أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
65773 151323

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-12-2016, 03:20 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


النصيحة التعليمية التربوية ( 10 ) . .

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخلاق الفاضلة بريد الحق

اعلموا - سلمكم الله – أن الأخلاق الفاضلة بريد الحق إلى القلوب الغافلة .

وما نقلت العلوم إلى القلوب بمثل الأخلاق الحسنة فهي مراكب فاضلة شريفة بها يسمو محمولها ويزداد بهاءا وزينة ، كما قال سُفْيَان الثَّوْرِي – رحمه الله - : «زَيِّنُوا الْحَدِيثَ بَأَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَزَيَّنُوا بِالْحَدِيثِ» .

فعلى طالب العلم أن يتعاهد أخلاقه كما يتعاهد محفوظاته . بل عليه أن يتعلم الأخلاق الحسنة والهدي الفاضل كما يتعلم العلم ، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْهَدْيَ كَمَا يَتَعَلَّمُونَ الْعِلْمَ» .

وليجعل الطالب الأخلاق الحسنة أسس وأركان بنائه العلمي ، فخباء العلم بلا أوتاد الأخلاق لا يصمد عند زلازل المحن .

ولهذا حرص علماؤنا على العناية بأخلاق طلابهم فهذا مالك بن أنس – رحمه الله – يوصي : «إِنَّ حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ» .

بل إن حاجة طالب العلم إلى الأدب والخلق أكثر من حاجته إلى المعلومات ، فعَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِلَى أَدَبٍ حَسَنٍ أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَى خَمْسِينَ حَدِيثًا» .

وعن عِيسَى بْنَ حَمَّادِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ، يَقُولُ: - وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَرَأَى مِنْهُمْ شَيْئًا - فَقَالَ: «أَنْتُمْ إِلَى يَسِيرٍ مِنَ الْأَدَبِ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ» .

ومن أجمل ما مثل به أفتقار العلم إلى الأدب ما قاله أَبَو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِي – رحمه الله -: " عِلْمٌ بِلَا أَدَبٍ كَنَارٍ بِلَا حَطَبٍ، وَأَدَبٌ بِلَا عِلْمٍ كَرُوحٍ بِلَا جِسْمٍ " .

فشبه الأدب بوقود النار التي لا دوام لها دونه ، ومتى قطع عنها خبت وانطفئت .

وقد كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم - : " وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ " رواه مسلم .

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال .


***
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 05-12-2016, 03:23 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


النصيحة التعليمية التربوية ( 11 ) .

بسم الله الرحمن الرحيم

الْعِلْمُ خزَانَةٌ مِفْتَاحُهَا الْمَسْأَلَةُ

اعلم – أخي الفاضل – أن من نجابة طالب العلم حسن عنايته بالمسألة من جهة :

1- السؤال النافع .
2- والجواب السديد .


إذ حقيقة العلم إدراك جملة من المسائل ، والمسائل مجموع مسألة .

والمسألة مضمون : سؤال ، وجواب .

فتحقيق السؤال النافع ، والجواب السديد تحقيق للعلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: " وَمِنْ الْمَعْلُومِ : أَنَّ الِاعْتِرَاضَ وَالْقَدْحَ لَيْسَ بِعِلْمِ وَلَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَأَحْسَنُ أَحْوَالِ صَاحِبِهِ : أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِّيِّ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ " (مجموع الفتاوى:4/28).

فعناية الطالب ( بالسؤال النافع ) طالباً ( الجواب السديد ) دليل على :

- استمراره في الطلب .
- وحرصه على التعلم .
- وتوقد ذهنه .
- واتساع مداركه .


فالسؤال مفتاح العلم ، كما قال ابْنُ شِهَابٍ: «الْعِلْمُ خزَانَةٌ مِفْتَاحُهَا الْمَسْأَلَةُ» .

وقد أمر الله – تعالى – بأخذ العلم عن طريق السؤال ، فقال : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] .

وكذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بذلك كما في قوله : " فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ " ( صحيح أبي داود : 364 ) .

فطلب العلم : ( بالسؤال النافع ) من المناقب والفضائل ، كما قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ " ( رواه مسلم ) . أرادت : يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ أي : يسألن عنه .

