابن هوزان القشيري الصوفي في رسالته المشهورة بـ " القشيرية " ( 2 / 350 ) بابا في العبودية وأحوالها ، وأورد قولهم [ احذروا لذة العطاء ] وعبرها بالتخلي عن اللذة لاكتمال العبودية !

واستدرك عليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الاستقامة " ( 1 / 340 - 342 ) ، ومما قال : [ ثم إن أبا القاسم وطائفة معه تارة يمدحون التقرب إلى الله بترك جنس الشهوات وتارة يجعلون ذلك دليلا على حسنه وكونه من القربات .. والتحقيق أن العمل لا يمدح ولا يذم لمجرد كونه لذة بل إنما يمدح ما كان لله أطوع وللعبد أنفع سواء كان فيه لذة أو مشقة قرب لذيذ هو طاعة ومنفعة ورب مشق هو طاعة ومنفعة ورب لذيذ أو مشق صار منهيا عنه ..
فإن الاستعانة بجنس اللذات على جنس الطاعات مما جاءت به الشريعة كما يستعان بالأكل والشرب على العبادات .. فلو قال إن الله خلق فينا الشهوات واللذات لنستعين بها على كمال مصالحنا فخلق فينا شهوة الأكل واللذة به فإن ذلك في نفسه نعمة وبه يحصل بقاء جسومنا في الدنيا وكذلك شهوة النكاح واللذة به هو في نفسه وربه يحصل بقاء النسل ، فإذا استعين بهذه القوى على ما أمرنا كان ذلك سعادة لنا في الدنيا والآخرة وكنا من الذين أنعم الله عليهم نعمة مطلقة .
وإن استعملنا الشهوات فيما حظره علينا بأكل الخبائث في نفسها أو كسبها كالمظالم أو بالإسراف فيها أو تعدينا أزواجنا أو ما ملكت أيماننا كنا ظالمين معتدين غير شاكرين لنعمته لكان هذا كلاما حسنا
] .

وختام الكلام : المقصود أنها لا تقف في وجودها على تشريع لكونها طبيعة قائمة ، ولا يتعلق بها المدح والذم دون مجاوزة اعتبار ، ولا تتوقف في الظهور على شرع ، بل البيئة وأصل الخلقة قاعدتها ؛ فافهم هذا !


الغلط الثاني :
( العادات السلوكية بين التوقيف والبراءة )

كذلك غاب عن الكاتب شمول السلوك للعادات ، ومن العادات ما لا يتوقف على الشرع ولا يكون أصلا توقيفيا ؛ فخلط صاحبنا بين السلوك بمعنى العبادات والاعتقادات ونحوها مما يعتبر توقيفيا ، وبين السلوك المستغرق للعادات !
فالعادات مع الشرع بين تجويزها ، وحظرها ، والسكوت عنها ، والأصل فيها البراءة مالم يرد المانع المعتبر ، قال الله تعالى : {{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا }} .

قال شيخ شيوخنا في " نظم القواعد " :
والأصل في عاداتنا الإباحــــة .. حـتى يجـيء صـارف الإباحـة
وليس مشـروعا مـن الأمــــور .. غيرُ الذي فـــي شرعنا مذكور

والعبادات القاعدة المستمرة فيها : المنع ؛ لأن بابها يعتمد على التعبد ، قال الله تعالى : {{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَاذَنْ بِهِ اللَّهُ }} ، والتعليل أقل فيها على الراجح بالنسبة للتعبد ، في حين أن العادات مبناها على المعاني ، والتعبد أقل فيها على الراجح بالنسبة للتعليل .

قال ابن المرابط في النظم الكبير " مقرب المقاصد " :
والأصل في العبادة المنع فلا ... تَعْبُدْ بغيْرِ ماله الوحيُ اجتلى

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الفتاوى الكبرى " ( 4 / 12 - 13 ) : [ تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم ، فاستقراء أصول الشريعة أن العبادات التي أوجبها الله أو أباحها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه.
والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله ورسوله، وذلك؛ لأن الأمر والنهي مما شرع الله تعالى، والعبادة لا بد أن تكون مأمورا بها ... والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه الله وإلا دخلنا في معنى قوله: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا} ..
وهذه قاعدة عظيمة نافعة، وإذا كان كذلك فنقول: البيع والهبة والإجارة وغيرها، هي من العادات التي يحتاج الناس إليها في معاشهم، كالأكل، والشرب، واللباس، فالشريعة جاءت في العادات بالآداب الحسنة، فحرمت منها ما فيه فساد وأوجبت منها ما لا بد منه، وكرهت ما لا ينبغي واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه العادات ومقاديرها وصفاتها، وإذا كان كذلك فالناس يتبايعون ويتاجرون كيف شاءوا ما لم تحرمه الشريعة، كما يأكلون ويشربون كيف شاءوا ما لم تحرمه الشريعة، وإن كان بعض ذلك قد يستحب أو يكون مكروها، ولم تحد الشريعة في ذلك حدا فيبقون فيه على الإطلاق الأصلي
] .


الغلط الثالث :
( الأخلاق توقيفية سمعية؟! )
- وفيه تأييد مذهب نفاة الحكمة الجبرية ! -

