أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
44553 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-19-2012, 02:40 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي [ تفريغ ] (الدرس الأخير / 1-2) شرح منظومة القواعد الفقهية/للسعدي - مشهور بن حسن

بسم الله الرحمن الرحيم

شـرح
«منظومة القواعد الفِقهيَّة»
-للإمام السَّعدي-
-رحمهُ الله-

[الدَّرس الرَّابع عشر -والأخير-]
(الجزء الأول)

لفضيلة الشَّيخ
مشهور بن حسن آل سلمان
-حفظه الله-
إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شَريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
إلهي لا تعذب لسانا يدل عليك، ولا يدًا تكتب حديث رسولك -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، ولا عينا تنظر إلى علوم تدل عليك، ولا قدما تمشي إلى خدمتك.
أما بعد:
فبلغ بنا المقام في شرح منظومة العلامة الشيخ السعدي رحمه الله إلى البيت السابع والثلاثين، يقول الناظم رحمه الله تعالى:
37. وَمَـنْ أَتَى بِمَـا عَـلَيْـهِ مِـنْ عَمَــلْ ... قَـدِ اسْتَحَـقَّ مَـالَـهُ عَـلَى الْعَـمَــلْ
هذه قاعدة جرى عليها العُرف في الإجارات والمعاوضات، وهذه القاعدة تقول: من لزِمه عملٌُ وأتى به؛ فلزمَ له الوفاءُ بأجرِه.
وهذه القاعدة مأخوذة من نصوص شرعية، منها ما أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح إلى ابن عمر -رضيَ اللهُ تعالى عنهُم-ا قال: قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «أعطوا الأجيرَ أجرَه قبل أن يجف عرقُه» فالذي يعمل ما وجب عليه؛ فله ما لزِم له.
ومن أدلة القاعدة أيضا: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» إلى أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بيَّ ثم غدر، ورجل باع حُرًّا وأكل ثمنَه، ورجلٌ استأجر أجيرًا فاستوفى منهُ ولم يُعطِه أجرَه» استوفى منه عملَه، وأدى العاملُ الذي عليه، ولم يأخذ هذا العاملُ الذي له.
ولذا: القاعدة عند العلماء في عقود الإجارات، وفي عقود المعاوضات، وفي العقود غير اللازِمات: أن من بُذل له شيء مقابِل عمل فأدى هذا الإنسان الشيءَ الذي طُلب منه؛ فلزِم من بذل أن يُعطي.
ربنا يقول عز وجل في الجُعالات على لسان يوسف، قال عز وجل: {ولِمَن جاءَ به حِملُ بعير} والجُعالة: يقول صاحبُها من يعمل كذا أجعل له كذا وكذا، وهذا يدخل فيه المسابقات والجوائز التشجيعية، فصاحب السوبر ماركت وصاحب السلعة يقول: من يشتري بمبلغ كذا أجعل له كذا، من يشتري بمبلغ كذا أعطيه بطاقة، نعمل سحبا وتكون جائزة على سيارة، فهذه الأمور إن أدى الإنسانُ الذي له؛ وجب له الذي بُذل.
طيب إيش حكم الجوائز التشجيعية؟ الجوائز التشجيعية مشروعة بثلاثة شروط: الشرط الأول: يعود للسلعة، والشرط الثاني يعود للمشتري، والشرط الثالث: يعود للبائع.
أما الشرط الذي يجب أن يتوفر للسلعة: أن لا يُزادَ في سعرها بعد الجائزة.
فإذا كانت السلعة سعرها دينار قبل بذل الجائزة فأصبح سعرها دينارا وعشرين قرشا بعد الجائزة؛ فأصبح الناس يتقامرون بالعشرين قرشا!
إذا كان سعر السلعة دينار قبل الجائزة ودينار وعشرون قرشا بعد الجائزة فأصبح من يشتري يلعب قمارًا بعشرين قرشًا!
كل المسلمين أو جُلهم يُدعَون إلى القمار بصُوَر كثيرة، ولعلِّي دُعيت عشرات المرات أنا وإياكم للقِمار عبر الجوال ونحن بين يدي الله: أرسِل رسالة بسبعين قرشًا بأربعين قرشًا -الآن جاءت رسالتان لعل واحدة منها تكون قمارًا!!-، أرسِل رسالة بسبعين قرشًا بأربعين قرشًا، بسبعين قرشا، بستين قرشًا، بنصف دينار، ويوجد سحب على جائزة سيارة ما أدري إيش! هذا قمار! الكل يلعب قمارا بنصف دينار!
كيف تدفع النصف دينار؛ برسالة، بإشارة، بشيك، بسحب من حساب، ببطاقة، بأي طريقة، المهم أنك دفعتَ النصف دينار!
لعبة القمار التقليدي كان بمجرد الضامه أو الشدة أو الكوتشينه، أو الدواليب، أو أوراق اليانصيب، اليوم نفس أوراق اليانصيب ونفس الدواليب التي هي إيش؟ رسالة الجوال، تدفع رسالة الجوال إشارة: احسبوا علي نصف دينار، تعطيهم إشارة رقم: احسبوا علي أربعين قرشا سبعين قرشًا.
فالجوائز التشجيعية جائزة بثلاثة شروط: الشرط الأول: يعود للسلعة، السلعة ينبغي أن يكون سعرها قبل الجائزة وبعد الجائزة هو هو، فإن زِيد على سعرها أصبح القِمار بمقدار الزياة.
والشرط الثاني يعود للمشتري، يجب على المشتري أن يشتري السلعة لأنه يريدها، أما إن اشتراها لأنه يريد الجائزة.. يعني مثلا: أول ما بدأت الجوائز التشجيعية بدأت على البيبسي كولا، فكان بعض الناس حاجته مثلا لبيته 4، 5 زجاجات، يشتري 4، 5 صناديق، شراؤه لهذه الصناديق هذا قمار، إذا اشترى السلعة وهو لا يريدها، وإنما هو يريد الجائزة، والله يعلم من قلبِه أنه لا يريد هذه السلعة، ولا يحتاج هذه السلعة؛ هو يقامِر.
والشرط الثالث: يعود على البائع، ويُشترط في البائع لما ينظِّم الجوائز أن لا تكون نيَّتُه الإضرار بغيرِه؛ وإنما نيَّتُه ترويج سِلعتِه، همُّه من الجائزة أن يُروِّج سلعتَه، لا أن يضرر بغيره.
فإذن: القاعدة عند العلماء أن من لزمه عملٌ وأتى به لزمهُ الوفاءُ أو لزمَ الوفاءُ له بأجرِه.
وهذه كما قلتُ تشمل عقود المعاوضات وعقود الجُعالة والإجارة والوَكالة، يمكن أن تكون الوكالة بأجرة: أنا أقول لك: بِع لي كذا ولك كذا، فإذا بعتَ فأتيتَ بالذي التزمتَه؛ فوجبَ لكَ الذي جُعل لك.
الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه «الأم»: «الإجارة بيع»، إيش حقيقة الإجارة؟ تمليك منفعة.
طيب؛ الرقبة من يملكها؟ رقاب الأشياء من يملكها؟ الله عز وجل، لأن المآل إلى الله عز وجل.
فالإجارات تمليك منافع.
ولذا كما أنك لو اشتريتَ مثمَّنًا سلعةً فوجب عليك أن تدفع ثمن السلعة حتى تَقبضها، وكذلك سائر الأشياء.
فهذه القاعدة ظاهرة بينة، عليها الأدلة ولا خلاف فيها بين العلماء.
نأتي للقاعدة الثامنة والثلاثين.
القاعدة الثامنة والثلاثون يقول الناظم:
38. وَيُفْعَــلُ الْبَعْــضُ مِــنْ المَـأْمُـورِ ... إِنْ شَــقَّ فِعْــلُ سَــائِـرِ المَـأْمُــورِ
هذا البيت عبَّر فيه الناظم عن قاعدة مهمة تقول: (الميسور لا يسقط بالمعسور)، وفي الحقيقة هذه القاعدة لا يعمل بها إلا في المحل الذي جوَّز الشرعُ فيه تجزئة العمل.
فالشرع بالنسبة إلى سائر العبادات جعل بعضها يَقبل التبعض وبعضها لا يَقبل التبعض، بعضها يقبل أن تجعله أجزاء أبعاضا، والبعض أراد الشرع منه وحدة واحدة، لا يريد الشرع منه التبعض.
مثل الصوم: الصوم يَقبل التبعض أو لا يقبل التبعض؟ إيش الصوم؟ الإمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لو إنسان استطاع أن يصوم ست ساعات، أو سبع ساعات، أو ثمان ساعات، فهل له أن يُبعِّض الصيام؟ قال: الصيام 12 ساعة، أصوم اليوم 6 وأصوم غدا 6، وأحسب يومًا، فأصوم 15 يومًا ويبقى علي 15 يومًا، هذا صحيح ولا غير صحيح؟ لماذا غير صحيح؟ لأن الصيام عبادةٌ لا تَقبل التبعُّض، الصيامُ أرادهُ الشرعُ عبادة تامة.