وقد كَانَ الْخَلِيلُ يَقُولُ: «الْعُلُومُ أَقْفَالٌ وَالسُّؤَالَاتُ مَفَاتِيحُهَا» .

وَسَلِ الْفَقِيهَ تَكُنْ فَقِيهًا مِثْلَهُ ... مَنْ يَتَتَبَّعْ فِي عِلْمٍ بِفِقْهٍ يَمْهَرُ
وَتَدَبَّرِ الَّذِي تَعْنِي بِهِ ... لَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ بِغَيْرِ تَدَبُّرِ.


ومن هنا أدرك العلماء أن العلم ينال ( بالسؤال النافع ) فانصرفت هممهم إليه :

- فقد سُئِلَ الْأَصْمَعِيُّ بِمَ نِلْتَ مَا نِلْتَ؟ قَالَ: «بِكَثْرَةِ سُؤَالِي وَتَلَقُّفِي الْحِكْمَةَ الشَّرُودَ» .

- وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَلَا خَبِّرُونِي أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ... سَأَلْتُ وَمَنْ يَسْأَلْ عَنِ الْعِلْمِ يَعْلَمِ
سُؤَالُ امْرِئٍ لَمْ يَعْقِلِ الْعِلْمَ صَدْرُهُ ... وَمَا السَّائِلُ الْوَاعِي الْأَحَادِيثَ كَالْعَمِ.


ومن دقة نظر عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: « وَلَا تَجْزَعْ بِتَفْرِيعِ السُّؤَالِ؛ فَإِنَّهُ يُنَبِّهُكَ عَلَى عِلْمِ مَا لَمْ تَعْلَمْ» .

والأشد من هذا أن ترك مذاكرة العلم بالسؤالات يؤول إلى نسيان العلم وذهابه ، فعن عَلِي بْن حَوْشَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَكْحُولًا يَقُولُ: " قَدِمْتُ دِمَشْقَ وَمَا أَنَا بِشَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ أَعْلَمُ مِنِّي بِكَذَا لِبَابٍ - ذَكَرَهُ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ -، قَالَ: فَأَمْسَكَ أَهْلُهَا عَنْ مَسْأَلَتِي حَتَّى ذَهَبَ " .

إِذَا كُنْتَ لَا تَدْرِي وَلَمْ تَكُ بِالَّذِي ... يُسَائِلُ مَنْ يَدْرِي فَكَيْفَ إِذًا تَدْرِي؟

وفقني الله وإياكم إلى هداه .


***

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-12-2016, 04:24 PM
عثمان الجزائري عثمان الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 330
افتراضي

بوركت أخي الفاضل وزادك ربي توفيقا
ولله در القائل:
لمحبرة تلازمني نهاري ... أحب إلي من أنس الصديق
ورزمة كاغد في البيت عندي ... أعز إلي من عدل الرقيق
ولطمة عالم في الخد مني ... ألذ إلي من شرب الرحيق

وقال غيره:
إِذَا رَأَيْتَ شَبَابَ الْحَيِّ قد نشؤوا ... لَا يَنْقُلُونَ قِلالَ الْحِبْرِ وَالْوَرَقَا
وَلا تَرَاهُمْ لَدَى الأَشْيَاخِ فِي حِلَقٍ ... يَعُونَ مِنْ صَالِحِ الأَخْبَارِ مَا اتَّسَقَا
فَدَعْهُمْ عَنْكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ هَمَجٌ ... قَدْ بَدَّلُوا بِعُلُوِ الْهِمَّةِ الْحُمُقَا.
__________________
وبالسُّنَّةِ الغَرَّاءِ كُنْ متَمَسِّكًا ... هي العُرْوَةُ الوُثْقَى الَّتي لَيْسَ تُفْصَمُ
تَمَسَّكْ بِهَا مَسْكَ البَخِيْلِ بِمَالِهِ ... وعُضَّ عَلَيْهَا بالنَّوَاجذِ تَسْلَمُ
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-15-2016, 06:37 PM
أحمدعباس الزبيدي أحمدعباس الزبيدي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 71
افتراضي

جزيت خيرا شيخنا وحبيبنا ابا زيد ووفقت لكل خير
__________________
قال الحسن البصري "المؤمن وقّاف متبيِّن" مجموع الفتاوى ( 10 / 382 )
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 05-15-2016, 11:32 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


بوركتما أيها الحبيبان الفاضلان
عثمان الجزائري
أحمدعباس الزبيدي
وجزاكما الله خيرا
وزادكما براً وفضلاً



***
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 05-25-2016, 09:38 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


النصيحة التعليمية التربوية ( 12 ) .