تقدم القول بأن العلاقة بين السلوك والأخلاق علاقة بين الجنس والنوع ، والمقايسة بين كليين يستوجب النسبة ، ونسبتهما - الجنس والنوع - من العموم والخصوص المطلق ؛ فعلم السلوك أعم من الأخلاق ، والأخلاق نوعها فتكون الأخص من جنسها ، فكل أخلاق تعتبر سلوكا وليس كل السلوك من الأخلاق .
وصاحبنا عبد الحميد العربي يجعل السلوك بشموليته للأخلاق ، والعادات ، والغرائز ، والاعتقادات ، وأحوال القلوب ، ونحوها : توقيفيا لابد فيه من اعتماد الوحي لاعتبارها ، وهذا - بالإطلاق - من الباطل المخالف للحق ، كما تبين في مباحث علاقة التوقيف بالغزائز السلوكية ، والعادات السلوكية (!) ، والقول : بعدم اعتماد الأخلاق واعتبارها مالم تكن سمعية من دلائل الشرع يضاف إلى أغلاطه ؛ فيؤيد فيه - من غير شعور - مذاهب الجبرية النافين للتعليل من الأشعرية حول التحسين والتقبيح وآثاره على مسائل الاعتقاد والأخلاق والأصول ، وإن كان هؤلاء عند الخوض في التعليل الأصولي في الكلام على الشرع ومصالحه ونظرته المقاصدية في تناقض ، فتارة يسلكون منهج أئمة أهل السنة عند التعليل الفقهي ، ويتركونه في الأفعال الربانية ، مما يتبين أن المعتزلة أضبط من الأشعرية في هذا المضمار !
فاشتراط صاحبنا التوقيف لاعتبار الأخلاق والسلوك - بإطلاق - من الخارج عن الجادة الطريقة السلفية الشرعية العقلية السمعية الكاملة ؛ فأصل المسألة : التعليل ، فمن قال بالحكمة المنفصلة من العدلية المعتزلة قرر التحسين والتقبيح من الجهة العقلية ، وهكذا جمهور المثبتة للحكمة من المعتزلة والماتردية في الأفعال بالمناسبة والصدور على اختلاف في نوع الحكمة ورجوعها وعلاقتها بالأفعال ليس لهم الخروج عن اعتبارية العقل في تحسين الأفعال وتقبيحها .
بيد : أن الفرق الكلامية من المنتسبة لأهل السنة على وفاق بأن العقل يعلم ملائمة الأفعال وحصول نفعها ومنابذتها ومضرتها للإنسان ؛ في حين حصل النزاع بينها في اعتبارية العقل بكونه سببا للائمة والتوبيخ والمآخذة بالعقاب قبل ورود الشرع ، وكذلك : هل الأفعال مشتملة على ما يقضي عليها بالتحسين وضده ذاتيا ولازما أم لا ؟!
فالعدلية من المعتزلة لم يشترطوا بعثة الرسل للمحاسبة لاعتبارية العقل وعليه قالوا بإيجاب فعل الأصلح على الله فليزم تحريم ما قبحه العقل (!) ، وهذا من غلوائهم في إثبات التحسين والتقبيح ، مع إثباتهم الحسن والقبيح للأفعال ذاتيا ولازما ، وهم بهذا على صواب ، وقال به بعض الصفاتية من الكرامية والماتردية على فروق طفيفة وعليه جمع من الروافض .

وبيت القصيد : ما ذهب إليه نفاة الحكمة والتعليل من تجريد الأفعال من صفاتها المستحسنة والمستقبحة من الجهة العقلية ، وقصرها على السمع فحسب (!) فما ورد من النصوص من الأوامر والنواهي يكون بحسبه الحسن والقبح ، فالأفعال من جهة هي لا تستقل بهذا والعقل لا يدرك فيها ذلك ، فالظلم لا يكون مستقبحا من غير الشرع ، وعليه قالوا : تعذيب المؤمنين بالنار لا يعد ظلما ، وإثابة الكفار وإكرامهم بالجنة لا يعد ظلما ، بل يصير الفعل مذموما أو محمودا بحسب محض التصرف ، وقل هذا في الأخلاق لا اعتبارية للعقل في إدراك حسنها وقبحها ، ولا تكتسب بالممارسة الرياضية ، ولا بالترتيبات العقلية ، ويتوقف الحكم عليها بحسب التصرف الإلهي ، وإليه ذهب الجبرية من الأشعرية لمذهبهم في الأحكام بكونها غير معللة وطلبها فعلا وتركا لمحض المشيئة ، فما ورد فيه السمع كان داخلا في إطار المدح والذم ، ويتخرج هذا عن قولهم في أفعال العباد فما قبح منها لم يكن بالاختيار ، وحقيقة المقام أن الفعل بمجرده لا يكون قبيحا لأن المتصف به مجرد من الاختيار ؛ وهذا من أقوى مسالك الأشعرية في نفي التحسين والتقبيح من الناحية العقلية : الجبر (!) ، وعليه عمدة المحققين في المذهب ، وهذا عكس مذهبهم في العلميات الخبرية من تقديم العقل على النقل بما يسمونه القانون الكلي !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " النبوات " ( 1 / 452 - 453 ) : [ بل عندهم تقسيم الأفعال؛ أفعال الربّ والعبد إلى حسن وقبيح، لا يكون عندهم إلا بالشرع ، وذلك لا يرجع إلى صفة في الفعل، بل الشارع عندهم يُرجّح مثلاً على مثل ، والحسن والقبيح إنّما يعقل إذا كان الحسن ملائماً للفاعل؛ وهو الذي يلتذ به، والقبيح يُنافيه؛ وهو الذي يُتألّم به والحسن والقبح في أفعال العباد بهذا الاعتبار متفق على جوازه ، وإنّما النزاع في كونه يتعلّق به المدح والثواب ] .

فقول ابن تيمية : [ بل الشارع عندهم يُرجّح مثلاً على مثل ] يلتقي مع ما تقدم حكايته من تجريد الأفعال مما يستوجب به الحكم عليها بالحسن والقبح ، فالذم والمدح لا يتعلق بها لعدم تعليلها وترتيب الحكمة على إيقاعها ، حتى يرد بها الشرع ، فقد يقلب الشرع صفة الفعل مما يعده حكم العقل قبيحا إلى المستحسن ، ويستدلون بأدلة عقلية وسمعية على تأييد نظرية تجريح المثل على المثل ، كما قالوا في تعذيب المطعين وإثابة الكافرين !

كما قال ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 8 / 433 ) : [ إن الأفعال لم تشتمل على صفات هي أحكام ولا على صفات هي علل للأحكام بل القادر أمر بأحد المتماثلين دون الآخر لمحض الإرادة لا لحكمة ولا لرعاية مصلحة في الخلق والأمر ] .