طيب؛ الصلاة تَقبل التبعض أو لا تَقبل التبعض؟ الصلاة تَقبل التبعض، ودليل ذلك ما أخرجه البخاري في «صحيحه» عن عمران بن حُصين رضي الله تعالى عنه قال: قال لي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-وكان بي الناسور-، والناسور -أسأل الله لي ولكم العفو والعافية- هو أشد من الباسور، ومرض الباسور: داء كان علماء الشافعية مبتَلَون به، حتى قيل في داء الباسور أنه داء الشافعية، أُصيبَ به جمعٌ من علماء الشافعية-، فكان عمران به داء شديد.. فكان النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول لعمران، فقال لي النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «صلِّ قائما، فإن لم تستطع؛ فصلِّ جالسًا، فإن لم تستطع؛ فعلى جَنب» زاد النسائي بإسنادٍ صحيح: «فإن لم تستطع؛ فمُستلقيًا» إن لم تستطع أن تصلي على جَنب؛ فصلِّ مستلقيًا.
إيش حكم القيام في الصلاة؟ الرُّكنية في الفريضة؛ لقول الله تعالى: {وقوموا للهِ قانِتين} ومن صلى جالسًا في غير الفريضة صحت صلاتُه وله النصف من صلاة القائم -كما عند ابن حبان-.
لو أن رجلا ما استطاع أن يصلي قائما فأصبح قراءة الفاتحة والركوع والسجود ميسورا في حقه، والقيام معسور في حقه، فماذا يجب عليه؟ الميسور لا يسقط بالمعسور، إيش يعني الميسور؟ يعني: الركوع أو الإيماء، أو السجود، لا يقدر أن يقوم يقدر يقرأ الفاتحة فيجب عليه قراءة الفاتحة، وتكبيرة الإحرام، فالميسور الذي يقدر عليه يجب فِعله، والميسور الذي يقدر عليه لا يجوز إسقاطه بالمعسور الذي لا يقدر عليه.
ولذا -ذكرتُ لكم وأعيد، وأرى أن هذه الجزئية من المهمات، وأحب أن تُحفظ وتُنشر-:
من يصلي على الكرسي، ويستطيع السجود، ولا يستطيع القيام، ويستطيع أن يمكِّن جبهته وأن يسجد وصلى على الكرسي ولم يسجد؛ فصلاتُه باطلة بإجماع أهل العلم.
أعيد وأزِيد:
من استطاع السجود فصلى على الكرسي فأومأ إيماء في السجود وباستطاعته أن يسجد ولكن أخذته الأنفة أو الكِبر، كيف يصلي جالسا، لأنه لو صلى جالسا لسجد، هو لا يستطيع القيام، لكن يستطيع السجود، فصلى على الكرسي ولم يسجد؛ فهذا فاتته ثلاثة أركان: السجدة الأولى، وجلسة الاستراحة بين السجدتين، والسجدة الثانية الركن الثالث.
فهذا صلى صلاة ليست فيها ثلاثة أركان وهذا صلاته باطلة.
ولهذا النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-كما في «البخاري»- لما سقط عن فرسِه فجُحِش جنبُه، فصلى متربِّعًا.
من الذي يصلي على الكرسي؟ الذي يصلي على الكرسي واحد من اثنين:
الأول: رجل لا يتمالك قواه، يغلب عليه الهزل والتعب، ولا يستطيع أن يتمالك قواه، يبقى جالسا ولا يستطيع إلا أن يومئ إيماء، فهذا يصلي على الكرسي.
والنوع الثاني: الذي يعجز عن القيام ويعجز عن السجود، لا يقدر على القيام ولا يقدر أن يسجد؛ فهذا يصلي على الكرسي.
أما رجل يستطيع أن يسجد ويصلي على الكرسي؛ لماذا تفوتك هذه الأركان؟ (الميسور لا يسقط بالمعسور)، السجود في حقك ميسور، والقيام في حقك معسور، فالميسور وهو السجود لا يسقط بالمعسور وهو القيام.
فإذن: الشرع ينظر إلى ما لا يتبعَّض على أنه كلٌّ واحد، وينظر إلى ما يتبعَّض على أنه أجزاء.
يعني: إنسان أصابته شجَّة في رأسه، فالاغتسال يتبعَّض أو لا يتبعَّض؟ وقع فيه خلاف، فمن قال: يتبعَّض؛ قال: يَغسل سائر جسده ولا يتيمم، ومن قال: لا يتبعَّض، قال: يجزئه التيمم.
وفي الحديث الذي عند أبي داود: لما كان رجل مع أصحاب النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فأصابته جنابة وكان شجة في رأسه، فاستفتاهم فلم يُفتوه بالتيمم، أفتوه بالاغتسال، فاغتسل فمات، فقال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «إنما شِفاء العِي السُّؤال، قتلوه قاتلهم الله، إنَّما كان يُجزئه..» وذَكَر التيمم.
ماذا يُستفاد من الحديث؟ الحديث فيه فائدة مهمة أحب أن تُنشر أيضا:
النبي يقول: «إنما شِفاء العِي السُّؤال» إيش عكس الشفاء؟ المرض، الشفاء لا يكون إلا من مرض، فالجاهل مريض، ودواء الجاهل السؤال «إنما شِفاء العِي السُّؤال»، فالجاهل مريض، وأقل واجب على المريض: السؤال، والأرفع: أن يجالس العلماء، وحضور مجالس العلماء، وأن يلازمهم، وأن يأخذ منهم.
لكن النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- قال: «قتلوه قاتلهم الله» فظاهر هذا الحديث أن الاغتسال لا يقبل التبعُّض، فالذي لا يستطيع أن يوصل الماء إلى رأسه، ويستطيع أن يوصل الماء إلى سائر بدنه إيش الواجب عليه؟ التيمم.
لكن وقع خلاف بين العلماء: هل التيمم أصيل أم بديل؟ الظاهر أنه أصيل في محله، فمتى استطعنا أن نستخدم الماء فلا يجوز التيمم، واستخدام الماء تظهر المسألة في بعض الصُّوَر وهي التي تُسمَّى (التداخل) عند العلماء.
رجل أصبح جنُبًا، ولا يستطيع أن يغتسل، ولكنه يستطيع الوضوء، فماذا عليه؟ التيمم لرفعِ الحدث الأكبر، والوضوء لرفع الحدث الأصغر، فيجب عليه يتيمم بنِية رفع الحدث الأكبر، هو يستطيع أن يتوضأ، يستخدم الماء على أعضاء الوضوء، ولكنه لا يستطيع أن يستخدم الماء على أعضاء الغُسل، فما الواجب عليه؟ الواجب عليه: أن يتيمم لرفع الحدث الأكبر، ثم بعد تيمُّمه ماذا يفعل؟ يتوضأ بالماء لأن الماء الآن بإمكانه أن يستخدمه.
وقع خلاف في هذه المسألة فيما يسمى عند الفقهاء بالتلفيق، قد يستطيع الإنسان أن يُلفِّق أشياء.
مثلا: الواجب في كفارة اليمين تحرير رقبة، فإن لم يستطع فإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، هو لا يَقدر على الإطعام، ولا يقدر على الكسوة، أسألكم: أيهما أفضل الإطعام أم الكسوة؟ أيهما الأحب إلى الله عز وجل أن نُطعم العشرة أم أن نكسوهم؟ [الإطعام] أنا ذكرتُ لكم الجواب في أكثر من مرة، لكن أنتم تنسون!
الجواب: دائما في التفضيل إيش؟ التفصيل، الأفضل ما يسد الحاجة، فإذا يسد حاجة الفقير الكسوة الكسوة أحب، وإذا يسد حاجة الفقير الإطعام فالإطعام أحب، فلو سُئلت أيهما أفضل: الكسوة أو الإطعام؟ الجواب: الأحب إلى الله ما يسد حاجة الفقير، فالأمر يتفاوت من فقير لفقير.
لكن لو عندنا رجل لا يقدر على إطعام العشرة، ولا يقدر على كسوة العشرة، ولكنه يقدر إطعام خمسة وكسوة خمسة.
هذه التي تسمَّى عند الفقهاء: التلفيق، تلفيق الكفارة: يطعم خمسة أشخاص، ويكسو خمسة أشخاص، فغير واحد من الفقهاء -وهم فقهاء الشافعية- جوَّزوا التلفيق لأن الأمر على التخيير، فكأن الأمر بالتخيير خصلة واحدة, وهذا يدخل تحت (ما يُلحق بالطبع).
ولذا: من فروع أو من ضوابط قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور) قاعدة بيناها لكن الفقهاء يعبرون عنها بقولهم: (ما لا يتبعَّض فاختيار كله كاختيار بعضه، وسقوط بعضِه كسقوط كله)، هذا من ضوابط قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور).
