أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
10457 107599

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام > مقالات فضيلة الشيخ علي الحلبي -حفظه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-06-2010, 04:54 PM
علي بن حسن الحلبي علي بن حسن الحلبي غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,679
افتراضي ردّ جديد على( محمد سعيد حوّى):ننتصرُ للسُّنَّةِ النبويَّةِ بالدِّفاعِ عنها...(1)

ردًّا على الدكتور محمد سعيد حوّى:

... ننتصرُ للسُّنَّةِ النبويَّةِ
بالدِّفاعِ عنها؛ لا بالتَّشكيكِ فيها!!

(مِن المسلَّمات عند العُلماء المُسلمين: حُجِّيَّةُ السُّنَّة النبويَّة، وأنَّها المصدرُ الثاني للتشريع، وأن طاعة رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فرضٌ لازمٌ لا خيار للمسلم فيه)...
... هذا ما بدأ به الدكتور محمد سعيد حوّى -وفَّقَهُ اللهُ- مقالَهُ المُعَنْوَنَ بـ(كيف ننتصرُ للسُّنَّةِ النبويَّة؟)، والمنشور في (جريدة الدستور) -الأُردُنِّيَّةِ- بتاريخ: (11/ربيع الأول/ 1431هـ)، وهو بدايةٌ حَسَنَةٌ لِعُنوانٍ مُشَوِّقٍ؛ استغلَّ فيه عواطفَ عامَّةِ المُسلمين في إحيائِهم ذِكْرَى مولدِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-!
ولكنْ؛ سَرْعان ما نَقَضَ الكاتبُ -غَفَرَ اللهُ له- كلامَهُ بما يهدمُهُ مِن أصله، وينقضُهُ مِن أساسِهِ، وبأُسلوب غير علميٍّ، ليس فيه إلا تَكرارُ كلام الروافض والمستشرقين، وأذنابهم من المستغربين.
ولا يشفعُ للدكتور حوّى -هداهُ اللهُ- تخصُّصُه (الأكاديميُّ!) -في عُلومِ السُّنَّةِ النبويَّة- في أنْ يُمَرِّرَ مثلَ هذه الشُّبُهات والطُّعونات -تحت اسم (السُّنَّة)-، وهي البعيدةُ البُعْدَ كُلَّهُ عن منهجيَّةِ عُلماءِ السُّنَّةِ النبويَّةِ الأعلام، وصَفاءِ قُلوبِ أهل السُّنَّةِ النبويَّة تُجاهَ سُنَّة نبيِّهم -عليه الصَّلاة والسلام-.
وحتّى لا أُطيلَ في التقديم -فأتأخَّرَ عن البيانِ-؛ أذْكُرُ (أهمَّ) ما أخطأَ به الدُّكتور حوَّى -غَفَرَ اللهُ لهُ-، وأُتْبِعُهُ بالرَّدِّ والتوضيحِ -مُعْرِضاً عمَّا هو دون ذلك- وإلا لَطالَ بنا القولُ-:
1- قال: (فعلَى الأرجحِ: لمْ تُدَوَّن السُّنَّةُ في حياتِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلّم- إلا قليلاً جدًّا)!
وهذا باطلٌ مِن القول والادِّعاء العريض! ولو كلَّفَ الدُّكتور حوَّى (!) نفسَهُ بمُراجعةِ كتاب «دراسات في الحديث النبويِّ» للدكتور محمد مصطفى الأعظمي -والذي نالَ عليه أرفعَ جائزةٍ علميَّةٍ إسلاميَّةٍ - لَعَرَفَ بُطلان دَعواهُ، ولأَيْقَنَ أنَّ تسلسلَ التَّدوين العلميّ للسُّنَّةِ النبويَّةِ بَدَأ مُنذُ عصرِ الرسول -صلّى اللهُ عليه وسلَّم-، مُروراً بعصرِ الصَّحابةِ، وإلى عَصرِ التابعين؛ فمَن بعدَهُم مِن غيرِ انقطاعٍ -وبصورةٍ كثيرةٍ كبيرةٍ-؛ لِيُطابِقَ ما في صُدورِ الحُفَّاظ ما في سُطور مُدَوِّنِي السُّنَّةِ، وكُتَّابِها، وجامِعِيها -رحِمَهُم اللهُ- أجمعين-.
2- أمَّا استدلالُهُ -غَفَرَ اللهُ له- بحديثِ: «لا تكتُبُوا عنِّي، ومَن كَتَبَ عنِّي غيرَ القُرآن؛ فلْيَمْحُهُ»؛ فهو استدلالٌ منقوصٌ غيرُ قائم؛ إذ قد بيَّنَ الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ في كتابِهِ «تقييد العِلم» الوجهَ الصحيحَ في فَهْمِ هذا الحديثِ، وأنَّهُ خشية «أنْ يُضاهَى بكتابِ الله -تعالى- غيرُهُ، وأنْ يُشتغَلَ عن القُرآنِ بسواه؛ فلمّا أُمِنَ ذلك، ودَعَت الحاجةُ إلى كَتْبِ العِلمِ لمْ يُكْرَهَ كَتْبُهُ» -كما هو نصُّ كلامِهِ -رحمهُ اللهُ-، والذي أقامَ كتابَهُ -كُلَّهُ- مِن أَجْلِ بيانِ الوَجْهِ الصحيحِ الحقِّ لهذا الحديثِ.
3- أمَّا قولُهُ: (إنَّ معظمَ السُّنَّةِ النبويَّةِ رُوِيَتْ بروايةِ الآحادِ، أي: برواية الواحدِ، أو الاثنين، أو الثلاثة)!
قلتُ: فكان ماذا؟! هل العبرةُ -في الصحَّةِ والثُّبوتِ- بعددِ الرُّواة، أمْ بثقتِهِم وجلالتِهِم؟
وهل أهملَ عُلماءُ الحديثِ الأفذاذُ هذه القضيَّةَ المهمَّةَ حتَّى يجيءَ -بعدَ قُرون وقرون!- مَن يستدرِكُ عليهم في بديهيَّةٍ مِن أهم بَدِيهِيَّاتِ عِلم مصطلح الحديث، وثبوت الأسانيد -وأوَّلِيَّاتِهِ-؟!
فالأصلُ -ولا بُدَّ- هو: ثقةُ الرُّواة؛ فإنْ كَثُروا: زاد ذلك الحديثَ صحَّةً واطمئناناً؛ فكان نُوراً على نُور...
4- أمّا ما ذَكَرَهُ الدُّكتور حوَّى مِن (ظاهرة نَقد المتن مِن قِبَلِ الصَّحابةِ أنفُسِهم؛ حيث لا سَنَدَ أصلاً حتَّى يُنقد، ولمْ يكن الصحابةُ يكذِّبُ بعضُهُم بعضاً)!!
فهذه دَعْوَى غيرُ صحيحةٍ، وذلك مِن وُجوه:
أ- أنَّ الصحيحَ المرويَّ مِن ذلك (النقد) يسيرٌ جدًّا، لا يشكِّلُ (ظاهرة) بالمعنى المُدَّعَى -ألْبَتَّة-.
ب- أنَّ تَوَجُّهَ النقدِ كان لحِفظِ الرَّاوِي أصالةً، وليس تكذيباً له، أو نقضاً لخبرِهِ، وإنَّما مِن بابِ التخطئة لروايتِهِ -إنْ صحَّت تلك التخطئةُ وثَبَتَتْ-.