وأهل السنة والجماعة بين الفرقتين الجبرية والقدرية في مسألة التحسين والتقبيح من الجهة العقلية ، فالعقل يستحسن الأفعال ويقبحها قبل ورود الشرع ، والمؤاخذة عليها لا تكون بالمعقولات بعد ورود الشرع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 8 / 434 - 435 ) : [ وقد ثبت بالخطاب والحكمة الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع؛ أحدها: أن يكون الفعل مشتملا على مصلحة أو مفسدة ولو لم يرد الشرع بذلك كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم والظلم يشتمل على فسادهم فهذا النوع هو حسن وقبيح وقد يعلم بالعقل ، والشرع قبح ذلك لا أنه أثبت للفعل صفة لم تكن؛ لكن لا يلزم من حصول هذا القبح أن يكون فاعله معاقبا في الآخرة إذا لم يرد شرع بذلك وهذا مما غلط فيه غلاة القائلين بالتحسين والتقبيح ... ] .

وللأفعال صفات قبل خطاب الشرع ، فالكتاب تضافرت آياته في دعوة الملوك والأمم إلى التوبة مما هم عليه ، وترك ما تقلدوه عن آبائهم من الصنائع القبيحة والأفعال الذميمة من فواحش الشهوات كاللواط ومعاقرة النسوان ، ومساقاة الخمور ، وكشف ذوات الخدور ، وأكل الميتة ، والسعي بالفساد في الحرث والنسل وغيرها من شنائع الجاهلية في كل أمة ، وهذا - كله - قبل بلوغ الشريعة لأبوابهم ، وطرقها لأسماعهم ، وقد عدت تصرفاتهم ذنوبا من قبل سماع الآيات ونزول الخطابات - خلافا للجبرية من الأشعرية ! - ، وإلا ما كان للخطاب بعد هبوط الوحي على الرسل - عليهم السلام - فائدة في نقد ما هم عليه ، لأنهم حينئذ لم يفعلوا ما يستوجب التوبيخ والتقريع ، وتكون أفعالهم حينها كالغرائز التي لا يتعلق فيها المدح ولا الذم من جهة هي ؛ فعلم أن تعليق التقبيح والتحسين بمجرد السمع تجرد للأفعال من صفاتها حتى يرد الشرع بتعيينها من غير حكمة ولا مصلحة ؛ بل لمحض المشيئة ، والشريعة مع مراعاة مناسبتها عند بعض الأشعرية غير أنها اختبارية لا تعطي الأفعال صفات من قبلها ولا بعدها : ذاتية !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 11 / 682 ) : [ فلولا أن حسن التوحيد وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له وقبح الشرك ثابت في نفس الأمر معلوم بالعقل لم يخاطبهم بهذا إذ كانوا لم يفعلوا شيئا يذمون عليه ؛ بل كان فعلهم كأكلهم وشربهم ، وإنما كان قبيحا بالنهي ومعنى قبحه كونه منهيا عنه لا لمعنى فيه ؛ كما تقوله المجبرة .
وأيضا ففي القرآن في مواضع كثيرة يبين لهم قبح ما هم عليه من الشرك وغيره بالأدلة العقلية ويضرب لهم الأمثال كقوله تعالى: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون} {سيقولون لله قل أفلا تذكرون} . وقوله: {أفلا تتقون} وقوله: {فأنى تسحرون}
] .

خلاصة المقام : العقل قد يحسن الأفعال ويقبحها قبل ورود الشرع لما فيها من صفات تقتضي الذم والمدح ، فيدرك العقل اللذة ويحبها ، فيجتمع في الإنسان القوة العلمية المحبة للحق والقوة العملية المحسنة والمقبحة ؛ وكذلك الأخلاق لا يتوقف اعتبارها على السمع ، فما ورد به السمع كان خلقا مقبولا وما لم يرد فيه كان خلقا مرفوضا لأن الأخلاق توقيفية لا مجال للعقل فيها تحسينا وتقبيحا قبل مجيء الدلائل السمعية (!) فإنها تارة قد يؤيدها السمع بعد إقرار العقل بها حسنا وقبحا ، وقد لا يرد السمع بصفتها والعقل يثبتها ، فمنها الوهبي المجبول عليه مما تستدعيه الفطرة السليمة المكملة بالشرع - كما قال أشج : [ أهما خلقان تخلقت بهما أم جبلني الله عليهما ؟ فقال رسول الله : بل جبلك الله عليهما ] ، ومنها الكسبي بالرياضة والممارسة وتحسين العقل لصفاتها دون ورد السمع بها - بقيد عدم المخالفة - .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 8 / 434 ) : [ وجمهور المسلمين يقولون: الله حرم المحرمات فحرمت وأوجب الواجبات فوجبت فمعنا شيئان:
إيجاب وتحريم ، وذلك : كلام الله وخطابه .
والثاني : وجوب وحرمة وذلك صفة للفعل.
والله تعالى عليم حكيم علم بما تتضمنه الأحكام من المصالح ؛ فأمر ونهى لعلمه بما في الأمر والنهي والمأمور والمحظور من مصالح العباد ومفاسدهم ، وهو أثبت حكم الفعل وأما صفته فقد تكون ثابتة بدون الخطاب .. يكون الفعل مشتملا على مصلحة أو مفسدة ولو لم يرد الشرع بذلك كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم والظلم يشتمل على فسادهم فهذا النوع هو حسن وقبيح وقد يعلم بالعقل ؛ والشرع قبح ذلك لا أنه أثبت للفعل صفة لم تكن
] .

وبعد - ما تقدم توضيح معالمه - : كيف نفهم قول ابن تيمية : [ فمسائل السلوك من جنس مسائل العقائد كلها منصوصة فى الكتاب والسنة ] على غرار ما سبق بيانه ؟!
سيأتي في ذلك - إن شاء الله - في : [ الحلقة السادسة ] بقية النقض لتتمة كلام صاحبنا عبد الحميد العربي : [ السلوك من جنس الاسماء والصفات لا يؤخذ إلا من الوحي المعصوم ] ، ثم من [ الإلزام ] سأبين - لأول مرة - تلقي صاحبنا علم السلوك ( قديما ) من كتاب صوفي ، عن رجل من كبار رجالات الصوفية المنحرفة ، ليظهر للإخوة أنه عاب الكثير بتلقي السلوك عن أهل البدع ومجالستهم ، فأثر على سلفيتهم وتعاملهم مع الخلافيات الحادثة ، مع إتيانه ما أنكره عليهم ؛ فلا تعجلوا !