نأتي إلى البيت التاسع والثلاثين، والبيت التاسع والثلاثون أيضا سبقت الدندنة والشنشنة حوله، ونعيد الكلام بالتفصيل، ونذكر أمثلة عليه.
يقول الناظم:
39. وَكُــلمَــا نَشَــا عَــنِ المـَـأْذُونِ ... فَــذَاكَ أَمْــرٌ لَيْــسَ بِـالمَضْـمُــونِ
القاعدة تقول: (الجواز الشرعي ينافي الضمان).
إن كنتم تذكرون: تكلمنا عن الصائل، لو صال عليك حيوان -أجلكم الله- فأراد أن يقتلك، وكانت له قيمة، ولا تستطيع أن تدفع أذاه إلا بِقتله، فأنت لا تضمنه، فالذي يجوِّز لكَ الشرعُ فِعلَه؛ فأنت لا تضمنه.
الشرع يقول بقطع يدِ السارق، الشرع يقول بالقصاص، فأقيم حد على من سرق، فقُطعت يدُه، فسرت الجناية إلى سائر بدنه فهلك فمات مِن أثر قطع اليد، القاطع لم يتعدَّ، القاطع فقط قطع اليد ولم يتعدَّ، لكن ترتَّب شيء زائد عن شيء مأذونٍ فيه في الشرع، فهذا الذي قُطعت يده سرت على إثر القطع سرى ضرر فهلك بسببه، فهل القاطع يضمن ويدفع ديته؟ الجواب إيش؟ لا، لماذا؟ لأن (الجواز الشرعي ينافي الضمان).
أنت تصلي، مر رجل من بين يديك، فدفعتَه، فسقط فكُسرت رجله، فسقط فمات، قدّر الله أن يسقط فيموت، فهل الآن عليك القصاص أو عليك الأرض؟ ليس عليك ذلك.
أنت يُؤذن لك أن تعمل في بيتك في أرضك، أن تحفر حفرة، بئرًا، حفرةً عميقة، ما أحد يمنعك، فأنت تعمل حفرة في بيتك، وهذا أمر يجوز لك شرعا أن تفعله، فسقط فيها رجل غريب، فهل أنت تضمن؟ لا تضمن.
لكن: أنت قصدتَ أن تحفر حفرة خلف باب رجل في ملكه هو، هل يؤذَن لك هذا؟ لا يؤذَن لك، فالرجل خرج من بيته أو دخل على بيته فسقط في الحفرة فمات، هل أنت تقتل أم لست بقاتِل؟ أنت قاتل، ونوع القتل هذا القتل بالتسبُّب، والقتل بالتسبُّب لا يقول به إلا علماء الحنفية.
لكن المهم: أنك إن حفرتَ حفرة أو فعلتَ شيئا في أرضك في ملكك ويؤذن لك فيه، ولا تمنع منه؛ فـ(الجواز الشرعي يمنع الضمان) مع الجواز الشرعي لا يوجد ضمان.
لكن أنت تتقصد أن تحفر في أرض خفية، وليست الأرض أرضك، تتقصد الإضرار، تتقصد إيقاع إنسان فيها، فوقع فمات؛ فهذا أنت قاتل، وأنت عليك الدية، وأنت تضمن، على تفصيل طويل في أنواع القتل عند الفقهاء.
وهذه أشياء في الحقيقة أشياء كثيرة يذكرها الفقهاء في هذا الباب.
فيه شيء يسمى عند الفقهاء (الأُروش)، كل عضو من الأعضاء له (أرش) له قيمة:
الأصبع: بعشرة من الإبل.
العين: ديتُها نصف دِية الرَّجُل، حتى قال بعض أهل العلم كابن القيم قال: «من قلع عين أعوَر؛ فيجب عليه أن يدفع دِيتَه بالكلية».
طيب؛ حتى من تدقيقات الفقهاء رحمهم الله تعالى يقولون للبِكر في بكارتها أَرش، الرجل لما يأتي أهله وهي بِكر ليس عليه هذا الأَرش إن فض بكارتها، بخلاف ما لو أن رجلا دفع امرأةً فوقعتْ فسقطت على شيء ففض بكارتها؛ فهذه عليها إيش هذه الصورة الثانية؟ يضمن أو لا يضمن؟ يضمن. في الصورة الأولى؟ لا يضمن، لماذا لا يضمن؟ الجواز الشرعي لا يجتمع مع الضمان، ما دام أن الشرعَ أذِن للرجل أن يطأ أهله؛ فحينئذ لا يوجد ضمان للبكارة.
لكن لو أن امرأة دفعتْ أخرى، لو أن رجلا دفع امرأة فسقطت على شيء ففض بكارتها؛ فهذا يضمن.
فالمقصود أن الجواز الشرعي ينافي الضمان.
تبقى مسألة دقيقة ووقع فيها خلاف، والخلاف فيها عند العلماء خلاف زمان وأوانٍ وليس بخلاف دليل وبُرهان، وهذا النوع من الخلاف يحتاج لتأصيل وتمثيل، ويحتاج في الحقيقة لدراسة مستقصاة عميقة مهمة.
أنتَ لما تُعطي ثوبَك لمن يخيطه، أو تسلِّم نفسك للطبيب، أو تعطي نعلَك لمن يُصلحه، أو ثوبك لمن يكويه -دراي كلين هذه الأيام!- أو للكوي، فأفسده، الخياط أعطاك ثوبا ما يأتي على قياسك، أراد يصلِّح ثوبَك أفسده، أراد يكوي ثوبَك حرقه، هل العُمال يضمنون أو لا يضمنون؟ الأصل في يد العامل يد أمان؟ أم يد ضمان؟ الأصل في يد العامل أنها يد أمان وليست يد ضمان.
أنا عندي أجير يشتغل في محل، هلك مَحلِّي بآفة، بنارٍ، بماء، بغرق، فأتلف البضاعة، إيش نعمل للأجير؟ إن قصَّر الأجير يضمن، وإن لم يُقصِّر الأجيرُ لا يَضمن، ولأن الأجيرَ لا يغرَم فهو لا يَغنَم؛ لأن القاعدة عند العلماء: (الغُرمُ بالغُنم).
يعني: أنا عندي مصلحة، عندي أجير، أرسلت الأجير للمطار، يتابع لي مصلحتي، يخلِّص على البضاعة في المطار.. إلى آخره، قدر الله في الوقت الذي يذهب فيه للمطار له قريب يريد أن يسافر، أراد واحد يوصله فخرج معه، ما دفع مالا، فهل له شرعًا أن يحاسبني على وصوله المطار وهو لم يدفع شيئا؟ طيب؛ هو يَغرَم أو لا يغرَم؟ وبالتالي هو إيش؟ هو لا يَغنم، الغُرم بالغُنم.
يعني: امرأة قالت لجارتها: اشترِ لي 2 كيلو بندورة، أنت رايحة على السوق اشترِ لي كذا، صار حادث في السيارة تلفت البضاعة التي اشترتها، تغرمها؟ ما تغرمها، ما قصَّرت.
طيب؛ هل يجوز لها أن تَربح من جارتها؟ ليس لها أن تَربح من جارتها، لأن يدها يد أمانة، لكن: لو وكَّلتها في أعراف الناس أن هذه الوكالة ببيعٍ، وهذه المرأة تبيع و تشتري، فلو تلفت في حادث سيارة في الطريق، صاحب السلعة [...] أنت ما شاء الله تاجرة تبيعين وتشترين وتربحين، أنا ما أتحمل أنتِ خسرت، الأمر عليك، أنا ما لي خص، أنا ما أعطيك الثمن حتى تعطيني السلعة لو كانت لها أو وكيلة لامرأة أخرى في البيت، لكن ما دامت أن يدها يد أمانة؛ فهي لا تَغرم وبالتالي هي لا [تغنم].
فالأجير الأصل فيه أن يده يد أمانة.
إلا أن عليًّا ومَن بعده من أصحاب النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- رأوا أن هذا مع انتشار فساد الذِّمم يجعل بعض الأُجراء يأكلون حقوق الناس، فضمَّنوا -فقط- الصُّنَّاع الذين يصنعون، جعلوا يدَهم يدَ ضمان لا يدَ أمان، الصُّنَّاع فقط: الذي يكوي الثوب، الذي يخيط الثوب، هذا مع فساد الذِّمم كل ما واحد أعطاه قال له: سرقت! ضاعت..! فهذا يفتح باب فساد، ويفتح باب أكل أموال الناس بالباطل.
ولذا الصحابة -رضيَ اللهُ تعالى عنهُم- من عهد علي بدؤوا يضمِّنون الصُّناع لما رأوا فساد الذِّمم، وهذا الخلاف الذي يذكره الفقهاء ويقولون عنه أنه زمان وأوان لا خلاف دليل وبُرهان.
البيت الأربعون يقول فيه الناظم:
40. وَكُــلُّ حُكْـمٍ دَائِــرٍ مَــعْ عِلَّتِــهِ ... وَهْـيَ الَّتِي قَـدْ أَوْجَبَـتْ لِشِـرْعَتِـهِ
هذه القاعدة مهمة، وهذه القاعدة تقول: (الحكم الشرعي يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فحيث وُجدت العلة وجد الحُكم، وحيث انتفت العلة انتفى الحُكم).
من المعلوم عند العلماء أن العِلة معناها: وصفٌ ظاهر منضبط، بخلاف الحِكمة؛ فالحكمة: هي وصف غير منضبط وغير ظاهر.
فالأحكام الشرعية تدور مع عِللها، ولا تدور مع حِكَمها؛ لأن الحُكم الشرعي ينبغي أن يكون ظاهرا منضبطا.
إيش يعني؟
يعني: المسافر لما يفطر في رمضان، ولما يقصر، ولما يجمع، ما هي عِلة الفِطر والجمع والقصر؟ السفر، السفر وصف ظاهر منضبط، واضح مش باطن، ومنضبط بمعنى أن الناس يضبطونه ولا يختلفون فيه، بخلاف المشقة.
لا تقل، إياك أن تقول: أن السبب في القصر والفطر والجمع هو المشقة.