جـ- أنَّ التخطئةَ التي وُوجِهَ بها بعضُ الصحابةِ مِن صحابةٍ آخَرِين -لمرويَّاتِهِم- وُوجِهَتْ -أحياناً- بتخطئةٍ مضادَّةٍ، وثباتٍ على أصلِ الرِّوايةِ؛ دونَ الْتِفاتٍ لهذا النقد، فضلاً عن تغييرٍ للرِّوايةِ.
فليست التخطئةُ بذاتِها طريقاً للإيقانِ بالخطأِ -كما هو ظاهرٌ-.
د- أنَّ نصَّ كلامِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ -ولفظَهُ- في تخطئتِهِ لفاطمةَ بنت قيس -وقد أوْرَدَ قصَّتَها الدُّكتور حوَّى- بَيِّنٌ في تحقيقِ هذا المعنى، حيث قال -رضي اللهُ عنهُ-: «لا ندعُ كِتابَ الله وسُنَّةَ نبيِّنا لقَوْلِ امرأةٍ لا ندري أحفِظَتْ أمْ نَسِيَتْ»، وهذا الجُزْءُ مِن الحديثِ لمْ يذكُرْهُ الدُّكتور حوَّى؛ فلماذا؟!
5- أمَّا (ظاهرة الرِّواية بالمعنى) التي أشارَ إليها الدُّكتور حوَّى؛ فليست هي بالصُّورةِ التي ادَّعاها، وبنَى عليها كلامَهُ بعدَها! وإنَّما الأمرُ فيها -مع التسليمِ بها- قائمٌ على ضوابط دقيقة، وشروط وثيقة؛ بَيَّنَها العُلماءُ، ودقَّقُوا فيها.
ولعلَّهُ مِن هُنا بَدَأ نشوءُ (علمِ العِلَلِ)؛ الذي له أهلُهُ ورِجالُهُ -على مدارِ التَّارِيخِ العلميِّ الحديثيِّ -قديماً وحديثاً-.
والحقُّ أنَّ الأصلَ في كُلِّ روايةٍ يرويها ثقةٌ حافظٌ أنْ تكونَ باللفظِ لا بالمعنى؛ فإنْ ثَبَتَ لنا أنَّها بالمعنى؛ نَظَرْنا: هل المعنى مُؤتَلفٌ، أم مُختلف؟! مُتَّفقٌ مع المُرادِ أمْ مُفترق؟!
فليست القضيَّةُ فوضَى -مِن جهةٍ-، ولا دَعاوَى -مِن جهةٍ أُخْرَى-.
6- أمَّا (ظاهرة التفرُّد والغرابة)، التي أشارَ إليها الدُّكتور حوَّى (والتي يُفْتَرَضُ أنْ تُروَى مِن روايةِ الجَمعِ أو العددِ) -كما قال!-؛ فهي دَعْوَى -أيضاً- منقوضةٌ جدًّا؛ إذ للتفرُّدِ أسبابُهُ العلميَّة أو الاجتماعية -كما بيَّنَهُ العُلماءُ-.
ولعلَّ أكبرَ ردٍّ على هذه الدعوى: افتتاحُ الإمامِ البخاريِّ «صحيحَه» بِحديثِ: «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات» -وهو فَرْدٌ-، واختتامُهُ -أيضاً- «صحيحَه» بحديث: «كلمتان خفيفتان على اللسان..» -وهو فَرْدٌ -أيضاً-.
وأمّا الغرابةُ؛ فلها معنيان:
معنى اصطلاحيّ، وهو لا يُعارِضُ الصِّحَّةَ والثُّبوتَ -مُطلَقاً-.
ومعنى لُغَوِيّ، وهو معنىً نسبيٌّ جدًّا؛ فما قد يستغربُهُ (زيد) قد يقبلُهُ (عَمْرو)؛ فكان ماذا؟! أبمثلِ هذه الأوهامِ تُرَدُّ النُّصوصُ، وتُنقضُ المرويَّاتُ؟!
7- ما ذكرَهُ الدُّكتور حوَّى من (ظاهرة الأخذ عن أهل الكتاب، ومِن ثمَّ رواية الكثير من الإسرائيليات المنكَرة) كلامٌ لا وزنَ له؛ وذلك مِن وجهَيْن:
أ- أنَّهُ -أيضاً- ليس (ظاهرة) -ألْبَتَّة-، بل هو مفاريدُ ومُفردات ليس إلا؛ ثم إنَّ أهلَ العلمِ قد بيَّنُوا ذلك، ولمْ يسكُتُوا عنه، ولمْ يترُكُوه لمتمجهدِي القُرون الأخيرة!
ب- أنَّ الاتِّكاءَ على هذه الدعوَى الباطلةِ لإقامةِ ادِّعاءات أُخْرَى -أكثرَ بُطلاناً- متفرِّعةٍ عنها -مِن أنَّ: هذا الحديثَ عن أهل الكتاب!! أو: ذاك الحديثَ مِن الإسرائيليَّات: يُشَكِّلُ عُدواناً صارِخاً قبيحاً على مناهج المحدِّثين الأصيلةِ، وقواعدِهم الراسخةِ التي هي أكبرُ فَخَارٍ عرفه التاريخ -كُلُّهُ- للعرب والمُسلمين؛ فقد بيَّنُوا كُلَّ ذلك، وكشفوا عن حقيقةِ ما هُنالِك...
8- قولُ الدُّكتور حوَّى: (ظاهرة المذهبيَّة العقديَّة والفقهيَّة والتحزُّب لكلِّ مذهب، وكان لذلك آثار خطيرة في الرواية والرُّواة)!! كذا قال -هداهُ اللهُ-، وكأنَّهُ اكتشافٌ عصريٌّ جديدٌ!!
فأقولُ: ألَمْ يكشفْ عُلماءُ الحديثِ عن هذا الخَلَل في عُصورِهِم الأُولَى؟!
ألمْ ينقُد عُلماءُ الحديثِ الرُّواةَ -على تنوُّعِ أفكارِهِم-، ويُفنِّدُوا عقائدَهُم ومذهبيَّاتِهم؟!
ألَمْ يكُنْ لِعُلْماء الحديثِ المنهجيَّةُ الدقيقةُ في الأخذِ عن هؤلاء المذهبيِّين، وتمييز رواياتهم المقبولة والمرذولة؟!
ولكنْ؛ حقًّا: إن (ظاهرة المذهبيَّة العقديّة والفقهيَّة) أثَّرَتْ جدًّا في عُقولِ عددٍ ليس بالقليل من الأكاديميِّين العصرانيِّين -تأثُّراً بالمُستشرِقين، أو الروافض!-؛ للتشكيكِ بمُسَلَّماتِ أهل الإسلام، والطعنِ بأحاديث النبيِّ -عليه الصلاة والسلام-...
9- قول الدكتور حوَّى: (ظُهور روايات وطُرُق لأحاديث في كُتُب متأخِّرَة، لم تكن معروفة في القُرونِ الأُولَى، ولا في المدوَّنات المعتبرة -كالكتب التسعة-)!! فهذا من الدكتور حوَّى دليلٌ عَمَلِيٌّ تطبيقيٌّ على تأثُّرِهِ بالمُستشرِقين وأذنابِهِم؛ إذ إنَّ مُصطلَح (الكُتُب التِّسعة) مُصطلحٌ استشراقيٌّ صِرْفٌ؛ لمْ يعرِفْهُ أهلُ الحديثِ إلا بعدَ تأليفِ مُستشرِقِي (جامعة لَيْدن - هولندا) كتابَهُم «المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبويّ» -أوائل القرن العشرين-؛ بخلاف مُصطلح (الكتب الستَّة)، أو مُصطلح (السنن الأربعة)؛ اللذَيْنِ كانا معروفَيْن لِعُلماءِ الحديثِ -مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ-.