طالب العلم والصدق

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ " ( رواه مسلم ) .

فالعبد مأمور بالصدق لأنه الطريق الوحيد إلى الله – تعالى – فمن لم يسلكه لن يصل إلى ربه : إلى رضاه وجنته .

قال – تعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }[التوبة : 119] .

قال أبو جعفر الطبري – رحمه الله - :" يقول - تعالى ذكره - للمؤمنين، معرِّفَهم سبيل النجاة من عقابه، والخلاصِ من أليم عذابه: {يا أيها الذين آمنوا} ، بالله ورسوله {اتقوا الله} ، وراقبوه بأداء فرائضه، وتجنب حدوده {وكونوا} في الدنيا من أهل ولاية الله وطاعته، تكونوا في الآخرة {مع الصادقين} في الجنة. يعني: مع من صَدَق اللهَ الإيمانَ به، فحقَّق قوله بفعله، ولم يكن من أهل النفاق فيه، الذين يكذِّب قيلَهم فعلُهم.
وإنما معنى الكلام: وكونوا مع الصادقين في الآخرة باتقاء الله في الدنيا، كما قال جل ثناؤه: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} [سورة النساء: 69]
" ( جامع البيان : 14/558 ) .

وأولى الناس ( بالصدق ) طلاب العلم ؛ إذ العلم لا يستقيم إلا به ، كما قال يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ – رحمه الله - : «آلَةُ الْحَدِيثِ الصِّدْقُ ... " .

وكان السلف الكرام يلقنون طلابهم الصدق قبل الحديث . بل ويشددون عليهم فيه حتى تتفهمه عقولهم وتطمئن به قلوبهم ويكون سجيتهم ، فعن بَقِيَّة ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ فَجَاءَ شَابٌّ فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو مَعِيَ ثَلَاثُونَ حَدِيثًا، قَالَ: فَجَعَلَ الْأَوْزَاعِيُّ يُحَدِّثُهُ وَيَعُدُّهَا، قَالَ: فَلَمَّا جَازَ الثَّلَاثِينَ قَالَ لَهُ: «يَا ابْنَ أَخِي، تَعَلَّمِ الصِّدْقَ قَبْلَ أَنْ تَعَلَّمَ الْحَدِيثَ» .

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: أَتَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنِي خَمْسَةَ أَحَادِيثَ، فَقَالَ: هَاتِ، فَجَعَلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يَعُدُّ، وَأَنَا لَا أَعْلَمُ، فَلَمَّا بَدَأْتُ بِالسَّادِسِ، قَالَ: «اذْهَبْ فَتَعَلَّمِ الصِّدْقَ، ثُمَّ اكْتُبِ الْحَدِيثَ» .

وقُرِئَ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبَوَيْهِ الْقَاضِي، وَأَنَا أَسْمَعُ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ قُلْتُ: " أَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ، قَالَ: مَا هُمَا؟ قَالَ، قُلْتُ: {دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ} مَا الْأَيْدِ؟ قَالَ: الْقُوَّةُ، قُلْتُ {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} قَالَ: الْقُوَّةُ وَالْأَبْصَارُ، الْعُقُولُ، هَكَذَا يُرْوَى فِي التَّفْسِيرِ، قَالَ: قُلْتُ: مَا بَالُ إِحْدَاهُمَا ثَبَتَتْ فِيهِ الْيَاءُ وَالْأُخْرَى حُذِفَتْ؟ قَالَ: عَمَلُ الْكَاتِبِ، قَالَ: فَانْدَفَعْتُ أَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، قَالَ: قُلْتَ مَسْأَلَتَيْنِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، قَالَ: قُلْتُ «مَا أَحْسَبُ حَضَرَ الْمَجْلِسَ أَحَدٌ أَبْعَدُ مَنْزِلًا مِنِّي» ، قَالَ: «وَإِنْ كَانَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَالصِّدْقُ» .