انتهى (الجزء الأول) ويتبع (الجزء الثاني).

تفريغ : أم زيد

من هنـا تجميع روابط الدروس المفرَّغة
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-20-2012, 09:13 AM
عائشة النعيمي عائشة النعيمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 188
افتراضي

من جــــدّ
.
.
وجــــــــد..

ومن زرع
.
.
حصد..

ومن ســار على الدرب
.
.
.....
وصــل

استمري في الرفع..

رفع الله قدرك ،ودام عطــر قلمك
،

،قد قـــــــــربت من خط النهاية!!


((هيـــــــــــــــــــــــــــــــا))
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-20-2012, 01:42 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

أسأل الله التيسير...
جزيت خيرًا -أخيتي عائشة- وبارك فيك.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-21-2012, 08:58 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

[الدَّرس الرَّابع عشر]


(الجزء الثاني)

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده، أما بعد:
يقول النَّاظم:
41. وُكُــلُّ شَــرْطٍ لَازِمٌ لِلْـعَــاقِـــدِ ... فِي الْبَيْــعِ وَالنِّـكَـاحِ وَالمْقَـاصِـــدِ
42. إِلَّا شُـرُوطًــا حَـلَّلَـتْ مُحـَـرَّمَــا ... أَوْ عَكْسَــهُ فَبَـاطِـلاتٌ فَـاعْـلَـمَـا
قُلنا هذان البيتان فيهما قاعدة مهمَّة وهي أن الأصلَ في الشروط الوفاءُ بها، فمَن تعامَل مع آخرَ معاملةً فيها -كما قال النَّاظم- بيع أو نكاح، أو قصد ما يقصده المتبايعان أو المتناكحان، سواء في العقود المبنية على المسامحة كالنكاح، وعلى المشاحَّة كالبيع، وهذا يشمل الإجارة والشَّرِكة وغير ذلك، فالأصل في العقود أن يَفيَ بها المتعاقدان ما لَم تُصادم نصًّا من النصوص الشرعية، أو تخالف مقصدًا أصليًّا من مقاصد الشريعة في تشريع هذا الحُكم.
وأما الأدلة على أن الأصل في الوفاء بالعقود هو الواجب؛ فمن كتاب ربنا وأحاديث نبينا -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وأقوال الصحابة وأئمتنا الكبار.
فالله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، ويقول الله عز وجل: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} فأوجب الله في هاتين الآيتين الوفاء بالعهد وأن الإنسان يحاسب ويسأل يوم القيامة عن الوفاء بعهده.
وأما الأحاديث: فقوله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- -فيما أخرجه الإمام الترمذي بإسناد صحيح-: «المؤمنون عند شروطِهم إلا شرطًا أحلَّ حرامًا، أو حرَّم حلالًا» فيجوز في النكاح والبيع والشركة والإجارة -وغيرها من العقود- أن يشترط أحد المتعاقدَين أي شرط بشرط أن لا يصادم نصا؛ أن لا يحلل حرامًا ، أو يحرِّم حلالا، فالمسلمون والمؤمنون عند شروطهم.
والشروط تدخل في كثير من العبادات، حتى في اشتراط العبدِ على ربِّه كما علَّم النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- الضُّباعة بنت زُبير، وكانت امرأة سمينة ثَبِطةً، امرأة ثقيلة، ففي الميقات، وكان الناس يريدون الإحرام، فقال لها النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «أحرِمي واشترِطي»؛ أي: قولي عند الإحرام: «اللهمَّ مَحِلي» أي: مِن إحرامي «حيث حبستني» فمتى حبستَني وطرأ طارئ عليَّ لا أستطيع أن أفيَ بإتمام مناسك الحج أو العمرة فإحلالي من إحرامي حيث حبستَني يا ربي.
اليوم الناس في أداء مناسك الحج والعمرة يركبون الطائرات والسيارات وقد يُحبَسون بشيء لا يَقدِرون عليه فيجدر بالمعتمر أو الحاج عند الميقات أن يقول: «اللهمَّ مَحِلي حيث حبستني» فمتى يا رب حبستَني عن إتمام عُمرتي، أو عن إتمام حجتي؛ فأنا أحل، أشترط أني متى حُبست أحل، فإن فعلَ فلا شيء عليه، وإن لم يشترط فلا يجوز له أن يتحلل حتى يُقدِّم نسكًا، حتى يذبح ذبيحة.
فالاشتراط، الشرط يدخل في كل العبادات، وهذه المسألة شائكة والخلاف فيها طويل وكثير عند العلماء، والذي حرَّره المحقِّقون منهم، وهنالك مبحث قوي جدير بالنَّظر -[لمن] أراد التوسع في موضوع الشروط- في «إعلام الموقِّعين» قرَّر فيه الإمام ابن القيم أن الشروط الأصلَ فيها الحِل والمشروعية والجواز ما لم تصادم نصًّا، وأنَّنا إذا استقرأنا ما ورد في سُنة نبينا -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- القولية أو العملية وما جرى على ألسنة أصحابه؛ علِمنا أن الشروط تدخل في كل الأمور، وفي أعظم الأمور.
أعظم الأشياء التي تُناط بالمسؤولين والإمامة الكُبرى التي ينبني عليها تنظيم شؤون حياة الناس فإن النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- أدخل الشرطَ فيها، فقال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في معركة مؤتة: «أميركم فلان، فإن قُتل ففلان، وإن قُتل ففلان» فأدخل النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- الشرط في الإمامة الكبرى على الجيش.
والإمامة الكبرى من الأشياء العظيمة فيجوز أن يَدخل الشرط فيما دونها.
واشترى النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- من جابر اشترى جملًا، واشترط أن يستلمه في المدينة.
واشترى سعد بن أبي وقاص حطبًا من نَبَطي، واشترط أن يُسلِّمه في قصره.
وعمر يقول -كما في «صحيح البخاري»-تعليقًا-: «الشروط مقاطع الحقوق»، فالشرط يقطع الحق.
فكل من له مقصد في معاملة من المعاملات، ومن مثل ذلك يقول النَّاظم سمى النَّاظم البيعَ والنكاح، ثم قال بعدها: (والمقاصد) أي مقصد لأي متعاقِد أراد أن يُدخل عليه شرطًا؛ فهذا الشرط الأصل فيه الحِل، والأصل فيه الوفاء ما لم يصادم نصًّا، والواجب على من قبِله أن يفيَ به.
وفي «صحيح البخاري» يقول النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «إن أحقَّ ما وفَّيتُم به من الشروط ما استحللتُم به مِن الفروج» فالشرط الذي يؤخذ على الناكح هو ألزم شرطٍ يجب الوفاء به.
يعني: كأن يقال: نحن نزوجك بنتنا لكن ما تجعلها تترك وظيفتها، نزوجك بنتنا بشرط أن لا تسافر بها إلى ديار الكفر، نزوجك بنتنا بشرط أن تسكن بجانبنا -مثلا-، وقَبِلَ، فحينئذ إيش يقال؟ «إن أحقَّ ما وفَّيتُم به من الشروط ما استحللتُم به مِن الفروج».
طيب؛ لو صار فيما بعد اتفاق على خلاف الشرط؟ اتفقوا على خلافه؟
العلماء يقولون في قواعدهم: «الاتفاق اللاحقُ كالشَّرط السابق».
لو اتفق المتعاقدان على خلاف الشرطِ، وانشرحت صدورهما بهذا الاتفاق؛ فيُصبح الاتفاق اللاحق كالشرط السابق، والشرط هذا لتنظيم الأمر، لوفاء حقوقهم، فإذا هو أسقط حقه، وقَبِل به؛ فما يتفق عليه المتعاقدان لاحقًا يكون بمثابة الشرط السابق، ينسخ الشرطَ السابق.