ثُمَّ يُقالُ: ما ليس معروفاً (عندك!) هو معروفٌ عند (غيرِك!) -يقيناً-، وما لم يُطبع مِن كُتُبِ السُّنَّة هذه الأيّام لا يدلُّ على أنَّهُ لمْ يكُنْ معروفاً أيّام الرِّواية، والجَمْع، والتخريج! فلا تخلِط!
10- قولُ الدُّكتور حوَّى: (ظُهور الاختلاف بين النُّسَخ الخطيَّة..) يُريد: لكتب الحديث النبويّ! فكان ماذا؟! أمْ أنَّهُ (تشكيك) جديد، ومِن زاويةٍ أُخْرَى؟!
وهل معرفةُ ذلك، وإدراكُهُ -على التحقيقِ- أمْرٌ أُغْفِلَ بيانُهُ والتنبيهُ عليه مِن جهةِ عُلمائنا الأبرار، وأئمَّتنا الكِبار؟!
أين أنت -أيها الدكتور- مِن «فتح الباري» وضبطه الدقيق -جدًّا- لكلِّ لفظ، أو كلمةٍ، أو حتَّى حرف- فيما تعرَّضَ له في شَرْحِهِ لـ«صحيح البخاري» -«صحيح» أهل الإسلام -على مرِّ الأزمان-؟!
وعليه؛ فإنَّ ما ذَكَرَهُ الدُّكتور حوَّى -بَعدُ- مِن الإشارةِ إلى «شرح البخاري» -حُجَّةٌ عليه، لا له -لِمَن يعقلُ-!
وأمّا «سُنَن الترمذي» -واختلافُ نُسَخِهِ-؛ فلمْ يذكُرْ لنا الدُّكتور حوَّى: هل هذا الفرقُ المُدَّعَى- وقد بيَّنَهُ العُلماءُ في تحقيقاتِهِم، ورجَّحُوا الصحيحَ منهُ -قديماً وحديثاً-، فَرْقٌ مُؤثِّرٌ على أصلِ الثُّبوت والصحَّة؟! أمْ أنَّ ذِكْرَهُ والإشارةَ إليه -هُنا- مُجرَّد تشغيب؟!!
11- إشارتُهُ لـ(عِلم العِلل)، وقولُه -بعد- في وَصْفِهِ بكونِهِ: (ميداناً فسيحاً للاجتهادِ والنَّظَرِ)؛ أقولُ: بضوابطَ دقيقةٍ جدًّا -أوَّلاً-، ولمن هو لذلك أهلٌ -ثانياً-، مع عدم التسليم بكُلِّ ما يُذكَرُ فيه -ثالثاً-.
ثُمَّ؛ هل انتقاداتُ الدُّكتور حوَّى لأحاديث «الصحيحَيْن» -أو أحدهما- قائمةٌ على هذا العلم الحديثيِّ الدقيق؟! أمْ أنَّها عنهُ بمَعْزل، ومنه بأبعد منزل!؟!
وما ردُّنا عليه -فيما أثارَهُ على عددٍ مِن أحاديث «الصحيحَين» في بعضِ مقالاتِهِ -قبل شهورٍ-في كتابِنا «ردّ الدَّعوَى، وصدّ اعتداءات الدكتور محمد سعيد حوّى» إلا دليلاً واضحاً على بُعد حقيقتِهِ عن دَعواه.
12- زَعْمُهُ بأنَّ (علم الجرحِ والتعديلِ): (ما زالت قضاياهُ بحاجةٍ إلى تحريرٍ دقيق!): زَعْمٌ باطِلٌ؛ ذلكم بأنَّ هذا العلمَ العظيمَ توافَرَتْ على ضَبْطِهِ وتحرير مسائلِهِ جُهودٌ جبّارة، من عُلماء موسوعيِّين، عاشُوا للسُّنَّةِ، وأفْنَوْا أعمارَهُم في حِفْظِها وضَبْطِها -قُروناً مُتَعَدِّدَةً-؛ فكيف يَزْعُمُ خلافَ ذلك مَن لا يستطيعُ (!) أنْ يدَّعِي المقارنةَ بهم، فضلاً عن التفوُّق عليهم؟!
13- وتمثيلُ الدُّكتور حوَّى على النقطة السابقة بـ(مفهوم الصحابيِّ الذي نُثْبِتُ له العدالة المُطلقة) التقاءٌ مع آراء الروافض الذين لا يُقيمُونَ للصحابةِ الكِرام وَزناً، ولا يَرفَعُونَ بهم رأساً؛ والذين بَنَوا كثيراً مِن آرائهِم الرافضيَّةِ الباطلةِ -تلك- على نقض مفهوم (الصحابي) عند أهل السُّنَّة -أصلاً-كما يُحاول به الدكتور حوَّى-!
أمْ أنَّ هذا منهُ -غَفَرَ اللهُ له- بدايةٌ لمغازلةٍ سياسيَّةٍ مذهبيَّةٍ (!) لها خلفيَّاتها، ولها نتائجُها؟!!
14- أمّا (مُشكلة الاختلاف بين العُلماء في الجرح والتعديل، والحُكْم على الرُّواة!) -التي أعطاها الدُّكتور حوَّى بُعداً آخَرَ غيرَ علميٍّ-؛ فهي مشكلةٌ محلولةٌ عند عُلمائِنا منذُ العُصورِ العلميَّة الأُولَى؛ فلهم -رحمهُم الله- (قواعدُ) في معرفة العُلماء المتشدِّدين والمُتساهلين، و(قواعدُ) في تعارُض الجرح المفسَّر مع التعديل، و(قواعدُ) في أصل قَبُول الجرح المفسَّر، و(قواعدُ) في: متَى يُقبَلُ الجرح إذا كان مُبهماً، و(قواعدُ) في قَبُولِ التعديلِ على الإبهامِ... وهكذا!!
فهل يُريدُ الدُّكتور حوَّى -بسطُورِهِ القليلة هذه!- طيَّ صفحة هذا العِلم العالي الدقيق، أو التشكيك بمنهجيَّتِهِ و(قواعده) في الضَّبطِ والتوثيق؟!
15- وما أجملَ قولَ الدكتور حوَّى -في وسط مقالِهِ!-: (نهضَ عُلماءُ أفذاذٌ جهابذةٌ حُفَّاظٌ ليحرِّرُوا السُّنَّةَ، ويذودوا عن حِياضِها قَدْرَ الاستطاعةِ البشريَّةِ!)؛ فأقولُ:
نَعَمْ؛ هُم كذلك -بحمدِ الله- قديماً وحديثاً-، ولذلك لمْ يترُكُوا المجالَ -جزاهُمُ اللهُ خيراً- لأهلِ الأهواءِ الأقدَمِين، ولا لأفراخِهِم المُعاصِرِين: بأنْ يُمِرُّوا باطلَهُم الآثِمَ -تشكيكاً بالسُّنَّةِ المطهَّرَة- تحت سِتار: (حريَّة الفِكر)! وتحت مظلَّة: (الحِفاظ على القُرآن)! وتحت لواء: (العقل)!! وما أشبهَ ذلك من شعارات ظاهرُها فيه الرحمة، وباطنها مِن قِبَلِها العذاب!
وإلا؛ فبالله عليك -يا دُكتور حوَّى-: مَن مِن هؤلاء (العُلماء الأفذاذ الجهابذة الحفَّاظ) طعَنَ في «الصحيحَيْن» -أو أحدِهِما- (بمِثلِ) ما طَعَنْتَ، أو -حتّى- (بنحوِ) ما طَعَنْتَ؟!
بل أقولُ: هل سَكَتُوا عن الردِّ على مِثلِ عملِك وصنيعِك؟! أم ردُّوا، ونقضُوا، وكشفوا، وبيَّنُوا؟!
ونحن -بمنَّةِ الله- على طريقِهِم سائرون، وبأنوارِهِم مُهتَدُون، ولمنهجِهِم مُقْتَفُون...