وكتب : أبو حيان محمود بن غازي الصرفندي
بتاريخ : 7 / 11 / 1436 هـ
الموافق : 22 / 8 / 2015 م
- المدينة النبوية -


يتبع .. [ الحلقة السادسة ] .



__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 08-24-2015, 10:58 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

اللهم وفقنا لما تحب وترضى
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 08-26-2015, 08:26 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

اليد البسطى والقدح المعلى
في إلحاق عبد الحميد العربي بالطبقة الوسطى

- [ الحلقة السادسة ] -


الحمد لله رب العالمين ؛ وبعد :
الوقفة الخامسة :
( السلوك من جنس مسائل الاعتقاد ) ؟!

( المعلم الأول ) : تقدم في [ الحلقة الخامسة ] : ( هل كل السلوك يعد توقيفيا ؟! ) نقضا على زعم صاحبنا حول اشتراط التوقيف للسلوك والأخلاق بشرط الإطلاق مع تفريقه بينهما مما أوقعه من حيث لا يشعر بمخالفات شرعية وانتهاكات غير مرعية ، وتأييدات - على غير دراية - لمقالات منحرفة في التفريق بين السلوك والأخلاق كما عند الفلاسفة والإسماعلية وملاحدة الصوفية والروافض ، واشتراط التوقيف للسلوك وفيه الغرائز التي لا يشملها الشرع ولا يصحبها المدح والذم بداية ، والعادات المتفق على استصحاب البراءة فيها دون الحظر ، والأخلاق التي لا يقتصر تحسينها ولا تقبيحها على الخطاب الشرعي كما يزعم نفاة التعليل والحكمة من الصفاتية الأشعرية ؛ فقد تثبت صفتها المستحسنة والمستقبحة دون الخطاب ، ولا يعاقب عليها قبل ورد الوحي بشأنها ، ونحوها من المسائل المذكورة في الحلقات السابقة .

( المعلم الثاني ) : غير أن صاحبنا لما وقف على بعض المقولات لأهل العلم حسبها تؤيد مراده ، وتقوي حجته ، وتدعم رأيه ، فقال - قبل حكايتها - : [ وسنبين إن شاء الله أن السلوك من جنس الاسماء والصفات لا يؤخذ إلا من الوحي المعصوم ] !

وقبل حكايته لتلك الأقوال المتأخرة ، كتبت تعليقا عليه - بما مفاده - معرفتي بأصول عبارته والنقول التي سيحكيها وأسماء أصحابها ليدعم موقفه حول السلوك والأخلاق ، متأكدا عدم دقته في فهمها على الوجه المطلوب ، والمقصد المنشود عند قائليها ؛ وقد حصل فنقلها بعد أيام في حواشي تعليقاته فصدق ظني فيه ، ومن أظهرها قول ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 19 / 274 ) : [ فمسائل السلوك من جنس مسائل العقائد كلها منصوصة في الكتاب والسنة ] .
فاشترط صاحبنا لأجل هذا - بحسب إدراكه - التوقيف في السلوك والأخلاق ، وليس الحال ما قد أدرك ولا ما حكى ونقل (!) وذكرني فعله بما وقع لحسن السقاف - عامله الله بعدله - في بعض رسائله من حمل عبارة لابن تيمية حول كلمة للإمام الترمذي في حديث الإدلاء بأنها : [ من جنس تأويلات الجهمية ] فحملها ما لا تحتمل من القدح في الترمذي صاحب الجامع ، وألحقها بكلام أهل السنة المذكور عند أبي بكر الخلال في " السنة " في الطعن بالترمذي المجهول (!) النافي للإقعاد ، المحارب لمثبتته ، فجعل السقاف كلمة ابن تيمية مؤكدة على تعيين عين الترمذي ذاك بأنه صاحب السنن والقدح فيه بأنه له كلمة من جنس تأويل الجهمية ؛ والحق في خلاف المذكور ، واستغلال السقاف لعبارة الحراني وقع عن سوء فهم لمراده مع ما يحمله من طوية سيئة تجاهه أبداها بلسانه ويراعه ، ووقع بعض هذا عن سوء فهم - أيضا - للزهراني محقق كتاب السنة للخلال في تعيين ترمذينا فمرة يجعله المحدث المشهور ، وتارة يحسبه الجهم بن صفوان ، وكما وقع هذا لأباضي معاصر فعينه بأنه كبير الترامذة إسماعيل ، وآخر ظنه الحكيم صاحب الأصول ، وأيضا : حصل مع أخينا الشيخ مختار الطيباوي فحسبه صاحب السنن ، وقد بينت غلطهم في رسالة مفردة حول عين الترمذي المجهول ، ناقشت مضمونها مع شيخنا أبي عبيدة مشهور بن حسن قبل سنوات .
هذه الإشكالية لا تزال عند أكثر الناس ، فمراعاة مراد العلماء حال الإطلاق والتقييد لابد من اعتباره ، ولهذا أكثر ما يحكى عن الأئمة مالا يصح ، والحمل في الحكايات على أصحابها لداوفع عديدة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 4 / 167 - 168 ) : [ ولهذا اعتمد الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الذي صنفه في مناقب الإمام أحمد - لما ذكر اعتقاده - اعتمد على ما نقله من كلام أبي الفضل عبد الواحد بن أبي الحسن التميمي ، وله في هذا الباب مصنف ذكر فيه من اعتقاد أحمد ما فهمه؛ ولم يذكر فيه ألفاظه وإنما ذكر جمل الاعتقاد بلفظ نفسه وجعل يقول: " وكان أبو عبد الله ".
وهو بمنزلة من يصنف كتابا في الفقه على رأي بعض الأئمة ويذكر مذهبه بحسب ما فهمه ورآه وإن كان غيره بمذهب ذلك الإمام أعلم منه بألفاظه وأفهم لمقاصده؛ فإن الناس في نقل مذاهب الأئمة قد يكونون بمنزلتهم في نقل الشريعة ، ومن المعلوم: أن أحدهم يقول: حكم الله كذا أو حكم الشريعة كذا بحسب ما اعتقده عن صاحب الشريعة؛ بحسب ما بلغه وفهمه وإن كان غيره أعلم بأقوال صاحب الشريعة وأعماله وأفهم لمراده ،فهذا أيضا من الأمور التي يكثر وجودها في بني آدم
] .