هم بينهم شرط، لكن بعدين قالوا: لا، صاحب الشرط قال: أنا أسامح، أنا أريد تحويل هذا الأمر إلى أمر آخر، استجد شيء لم يكن في الحسبان، وهذا المُستجَد لمصلحة الطرفين أن يتغير الشرط بشرط آخر، أو يُتنازل عن الشرط؛ فلا حرج في ذلك، هذه حقوق العباد، وحقوق الناس.
(وُكُــلُّ شَــرْطٍ لَازِمٌ لِلْـعَــاقِـــدِ):
نحن ما نتكلم -يا إخواني- عن الشروط التي أوجبها الشرع -شروط الصحة، وشروط الوجوب، وشروط الصلاة كاستقبال القِبلة-، لا ما نتكلم عن هذا، هذا واجب بالنص، شروط الصحة، وشروط الوجوب، الشروط التي يجب أن تتوفر في الصلاة وفي غيرها، هذه أمور أوجبها الشرع، نتكلم عن الشرط الزائد عن هذا الذي هو أصله مباح ولكن هو وُجد لتنظيم شؤون الناس، لتنظيم مصالح الناس، فالمتعاقدان لهما الحرية يشترطان ما شاءا على بعضهما البعض إلا إن خالف الشرعَ.
واحد اشترط على آخر شرطًا ويُلزمه بِشيء حرَّمه الله كأن يقول: المال الذي يؤخذ من الشركة يوضع بالربا في البنك.
هذا شرط خالف نصًّا، فهذا لا وزن له.
أو أن يقول: والله أنا شرطي تكون عندي سكرتيرة في العمل! هذا شرط خالف نصًّا، فهذا شرط لا وزن له.
لكن: أنا أشترط أنه والله أنا يكون لي مقابل تنقُّلاتي راتب، مقابل أتعابي، فاتورة الهاتف على الشركة.. أي شرط يتفقان عليه في الترتيب الذي يرونه فيما بينهم؛ فالأصل في مثل هذه الشروط الأصل فيها الحل، إلا الشرط الذي يصادم المقصد الأصلي من التشريع.
يعني: أنت لما تأكل خبزا، أو تشتري خبزا، أو تشتري فاكهة، لماذا اشتريت خبزا والفاكهة؟ للأكل، فلو البياع قال لك: أنا أبيعك خبزا أو فاكهة بشرط أن لا تأكله! هذا الشرط إيش؟ باطل؛ لماذا هذا الشرط باطل؟ لأنه يخالف المقصد الأصلي ولا فائدة للمُشتَرَى، والذي يشتري الخبز والفاكهة ما يشتريه إلا للأكل، فهذا شرط باطل لا وزن له، ولا يجب الوفاء به.
كمن يقول: أنا أنكحك ابنتي على أن لا تطأها! هذا يخالف المقصد الأصلي من النكاح؛ فهذا شرط باطل لا وزن له.
فإذا كان الشرط يخالف المقصد الأصلي من النكاح فهذا الشرط باطل لا وجود له.
وأما الشروط الجائزة في أصلها التي تنظم علاقات الناس وتنظم طبيعة العلاقة بين المتعاقدين فالأصل في مثل هذه الشروط الأصل فيها الحِل لا الحرمة، والله تعالى أعلم.
نأتي للذي بعده:
43. تُسْتَعْمَــلُ الْقُـرْعَــةُ عِنْـدَ المُبْهَـمِ ... مِـنَ الحُقُــوقِ أَوْ لَـدَى التَّـزَاحُـمِ
رجل لقط لُقطة فيجب عليه أن يردها لمن يُعرِّفها، فعرَّفها اثنان بأوصافها، فأصبح صاحب هذه اللقطة مبهمًا، هذا أو هذا.
يقول:
43. تُسْتَعْمَــلُ الْقُـرْعَــةُ عِنْـدَ المُبْهَـمِ ... مِـنَ الحُقُــوقِ أَوْ لَـدَى التَّـزَاحُـمِ
صار فيه تزاحم: هذا أو هذا صاحب اللقطة، فأنا الذي عرَّف لي اللقطة التي وجدتُها عرَّفها لي اثنان وأصاب الاثنان، أنا مُلزم بأن أردَّها، لكن هي قطعًا ليست للاثنين، هي لواحد من الاثنين، فأنا أردَّها لِمن؟ عند تزاحم الحقوق، أو عند أن يكون المبهم هو صاحب الحق؛ فحينئذ: تأتي القُرعة.
القُرعة مشروعة في كتاب ربنا وحديث نبينا -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فالقُرعة مذكورة في آيتين من كتاب الله، في قوله عز وجل: {وإذْ يُلقون أقلامَهم أيُّهم يكفُل مريم}، والمراد بإلقاء الأقلام: القُرعة، وفي قول الله عز وجل عن يونس: {فساهمَ فكان من المدحَضين}.
والنبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- كان إذا سافر -كما تخبر عائشة في المتفق عليه- أقرع بين أزواجه، وحق السفر مع الزوج حق شخصي، يجوز للمرأة أن تتنازل عليه، لكن إن تزاحمت وكل امرأة أرادت أن تسافر مع زوجها؛ فكل واحدة لها الحق، فتزاحمت الحقوق ماذا يفعل الزوج؟ يبدأ بالقُرعة، يعمل القُرعة بين الزوجات.
وذكرتُ لكم فرقًا دقيقًا بين القُرعة والقِمار، وقديما بعضُ الناس لم يضبط الفرقَ بين القُرعة والقمار فقيل للإمام أحمد: هنالك رجل يقول القرعة قِمار؟ قال: إنه رجل سوء، يقول عما ثبت في كتاب الله وفي أحاديث رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- قمار؟ إنه رجل سَوء.
الشرعُ إن أثبتَ الحقَّ لمجموعة من الناس ثم فصلت القرعةُ فيه؛ هذه هي القُرعة المشروعة.
وأما إن لم يثبت الحق لأحد، وإنما القُرعة هي التي تَمنح أو تمنع، هي التي تعطي أو تحرم؛ فهذا هو القِمار.
يعني: أصحاب اليانصيب المشتركون يأخذون بالقرعة وليس لهم حق سابق.
سفر الرجل مع زوجته: لكل زوجة حق، تزاحمت الحقوق، والحق ثابت، فالقرعة تفصل الحق الثابت، فإن لم يسبق القُرعةَ حقٌّ ثابت؛ فهذا هو القِمار، وأما إن سبق القرعةَ حقٌّ ثابت؛ فحينئذ: هذه هي القرعة الشرعية.
فالقرعة المشروعة يسبقها حق ثابت مشترك لمجموعة من الناس.
معاذ بن جبل ماتت زوجتاه في يوم واحد، ولكل منهما حق عليه في التكفين والتغسيل والدفن، فأقرع بينهما، عمل قرعة: من يُغسِّل قبل من؟ ويكفِّن من قبل من؟ ويدفن من قبل من؟
دخل ثلاثة من الناس المسجد الصف الأول، وجدوا فجوة واحدة، متسع لرجل واحد، هؤلاء الثلاثة لو كانوا متيقنين على فضل الصف الأول؛ لما قبِل واحد منهم أن يتنازل عن هذه الفجوة، ولاقترعوا بينهم.
ثلاثة تقدَّموا للأذان، ولا يوجد مؤذن راتب، لو هؤلاء يعلَمون فضل الأذان معرفةً شرعية كاملةً وافية تامة؛ لما قبِل أحدُهم أن يتنازل عن الآخر.
لذا قال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «لو يعلم الناسُ ما في التبكير والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهِمُوا -أي: يقترعوا- عليه لاقترعوا».
فلما تزدحم الحقوق، فلم تبق إلا القرعة؛ فالقرعة حينئذ مشروعة.
قال:
43. تُسْتَعْمَــلُ الْقُـرْعَــةُ عِنْـدَ المُبْهَـمِ ... مِـنَ الحُقُــوقِ أَوْ لَـدَى التَّـزَاحُـمِ
لما تتزاحم الحقوق فحينئذ نحن نستخدم القرعة لفصل هذه الحقوق، نفصل بالقرعة صاحب الحق من غيره، فالقرعة هذا مجالها.
الإمام ابن رجب في كتابه العظيم «القواعد» ذكر قاعدة القُرعة وأدخلها في جميع أبواب الفقه -من الطهارة إلى الميراث-، فكل أبواب الفقه أدخل فيها القُرعة، وأذكر فاته فرعان أو ثلاثة يسر الله لي أن استدركتُهما عليه في هوامش الكتاب.
فالشاهد أن القرعة مجالها لاحب، ومجالها واسع.
فالقرعة عند التزاحم أو تكون عند المُبهم، إيش المُبهَم؟ أنا أُبهِم عليه من أعطي هذا أو ذاك اللقطة.
رجل طلَّق زوجته، وعنده زوجات أربع، ولم ينوِ واحدة منهن، ما وقع النِّية، ووقع الطلاق، فعلى من يقع الطلاق؟ بالقرعة يقع الطلاق.
وهذه الصورة بخلاف صورة: رجل طلق ونوى امرأة بعينها ثم نسيها، فجماهير أهل العلم يقولون: لا يطأ واحدة منهن لأن الأصل في الفروج الحُرمة -كما ذكرنا في قاعدة سابقة- لا يطأ واحدة منهن حتى يغلب على ظنه أنه يريد فلانة من الأربع.