إنْ لمْ تكونُوا مثلَهُم فتشبَّهُوا * * * * * إنَّ التشبُّهَ بالكــرامِ فـلاحُ

16- أمَّا قولُهُ: (قرَّرَ العُلماءُ المحقِّقُونَ أنَّ السُّنَّةَ الآحاديةَ الصحيحةَ -فضلاً عن الضعيفة- ظنِّيَّةُ الثُّبوت)!
فحشرُهُ لـ(الضعيفة) -ها هُنا- إقحامٌ لا مُرادَ منهُ إلا التشويش؛ لاتِّفاقِ الجميعِ على ردِّ الأحاديثِ الضعيفة، ونفيِ نسبتِها إلى رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلّم-.
أمّا (الظنُّ)، و(الآحادُ) -وغيرُهما-؛ فاصطلاحاتٌ كلاميَّةٌ أكثرُ منها اصطلاحاتٍ حديثيَّةً؛ لذلك لا نُعوِّلُ عليها كثيراً، ولا نَقِفُ عندَها كثيراً، وإنّما يكونُ اهتمامُنا -كُلُّهُ- متوجِّهاً إلى الثَّمَرَةِ العَمَلِيَّةِ مِن وَراءِ مثلِ هذه الاصطلاحاتِ -إثباتاً ونَفْياً-؟!
فما دامَ الحديثُ صحيحاً جامعاً لشروطِ الصحَّة -سنداً ومَتناً-؛ فلا يُلتفَتُ إلى أوهامِ التخطئةِ والتغليط بالظَّنِّ الباطل، والرأي العاطِل، ولا يُلتفَتُ إلى المُصطلحِ الحادِثِ الدخيل؛ لِيُحْكَمَ به على الحقِّ الراسِخِ الأصيل...
17- أمّا دَعْوَى (الاحتمال في عدم ثُبوتِ الحديثِ الآحاديِّ ظاهر الصِّحَّةِ) -على حدِّ زَعْمِ الدُّكتور حوَّى!-؛ فهي دعوَى -أيضاً- غيرُ قائمةٍ؛ باعتبارِ أنَّ مِن الاحتمالِ -أصلاً- ما هو راجحٌ، ومنه ما هو مرجوحٌ، والمرجوحُ لا وَزْنَ له، ولا قيمةَ له؛ وإلا دَخَلْنا -وأدخَلْناكُم!- في متاهاتٍ لا تستطيعُونَ الفرارَ منها -كإثْباتِ النَّسَبِ- مثلاً-!!! أمْ أنَّكُم (ترفُضونَ) هذا، وتقبَلُونَ ذاك -ضربةَ لازِبٍ-؟!
* * * * *
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-06-2010, 05:16 PM
أبو الأزهر السلفي أبو الأزهر السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,172
افتراضي استكمـــــــــــــــــال الرد والصد..(1)

بارك الله فيكم وفي قلمكم الكريم شيخنا أبا الحارث..


أود أن أضيف بعض الردود على ما تفضلتم به؛ لعلها تكون نافعة !

قلت سابقاً :
هذا الرجل (محمد سعيد حوى) لا ينخدعنَّ جاهل ببريق كلامه ولمعانه, ويظن أنه رجل غيور على السنة النبوية, ونقائها؛ بل هو عدو للسنة, ومدلس كبير, وذو إعجاب برأيه السقيم..والأدهى والأمر أنه سرَّاق..نعم حرامي ضلال..فإن شبهاته حول الصحيحين مما أكل الدهر عليها وشرب, وقد فندها الجهابذة قديما قديما قديما...ويأتي هو وأضرابه هذه الأيام, وكأنهم وقعوا على كنز عظيم حينما يبرزون هذه الشبهات للعوام, والجهلة السذج المساكين..

إن هؤلاء القوم يحترفون سرقة الأفكار, ولو كانت من الكفار كالمستشرقين الحاقدين, والرافضة اللافظة..ويحاولون -أيضا- تصوير المسائل بغير صورها..فإنك تجده مثلاً ينسب القول لمعين فقط كالإمام الألباني تشنيعا وتفظيعا عليه, والحال أن كثرة كاثرة من العلماء من قال به؛ فما سبب الحصر وسره حينئذٍ ؟!!

ثم انظر رعاك الله لقواعده الفاسدة التي يسطرها كقاعدة عرضه للسنة النبوية على العقول السليمة !!!

ونحن نسأل أيُّ العقول هي السليمة ؟!

أهي عقل جدكم الكبير الذي علمكم المنطق (آرسطو) ؟!

أم عقل أبناءه الزنادقة كابن سينا والفارابي وغيرهما ؟!

أم عقل المستشرق النيِّر ؟!

أم عقل الرافضي الكبير ؟!

أم عقل السني المذهبي ؟!

أم عقل السلفي الأثري ؟!

أم عقل الطبيب والمهندس ؟!

أم عقل العامي ؟!

كلهم يدعي أنه ذو عقل سليم, وأنت تدعي هذا أيضا؛ فسنسمع كلام من ؟؟ ونصدق عقل من ؟!

العقل السليم يا دكتور محمد حوَّى يقضي بأن نصدق الصحيحين, وما أجمع عليه علماء الأمة من تصحيح أحاديثهما, وأن نتهم عقولنا بإزاء عقول أمة محمد صلى الله عليه وسلم طوال ألف سنة وزيادة..

وانتبه..فكلامي عن المجمع عليه من أحاديثهما..وأما المختلف فيه فله بحثه الخاص الذي يعرفه العلماء..

