أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
18339 103800

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-27-2016, 01:43 AM
الهمام حارث الهمام حارث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 245
افتراضي وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا

السلام عليكم،

قال الله تعالى {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا } – الإسراء:45 -
تفسير الآية من "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" للشيخ محمد الأمين بن محمد بن المختار الجنكي الشنقيطي رحمه الله
(ج3/ص159>160)

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا }

فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَجْهَانِ مِنَ التَّفْسِيرِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمَعْنَى: وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا، أَيْ حَائِلًا وَسَاتِرًا يَمْنَعُهُمْ مِنْ تَفَهُّمِ الْقُرْآنِ وَإِدْرَاكِهِ لِئَلَّا يَفْقَهُوهُ فَيَنْتَفِعُوا بِهِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالْحِجَابُ الْمَسْتُورُ هُوَ مَا حَجَبَ اللَّهُ بِهِ قُلُوبَهُمْ عَنِ الِانْتِفَاعِ بِكِتَابِهِ، وَالْآيَاتُ الشَّاهِدَةُ لِهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، كَقَوْلِهِ: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} [41\5]، وَقَوْلِهِ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} الْآيَةَ [2\7]، وَقَوْلِهِ: {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} الْآيَةَ [18\57]، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ: قَتَادَةُ وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا.

الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْآيَةِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِجَابِ الْمَسْتُورِ أَنَّ اللَّهَ يَسْتُرُهُ عَنْ أَعْيُنِ الْكُفَّارِ فَلَا يَرَوْنَهُ، قَالَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيّ ُ مَعًا فِي الدَّلَائِلِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [111\1] أَقْبَلَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلٍ وَلَهَا وَلْوَلَةٌ وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ وَهِيَ تَقُولُ: مُذَمَّمًا أَبَيْنَا.. وَدِينَهُ قَلَيْنَا.. وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا
وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَقَدْ أَقْبَلَتْ هَذِهِ وَأَنَا أَخَافُ أَنْ تَرَاكَ ؟ فَقَالَ: "إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي" وَقَرَأَ قُرْآنًا اعْتَصَمَ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [17\45]، فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ تَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ، فَانْصَرَفَتْ وَهِيَ تَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي بِنْتُ سَيِّدِهَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الرِّوَايَاتِ بِهَذَا الْمَعْنَى.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، بَعْدَ أَنْ سَاقَ بَعْضَ الرِّوَايَاتِ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ الْأَخِيرِ مَا نَصُّهُ: وَلَقَدِ اتَّفَقَ لِي بِبِلَادِنَا - الْأَنْدَلُسِ - بِحِصْنِ مَنْثُورٍ مِنْ أَعْمَالِ قُرْطُبَةَ مِثْلُ هَذَا، وَذَلِكَ أَنِّي هَرَبْتُ أَمَامَ الْعَدُوِّ وَانْحَزْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ عَنْهُ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِي فَارِسَانِ وَأَنَا فِي فَضَاءٍ مِنَ الْأَرْضِ قَاعِدٌ لَيْسَ يَسْتُرُنِي عَنْهُمَا شَيْءٌ، وَأَنَا أَقْرَأُ أَوَّلَ سُورَةِ يس وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَعَبَرَا عَلَيَّ ثُمَّ رَجَعَا مِنْ حَيْثُ جَاءَا، وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ: هَذَا دُيْبَلَةٌ ( يَعْنُونَ شَيْطَانًا ) وَأَعْمَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَبْصَارَهُمْ فَلَمْ يَرَوْنِي. اهـ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّ هَذَا الْوَجْهَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ هُوَ الْأَظْهَرُ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {حِجَابًا مَسْتُورًا} قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هُوَ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، أَيْ حِجَابًا سَاتِرًا، وَقَدْ يَقَعُ عَكْسُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [86\6] أَيْ مَدْفُوقٍ {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [69\21] أَيْ مَرْضِيَّةٍ. فَإِطْلَاقُ كُلٍّ مِنِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَاسْمِ الْمَفْعُولِ وَإِرَادَةُ الْآخَرِ أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَالْبَيَانِيُّ ونَ يُسَمُّونَ مِثْلَ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ " مَجَازًا عَقْلِيًّا " وَمِنْ أَمْثِلَةِ إِطْلَاقِ الْمَفْعُولِ وَإِرَادَةِ الْفَاعِلِ كَالْقَوْلِ فِي الْآيَةِ، قَوْلُهُمْ: مَيْمُونٌ وَمَشْئُومٌ، بِمَعْنَى يَامِنٍ وَشَائِمٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: قَوْلُهُ: مَسْتُورًا عَلَى مَعْنَاهُ الظَّاهِرِ مِنْ كَوْنِهِ اسْمَ مَفْعُولٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْحِجَابَ مَسْتُورٌ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَلَا يَرَوْنَهُ، أَوْ مَسْتُورًا بِهِ الْقَارِئُ فَلَا يَرَاهُ غَيْرُهُ، وَاخْتَارَ هَذَا أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.

*****
والحمد لله ربّ العالمين
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
القرآن حجابا مستورا


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:57 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.