أما لو أنه طلق ولم ينوِ، وقال أنا ما نويت، وتيقن أنه لم يَنو، فحينئذ يصبح الآن إبهام، ما علِمنا مَن المطلَّقة، وهذا لا تتعين واحدة من الأربع إلا بالقرعة.
البيت الرابع والأربعون، يقول النَّاظم:
44. وَإِنْ تَسَـاوَى الْعَمَــلانِ اجْتَمَعَــا ... وَقُم بفِعْـل واحـدٍ فاسْـتَمِـعَـا
هذا البيت يُشرح على وجهين:
الوجه الأول: ما يسمى باختلاف التنوع.
فإذا وُجد وثبت عن النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في المحل الواحد فعلٌ فعلهُ على أكثر من وجه؛ فحينئذ نقوم بفعلِ واحدٍ، والأحسن أن نُنوِّع كما نوَّع النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
العبارات التي شُهرت وأشهرها شيخُ الإسلام في «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» أن الاختلاف: اختلاف تنوُّع واختلاف تضاد، وهذه العبارة وجدتُ أول من استخدمها ابن قُتيبة الدِّينَوَري -أديب أهل السنة، المتوفى سنة 276-.
اختلاف التنوُّع: مثل اختلاف دعاء الاستفتاح، النبي كان يقول في أدعية الاستفتاح أكثر من صيغة.
مثل اختلاف أذكار الركوع، وأذكار السجود: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى، كان يقول: «سبحان ربي العظيم وبحمده» -يزيد-، «سبحان ربي الأعلى وبحمده»، أحيانا كان يقول في الركوع والسجود: «سبُّوح قدوس رب الملائكة والروح»، أحيانا كان يقول: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»، فهذه الأفعال كلها تساوت، يقول:
(وَإِنْ تَسَـاوَى الْعَمَــلانِ) الأعمال والأقوال، ما قال: (الفعلان)، قلنا العمل يشمل الفِعلَ والقول، الفعل مقابله: قول، والعمل يكون فعلاً وقولا.
فإذا تساوت الأعمال، وكلها ثبتت في السُّنة، يقول: قُم بفعل واحدٍ (فاسْـتَمِـعَـا)، افعل واحدًا منها، والأحسن أن تُنوِّع كما نوَّع النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
النبي بعد الصلوات كان يُسبح عشرا، يقول: سبحان الله -عشرا-، الحمد لله -عشرا-، الله أكبر -عشرا-، يقول: سبحان الله -إحدى عشر-، الحمد لله -إحدى عشر-، الله أكبر - إحدى عشر-، يقول: سبحان الله -ثلاثا وثلاثين-، الحمد لله -ثلاثا وثلاثين-، الله أكبر -ثلاثا وثلاثين-، تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وكان يقول تارة: الله أكبر -أربعًا وثلاثين-، وكان تارة يقول: سبحان الله -خمسا وعشرين-، والحمد لله -خمسا وعشرين-، والله أكبر -خمسا وعشرين-، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير -خمسا وعشرين-.
طيب؛ أيها الأفضل من هذه الأمور الأربع، هذه الصيغ؟ الأفضل أن تُنوِّع كما نوَّع النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
واحد مدرِّس بعد الصلاة وقبل الدرس يقول: سبحان الله -عشرا-، الحمد لله -عشرا-، الله أكبر -عشرا-، ويجلس يدرِّس، فيجمع الخير.
إنسان صائم، عنده وليمة، مدعو، سبحان الله -عشرا-.. أو إحدى عشر ويمشي.
إنسان فارغ البال، ما عنده شيء، جالس، يجلس بهدوء يقول: سبحان الله -خمسا وعشرين-، والحمد لله -خمسا وعشرين-، والله أكبر -خمسا وعشرين-، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير -خمسا وعشرين-، هذا أطول صِيغة، هذه الصيغة تأخذ أكبر وقت، فتحتاج لأطول وقت.
فأنت تنوِّع.
ويقول الحافظ ابن حجر في شرح كتاب الدعوات من «صحيح البخاري» في «فتح الباري» يقول: «اختلاف التنوُّع في الأذكار: له أثر على القلب كأثرِ اختلاف تنوُّع الطعام على البدن» البدن إن أكلتَ الطعام اللذيذ الطيب وأدمنتَ عليه مللتَه، وإن نوَّعتَ في الطعام بقيت لذتُه بين أسنانك -كما يقولون-.
فبعض الناس يقول لك: أنا في أول صلاتي كنتُ أجد خشوعًا، ثم فقدتُ هذا الخشوع؟ لأنك ما نوَّعت، بقيتَ تذوق طعمًا واحدا، وهذا الطعم طيب، لكنك أدمنتَ عليه، ويقولون: كثرة المساس تفقد الإحساس! فنوِّع.
إما أن هذا البيت يُحمل على هذا الوجه، ويحمل على وجه آخر الذي يسمى التداخل.
الشيء لا يريد شيئا لذاته، يريده لغيره، فتداخَلَ مع غيره، فلو فعلتَ واحدًا، فِعلٌ واحد بالنٍِّيّتين جائز:
44. وَإِنْ تَسَـاوَى الْعَمَــلانِ اجْتَمَعَــا ... وَقُم بفِعْـل واحـدٍ فاسْـتَمِـعَـا
الفعل الواحد تقوم بالنيَّتين.
مثل: الشرع أراد من تحية المسجد تعظيم المكان، ما أراد الركعتين لأنهما واجبتان لذاتهما، لذا: أجمع أهل العلم أن من دخل ووجد الإمام يصلي الفريضة يبدأ بالفريضة ولا يصلي تحية المسجد، ولا يقضي تحية المسجد؛ لأن المكانَ قد بدئ في حق الداخل فيه بالصلاة، فالشرع لا يريد تحية المسجد لذاتها، يريد تعظيم المكان، لذا من الحُسن للداخل أن يبدأ بالتحية قبل تحية الناس، وقبل الكلام مع الناس، ودل على ذلك حديث المسيئ صلاته، دخل فصلى فجاء فقال للنبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: السلام عليكم، فقال له النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «وعليكم السلام، ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ».
يقول الإمام ابن القيم في الهدي في «زاد المعاد»: هذا الرجل بدأ بالتحية ثم سلم على النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فأدى حق المكان قبل حق الناس، قبل حق سيد الخَلق بالسلام.
فيحسن للقادم للمسجد أن لا ينشغل بالناس، يؤدي تحية المسجد أولا، ولكن تحية المسجد لا تُراد لذاتها وإنما تُراد لغيرها.
العِدة تُراد لذاتها؛ لذا العِدد لا تتداخل.
لو أن امرأةً تزوجت في عدتها؛ يفصل بينها وبين زوجها، وتعتد من الثاني بعد طلاقها، ثم تعود فتعتد من الأول، العِدد حق للزوج، حق للميت، لا تَقبل التداخل، بخلاف الأشياء الأخرى، بخلاف الحدود.
لو أن رجلا سرق، ثم قتَل، فقُبض عليه بعد قتله، إيش نعمل فيه؟ نقطع يده ثم نقطع راسه؟ ولا نقطع رأسه ويكفي؟ شو الفائدة من قطع اليد كما قال ابن مسعود؟ نقتُله ويكفينا قتلُه.
لو أن رجلا أفسد صومَه بوطء أهله، لو وطئ أهله أكثر من مرة في اليوم؟ إيش عليه؟ كفارة ولا كفارتان؟
طيب؛ أعيد السؤال:
رجل وطئ زوجته في يومين من رمضان، إيش عليه؟ كفارتان -قولا واحدا-.
طيب؛ وطئ مرتين في يوم؟ كفارة بإجماع؟ لا، بتفصيل.
إن وطئ وكفَّر ثم وطئ بعد التكفير في ذات اليوم؛ عليه كفارة جديدة.
وإن وطئ ولم يكفِّر ثم وطئ؛ فتجزئه الكفارة.
هذا يسمى التداخل.
رجل حلف على شيء واحد عدة مرات، إيش عليه؟ في مجلس واحد حلف عشرين مرة على شيء واحد؟ عليه كفارة واحدة.
طيب؛ حلف على شيء واحد في عدة مجالس، أيمان متعددة إيش عليه؟ فيه خلاف بين أهل العلم.
لكن لو حلف على شيئين منفصلَين؟ فعليه كفارتان، وهكذا في أشياء كثيرة مذكورة عند الفقهاء فيما يسمى عندهم بموضوع: التداخل.
نعيد قراءة البيت، فهمنا البيت على النحو الأول، نفهم البيت على النحو الثاني، يقول:
(وَإِنْ تَسَـاوَى الْعَمَــلانِ اجْتَمَعَــا)
العملان متساويان، يعني: تعظيم المكان والفرض حصل بالفرض، يقول: (وَقُم بفِعْـل واحـدٍ فاسْـتَمِـعَـا)..
طيب؛ رجل قَتل بسبب واحد فمات ثلاثة في حادثة واحدة، إيش الواجب عليه؟ لكل ولي دم من الثلاثة دِية، هذه ما تَقبل الاجتماع، كل صاحب دم، كل ولي دَم له دِيَة، لكن الخلاف بين الفقهاء: إذا اتحد سببُ القتل؛ فهل عليه كفارة واحدة في حق الله، يصوم ستة أشهر عن كل واحد شهران ولا شهران تجزئ؟ هذا مما وقع فيه الخلاف، الجماهير يقولون كذلك: عن كل واحد يصوم شهرين، وهذا لا يَقبل التداخل، والأعمال ليست من باب التداخل أبدا.
فهذه المسائل المرجِّحات فيها الفهم والنظر، وقلَّ أن نجد فيها الخبَرَ والأثر، وهذه على حسب الملَكات، لكن إذا الشرع ما أراد العمل لذاته وإنما أراد العمل لغيره؛ فحينئذ يقع التداخل -قولًا واحدا-.
البيت الذي بعده، يقول النَّاظم -في البيت الخامس والأربعين-:
45. وَكُــلُّ مَشْغُــولٍ فَــلَا يُشَـغَّـــلُ ... مِثـالُــهُ المَـرْهُــونُ وَالـمـُسَـبَّــلُ
هذه قاعدة دارجة على ألسنة الناس في عباراتهم، وفي شؤون حياتهم وهي مأخوذة من كلام الفقهاء، القاعدة تقول: المشغول لا يُشغَل.
المرأة إذا تزوجت لا يجوز أن يتزوجها غيرُ زوجها، والنبي يقول: «لا يخطب أحدُكم على خطبة أخيه» فالمرأة المخطوبة لا يجوز أن تُخطب، ويقول النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «لا يَبِعْ أحدُكم على بيع أخيه» السلعة إذا بيعت و»البيِّعان بالخيار ما لم يفترقا» وتم الاتفاق، فلا يجوز لآخر أن يأتي ويبيع على سلعة أخيه.
فمتى كانا العقدان في محل واحد، في مكان واحد، في جهة واحدة؛ فهذا العقدُ لا يَقبل أن يُعقد عقد آخر في محله، في مكانه، في جهته، ولكن: إذا كان في محله ولكن على غير جهته وإنما من جهة أخرى؛ فلا حرج، ولا ينطبق قاعدة: (المشغول لا يُشغَل) عليه.
مثلا: رجل عقد على امرأة فخطبها، فعقدت هذه المرأةُ عقدا مع مدرسة لتدرِّس فيها، فهذا عقد في محل واحد، لكن على جهة أخرى، وليس على جهة واحدة، فعقدُها في التدريس لا يجعل عقدَها في الخِطبة يمنعها من أن تعقد عقدًا على التدريس؛ لأن الممنوع إجراء عقدَين في محل واحد، في مكان واحد، في جهة واحدة، فإن تعددت الجهة؛ جاز أن يُعقد أكثر من عقد.
بيع العربون: من جهتين، ليس من جهة واحدة، عقدان من جهتين مختلفتين، وبيع العربون جائز، وهو من مفردات مذهب الإمام أحمد، الأئمة الثلاثة يمنعون بيع العربون، الإمام أحمد يجوِّز، الأئمة الثلاثة يعتمدون على حديث: «نهى النبي عن بيع العُربان»، وقد بوَّب الإمام ابن ماجه في «سننه»، في كتاب التجارات، باب النهي عن بيع العُربان، والحديث صحيح لم يثبت عن النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، وصحَّ أن عمر اشترى دارًا بالعربون وجعلها سجنًا.
فبيع العربون لا حرج فيه على أرجح الأقوال، فقد يتم البيع مع العربون، وهذا لا يمنع، هاتان جهتان، عقدان في محل واحد على جهتَين مختلفتين، إن تم البيع حُسب من الثمن، وإن لم يتم فهذا عقد آخر على جهة أخرى، فالمشغول لا يُشغَل.
يقول النَّاظم:
45. وَكُــلُّ مَشْغُــولٍ فَــلَا يُشَـغَّـــلُ ... مِثـالُــهُ المَـرْهُــونُ..
إن رهنتَ أرضا على أرض، فإن أخذت قرضا آخر لا يجوز لك أن ترهن المرهون.
(وَالـمـُسَـبَّــلُ): المُسبَّل: الوقف، فلو أوقفتَ بناءً على الفقراء، فلا يجوز أن توقفه على العلماء، فالشيء الذي يوقف لوجه الله لجهةٍ لا يكون هذا المكان بعينِه بوقتِه، الموقوف لا يوقَف، والمرهون لا يُرهن؛ لأن المشغول لا يُشغل.
فالمشغول في الشرع لا يُشغل.
البيت الذي بعده يقول فيه النَّاظم:
46. وَمَـنْ يُـؤَدِّ عَـنْ أَخِـيــهِ وَاجِـبَــا ... لَــهُ الـرُّجُـوعِ إِنْ نَـوَى مُـطـالِبَــا
هذا في حقوق العباد وليس في حقوق الله، وهذا يسمى الإحسان الإلزامي.
أخي غاب، وله عائلة، واحتاج أولادُه، فأنفقتُ عليهم النفقة الواجبة اللازمة لأولاده، فأنا إن نويتُ أن أطالبَه بالنَّفقة، واللهُ يعلم من قلبي أني أُنفق عنه وأنا أنوي مطالبتَه؛ فيجب عليه شرعًا أن يعطيني ما أدَّيتُ عنه من واجب، يقول:
(وَمَـنْ يُـؤَدِّ عَـنْ أَخِـيــهِ وَاجِـبَــا ... لَــهُ الـرُّجُـوعِ) فيما أدى، بشرط: (إِنْ نَـوَى مُـطـالِبَــا) إن نويتَ المطالبة.
طيب؛ أنا أدَّيتُ عنه والله يعلم في نيَّتي أني أحسن إليه، أني أتصدق عنه، أقول: ما أدري حال أخي، لعل أخي في ورطة ماليَّة، في أزمة، فأنا الله متفضل ومُنعم علي، أنفقُ على أولاده احتسابًا وأجرًا، فلا يجوز لي شرعًا أن أطالبَه، وهذه صورة من صوَر القاعدة الأولى التي تنص تقول أن الأعمال بالمقاصد، الأعمال بمقاصدها.
حقوق الله لا يجوز فيها أن تؤدي عني دون علمي؛ لأن حقوق الله تحتاج لنية.
يعني واحد يقول: والله يا أبا عبيدة! أنا أديت عنك زكاة مالك، ما تؤدي زكاة المال! -وأنا ما أدري- والله أنا أعطيني الزكاة التي دفعتُها عنك! دفعتَ زكاة مالي دون أن تخبرني!
لكن لو كان لي شريك لي مال عنده، وشريكي قال لي: ترى يا أبا عبيدة أنا أريد أن أزكِّي مال الشركة، واستأذنني [...] وقلتُ له: زكِّ مال الشركة، فلما أجلس أتحاسب أنا وإياه فيظهر ربح كل واحد، فيخصم عليَّ الزكاة، يقول: أنت حقك عشرون ألفا في الربح، أديتُ عنك زكاة خمسة آلاف، فأنت تفضل 15 ألفا. هذا حقه.
لكن أن يؤدي عني الزكاة دون أن يخبرني ويقول لي: ترى ربحنا في الشركة عشرون ألفا، وأنا أديتُ عنك خمسة آلاف زكاة؛ لا، أعطني العشرين ألفا، وأنا الزكاة لا تُجزئ ولا تسقط عن ذِمتي إلا بِنِيَّتي، حقوق الله في العبادات تحتاج لنِيَّة مني قبل أن أؤديها، ومن غير نِيَّة لا تبرأ ذمتي، أما إن أدَّيتَ عني واجبًا من الواجبات التي تتعلق بذمتي في الدنيا من الدَّين..
واحد لسانه طويل، لا يتقي الله، يتكلم كلاما كثيرا، يقول: أنا مديون لفلان، والدَّين له أجل، مثلا لنقلْ الدَّين شهر 10، ومن شهر 8 بدأ يطلق الصواريخ والكلام البذيء والشيء السيئ، فليَ صديق حبيب قال: إيش مالك؟ ماذا تريد من أبي عبيدة؟ قال: أنا لي عنده ألف دينار وما أعطاني ألف دينار. والدَّين بعده ما حلَّ، يعني هو بدأ يتكلم من شهر 8، والدَّين يحل في شهر 10، فأعطاه الألف دينار الدَّين، فيُنظر في نِيته، إن نوى أن يطالبني بشهر عشرة يجب علي أن أعطيه الدَّين، هذا دَين حق البشر، هذا حقوق الناس، وليست هذه في حق الله.
كذلك حقوق العباد في النفقة، قصَّرتُ في نفقة أولادي، غبتُ عن أولادي، فأنفَق على أولادي من بعدي، أنفقَ على عمالي، أنفقَ على مصلحتي، دفع استئجار محلاتي التي استأجرتُها في مصالحي؛ فأنا يجب عليَّ شرعًا أن أؤدي إليه، لكن بشرط أن ينويَ حال الدفع أن يُطالب، فإن لم ينوِ المطالَبة فهذا إحسان منه إلي.