والعقل السليم يقضي (يا دكتور الحديث) أن نقرَّ ونعترف لكل أهل فنٍّ وتخصص بفنهم وتخصصهم, وأن نجعل قولهم -فيما لا قول فيه لمعصوم- هو الحكم والفيصل, وإن لم نسلك هذا المسلك فإن الدنيا بأسرها ستفسد على أصحابها, وهذا من بدهيات العقل السليم -كما لا يخفى على اللبيب الفطن-

الرد يطول على أمثال المقلدة, وحراميي الضلال هؤلاء, وقد قام بعض الأفاضل الغيورين على السنة النبوية بنقض نماذج من مزاعم دكتور الحديث هذا..

فقد رد الشيخ المحدث علي بن حسن الحلبي الأثري (تلميذ الإمام الألباني) على الرجل بكتابه :

((نقض الدعوى ورد اعتداءات (محمد سعيد حوى!) على السنة النبوية المشرفة وأهلها -بالتي هي أقوى-))


التحميل من هنـــــــــــــا

وكذلك قام بكشف زيفه دكتور الحديث في الجامعة الأردنية الفاضل النبيل ياسر الشمالي-حفظه المولى-, ورده مطبوع بذيل كتاب الشيخ الحلبي..

وكشفت مجلة الراصد -وفق الله العاملين عليها- عن وجه آخر للدكتور محمد حوى..وهو وجه التشيع السياسي في مقال:

(( هل تجاوز د.محمد حوّى مرحلة التشيع السياسي؟ ))


يتبع -إن شاء الله-..
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-06-2010, 05:21 PM
أبو الأزهر السلفي أبو الأزهر السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,172
افتراضي استكمـــــــــــــــــال الرد والصد..(2)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حسن الحلبي الأثري مشاهدة المشاركة
17- أمّا دَعْوَى (الاحتمال في عدم ثُبوتِ الحديثِ الآحاديِّ ظاهر الصِّحَّةِ) -على حدِّ زَعْمِ الدُّكتور حوَّى!-؛ فهي دعوَى -أيضاً- غيرُ قائمةٍ؛ باعتبارِ أنَّ مِن الاحتمالِ -أصلاً- ما هو راجحٌ، ومنه ما هو مرجوحٌ، والمرجوحُ لا وَزْنَ له، ولا قيمةَ له؛ وإلا دَخَلْنا -وأدخَلْناكُم!- في متاهاتٍ لا تستطيعُونَ الفرارَ منها -كإثْباتِ النَّسَبِ- مثلاً-!!! أمْ أنَّكُم (ترفُضونَ) هذا، وتقبَلُونَ ذاك -ضربةَ لازِبٍ-؟!

* * * * *
قلت: جزاك الله خيراً..اللبيب بالإشارة يفهمُ؛ فلقد قصمت ظهورهم بمعارضتك العلميَّة الفائقة في مسألة إثبات النسب..

استكمالا لنقض مزاعم ابن حوى وأضرابه الذين يشككون بالسنة النبوية بالاحتمال العقلي رأيت أن أضيف درَّة نفيسة من درر العلامة أبي إسحاق الحويني-حفظه الله- في الرد على هذا المطعن الساقط الذي يطعنون به السنة وأهلها,,