مراد ابن تيمية من :
[ السلوك من جنس الاعتقاد ]

وهذا توضيح لعبارة ابن تيمية الحراني المحمولة على غير موضوعها ، المجردة من سياقها ، المفهومة على غير مراد قائلها ، من جهات متعددة :
الجهة الأولى : ( قد تثبت الصفة المستحسنة والمستقبحة من غير خطاب الشرع )
سبق ذكر أن العلاقة بين السلوك والأخلاق علاقة بين الجنس والنوع ، والمقايسة بين كليين تستوجب النسبة ، ونسبتهما - الجنس والنوع - من العموم والخصوص المطلق ؛ فعلم السلوك أعم من الأخلاق ، والأخلاق نوعها فتكون الأخص من جنسها ، فكل أخلاق تعتبر سلوكا وليس كل السلوك من الأخلاق .
والسلوك يكون ؛ كما قال ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 19 / 273 ) : [ فإن السلوك هو بالطريق التي أمر الله بها ورسوله من الاعتقادات والعبادات والأخلاق .. ] .

ولا يلزم من ذكر الخطاب الشرعي في الأخلاق أن يكون محدودا اعتبارها عليه ؛ فقد تثبت صفة الخطاب قبل ورد الشرع ، أو من دونه ولا تخالفه ، فالأفعال من جهتها فيها من الصفات المستقبحة والمستحسنة قبل تحديد الشرع لها ، وأحيانا يضيف إليها ، فالأخلاق الحميدة المتعارف عليها العقل يدل على صفتها قبل حكمها ، ولا يشترط سمعية الأخلاق وتقييدها به إلا نفاة التعليل والحكمة من الجبرية الأشعرية تخريجا على أصولهم في أفعال العباد بكونها واقعة على غير اختيار ، والشرع المتصرف في أوصافها فيجعل المستحسن في حكم العقل مستقبحا ، والمذموم ممدوحا بشرط الملائمة ، وهو ما يسمونه بترجيح المثل على المثل ، لتجريد الأفعال عندهم من صفاتها الذاتية !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 8 / 434 ) : [ والله تعالى عليم حكيم علم بما تتضمنه الأحكام من المصالح ؛ فأمر ونهى لعلمه بما في الأمر والنهي والمأمور والمحظور من مصالح العباد ومفاسدهم ، وهو أثبت حكم الفعل وأما صفته فقد تكون ثابتة بدون الخطاب .. يكون الفعل مشتملا على مصلحة أو مفسدة ولو لم يرد الشرع بذلك كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم والظلم يشتمل على فسادهم فهذا النوع هو حسن وقبيح وقد يعلم بالعقل ؛ والشرع قبح ذلك لا أنه أثبت للفعل صفة لم تكن ] .

وقال - أيضا - في " مجموع الفتاوى " ( 8 / 434 - 435 ) : [ وقد ثبت بالخطاب والحكمة الحاصلة من الشرائع ثلاثة أنواع؛ أحدها: أن يكون الفعل مشتملا على مصلحة أو مفسدة ولو لم يرد الشرع بذلك كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة العالم والظلم يشتمل على فسادهم فهذا النوع هو حسن وقبيح وقد يعلم بالعقل ، والشرع قبح ذلك لا أنه أثبت للفعل صفة لم تكن؛ لكن لا يلزم من حصول هذا القبح أن يكون فاعله معاقبا في الآخرة إذا لم يرد شرع بذلك وهذا مما غلط فيه غلاة القائلين بالتحسين والتقبيح ... ] .

الجهة الثانية : ( فرق بين توحيد المصادر وتبيين شموليتها )
وهذا مراد ابن تيمية - رحمه الله - من مقالته تلك ؛ فإن تمام عبارته تبين قصد الشمولية مع ذكر المصدر لا قصره عليه ، فقد قال في " مجموع الفتاوى " ( 19 / 273 ) : [ فإن السلوك هو بالطريق التي أمر الله بها ورسوله من الاعتقادات والعبادات والأخلاق وهذا كله مبين في الكتاب والسنة .. ] .

ذلك : في فصل مفرد حول بيان أسباب اختلاف أرباب المتكلمين وأهل السلوك والإرادة وخروجهم في المسائل عن الشرع ؛ فإن العبد الموفق للإصابة يكون أقرب إلى الشرع بدلائله السمعية والعقلية ، فعلى قدر الاقتراب تكون السعادة بالموافقة والمرافقة ، وكلما ابتعد عن المعيار المسدد كان أقرب إلى المخالفة وأحق بالمجازفة ، وألصق بالمغالطة ، وهذا القسطاس المستقيم في تصرفات الفرق والطوائف ، فأسعدهم بالحق أقربهم إلى الدلائل المرعية ، وتكون الموازنة بينها عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 10 / 363 ) : [ فمن بنى الكلام في العلم: الأصول والفروع على الكتاب والسنة والآثار المأثورة عن السابقين فقد أصاب طريق النبوة وكذلك من بنى الإرادة والعبادة والعمل والسماع المتعلق بأصول الأعمال وفروعها من الأحوال القلبية والأعمال البدنية على الإيمان والسنة والهدي الذي كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد أصاب طريق النبوة وهذه طريق أئمة الهدى ] .
وقال ابن القيم - رحمه الله - في " مدارج السالكين " ( 1 / 178 ) : [ولهذا عظمت وصية القوم بالعلم، وحذروا من السلوك بلا علم، وأمروا بهجر من هجر العلم وأعرض عنه، وعدم القبول منه، لمعرفتهم بمآل أمره، وسوء عاقبته في سيره، وعامة من تزندق من السالكين فلإعراضه عن دواعي العلم، وسيره على جادة الذوق والوجد، ذاهبة به الطريق كل مذهب، فهذا فتنته والفتنة به شديدة، وبالله التوفيق ] .