والسبب في ذلك الحرص ، وتلك العناية : أن مراتب العلم لا يفلح فيها إلا الصادق .
قَالَ وَكِيعٌ: «هَذِهِ صَنَاعَةٌ لَا يَرْتَفِعُ فِيهَا إِلَّا صَادِقٌ» .

وقال أَبَو بَكْرٍ الْمَرُّوذِي: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَسُئِلَ: «بِمَ بَلَغَ الْقَوْمُ حَتَّى مُدِحُوا» ، قَالَ: «بِالصِّدْقِ» .

فإن صدق اللسان وعفته أمارة على تقوى القلب وطهارته وبذلك يفلح العبد .

يَلْقَاكَ بِالْخُلْفِ مَنْ فِي دِينِهِ عِوَجٌ ... وَلَيْسَ فِي دِينِ أَهْلِ الصِّدْقِ مِنْ عِوَجِ


***



رد مع اقتباس
  #17  
قديم 05-16-2017, 09:19 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي



النصيحة التعليمية التربوية (13)

غائلة العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ الْحَسَنُ، «غَائِلَةُ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ وَتَرْكُ الْمُذَاكَرَةِ» .

اعلموا – أحبتي الكرام – أن القلب ليس كاغداً أو قرطاساً نُودع فيه العلم ، متى ما أردناه استخرجناه منه . بل القلب من جهة تحمله العلم كالعضلة ، تقوى أو تضعف بحسب تعاهدها بالتمارين أو تركها .

والحافظة كذلك تقوى وتشتد بالتدريب ، وتضعف وتترهل بعدمه حتى تتفلت منها محفوظاتها، وتتسرب معلوماتها .

وتدريب الحافظة يكون ( بالمذاكرة ) فبها تقوى الذاكرة وتشتد ، فقد روي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ – رضي الله عنه – أنه قَالَ: «تَذَاكَرُوا الْحَدِيثَ؛ فَإِنَّ الْحَدِيثَ يُهَيِّجُ الْحَدِيثَ» .

وجاء عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أنه قَالَ: «إِنَّ إِحْيَاءَ الْحَدِيثِ مُذَاكَرَتُهُ، فَتَذَاكَرُوا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ يَرْحَمُكَ اللَّهُ كَمْ مِنْ حَدِيثٍ أَحْيَيْتَهُ فِي صَدْرِي قَدْ مَاتَ» .

كما أنه بترك المذاكرة تسري غائلة النسيان على العلم فتذهبه ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ " أَنَّ دَغْفَلَ بْنَ حَنْظَلَةَ، قَالَ لِمُعَاوِيَةَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ: «إِنَّ غَائِلَةَ الْعِلْمِ النِّسْيَانُ» .

وعن عَلِي – رضي الله عنه – أنه قال : «تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ؛ فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا يَدْرُسْ» .

وقَالَ الزُّهْرِي – رحمه الله - : «إِنَّمَا يُذْهِبُ الْعِلْمَ النِّسْيَانُ وَتَرْكُ الْمُذَاكَرَةِ» .

ونحن اليوم في نعمة عظيمة من تيسر ( أسباب المذاكرة ) بالوسائل الحديثة التي تقرب البعيد وتيسر الصعب مع قلة نفقه ومؤونة ، بأيسر جهد وبلا تعب .

فالطالب النبيه ، والشيخ الفطين هما من يستثمران هذه المجالس في مذاكرة العلم وإحياء سنة السلف الماضين بالمذاكرات العلمية التي هي عماد دوام العلم ونمائه . فـ «لَوْلَا النِّسْيَانُ لَكَانَ الْعِلْمُ كَثِيرًا» كما قَالَه الْحَسَنُ – رحمه الله - .

وإن من البليات التي تصرف عن المذاكرة ( الإعجاب ) بالنفس .

كما قَالَ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ :

الْعِلْمِ آفَتُهُ الْإِعْجَابُ وَالْغَضَبُ ... وَالْمَالُ آفَتُهُ التَّبْذِيرُ وَالنَّهْبُ

فالواجب ثنائي بين ( الشيخ ) ، ( والطالب ) :

- ( الشيخ ) يبذل ثمن العلم ، كما قَالَ عِكْرِمَةُ – رحمه الله - : «إِنَّ لِهَذَا الْعِلْمِ ثَمَنًا» قِيلَ: وَمَا ثَمَنُهُ؟ قَالَ: «أَنْ تَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهُ وَلَا يُضَيِّعُهُ» .