قال تلميذ الإمام الألباني العلامة محدث الديار المصرية أبو إسحاق الحويني الأثري في الرد على هذه الفرية:
((يقولون: الرواة غير معصومين.
أي: أنه من الممكن أن يخطئوا.
وهل الصحابي معصوم أم لا؟ الصحابي غير معصوم.
إذاً: غير المعصوم يغلط.
هذه كلها مقدمات بدهية لا يعارضها عاقل.
فإذا كان غير معصوم، فما هو الغريب في أنه يغلط؟! نحن نقول: ليس غريباً أن يغلط، لكن لابد أن يثبت غلطه، فنحن لا نناقش العصمة، ولا نقول بعصمتهم أبداً، فهم قد يخطئون، لكن لابد أن تحقق أنه غلط في هذه المسألة
الرد العقلي على من طعن في الصحابة بحجة أنهم غير معصومين
وهذا كقولنا: - أليس الله عز وجل على كل شيء قدير؟ - نعم.
الله على كل شيءٍ قدير.
- وهل هو قادر -مثلاً- على أن يخلق رجلاً بمائة ألف رأس أم غير قادر؟ - نعم.
هو قادر.
- وهل هو قادر على أن يجعل في كل رأس مائة ألف فم؟ - نعم.
قادر.
- وهل هو قادر على أن يجعل في كل فم مائة ألف لسان؟ - نعم.
قادر.
- وهل هو قادر على أن يجعل كل لسان يتكلم بمائة ألف لغة؟ - نعم.
قادر.
- لكن هل حصل هذا؟! - لم يحصل.
فهو قادر على كل شيء، لكن مثل هذا لم يحصل، وهذا هو الموضوع.
فنحن لا ننازع الآن في مسألة: أن الصحابي يغلط أو لا يغلط، فهو ليس بمعصوم، لكن نحن نناقش ونقول: هل أخطأ الصحابي في هذا الموضع أم لا؟ هذه هي المسألة.
إن العقل خياله واسع، ويتخيل كل شيء، لكن هل ما يتخيله العقل موجود في الواقع أم لا؟ لو فتحنا باب التجويزات العقلية لضاعت الدنيا قبل الدين، ودائماً تضرب الأمثال بمثل هذا.
مثلاً: نحن نقول: هل هناك امرأة في الدنيا الآن -في دنيا الناس الآن- معصومة من الزنا، مهما كانت عفيفة وشريفة؟ توجد امرأة معصومة، لأنك لو قلت: بل هناك امرأة معصومة، فنقول لك: هات دليل العصمة، ودليل العصمة لابد أن يكون شيئاً مقطوعاً به: أن المرأة الفلانية معصومة من الزنا، أي: أنه مستحيل أن تزني.
إذاً: نقول: لا يوجد امرأة معصومة من الزنا.
افترض أنت -يا أيها المعترض، الذي تزعم أنك تفكر بعقلك- أن لديك خمسة أولاد، فهل تستطيع أن تثبت لي أن هذا الولد هو ابنك؟ ألا يمكن أن تكون هذه المرأة أخطأت مرة وأتت بهذا الولد من شخص آخر أم أن هذا مستحيل؟ عقلاً: ممكن، فأنا أقول: إنه لا يوجد امرأة معصومة من الزنا، فمن الجائز أن المرأة تغلط غلطة فتكون غلطة العمر، وما غلطت غيرها، ولكن هذه الغلطة أتت بولد.
فأنت الآن تنسب الأولاد بمنتهى التبجح وراحة القلب لماذا وامرأتك ليست معصومة من الزنا ؟! امرأة ولدت ولداً لثمانية أشهر، فقالوا: لابد أن تضعه شهراً في الحضانة، فأدخلته المستشفى، وهناك في المستشفى مائة ولد، ولم تعرف شكله ولا أي صفة له.
وبعد شهر جاءت لتأخذ ولدها، فذهبت الممرضة وأتت بولد غير ابنك، فهل من الممكن أن تغلط أم لا يمكن؟ أم أنها معصومة من الغلط؟ قد تغلط؛ بدليل أنها إذا أحضرت لك ولداً ليس ولدك، وقالت: خذ ابنك.
فإنك تأخذه منها ولا تشك إطلاقاً أن الولد هذا ربما لا يكون ابنك أبداً، بل بالعكس؛ لو جاء إنسان فيما بعد وقال لك: إن هذا الولد ليس ابنك؛ لربما قتلته مباشرة، فكيف يتكلم هذا الكلام ويطعن في الأنساب .
إلخ؟ مع أن العقل يجوز أن هذه المسائل كلها تقع.
ومع ذلك تقف سداً منيعاً دون هذه المسائل بالذات! وأحدهم ينكر أحاديث الشفاعة، وكتب مقالاً بعنوان (وما هم بخارجين من النار)، وبعدما كتبه دخل المستشفى ليعمل العملية، وكان قد كتب في المقال أنه ذاهب ليعمل عملية، وقال له الدكتور: كذا، وكذا، .
إلخ، أليس الدكتور هذا ربما يغلط؟ فقد يقول: لابد من عملية جراحية.
ثم يظهر أنه غلطان، والمسألة بسيطة جداً.
فهل قال للدكتور: إنك لست معصوماً وقد تغلط، فاجمع لي دكاترة المستشفى كلهم حتى يتخذوا قراراً بأنني أحتاج إلى عملية أم لا؟! لماذا لم يفعل هذا؟! ونحن لو اعترضناه وقلنا له: كيف تسلم أعضاء جسمك للدكتور الذي ربما يغلط؟!! إنهم ينسون أحياناً الفوط وغيرها في بطن المريض، فكيف تسلم نفسك لواحد قد يغلط ويفتح بطنك، لماذا سلمت له بمنتهى الطمأنينة؟ لأنه من وجهة نظرك رجل متخصص ومحترم، له ثلاثون سنة في المهنة، ولا يخطئ .
إلخ، فلماذا رواة الحديث فقط هم الذين تخونهم وكلما سمعت شيئاً عنهم تقول: إنهم غير معصومين، بينما تأتي إلى كل شخص في مجاله وتعتبر كلمته نهائية ؟! وقد قرأت ملخصاً لكتاب نشر باللغة الإنجليزية بعنوان: (غزو الفضاء أكذوبة) مؤلفه رائد فضاء مكسيكي يعمل في محطة الفضاء الأمريكية يقول: إن حكاية وصولنا إلى القمر أكذوبة كبرى، وخدعة أمريكية مثل السينما بالضبط، ولقد آن لي أن أعترف بهذا.
وذكر حقائق خطيرة.
فنحن لو تكلمنا ستجد من يقول: هل تفهم شيئاً في الفضاء؟ افترض أن هذا عميل للموساد أو لغيره وكتب هذا الكتاب، وأنت لا تعرفه، وقد أكون أنا وأنت لا نعرف شيئاً عن الفضاء، ومع ذلك تجد الواحد منا ينافح أشد المنافحة أنهم صعدوا إلى الفضاء.
والرجل قد ذكر حقائق الله أعلم بها، ويقول: إن الوصول إلى القمر من المستحيل، فإن هناك مساحة بيننا وبين القمر درجة الحرارة فيها تبلغ أربعة ألف درجة مئوية، ومن المستحيل أن إنساناً يستطيع أن يقترب منها؛ لأنه يذوب ويصير ماء مباشرة، ومما قال: ولم أنس أنهم لما دعوا الجمهور لكي يروا الصاروخ وهو يدفع مركبة الفضاء، فصعدنا وموهنا لهم كما في السينما، ونزلنا من الباب الثاني على الاستراحة، والجماهير لا تعلم أن هذه المركبة سقطت في المحيط.
فلما يظهر شخص مثل هذا ويتكلم، فقد يقول البعض: هذا الكلام صحيح؛ لأن هذا الرجل متخصص، وله أكثر من أربعين أو خمسين سنة يعمل معهم.
إذاً: مسألة القول بأن الصحابي معصوم أو غير معصوم، هذه مسألة خارجة عن النقاش، ومن المسلم به أنه غير معصوم، لكن لابد أن نأتي على الجزئيات: فهل هو أخطأ في هذا أم لا؟ فلا بد من تحقق أنه أخطأ أو لم يخطئ، ولا بد من الرجوع إلى القواعد التي وضعها أهل كل علم.
فيأتي الواحد منهم فيأخذ حديثاً واحداً ولا ينظر إلى الأحاديث الأخرى في الباب، ويخرج لنا برأي عجيب لم يقل به أحد من العلماء؛ بسبب أنه أخذ حديثاً واحداً وترك بقية الأحاديث في الباب، فإن العلماء أكثروا من قول: (مطلق، ومقيد)، و(خاص وعام)، و(مجمل ومبين)، و(ناسخ ومنسوخ)، فالإنسان لابد أن يراعي هذه الأشياء، وإلا وقع عنده تناقض بين الأدلة.
والرجل الذي كتب قديماً أن القرآن لم يحدد يوم عرفة، أخطأ؛ لأنه لم يأخذ بجميع الأحاديث، فقال: لماذا نضيق على المسلمين ونجعل يوم عرفة يوم التاسع من ذي الحجة؟ إن ربنا سبحانه وتعالى يقول في القرآن: { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ } [فصلت:42]^ ، والله سبحانه وتعالى يقول: : { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } [البقرة:197]^، أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، فإذا كان الله يقول: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } [البقرة:197]، وأكد أن هذه هي أشهر الحج، فبدلاً من أن نذهب عند الجمرات ونزدحم ونقتل بعضنا، وكذا في طواف الإفاضة، لماذا لا نبسط المسألة: فنجعل جنوب شرق آسيا يحجون من واحد إلى عشرة شوال، وبعد ذلك أصحاب حوض البحر المتوسط مثلاً من اليوم الثالث عشر إلى الثامن عشر، وهكذا قسم الأيام والشهور، -شهور الحج- على المناطق، وجاء بهذا القول.
فجاء آخر ونسج على منواله، وقال: ما المانع أن نعمل سكة متحركة حول الكعبة بدلاً من أن يتزاحم الناس، فيركب الذي يريد الطواف على السكة وخلال دقيقة ونصف تنهي سبعة أشواط ما المانع من ذلك؟ هل هناك دليل يقول بعدم جواز ذلك؟ وقد كُتبت مقالة في الأسبوع الماضي مفادها: أن في البخاري حديثاً مكذوباً بل أحاديث كثيرة، ولابد للناس الذين يفهمون أن ينقحوها حتى يحفظوا للناس العقائد!! وما هو الحديث المكذوب؟ قال: حديث : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام في حجر أم حرام ) ، وقال: كيف يكون هذا الكلام؟ وكيف يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم على امرأة أجنبية؟ وكيف يضع رأسه في حجرها؟ وهذا كله بناء على سؤال امرأة من الزوار -السواح- عن هذا الحديث، وأن فيه مشكلة، وكيف يضع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر امرأة؟ فقال لها هذا العالم: أم حرام كانت خالته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وحل الإشكال.
لكن صاحب المقال أبى أن يسلم أنها خالته من الرضاعة، والمفروض أن يحضر نسب المرأة ونسب النبي صلى الله عليه وسلم وينظر أكانت أختها هي التي أرضعته أم لا؟ ويبحث في المسألة.
لكنه يقول: إن الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن المحرمات في سورة النساء، وبعد أن عدد المحرمات، قال: { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } [النساء:24]^، ولم يذكر في المحرمات: (وخالاتكم من الرضاعة)، فقالوا: ماذا كان سيحصل لو أن الله زاد هاتين الكلمتين؟! فنقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ).
ثم من أين يتطرق إلى الحديث وهو بأصح الأسانيد؟ وعندما نقول: إن الحديث موضوع.
لابد أن نذكر جهة وضعه.
ومن قال: أنه موضوع.
فمن وضعه وكذبه؟ لابد أن يجتهد ويقول: فلان هو السبب، أما أن يقال: حديث موضوع، وأي إنسان في الدنيا يستطيع أن يدعي هذه الدعوى بلا برهان.
و ابن عبد البر -الإمام العلم المفرد- لما ذكر هذا الحديث تكلم بكلام أهل العلم، وقال: (إن بعض الناس قال: إن هذه خالته من الرضاعة، وبعض الناس قال بغير ذلك، ثم قال: وسواء كان هذا أو هذا فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعل ما حرم الله )، وذهب الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري إلى أن دعوى الخصوصية في الحديث قوية، وأن هذا الحديث يحمل على أنه من خصوصيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه كان يملك إربه صلى الله عليه وسلم، ثم إنه لا تعرف الخيانة إليه سبيلاً.
وسأذكر موقفاً حتى نعلم خلق الرسول عليه الصلاة والسلام: ورد في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم حدَّث وهو جالس مع بعض أصحابه وفيهم عمر فقال: ( دخلت الجنة البارحة -يعني في المنام- فرأيت قصراً وعليه جارية تتوضأ، فقلت لمن هذا القصر؟ قالوا: لـ عمر .
قال: فلما ذكرت غيرتك يا عمر وليت مدبراً، فبكى عمر وقال: يا رسول الله! أعليك أغار؟! ) .
فانظر إليه وإلى وفائه لأصحابه، حتى وهو نائم! دخل الجنة فلما رأى جارية عمر ، وهو يعرف أن عمر بن الخطاب يغار؛ أعرض، وقال: (وليت مدبراً) فبكى عمر)) ا.هـ كلام العلامة أبي إسحاق الحويني-عافاه الله-.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-06-2010, 05:40 PM
محب أهل الحديث محب أهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 194
افتراضي