قلت : فما أحدثه الصوفية المنحرفة عن الجادة بسبب تركهم لألفاظ الكتاب والسنة ، واستبدالها بالعبارات المحدثة المحتملة للحق والباطل ، الدائرة في فلكهما ، واستعمال الأشعار المختصة بالعشق في تحببهم لله تعالى ، والتوسع في دقائق الأحوال مما يستصعبه أهل الاستقامة كما فعل المحاسبي في " الرعاية " ، وتجردهم لهذه المعاني دون التنبه لما في الوحيين من غنية ، وسير الأعلام من أهل القرون المفضلة .
يقول ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في رسالته " استنشاق نسيم الأنس " المطبوعة ضمن " مجموع رسائله " ( 3 / 292 - 293 ) : [ وقد كثر في المتأخرين المنتسبن إِلَى السلوك تجريد الكلام في المحبة وتوسيع القول فيها بما لا يساوي علي الحقيقة مثقال حبة، إذا هو عار عن الاستدلال بالكتاب والسنة، وخال من ذكر كلام من سلف من سلف الأمة وأعيان الأئمة وإنما هو مجرد دعاوي، قد تشرف بأصحابها عَلَى مهاوي، وربما استشهدوا بأشعار عشاق الصور، وفي ذلك ما فيه من عظيم الخطر، وقد يحكون حكايات العشاق، ويشيرون إِلَى التأدب بما سلكوه من الآداب والأخلاق، وكل هذا ضرره عظيم، وخطره جسيم .. وكثير ما تقترن دعوى المحبة بالشطح والإدلال وما ينافي العبودية من الأقوال والأفعال ] .

ونصوص الوحيين كتابا وسنة فيهما كفاية المحتاج في علم السلوك والأخلاق ، ولهذا علم الصحابة - رضي الله عنهم - السلوك بدلائل الشرع من غير حاجة إلى أقوال محدثة مجملة في ألفاظها الدالة على مشترك من المعاني ، وما من حكمة بليغة ، ولا عظة مؤثرة ، ولا كلمة نفسية إلا وأصولها في الشرع ، ومن استعمل الألفاظ المذكورة في السلوك المذكورة عن الأئمة بما يوافق الشريعة فلا حرج عليه ، وإن لم ترد النصوص بعينها ، ولا ذكرت حروفها ، وقد صنف أئمة السنة كأحمد ، وابن المبارك ، وهناد بن السري ، ووكيع بن الجراح - وغيرهم كثير - : في الزهد والرقائق والسلوك ، وذكروا كلمات رجالات فيها ، وأحوالهم في الدنيا من سلوكيات وأخلاق وزهد وورع ؛ والمقبول منها الموافق للشرع وإن لم يأتي ذكره في خطابه بألفاظه ، كما سيأتي في : [ الحلقة السابعة ] .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 19 / 273 ) : [ ولهذا كان جميع الصحابة يعلمون السلوك بدلالة الكتاب والسنة والتبليغ عن الرسول لا يحتاجون في ذلك إلى فقهاء الصحابة ولم يحصل بين الصحابة نزاع في ذلك كما تنازعوا في بعض مسائل الفقه التي خفيت معرفتها على أكثر الصحابة وكانوا يتكلمون في الفتيا والأحكام؛ طائفة منهم يستفتون في ذلك.
وأما ما يفعله من يريد التقرب إلى الله من واجب ومستحب فكلهم يأخذه عن الكتاب والسنة؛ فإن القرآن والحديث مملوء من هذا؛ وإن تكلم أحدهم في ذلك بكلام لم يسنده هو يكون هو أو معناه مسندا عن الله ورسوله وقد ينطق أحدهم بالكلمة من الحكمة فتجدها مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كما قيل في تفسير قوله: {نور على نور} ولكن كثير من أهل العبادة والزهادة أعرض عن طلب العلم النبوي الذي يعرف به طريق الله ورسوله فاحتاج لذلك إلى تقليد شيخ
] .

فإذا بلغ بك المقام إدراك المسائل السابقة من مجابهة أئمة السنة للصوفية المنحرفة في السلوك بما وقع لديهم من تصرفات مخالفة لدلائل الوحيين ، علمت السبب في عبارة ابن تيمية [ مسائل السلوك من جنس مسائل العقائد ] بأن السلوك المشتغل به عندهم أصوله مذكور في نصوص الشريعة كمسائل العقائد ومبينة بما يكتفى به عند المريد المحتاج ، ولذا قال - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 19 / 274 ) : [ وفي السلوك مسائل تنازع فيها الشيوخ لكن يوجد في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على الصواب في ذلك ما يفهمه غالب السالكين فمسائل السلوك من جنس مسائل العقائد كلها منصوصة في الكتاب والسنة ] .

ففرق بين قصر المصادر وتبيين شموليتها ؛ فمن لم يراعي الفروق في السياق وقع على غير المطلوب كما حصل لصاحبنا ، فليست الأخلاق بحسنها متوقفة على الشرع ، فقد تثبت صفتها قبل ورود الخطاب أو من دونه بشرط عدم المخالفة ، مع أن تمام العبارة يوضح المراد حينما قال : [ كلها منصوصة في الكتاب والسنة ] ؛ فلا أدري كيف فهم صاحبنا من هذه العبارة التوقيف ، فابن تيمية يذكر شمول الوحيين للأخلاق كالعقائد وصاحبنا يحصرها في السمعيات !

الجهة الثالثة : ( الوحي أتى بأصول الأخلاق كالعقائد )
شبه ابن تيمية مسائل السلوك بجنس مسائل الاعتقاد لأسباب ، منها :
السبب الأول : اشتراكهما من جهة ذكر الكتاب لأصولهما .
السبب الثاني : لعلاقة التأثير بينهما ، وتكلمت عليه بإشارات في [ الحلقة الخامسة ] فيكتفى بما فيها .