لا تُؤْتِيَنَّ الْعِلْمَ إِلَّا امْرَأً ... يُعِينُ بِاللُّبِّ عَلَى دَرْسِهِ

- ( والطالب ) يُعد نفسه لتلقي العلم ويؤهل نفسه لمذاكرة أهله ، كما قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ – رحمه الله - : «مَنْ كَانَ حَسَنَ الْفَهْمِ رَدِيءَ الِاسْتِمَاعِ لَمْ يَقُمْ خَيْرُهُ بِشَرِّهِ».

فمن ضياع العلم ترك الاستفادة من المشايخ حتى يذهب علمهم فعن الزُّهْرِيِّ – رحمه الله - قَالَ: «إِنَّ لِلْعِلْمِ غَوَائِلَ فَمِنْ غَوَائِلِهِ أَنْ يُتْرَكَ الْعَالِمُ حَتَّى يُذْهَبَ بِعِلْمِهِ، وَمِنْ غَوَائِلِهِ النِّسْيَانُ وَمِنْ غَوَائِلِهِ الْكَذِبُ فِيهِ وَهُوَ شَرُّ غَوَائِلِهِ»

إِذَا لَمْ يُذَاكِرْ ذُو الْعُلُومِ بِعِلْمِهِ ... وَلَمْ يَذْكُرْ عِلْمًا نَسِيَ مَا تَعَلَّمَا



***



رد مع اقتباس
  #18  
قديم 05-16-2017, 10:00 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي



النصيحة التعليمية التربوية (14)

القرآن أصل العلم وأساسه

اعلموا – أحبتي الكرام – " أَنَّ أَصْلَ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ وَمَبْدَأَهُ وَدَلِيلَهُ الْأَوَّلَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا: هُوَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ " ( مجموع الفتاوى : 2/1 ) .

" وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ الْعِلْمِ وَالْهُدَى: هُوَ الْإِيمَانُ بِالرِّسَالَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ: كَانَ ذِكْرُهُ طَرِيقَ الْهِدَايَةِ بِالرِّسَالَةِ - الَّتِي هِيَ الْقُرْآنُ وَمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ - كَثِيرًا جِدًّا. كَقَوْلِهِ: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} وَقَوْلِهِ: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} . وَقَوْلِهِ: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} " ( مجموع الفتاوى : 2/ 4) .

علم من ذلك أن معدن ( العلم الإلهي ) ومنبعه وأساسه وأصله هو القرآن الكريم . فكل طلب للعلم لا يؤسس على ( القرآن ) فهو جهل وسفه وضلالة .

قال ابن عبد البر – رحمه الله - : " " طَلَبُ الْعِلْمِ دَرَجَاتٌ وَمَنَاقِلُ وَرُتَبٌ لَا يَنْبَغِي تَعَدِّيهَا وَمَنْ تَعَدَّاهَا جُمْلَةً فَقَدْ تَعَدَّى سَبِيلَ السَّلَفِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ تَعَدَّى سَبِيلَهُمْ عَامِدًا ضَلَّ، وَمَنْ تَعَدَّاهُ مُجْتَهِدًا زَلَّ فَأَوَّلُ الْعِلْمِ حِفْظُ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَفَهُّمُهُ وَكُلُّ مَا يُعِينُ عَلَى فَهْمِهِ فَوَاجِبٌ طَلَبُهُ مَعَهُ وَلَا أَقُولُ: إِنَّ حِفْظَهُ كُلَّهُ فَرْضٌ وَلَكِنِّي أَقُولُ: إِنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لَازِمٌ عَلَى مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا فَقِيهًا نَاصِبًا نَفْسَهُ لِلْعِلْمِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْفَرْضِ " ( جامع بيان العلم وفضله : 2/1129 ) .

ثم نقل عن " عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ – تَعَالَى -: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} [آل عمران: 79] قَالَ: «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا» .

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءَ – رضي الله عنه - : " لَنْ تَفْقَهَ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى تَرَى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا " ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ : " رَبَّانِيِّينَ فُقَهَاءُ " .

إلى أن قال – أيضاً - : " الْقُرْآنُ أَصْلُ الْعِلْمِ " ( جامع بيان العلم وفضله : 2/1129 ) .