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل ونفعنا بعلومكم
__________________
قال المعلمي :
و قد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي فيلوح لي فيها معنى ، فأقرره تقريراً يعجبني ، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى ، فأجدني أتبرم بذاك الخادش و تنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه و غض النظر عن مناقشة ذاك الجواب ، و إنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته ، هذا مع أنه لا يعلم بذلك أحد من الناس ، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش ؟ فكيف لو لم يلح لي الخدش و لكن رجلاً آخر أعترض علي به ؟ فكيف إذا كان المعترض ممن أكرهه؟
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-06-2010, 08:03 PM
عبد الله بن مسلم عبد الله بن مسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 5,131
افتراضي

بارك الله فيك و نفع الله بك !
__________________
قال سفيان الثوري (ت161هـ): "استوصوا بأهل السنة خيرًا؛ فإنهم غرباء"
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-06-2010, 08:04 PM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

نسأل الله تعالى أن يبارك في شيخنا الهمام أبا الحارث ، و يكتب له أجر ذبّه عن دينه الحقّ .
فهاهو شيخنا ثابت على السنّة مدافع عنها ، فأين الذين يصدّون الناس عنه و عن علمه .
فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟!.
لقد تفرّغ الغلاة إلى السلفيين فبدّعوهم و طعنوا في دينهم ... (!) ؛ وتفرّغ السلفيّون إلى الذبّ عن دين الله كما عهدناهم و لله الحمد ؛ فاللهم ثبّتنا على الحقّ .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-06-2010, 08:06 PM
خليل بن شحادة آل عباس خليل بن شحادة آل عباس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: لبنان
المشاركات: 765
افتراضي

ألم يقل والد هذا الرجل في كتابه: تربيتنا الروحية أن ضرب الشيش عند الصوفية هو أصدق دلالة على أن هذا الدين من عند الله!!

عجبت للصوفية يطعنون في السنة ويردون أحاديث التوحيد التي لا تروق لهم ثم يدافعون عنها !!
__________________
قال الإمام الذهبي : "وأكثر السلف على أن القلوب ضعيفة والشبه خطافة"



تفضلوا بزيارة موقعي: "بلغوا عني ولو آية":


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.



To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-06-2010, 11:51 PM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
Lightbulb

جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل ونفعنا بعلمكم

وكما قال غير واحد من علماء السنة المطهرة: من دافع عن سنة نبينا العدنان - صلى الله عليه وسلم - كان له نصيب من قول ربنا تعالى : ((وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)), وأما منتقصيها فلا بد أن ينالهم شيئ من قوله تعالى: (( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ )).

فنسأل الله تعالى أن يرفع ذكرك شيخنا في عليين, جزاء نفاحك عن سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم.

وشكر الله لأخانا أبا الأزهر على تعليقه الجيد.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-07-2010, 09:35 AM
أحمد جمال أبوسيف أحمد جمال أبوسيف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,209
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل الحبيب علي الحلبي
وذب الله عن وجهك النار جزاء ذبك ودفاعك عن سنة المختار صلى الله عليه وسلم
__________________
{من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع}
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-07-2010, 09:10 PM
أبو البراء الكرميّ أبو البراء الكرميّ غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 52
افتراضي

اقتباس:
أمّا ما ذَكَرَهُ الدُّكتور حوَّى مِن (ظاهرة نَقد المتن مِن قِبَلِ الصَّحابةِ أنفُسِهم؛ حيث لا سَنَدَ أصلاً حتَّى يُنقد، ولمْ يكن الصحابةُ يكذِّبُ بعضُهُم بعضاً)!!
فهذه دَعْوَى غيرُ صحيحةٍ، وذلك مِن وُجوه:
أ- أنَّ الصحيحَ المرويَّ مِن ذلك (النقد) يسيرٌ جدًّا، لا يشكِّلُ (ظاهرة) بالمعنى المُدَّعَى -ألْبَتَّة-.
ب- أنَّ تَوَجُّهَ النقدِ كان لحِفظِ الرَّاوِي أصالةً، وليس تكذيباً له، أو نقضاً لخبرِهِ، وإنَّما مِن بابِ التخطئة لروايتِهِ -إنْ صحَّت تلك التخطئةُ وثَبَتَتْ-.
جـ- أنَّ التخطئةَ التي وُوجِهَ بها بعضُ الصحابةِ مِن صحابةٍ آخَرِين -لمرويَّاتِهِم- وُوجِهَتْ -أحياناً- بتخطئةٍ مضادَّةٍ، وثباتٍ على أصلِ الرِّوايةِ؛ دونَ الْتِفاتٍ لهذا النقد، فضلاً عن تغييرٍ للرِّوايةِ.
فليست التخطئةُ بذاتِها طريقاً للإيقانِ بالخطأِ -كما هو ظاهرٌ-.
د- أنَّ نصَّ كلامِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ -ولفظَهُ- في تخطئتِهِ لفاطمةَ بنت قيس -وقد أوْرَدَ قصَّتَها الدُّكتور حوَّى- بَيِّنٌ في تحقيقِ هذا المعنى، حيث قال -رضي اللهُ عنهُ-: «لا ندعُ كِتابَ الله وسُنَّةَ نبيِّنا لقَوْلِ امرأةٍ لا ندري أحفِظَتْ أمْ نَسِيَتْ»، وهذا الجُزْءُ مِن الحديثِ لمْ يذكُرْهُ الدُّكتور حوَّى؛ فلماذا؟!
لي رجاء عند فضيلة الشيخ علي حفظه الله وهو أن يتوسع في الكلام في هذه المسألة الحساسة ضوابط "نقد المتون" بين أهل السنة وأهل الرأي فقد تجاذبها طرفين بين إفراط وتفريط، وما أعلمه أن أهل الحديث يعلون الحديث بنقد المتن ! بل الصحابة أيضا ردوا بعض الأخبار بنقد المتن ! وأهل الرأي كذلك قد يعلون الحديث بنقد المتن، والعقلانيون المعاصرون يردون الأحاديث بدعوى نقد المتن !