السبب الأول : [ اشتراكهما من جهة ذكر الكتاب لأصولهما ]
الكتاب - على سبيل المثال - أتى بأصول العقائد ، ووضح مسائلها ، وشرح مجملها ، فليس عند الخائضين من المتكلمين في العلميات الخبرية ولا العقليات المحضة أجود منه دلالة ، وأقرب إشارة ، وأقل عبارة ، فما صح لديهم من الدلائل العقلية إلا وفي الكتاب أصولها ، وقد دل عليها بما لا يدع للقدح فيها ولا التشكيك بمقدماتها ولا نتائجها أي مجال ، مما يؤكد كونه من عند الله تعالى .
بل ؛ الكتاب أجمع معرفة وخبرا ودلالة على المعارف والعلوم ، فمخزنه لا ينفذ من أسراره ، ولا ينقطع من دلالته على المطلوبات ، ولهذا قال الله تعالى : {{ وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ }} ؛ فيشمل العقائد العلمية الخبرية ، والعبادات العملية ، والأخلاق ، وهذا مراد ابن تيمية من قوله : [ فمسائل السلوك من جنس مسائل العقائد كلها منصوصة في الكتاب والسنة ] فأصول السلوك من الأخلاق والرقائق وأحوال القلوب أتى بها الكتاب والسنة ، وليس المراد من الأخلاق حصرها في الوجود على السمعيات ؛ فالأفعال لها صفات ذاتية أو لازمة تقتضي المدح والذم قبل ورود الشرع .

وإليك هذه المقالات الموضحة :
1 ) . قال جلال الدين السيوطي - رحمه الله - في " معترك الأقران " ( 1 / 60 - 61 ) : [ العلوم التي احتوى عليها القرآن وقامت بها الأديان أربعة: علم الأصول، ومداره على معرفة الله وصفاته، وإليه الإشارة برب العالمين الرحمن الرحيم ، ومعرفة النبوات، وإليه الإشارة بالذين أنعمت عليهم ، ومعرفة المعاد، وإليه الإشارة بـ مالِكِ يوْم الدين.
وعلم العبادات، وإليه الإشارة بـ إيّاكَ نَعْبد.
وعلم السلوك، وهو حَمْلَ النفس على الآداب الشرعية، والانقياد لرب البرية، وإليه الإشارة بإياك نستعين، اهْدِنا الصِّرَاط المستقيم.
وعلم القصص، وهو الاطلاع على أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية، ليعلم المطلع على ذلك سعادة من أطاع الله وشقاوة من عصاه، وإليه الإشارة بقوله: صراط الذين أنعمت عليهم غَيْر المغضوب عليهم ولا الضالين
] .

2 ) . وقال برهان الدين البقاعي - رحمه الله - في " نظم الدرر " ( 9 / 121 ) : [ وبيان تفصيله أنه أتى من العلوم العلمية الاعتقادية من معرفة الذات والصفات بأقسامها، والعملية التكليفية المتعلقة بالظاهر وهي علم الفقه وعلم الباطن ورياضة النفوس بما لا مزيد عليه ولا يدانيه فيه كتاب، وعلم الأخلاق كثير في القرآن ] .

3 ) . وقال سراج الدين ابن عادل الحنبلي - رحمه الله - في " اللباب " ( 10 / 283 ) : [ أتى بهذا الكتاب العظيم المُشتَمل على نفائس علم الأصُول، ودقائق علم الأحكام، ولطائف علم الأخلاق، وأسرار قصص الأوَّلين ] .

4 ) . وقال أبو الفداء الإستنابولي - رحمه الله - في " روح البيان " ( 3 / 64 ) : [ وأما أعمال القلوب وهى المسمى بعلم الأخلاق وتزكية النفس فإنك لا تجد شيأ منهما مثل ما تجده فى القرآن العظيم ] .

5 ) . وقال عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - في " تفسيره " ( 302 ) : [ {وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ} من الأحكام الشرعية، والعقائد والأخلاق والآداب ] .

والله اعلم .


وكتب : أبو حيان محمود بن غازي الصرفندي
بتاريخ : 11 / 11 / 1436 هـ
الموافق : 26 / 8 / 2015 م
- المدينة النبوية -


يتبع .. [ الحلقة السابعة ] - ولعلها الأخيرة - حول تلقي السلوك عن غير الكتاب والسنة كالعلماء ونحوهم ، ثم من [ الإلزام ] سأبين - لأول مرة - تلقي صاحبنا علم السلوك ( قديما ) من كتاب صوفي ، عن رجل من كبار رجالات الصوفية المنحرفة ، ليظهر للإخوة أنه عاب الكثير بتلقي السلوك عن أهل البدع ومجالستهم ، فأثر على سلفيتهم وتعاملهم مع الخلافيات الحادثة ، مع إتيانه ما أنكره عليهم ؛ ثم سأذيل عليها بذيل مفرد حول موقف الإمام أحمد من خاطرات الحارث المحاسبي حسب ما فهم أهل السنة لا كما قال صاحبنا .
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 09-06-2015, 01:44 AM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

أتابع بقية الحلقات [ السابعة والثامنة ] بعد الرجوع من الحج
- لا حرمنا الله من فضيلته -
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #45  
قديم 09-08-2015, 07:19 PM
عبد الحميد العربي عبد الحميد العربي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 421
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود الصرفندي مشاهدة المشاركة
ومتى كان الحزبي المجروح عند الطائفتين يرمي غيره بالإخوانية ؟!



هذه واحدة من طعونك غفر الله لك.



__________________
أخرج الإمام البخاري في صحيحه، من حديث: محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عُمَر بنَ الْخَطَّابِ رَضي اللَّهُ عَنه على المنبر قال: سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسَلَّم يَقُول: (إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).


https://www.facebook.com/eldjazairihor
رد مع اقتباس
  #46  
قديم 09-09-2015, 12:33 PM
علي بن حسن الحلبي علي بن حسن الحلبي غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,679
افتراضي

يا إخواننا:

أنا أتابع من حين إلى آخر...فأقول:
لماذا لا نأخذ الصفو وندع الكدر..ونقفز على الطعن والغمز..ولا نقف عنده!
ونُبقي البحث علمياً صرفاً..ونكون عوناً لإخواننا وأنفسنا على الحق؟!