وقد قال الشاطبي – رحمه الله - في الموافقات : " إن كتاب الله قد تقرر أنه كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، وأنه لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه. وهذا لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنه معلوم من دين الأمة. وإذا كان كذلك لزم ضرورة لمن رام الاطلاع على كليات الشريعة وطمع في إدراك مقاصدها، واللحاق بأهلها، أن يتخذه سميره وأنيسه، وأن يجعله جليسه على مر الأيام والليالي، نظراً وعملاً، لا اقتصاراً على أحدهما، فيوشك أن يفوز بالبغية، وأن يظفر بالطلبة، ويجد نفسه من السابقين وفي الرعيل الأول. فإن كان قادراً على ذلك ولا يقدر عليه إلا من زاول ما يعينه على ذلك من السنة المبينة للكتاب وإلا فكلام الأئمة السابقين والسلف المتقدمين آخذ بيده في هذا المقصد الشريف، والمرتبة المنيفة..". ( الموافقات : 3/257).

ولهذا قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : " قَدْ فتح اللَّه عَلِي فِي هذا الحصن فِي هذه المرة من معاني الْقُرْآن، ومن أصول العلم بأشياء، كَانَ كثير من الْعُلَمَاء يتمنونها، وندمت عَلَى تضييع أَكْثَر أوقاتي فِي غَيْر معاني الْقُرْآن " ( ذيل طبقات الحنابلة : 4/ 519 ) .

أَكْـرِمْ بقـومٍ أَكْرَمُـوا القُرآنـا *** وَهَبُـوا لَـهُ الأرواحَ والأَبْـدَانـا
قومٌ.. قد اختـارَ الإلـهُ قلوبَهُـمْ *** لِتَصِيرَ مِنْ غَرْسِ الهُـدى بُسْتَانـا
زُرِعَتْ حُروفُ النورِ.. بينَ شِفَاهِهِمْ *** فَتَضَوَّعَتْ مِسْكـاً يَفِيـضُ بَيَانَـا
رَفَعُوا كِتابَ اللهِ فـوقَ رُؤوسِهِـمْ *** لِيَكُونَ نُوراً في الظـلامِ... فَكَانـا
سُبحانَ مَنْ وَهَبَ الأُجورَ لأهْلِهَـا *** وَهَدى القُلُوبَ وَعَلَّـمَ الإنسانـا



***
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 05-16-2017, 10:05 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي



النصيحة التعليمية التربوية (15)

( الخطاب ) بين المقاصد والوسائل .

اعلم – أخي الحبيب - : أن ( التفهيم ) في الخطاب في الأصل وسيلة وليس غاية .

فالعلم له طرفان : ( حقيقة ) وهو : الحق . ( ووسيلة ) وهي : التفهيم .
وتفهيم الحق له : ( طريق ) ، ( وقوالب لفظية) .

فأما ( الطريق ) فهي : ثلاثة طرق رئيسية شرعية :

الأول / الحكمة ، بأن يقترن الحق بالدليل .
الثاني / الموعظة الحسنة ، بأن يقترن الحق بالترغيب والترهيب .
الثالث / المجادلة بالتي هي أحسن ، بأن يزال عن الحق ما يشتبه على المعارض من المعاني والألفاظ .


واشتباه المعاني يولد ( القياس الفاسد ) .
واشتباه الألفاظ يولد ( التأويل الفاسد ) .

وقد تجتمع في المخاطبين هذه الأصناف فيحتاج المتكلم في خطاب واحد إلى : الحكمة ، والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن .

وأما ( قوالبه اللفظية ) فهي على نوعين :

1- ألفاظ تعبدية ، لا يجوز تعديها .
2- ألفاظ اختيارية ، يختار الحكيم ما يناسب المخاطب منها .


ففرق بين ( الاصطلاحات ) : الشرعية ، والعلمية . التي تلتزم لسلامة ( الشرع ) ، (والعلوم ) .
وبين ( أسلوب الخطاب اللفظي ) الذي يقصد لايصال الحق .

فالأول الأصل فيه الالتزام .
والثاني الأصل فيه الاختيار .