البيت الأخير في المنظومة -وبعدها ختم ببيتَين فيهما الحمدلة والصلاة على النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، بيت مهم، يقول فيه النَّاظم:
47. وَالْـوَازِعُ الطَّبْعِـي عَـنِ الْعِصْيـانِ ... كَـالـوَازِعِ الشَّـرْعِـي بِـلَا نُـكْـرَانِ
الوازع الطبعي كالوازع الشرعي، هذه القاعدة.
لا إله إلا هو سبحانه، له الخلق وله الأمر، الله الذي خلق هو الذي أمر، هو الذي شرعَ سبحانه، ففي أشياء تنفر منها الطِّباع؛ فهي حرام بالوازع الطبعي، الوازع الجِبلي، الوازع الموجود في صدور الناس، واعظ الله الذي وضعه في القلوب، فالوازع الذي في قلوب الناس كالوازع الشرعي.
إلا أن هنالك فرقا دقيقا بين الوازع الشرعي والوازع الطبعي: فالوازع الشرعي قد تميل إليه النفوس فنفَّر الشرعُ منه بالحدود، وأما الوازع الطَّبعي فالنفوس السويَّة لا تَقبَلُه فلم يجعل الله فيه الحدَّ.
الوازع الطبعي لا حد فيه، الشيء الذي وُضع في النفس، وتنفر منه النفسُ؛ فهذا حرام، لكن ليس فيه حد.
أضرب لكم أمثلة: الخمر فيه حد، الخمر وأكل الحشيش كما ذكرنا: (وكل حُكم دائرٌ مع عِلَّته).
طيب؛ أكل الرَّوث والغائط وشرب البول، إيش هذا؟ هذا النفوس تَنفر منه، لذا الشرع ما جعل فيمن شرب بولًا بأن وضع له حدًّا، ما وضع الحد، ليش ما وضع حدا في شرب البول مع أنه أشد من الخمر؟ لأن النفسَ تنفر منه.
طيب؛ من قتَل قتيلا، رجل ميِّت، فجاء آخر فقطع رقبته وهو ميِّت، هذا ما فيه حد، لكن في طبع الإنسان أن الميت يُرحم حتى لو كان عدوًّا، فلم يجعل اللهُ حدًّا في حق مَن فعَل فِعل قتلٍ في حق من مات.
وكذلك فيمَن زنا في امرأة ميتة، رجل رأى ميتة فزنى بها، أولج ووقعت شروط الزنا، إيش عليه هذا؟ آثم، لكن هل عليه حد الزنا؟ الجواب: لا؛ لأن هذا حرام بالوازع الطَّبعي، وليس حراما بالوازع الشرعي.
طيب؛ هل يُشترط فيمن يُقر على نفسِه بحدٍّ، هل يشترط في حقه العدالة؟ الأصل فيمن يُقر على غيره أنه فعلَ حدًّا من الحدود -سرقة، شرب خمر- الأصل فيه أن لا تُقبَل إلا إن كان عدلًا، طيب؛ هل يُشترط فيمن يُقر على نفسِه أن يكون عدلًا؟ لا؛ لماذا؟ لأن الوازع الطبعي يمنع الإنسانَ أن يُقر على نفسِه بحدٍّ، الإنسان فيه عنده وازع يمنعه أن يقر أن يقول أنا فعلتُ الكبيرة الفلانية التي يترتب عليها الحد الفلاني، فالوازع الطبعي عنده يمنعه أن يكذب، فإن أقرَّ نَقبَل إقرارَه مع فِسقه، نَقبل إقراره مع عدم عدالته.
هل يَلزم في حق من أقامه مقام نفسِه بالوكالة أن يكون عدلًا؟
يعني: أنا إن أردتُ أن أقيم رجلا مقام نفسي فأعطيه وكالة عامة يقوم عني بالبيع والشراء إلخ، هل يلزم أن يكون عدلًا؟ الجواب: لا، لأن الإنسان بطبعه لا يَقبَل أن يُقيم مقامَه من يأكل مُلكَه، الإنسان بطبعه إذا أراد أن يُقيم رجلا مقام نفسِه فلا يَلزم منه أن يكون فاجرا أو أن يكون غير أمين، هو يحتاط.
فالوازع الطبعي الموجود في نفوس الناس من الحرص على أشيائهم والحرص على مصالحهم والحرص على دنياهم اكتفى به الشرعُ، فلم يُلزم الشرعُ توفُّر العدالة في حق مَن تُنيبه مقامَ نفسك.
فالوازع الطبعي يقوم مقام الوازع الشرعي.
وبهذه القاعدة ختم النَّاظم رحمه الله تعالى منظومته، ولم ينسَ في النهاية كما أنه بدأ بحمدِ الله سبحانه في البدايات فإنه أيضا ختم بالحمد فقال:
48. وَالـحَـمْــدُ للـهِ عَـلـَى التَّـمَــامِ ..
فنحمد الله عز وجل أن أعاننا وأتممنا نظم هذه المنظومة -يقول النَّاظم-.
ونحن نقول: الحمد لله الذي أعاننا أن شرحنا وأتممنا شرح هذه المنظومة (في البدء)، فحمدناه في البدء، ونحمده سبحانه في الختام، ونحمده سبحانه على الدوام.
وكما ذكرتُ لكم: أعظم كلمة وأحب كلمة يقولها الإنسان يحبها الله: (الحمد لله)، لذا أهل الجنة وهم في الجنة يُقلبون، كل يوم تزداد النعمُ عليهم، تزداد لذتُهم في الجنة، فيقلِّبون ماذا يفعلون، ماذا يقولون، كيف يؤدون هذا الحق الذي أعطاهم الله إياه، فكما قال الله عز وجل: {وآخرُ دَعواهُم أن الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين} آخر دعوى أهل الجنة: (الحمد لله) لأن كما يقول أهل العلم يقولون: أعظم كلمة وأحب كلمة إلى الله: (الحمد لله)، يقول النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «أفضل الدعاء: (الحمد لله)»، فـ(الحمد لله) أحب إلى الله من (سبحان الله)، وأحب إلى الله من (الله أكبر).
أفضل الكلام: (لا إله إلا الله)، ولذا النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول: «أفضل ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي» أفضل الذِّكر وأفضل الدعاء «لا إله إلا الله» أفضل الذِّكر، «وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد» وهو أفضل الدعاء، فأفضل الكلام: ما جمَع بين أفضل الذِّكر وأفضل الدُّعاء، قال: {وآخرُ دَعواهُم أن الحمدُ للهِ} فـ(الحمد لله) دعاء، لكن دعاء ثناء، فالدعاء قسمان: دعاء ثناء، ودُعاء مسألة، فـ(الحمد لله) دعاء ثناء، وأحب القسمَين إلى الله: دعاء الثناء، وأحب دعاء الثناء إلى الله: (الحمد لله).
فيقول النَّاظم:
48. وَالـحَـمْــدُ للـهِ عَـلـَى التَّـمَــامِ ... فـِي الْـبَـدْءِ وَالـخِـتـامِ وَالــدَّوامِ
49. ثُـمَّ الصَّــلاةُ مَـعْ سَـلامٍ شَـائِــعِ ...
فكذلك صلَّى وسلم على النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، وبيَّنا في الأول ما معنى الصلاة والسلام على النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
عَلَى النَّبِــي وَصَحْـبِــهِ وَالتَّـابِــعِ
ولم يذكر الآلَ في الختام، وذكرهم في البدء؛ لأن (الآل) في الختام يدخلون مع قوله: (وَالتَّـابِــعِ)، فيشمل التابع الذي يتبع هؤلاء هم (الآل)، وآل الرجل: أتباعُه، وإذا ذُكر الآل فقط مع الأصحاب يكون المراد بهم هم الذين تَحرم عليهم الصدقة، وإلا الأصل في (الآل) الأتباع.

بذا نكون -ولله الحمد والمنة- قد فرغنا من شرح هذه المنظومة، ونحمد الله سبحانه وتعالى على ذلك.


انتهى (الجزء الثاني).

تفريغ : أم زيد

من هنـا تجميع روابط الدروس المفرَّغة


وبهذا انتهيت -بحمد الله ومنَّته- من تفريغ هذه السلسلة الطيبة، وأسأل الله أن يجزي الناظم والشارح خير الجزاء، وينفع بهما وبعِلمهما، وأعتذر للجميع عن أي نقص أو خطأ في التفريغ، وأستغفر الله وأتوب إليه.



وَالـحَـمْــدُ للـهِ عَـلـَى التَّـمَــامِ ... فـِي الْـبَـدْءِ وَالـخِـتـامِ وَالــدَّوامِ

ثُـمَّ الصَّــلاةُ مَـعْ سَـلامٍ شَـائِــعِ ... عَلَى النَّبِــي وَصَحْـبِــهِ وَالتَّـابِــعِ
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:07 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.