والفرق بين الطائفتين أن أهل الحديث يعلون المتن بناء على إحاطتهم الواسعة بالمتون الصحيحة والأصول الشرعية المتفق عليها؛ بناء على القاعدة الشرعية الأصيلة ( رد المتشابه إلى المحكم ). أما أهل الرأي فأحيانا يعلون المتن بناء على أصولهم القياسية وقواعدهم العقلية، فلا يقبل منهم ذلك لوجهين:

= الوجه الأول: أن القواعد العقلية أمر مشترك بين البشر، فما لم يوافقهم العقلاء على كلامهم فلا عبرة به.

= الوجه الثاني: أن النصوص التي ردوها ليست أولى بالرد من النصوص التي بنوا عليها قواعدهم؛ إلا إن كانوا على علم بالرواية وما ينبغي أن يقدم منها وما ينبغي أن يؤخر.

وهذه القاعدة السابق ذكرها هي الأصل الأصيل الذي يُرجع إليه في نقد المتون، ولذلك لا يستطيع ذلك كلُّ أحد، بل لا يستطيعه إلا من أمعن في طلب النصوص الشرعية، وتشرب كلام الشارع حتى صار كأنه نفس من أنفاسه، وعرف مقاصد الشرعية المبنية على جل النصوص أو معظمها، وليس الأوهام الجاهلية التي يظنها بعض الناس مقاصد للشارع وليست كذلك!

والمشكلة أن بعض الناس يريد أن يضع قاعدة في كلمة واحدة؛ إما ( يُرد الحديث بنقد المتن ) وإما ( لا يرد الحديث إلا بالسند )، وفي ظني أن هذا خطأ، وإنما القاعدة التي يتفق عليها العقلاء هي ( رد الأضعف بالأقوى )، وأما تفصيل معرفة الأضعف والأقوى، فلها عشرات القواعد والأصول والقرائن التي يتفاوت في العلم بها هذا العالم أو ذاك.

ولذلك قد يجد المبتدئ في كلام بعض النقاد ما يظنه من التناقض، وليس كذلك !

= فيجد مثلا أن بعض المحدثين يقبل رواية عمرو بن شعيب أحيانا، ويردها أحيانا !
= ويقبل المرسل أحيانا ويرده أحيانا !
= ويقبل زيادة الثقة أحيانا ويردها أحيانا !
= ويرجح رواية على أخرى أحيانا، ويجمع بينهما أحيانا !
= ويحتج بقول الصحابي أحيانا مع مخالفته للمرفوع، ويرده أحيانا لمخالفته المرفوع !

وابن حزم يشنع كثيرا جدا على أهل العلم بأمثال هذه الأمور، وليس الأمر كذلك !

لأن الذي رد زيادة الثقة إنما ردها لوجود ما هو أقوى منها، وعندما قبلها لم يجد ما هو أقوى منها، فالأمر فيه تفصيل عندهم، فليس قبول المرسل على إطلاقه، وليس رد المرسل على إطلاقه.

ولا يعني ذلك بأن أهل الحديث يعتمدون في الحكم على صحة الحديث على مجرد النظر في المتون، بل إن صنيع المحدثين هو أنهم إذا استنكروا المتن تطلبوا له علة في إسناده، فلا يمكن أن يكون الإسناد صحيحا والمتن منكر كما يقول أهل البدع، ولكن كل خطأ في المتن لا بد وأن يكون له سبب في السند، وما استنكر من المتون بعد صحة الإسناد وخلوه من العلة يجب أن يتهم فيه عقل الناظر في المتن.

قال الشيخ مشهور بن حسن ـ حفظه الله ـ في تعليقه على كتاب "الكافي في علوم الحديث" للتبريزي ص276: "وأما علة تقع في المتن خاصة وتقدح فيه دون الإسناد، فلا أعلمه، ولا أتصوره، ولا يمكن أن يقع الخلل في المتن إلا وله تعلق بالإسناد، ومن أطلق هذا النوع فمن باب التجوز والتنويع لأن ما وقع القدح فيه في المتن استلزم القدح في السند، وإلا فهو باق على أصله في الصحة".

بل إن نقد المتون من الركائز الأساسية في أركان العملية النقدية في الحكم على رواة الحديث عند علماء الجرح والتعديل، فكثيراً ما كانوا يحكمون على الرواة من خلال نقد المتن الحديثي.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله مقرراً ذلك: " من تتبع كتب تواريخ رجال الحديث وتراجمهم، وكتب العلل؛ وجد كثيراً من الأحاديث التي يطلق الأئمة عليها: "حديث منكر، باطل، شبه موضوع، موضوع"، وكثيراً ما يقولون في الراوي: "يحدث بالمناكير، صاحب مناكير، عنده مناكير، منكر الحديث"، ولذلك قالوا: لا يوجد حديث منكر إلا وفي سنده مجروح، أو خلل. فصاروا إذا استنكروا الحديث نظروا في سنده فوجدوا ما يبين وهنه فيذكرونه، وكثيراً ما يستغنون بذلك عن التصريح بحال المتن.

ومثل هذا تجده في كلام الحافظ ابن حبان في كتابه "المجروحين"، حيث تقف على الكثير من النصوص المتعلقة بنقده لكثير من الرواة بسبب ما ورد في مروياتهم من متون حديثية غير مستقيمة، ومن ذلك مثلاً قول ابن حبان في تراجم بعض الرواة الذين جرحهم: "هذا متن باطل"، "هذا متن لا أصل له"، "هذا متن مقلوب،" "هذه متون واهية" ... الخ.

والشيخ علي خير من يقعد لهذه المسائل الحساسة بأسلوبه العلمي الرصين ونفسه السلفي الأصيل فنرجو من فضيلته إفراد هذه المسألة ببحث خاص وبارك الله في فضيلة الشيخ ونفعنا بعلمه ..
رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:15 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.