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 09-09-2015, 01:34 PM
عبد الحميد العربي عبد الحميد العربي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 421
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حسن الحلبي مشاهدة المشاركة
يا إخواننا:

أنا أتابع من حين إلى آخر...فأقول:
لماذا لا نأخذ الصفو وندع الكدر..ونقفز على الطعن والغمز..ولا نقف عنده!
ونُبقي البحث علمياً صرفاً..ونكون عوناً لإخواننا وأنفسنا على الحق؟!

يا شيخ علي وفقني الله تعالى وإياك إلى مراضيه:
صاحبنا الصرفندي غفر الله له على المثل السوري (خطف الكباية من راس الماعون)، أو كما يقول إمامنا الشيخ ناصر الدين الألباني: (يحكي شروي غروي، او شندي بندي) وذهب يتحدى بقوله:

[لو قدرت أن تأتي بنص من كلامي بأني رميتك ب[ الجهمية ، الباطنية ، الخوارج ، الحدادية ] - بشرط الإطلاق بأن أقول لك : عبد الحميد جهمي أو من الجهمية وهكذا - فلك عندي هدية 5000 الف ريال [ يعادل : 141564 دينار جزائري ، و 1333 دولار ] أو بمقدارها من الكتب هدية لك، لأني من قبل عرضت مجموع الفتاوى فلم أجد جوابا منك ولا من صاحبك !
ثم: إن قدرت أن تأتي بدفاعي عن الإخوان المسلمين - بما يخالف الحق - فلك ذلك - إن شاء الله - ، وإن استطعت أن تسرد لي جملة - من كلامي - في الذب عن منهج الإخوان المنحرف البدعي فلك ذلك].

ونسي غفر الله له أنه ملأ مقالاته طعونا وغمزا واستهزاء وسخرية وتعال، فأردت أن أوقفه على حقيقة واحدة من عشارات الحقائق وهي قوله: [(ومتى كان الحزبي المجروح عند الطائفتين يرمي غيره بالإخوانية ؟!)] عسى أن يرعوي ويثوب إلى رشده ونحن في أشهر الحرم، وقد حنقت عليه بالأمس حنقا شديدا ثم استرجعت، ودعوت الله أن يهديه سواء السبيل، وأن يبصره بمنزلة إخوانه من أهل الحديث.

__________________
أخرج الإمام البخاري في صحيحه، من حديث: محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عُمَر بنَ الْخَطَّابِ رَضي اللَّهُ عَنه على المنبر قال: سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسَلَّم يَقُول: (إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).


https://www.facebook.com/eldjazairihor
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 09-09-2015, 03:08 PM
علي بن حسن الحلبي علي بن حسن الحلبي غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,679
افتراضي

جزاك الله خيرا على هذا التصرف الإيجابي الجميل.
وهو توكيد-بعد التطبيق-لما ذكرته في كلمتي الغابرة.
شكرا جزيلا لك..
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 09-09-2015, 03:45 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

أوتشتكي لشيخنا من هدية مشروعة فعل بنحوها جمع من أهل العلم لإثارة الهمم للإجابة (!) لأنها خرجت تأكيدا على عدم مصداقيتك وإلا قدرت على الاتيان بدليل واحد يدعم موقفك !

أيا شيخنا الحلبي :
إن عبد الحميد العربي يغضب من قول - حزبي - في سياق حاشية عامة (!) ولا يسوغ لنا الرد عليه حينما يصفنا بأشنع البدع ؟!
ولا نبعد قليلا ؛ فالبارحة عدل - فقط الدعاء - ولم يغير ما كتبه في حق الإمام الألباني - المنقص لقدره - بكونه مضغوطا عليه حول كلمته عن الإخوان ، ثم قوله عن تحرير أبي الحارث لكلام الألباني ( هنيئا للإخوان المسلمين .. ) !
ألا يسوغ غضبنا للحق ، وقد كتب البارحة قائلا لي : [ ومن هنا يحق لي أن أقول لك المحامي المخلص عن أهل البدع الذي لا يكل ولا يمل ولا يثبت أمامه الكرابيسي ] !!!

ومن قبلها - العديد من الاتهامات - يواجهنا بها بدل النقاش العلمي ، ومنها : اتهامي بكوني منهمك في الدفاع عن أهل البدع ، وأهاجم آثار الأئمة والسلف ، ونبت على علم الكلام ، وأشهد بالزور على أهل الحديث ، وغيرها كثير (!) ثم يغضبه قول عام !
فاعدل .. العدل .. أوكلما جدلناه بعلم استحدث لنا المشاكل وقذفنا بالأباطيل (!) فليست أعراضنا رخيصة لأمثاله على حساب مصلحة غير متحققة ، فإن الصبر بلغ حده ، فأعنونا عليه بحجز لسانه - على الأقل - ، فيضحكني أنه غير الدعاء من الشر إلى الخير وترك الاتهامات شاهدة عليه ، فأي تعاون وتطبيق هذا !!

تنبيه : ليس موضوعنا هذا الذي جرى فيه النقاش مع الإخوة ، لكنه انتقل للتعليق هنا لتكون ذريعة لغلق الموضوع وعدم اتمام حلقاته .
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #50  
قديم 09-09-2015, 03:50 PM
عبد الحميد العربي عبد الحميد العربي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 421
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حسن الحلبي مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا على هذا التصرف الإيجابي الجميل.
وهو توكيد-بعد التطبيق-لما ذكرته في كلمتي الغابرة.
شكرا جزيلا لك..



أولا: أقول للأخ الصرفندي كما أخبر الله عن نبي الله يعقوب: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)

ثانيا: أقول للشيخ عليّ:

وأنتم جزاكم الله خيرا.

والله نسأل أن يجمع قلوبنا على السنة والتوحيد.

وأن يعصمنا من الزلل.

وأن لا يجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا.

وغفر الله لي وللصرفندي.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.




__________________
أخرج الإمام البخاري في صحيحه، من حديث: محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عُمَر بنَ الْخَطَّابِ رَضي اللَّهُ عَنه على المنبر قال: سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسَلَّم يَقُول: (إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).


https://www.facebook.com/eldjazairihor
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.