ومن ضوابط الاختيار :

1- أن يكون المقصود التفهيم بالعبارة السهلة الواضحة .
2- مراعاة حال المخاطب – علمياً ، أو اجتماعياً - .
3- مراعاة مقتضى الحال من إطناب أو توسط أو اختصار .


فإن الأصل في العلم نفعه لا كثرته .

ومن ركز على المنفعه حمله ذلك على ( سداد القول ) وحقيقته : ما دل على المراد بلا زيادة ولا نقصان .

يَقُولُ الله - تعالى - : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70]

" وَالسَّدِيدُ هُوَ الَّذِي يَسُدُّ مَوْضِعَهُ وَيُطَابِقُهُ
فَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ،
وَسَدَادُ السَّهْمِ هُوَ مُطَابَقَتُهُ وَإِصَابَتُهُ الْغَرَضَ
مِنْ غَيْرِ عُلُوٍّ وَلَا انْحِطَاطٍ وَلَا تَيَامُنٍ وَلَا تَيَاسُرٍ
" .
( مختصر الصواعق : ص/ 388 ) .

وجماع البيان التام في : ( العلم ) ، ( والصدق ) ، ( والفصاحة ) . فمن أجتمع في كلامه ذلك فقد أعطى البيان حقه .

- والكلام الكثير يذم في أحوال وأصناف ، منهم :

الأول / من يزن العلم بكثرة الكلام .
الثاني / من يتكلف العبارات ، ويطولها بلا مسوغات .
الثالث / من يكون قصده تلميع نفسه لا إيصال الحق .

ونحوهم .

سلم الله الجميع
وزادكم ربي توفيقاً وسداداً




***

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 05-16-2017, 10:11 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي



النصيحة التعليمية التربوية (16)

العلم والتواضع

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلموا - أحبتي الكرام - أن من سمات العلم النافع تعريف النفس بحقيقتها ، والموفق كلما زاد علمه أزداد معرفة بنفسه ؛ بجهلها وظلمها .

وحقيقة التواضع قبول الحق وترك الترفع على الخلق .

" قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ: " سَأَلْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ التَّوَاضُعِ، فَقَالَ: أَنْ تَخْضَعَ لِلْحَقِّ وَتَنْقَادَ لَهُ مِمَّنْ سَمِعْتَهُ وَلَوْ كَانَ أَجْهَلَ النَّاسِ لَزِمَكَ أَنْ تَقْبَلَهُ مِنْهُ" ( جامع بيان العلم وفضله : 1/569 ) .

والأمر بالتواضع هو من خالص معين الوحي ، ففِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ: أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ. وَلَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» .

فإذا أردت الشرف يا طالب العلم فعليك بالتواضع ، كما قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَيْبَانَ: الشَّرَفُ فِي التَّوَاضُعِ .

وَإِذَا مَا الشَّرِيفُ لَمْ يَتَوَاضَعْ ... لِلْأَخِلَّاءِ فَهُوَ عَيْنُ الْوَضِيعِ

بل الحال كما قال أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ – رحمه الله - : «يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَضَعَ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» .

من هدي السلف في التواضع :

قال ابن القيم – رحمه الله - : " قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى عَاتِقِهِ قِرْبَةُ مَاءٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَنْبَغِي لَكَ هَذَا. فَقَالَ: لَمَّا أَتَانِيَ الْوُفُودُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ. دَخَلَتْ نَفْسِي نَخْوَةٌ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَكْسِرَهَا.

وَوَلِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِمَارَةً مَرَّةً. فَكَانَ يَحْمِلُ حِزْمَةَ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ. وَيَقُولُ: طَرِّقُوا لِلْأَمِيرِ.

وَرَكِبَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَرَّةً. فَدَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ لِيَأْخُذَ بِرِكَابِهِ. فَقَالَ: مَهْ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ! فَقَالَ: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِكُبَرَائِنَا. فَقَالَ: أَرِنِي يَدَكَ. فَأَخْرَجَهَا إِلَيْهِ فَقَبَّلَهَا. فَقَالَ: هَكَذَا أُمِرْنَا نَفْعَلُ بِأَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ( مدارج السالكين : 2/315 ).

وَأَحْسَنُ مَقْرُونَيْنِ فِي عَيْنِ نَاظِرٍ ... جَلَالَةُ قَدْرٍ فِي ثِيَابِ تَوَاضَعِ


***

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.